بوران سونغ

بوران سونغ (حسين) (بوذي / كوريا الجنوبية)

ولد في كوريا الجنوبية ، وهي الدولة التي شهدت في ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي ظاهرة انتشار الدعوة الإسلامية بشكل مكثّف ; وذلك لأنّ الكثير من الكوريّين الذين هاجروا إلى الدول الإسلامية بحثاً عن فرص العمل تأثّروا بالمسلمين فاعتنقوا الدين الإسلامي ، ثم ساهموا عند عودتهم إلى بلدهم في انتشاره ، وقد أسّس المسلمون الكوريّون عام ١٣٧٩ هـ (١٩٦٠م) في كوريا الجنوبية جمعية باسم : (اتّحاد المسلمين الكوريّين) ، وبنوا في العاصمة (سيئول) مسجداً كبيراً ، كما بنوا في المدن الأُخرى مساجد عديدة .

وكان «بوران» من الشخصيات المثقّفة الحاصلة على الشهادات العليا في الدراسة الأكاديمية ، لكنّه رغم ذلك وجد نفسه متعطّشةً لمعرفة الرؤية الكونية الصحيحة ، فلهذا ما إن طرق سمعه نداء الإسلام لم يسمح لنفسه أن تخسر الفرصة التي توفّرت له .

خصائص الإسلام :

من العوامل المؤثّرة في استقطاب من سمع نداء الإسلام : الخصائص التي يتمتّع بها هذا الدين الحنيف دون غيره من المدارس والأديان ، ومن هذه الخصائص :

١ ـ تشريع الإسلام سهل في أحكامه وقوانينه وتشريعاته ; قال تعالى : ﴿وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِالله هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ(1) .

وقد روي عن عمّار بن أبي الأحوص ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : إنّ الله عزّ وجلّ وضع الإيمان على سبعة أسهم ، على : البرّ ، والصدق ، واليقين ، والرضا ، والوفاء ، والعلم ، والحلم ، ثم قسم ذلك بين الناس ، فمن جعل فيه هذه السبعة الأسهم فهو كامل ، محتمل ، وقسم لبعض الناس السهم ، ولبعض السهمين ، ولبعض الثلاثة ، حتى انتهوا إلى السبعة ، ثم قال : لا تحملوا على صاحب السهم سهمين ، ولا على صاحب السهمين ثلاثة ، فتبهضوهم ، ثم قال كذلك حتى ينتهي إلى السبعة(2) .

٢ ـ من قصد الإسلام وأراد معرفته أدرك مناله بأيسر وأسهل ما يكون ; وذلك لأنّه دين يتوافق مع العقول وينسجم معها ، ولا يخالف السليم والصحيح منها ، ولذا نجد خطابات القرآن تنادي بالعقل ، كقوله تعالى : ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَات لاَوْلِي الألْبَابِ(3) .

وقوله تعالى : ﴿قُل لاَ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا الله يَاأُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(4) .

من هنا كان كلّ عاقل بمجرّد أن يلتفت بعقله إلى هذا الدين يهتدي بهديه ويؤمن به ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء»(5) .

٣ ـ إنّ أُصول الإسلام قويّة متينة ; مبنيّة على حجج وبراهين لا تهدم ولا تغلب ، فمن أراد أن يغلبه أو يهزمه فلن يفلح ولن ينتصر .

٤ ـ من أراد الحقيقة فالإسلام يضيء له الدرب ، يكشف له الظلمات ويرفع المبهمات ، ويضعه أمام الهدى والتقى ; قال تعالى : ﴿أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلأسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُور مِن رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِن ذِكْرِ الله أُولئِكَ فِي ضَلاَل مُبِين(6) .

ولكونه نوراً لمن استضاء به ، كان المنافقون في إظهارهم الإسلام وعدم التزامهم بمقتضاه كمن له نور ذهب الله به ; قال تعالى فيهم : ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَات لاَيُبْصِرُونَ(7) .

٥ ـ من وعى أحكام الإسلام وتشريعاته استطاع أن يصبح جيد الادراك ، بل يصبح في جودة الفكر والفهم في أعلى الدرجات ; قال تعالى : ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(8) .

٦ ـ الإسلام طريق به يستطيع الإنسان أن يدرك فراسته على حقيقتها ; قال تعالى : ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ(9) .

