كيم جون بوك

 كيم جون بوك (محمّد) (بوذي / كوريا)

 كيم جون بوك



ولد في كوريا ، وواصل دراسته الأكاديمية حتّى تخرّج من كلّية الطيران ، كان منتمياً للدين البوذي قبل أن يتعرّف على الإسلام . لكنّه عندما اطّلع على الدين الإسلامي وجد شتّان ما بين الدين البوذي الوضعي الذي صاغته يد البشر وبين الدين الإسلامي الربّاني الذي معجزته القرآن .


خصائص القرآن الكريم :


فالقرآن الكريم يمتاز بخصوصيات وميزات تفرّد بها عن غيره من الكتب ، ومن هذه الخصائص :

١ ـ إنّ الباري تعالى قد بيّن جميع الأُمور في هذا القرآن ، ولم تبق شاردة أو واردة إلاّ ودخلت تحت العموم ، أو كانت نصّاً في الخطاب ; ففي القرآن بيان كلّ شيء يحتاجه الإنسان ، وفيه ما ينظّم حياته ، ويرشده ، ويهديه ، فلا يحتاج الله إلى أحد كي يعينه أو يشركه في أمره ، وهذا أيضاً يدلّ على أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) قد أدّى الأمانة وبلّغ الرسالة ، ولم يقصّر في شيء .

٢ ـ إنّ ظاهر القرآن جميل يعجب ببيانه وصياغته وما فيه كلّ من يقرأُه .

٣ ـ إنّ القرآن لا يدرك باطنه وعمقه إلاّ الراسخون في العلم ، رغم أنّ بعض أهل الخبرة والعلم قد يقرأون الآية ويدركون بعض معانيها ويحلّلونها لكنّهم لا يصلون إلى غورها ، والوقوف على حقيقة المراد منها ، وهو ما أشارت إليه مجموعة من الروايات .

أ ـ عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : «ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلا كذّاب ، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمّة من بعده (عليهم السلام)»(1) .

ب ـ عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) : أنّه قال : «ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّه جمع القرآن كلّه ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء»(2) .

ت ـ عن سلمة بن محرز ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول : «إنّ من علم ما أُوتينا : تفسير القرآن وأحكامه ، وعلم تغيير الزمان وحدثانه . إذا أراد الله بقوم خيراً أسمعهم ، ولو أسمع من لم يسمع لولّى مُعرضاً كأن لم يسمع . . ثمّ أمسك هنيئة ، ثمّ قال : ولو وجدنا أوعية أو مستراحاً لقلنا ، والله المستعان»(3) .

ث ـ عن عبد الأعلى مولى آل سام ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : «والله إنّي لأعلم كتاب الله من أوّله إلى آخره كأنّه في كفّي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ما كان ، وخبر ما هو كائن ، قال الله عزّ وجل : ﴿
تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء﴾
(4)»(5) .

ج ـ عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «﴿
قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾
(6) ، قال : ففرج أبو عبد الله (عليه السلام)بين أصابعه فوضعها في صدره ، ثم قال : وعندنا والله علم الكتاب كلّه»(7) . 
ح ـ عن بريد بن معاوية ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : ﴿
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾
(8) ؟

قال : «إيّانا عنى ، وعليّ أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي (صلى الله عليه وآله)»(9) .

وفي معنى الظَهر والبطن ، والتنزيل والتأويل كان النبي (صلى الله عليه وآله) في غزواته يقاتل على ظاهر القرآن وتنزيله ، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقاتل في حروبه الجمل وصِفّين والنهروان على باطن القرآن وتأويله . .

وقد روى نصر بن مزاحم أنّه : «قال عمّار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص : والله إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهنّ ! ثمّ قال عمّار :


نحن ضربناكم على تنزيله
فاليوم نضربكم على تأويله

ضرباً يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله

أو يرجع الحقّ إلى سبيله

ثمّ استسقى وقد اشتدّ ظمأه ، فأتته امرأة طويلة اليدين ، والله ما أدري أعُسٌّ معها أم إداوة ، فيها ضياح من لَبَن ، فقال حين شرب :


الجنّة تحت الأسنّة
اليوم ألقى الأحبّة

محمّداً وحزبه

والله لو ضربونا حتّى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحقّ وهم على الباطل(10) .

٤ ـ كلمّا اكتشف الإنسان نكتة وظنّ أنّها الوحيدة إذا به بعد مدّة يكتشف أُختها ، وكم يتبيّن في زماننا هذا من أُمور كانت مجهولة لدى من سبقنا ، وكم يبقى لمن يأتي بعدنا من أدوار وأدوار .
قال ابن السكّيت لأبي الحسن (عليه السلام) : «لماذا بعث الله موسى بن عمران (عليه السلام)بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر ؟ وبعث عيسى بآلة الطب ؟ وبعث محمّداً (صلى الله عليه وآله) وعلى جميع الأنبياء بالكلام والخطب ؟

فقال أبو الحسن (عليه السلام) : إنّ الله لمّا بعث موسى (عليه السلام) كان الغالب على أهل عصره السحر ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله ، وما أبطل به سحرهم ، وأثبت به الحجّة عليهم . .

وإنّ الله بعث عيسى (عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب ، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، وبما أحيا لهم الموتى ، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ، وأثبت به الحجّة عليهم . .

وإنّ الله بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله) في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام ، وأظنّه قال : الشعر ، فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجّة عليهم . .

قال : فقال ابن السكّيت : تالله ما رأيت مثلك قط ، فما الحجّة على الخلق اليوم؟

قال : فقال (عليه السلام) : العقل ; يعرف به الصادق على الله فيصدّقه ، والكاذب على الله فيكذّبه .

قال : فقال ابن السكّيت : هذا والله هو الجواب»(11) .

وعن يعقوب بن السكّيت النحوي أيضاً ، قال : سألت أبا الحسن علي بن محمّد ابن الرضا (عليهم السلام) : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة ؟

قال : «إنّ الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كلّ زمان جديد ، وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة»(12) .

٥ ـ إنّه نور يبدّد ظلمات الشكّ والشبهات ، ويبيّن الحقّ ويكشف الظلم ويحاربه ، وهو ما أشارت إليه العديد من الروايات :

أ ـ عن أيّوب بن الحر ، قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : «كلّ شيء مردود إلى كتاب الله والسُنّة ، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف»(13) .

ب ـ عن كليب بن معاوية الأسدي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «ما أتاكم عنّا من حديث لا يصدّقه كتاب الله فهو باطل»(14) .

ت ـ عن ابن أبي عمير ، عن الهشامين جميعاً وغيرهما ، قال : «خطب النبي (صلى الله عليه وآله)فقال : أيّها الناس ! ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله»(15) .

ث ـ عن أيّوب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إذا حُدّثتم عنّي بالحديث فأنحلوني أهنأه وأسهله وأرشده ، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته ، وان لم يوافق كتاب الله فلم أقله»(16) .

٦ ـ إنّه الآمر الزاجر ; لأنّه يحكي عن الله أمره ونهيه ، فهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .

٧ ـ هو صامت ناطق : صامت من حيث أنّه حروف وكلمات لا تتكلّم بمثل ما يتكلّم به البشر ، وهو ناطق من حيث أنّه يفهمه العقلاء وأهل الفكر والدراية ، وفيه الأخبار ، والنهي والأمر ، وغيرها ، وهذا يقع تحت نظر أرباب الفكر ويعقلونه جيّداً.

٨ ـ إنّه حجّة الله على خلقه : به يحتج الله على خلقه ويلزمهم بما جاء فيه ; ففيه الحلال والحرام ، والتشريع والأحكام ، وفيه ما يقرّب من الله ويبعّد عن النار ، وبه يحتجّ على العاصين والمتمرّدين ، وهو قبل ذلك معجزة النبوة وخلاصة ما جاء به الأنبياء ، فلا عذر لمن جحده أو أنكره ، أو لم يعمل بمضمونه .

٩ ـ إنّ الله أخذ العهد على المكلّفين أن يعملوا به وبأحكامه ، وهو يشهد عليهم بما فعلوا .

١٠ ـ إنّ الله جعل أنفسهم رهينة بالعمل بهذا القرآن ، فمن أراد أن يفكّها من عقاله ويخرج من عذاب الله فعليه العمل بما فيه ، وإلاّ هلك هلاك الأبد .

١١ ـ بواسطة القرآن توضّحت الأُمور وتبيّنت معالم الحلال والحرام ، والحقّ والباطل ، وانتشر الإسلام ، وعلت كلمة لا إله إلا الله في كلّ مكان ، فهو نور يهدي إلى الله ، وهو تام ; لأنّه الأقوى في إيصال الخلق إلى الحقّ .

عظمة الدين الإسلامي :


بعد أن تبيّنت لـ «كيم جون» عظمة الدين الإسلامي الأمر الذي يتّضح بمقايسة القرآن الكريم مع الكتب السماوية وغير السماوية الأُخرى ، لم يجد بدّاً سوى اعتناق الإسلام والتمسّك بأُصوله وفروعه ، وكان الطيّار «كيم جون» يعلم مدى الصعوبة التي سوف يلاقيها من أبناء مجتمعه بعد إ سلامه ، ولكنّه وجد الصبر في هذه الأيام الدنيوية المعدودة أهون عليه من تحمّل العذاب الأبدي الذي أعدّه الله للكافرين .

وبعد مرحلة الاستبصار قرّر «كيم جون» تغيير اسمه ، فتسمّى باسم الرسول الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله)(17) .





____________
1- الكافي ١ : ٢٢٨ .
2- بصائر الدرجات : ٢١٣ .
3- الكافي ١ : ٢٢٩ .
4- النحل -١٦- : ٨٩ .
5- الكافي ١ : ٢٢٩ .
6- النمل -٢٧- : ٤٠ .
7- الكافي ١ : ٢٢٩ .
8- الرعد -١٣- : ٤٣ .
9- الكافي ١ : ٢٢٥ .
10- وقعة صفين : ٣٤٠ ـ ٣٤١ .

11- الكافي ١ : ٢٤ ـ ٢٥ .
12- الأمالي للشيخ الطوسي : ٥٨٠ ـ ٥٨١ 

13- المحاسن ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ .
14- المحاسن ١ : ٢٢١ .
15- المحاسن ١ : ٢٢١ .
16- المحاسن ١ : ٢٢١ .
17- راجع : معرفة تحليلية عن الإسلام وبعض الأديان والمذاهب : ٥٩٠ .