وقال تعالى : ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَالله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأبْصَارِ(10) .

٧ ـ من أراد فعل الخير فالإسلام هو الكاشف لهذا الخير والدالّ عليه .

٨ ـ من أراد أن يتّعظ فإنّه عندما ينظر إلى ما جاء به الإسلام من العظات عندها يعتبر ويتّعظ ; قال تعالى : ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(11) .

٩ ـ من توكّل على الله والتجأ إليه تصبح لديه ثقة بكل ما جاء به هذا الدين الحنيف .

فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : لقي الحسن بن علي (عليهما السلام) عبد الله بن جعفر فقال : يا عبد الله ! كيف يكون المؤمن مؤمناً وهو يسخط قسمه ، ويحقّر منزلته ، والحاكم عليه الله ، وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له(12) .

١٠ ـ من فوّض أمره لله وأيقن أنّه هو الذي يدبّر شؤونه فهذا قد ارتاح من الهموم والأحزان ومن كلّ طارق يطرقه .

وقد روي في ذلك عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري ، قال : قال أبو جعفر (عليه السلام) : يا عبد الواحد ! ما يضرّ رجلاً ـ إذا كان على ذا الرأي ـ ما قال الناس له ولو قالوا : مجنون ، وما يضرّه ولو كان على رأس جبل يعبد الله حتى يجيئه الموت(13) .

١١ ـ إنّ الإسلام هو أوضح الطرق وأسلمها إلى الحق ، وهو الله جلّ وعلا ; قال تعالى : ﴿وَأَنَّ هذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(14) .

١٢ ـ إنّ مداخل الإسلام وأ سراره ظاهرة بيّنة واضحة .

١٣ ـ إنّ الإسلام شعاراته واضحة ظاهرة تدعو الناس إلى الخير وتهديهم إلى سبل السلام .

١٤ ـ إنّ الإسلام طرقه واضحة ظاهرة ، بمجرد أن يلتفت إليها الإنسان يهتدي .

١٥ ـ إنّ الإسلام كخيل السباق التي مضمارها كريم ، وغايتها رفيعة عالية ، وحلبتها جامعة حاوية ، وسبقتها متنافس فيها ، وفرسانها أشراف .

١٦ ـ إنّ الغاية في الإسلام هي الوصول إلى رضا الله ، وهل هناك أرفع منها غاية ؟ والحلبة هي مجمع الناس يوم القيامة ، والنتيجة هي المسابقة والمنافسة على الجنّة ، وأمّا أ شراف الفرسان فهم العلماء الذين يتسابقون إلى طاعة الله وإدراك ما عنده .

١٧ ـ إنّ الجنّة هي النتيجة والجائزة التي يحصل عليها المؤمنون لأعمالهم ، وهي ميزان الربح والخسارة في الإسلام ، فمن أدركها فاز ومن فاتته فشل وهوى .

قال تعالى : ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً * جَنَّاتِ عَدْن الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً * لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً(15) .

من البوذية إلى الإسلام :

أسفرت نتيجة التحقيقات التي قام بها «بوران» بشأن الإسلام إلى اقتناعه الكامل بأحقّية هذا الدين ، فتخلّى عن البوذية التي كان عليها وتوجّه إلى اعتناق الإسلام ، ثم غيّر اسمه إلى «حسين» تيمّناً باسم سبط النبيّ الأكرم الإمام الحسين (عليه السلام)(16) .

____________

1- الحج -٢٢- : ٧٨ .

2- الكافي ٢ : ٤٢ .

3- آل عمران -٣- : ١٩٠ .

4- المائدة -٥- : ١٠٠ .

5- الناصريات : ٤٦ .

6- الزمر -٣٩- : ٢٢ .

7- البقرة -٢- : ١٧ .

8- الروم -٣٠- : ٣٠ .

9- البقرة -٢- : ٢٥٦ .

10- آل عمران -٣- : ١٣ .

11- الأنفال -٨- : ٢٦ .

12- الكافي ٢ : ٦٢ .

13- الكافي ٢ : ٢٤٥ .

14- الأنعام -٦- : ١٥٣ .

15- مريم -١٩- : ٦٠ ـ ٦٣ .

16- أدرجه العلاّمة النوري ضمن المستبصرين . راجع : معرفة تحليلية عن الإسلام وبعض الأديان والمذاهب : ٥٩٩ .