هارون يوسف باري

هارون يوسف باري (مالكي / سيراليون)

ولد عام ١٣٦٤ه (١٩٤٥م) في ﴿سيراليون غرب أفريقيا، حصل على شهادة الثانويّة، وتلقّى الدراسة الدينيّة في غينيا، فدرس القرآن وتفسيره.

يقول ﴿هارون: بعد إنهاء دراستي الأوليّة في اللغة العربيّة والإنجليزيّة أرسلني أبي إلى غينيا لأواصل دراستي في القرآن واللغة العربية، وبعد انتهاء الدورة رجعت لأواصل دراستي الإنجليزية، وبعد وصولي إلى الصفّ الرابع في الثانويّة أرسلني أبي إلى المعهد الإسلامي في وسط سيراليون التابع للأزهر، ودرسنا على أيدي المصريّين.

بعد تكميلي الدورة لمدّة ثلاث سنوات حصلت على شهادة للتدريس، وعيّنت مدّرساً في أوّل مدرسة إسلاميّة ثانويّة في العاصمة فريتون، حيث كنت أدرّس تاريخ الإسلام والعلوم الإسلاميّة الأوليّة باللغة العربية والإنجليزية، وبعد التدريس بمدّة أربع سنوات حصلت على منحة دراسيّة في لبنان، فسافرت إلى لبنان ودرست فيها عدّة سنوات، ثُمّ سافرت إلى مدينة قم المقدّسة بلد العلم والمعنويات وتلمّذت على أيادي العلماء الأفاضل.

وبعد تخرّجي سافرت إلى لندن لأواصل الدراسة الإنجليزية هناك عدّة سنوات، ثُمّ رجعت إلى بلدي واشتغلت بالتبليغ، وأصدرت مجلّة باسم ﴿بلال، ثُمّ أنشأت جمعيّة باسم جمعيّة التوحيد للشباب المسلم، وكان من أبرز مهام هذه الجمعيّة إقامة المراسم الحسينيّة، والتبليغ، وتدريس عقائد الإمامية، ونشر معارف أهل البيت عليهم‏السلام، ولدينا مشروعاً لتوسيع نشاطاتها كإنشاء مكتبة، وبناء حسينية.

أسباب تشيّعي:

يقول ﴿هارون يوسف باري: كان والدي رجلاً متدّيناً ومحترماً بين الناس ومتعصّباً لمذهبه المالكي، وكان يريد منّي أن أكون مثله، ولكنّني كشفت الحقائق وتمكّنت من تمييزها عن الخرافات، ولهذا تمكّنت من تحرير نفسي من التقاليد الفاسدة الرائجة، ولاسيّما ما يرتبط بعاشوراء.

رؤيتنا الخاطئة ليوم عاشوراء:

يقول ﴿هارون: كنّا نعتقد بوجوب مل‏ء بطوننا في ليلة عاشوراء وإذا لم نفعل ذلك فسيملأ اللّه‏ تعالى بطوننا ناراً يوم القيامة!! وكنّا نعتقد أيضاً بضرورة وضع وجوهنا فوق الماء المغسول من الأرز، وأثر ذلك هو التنبّأ وليكون الإنسان سعيداً في السنّة المقبلة.

وأيضاً كنّا نعتقد بلزوم الذهاب إلى النهر للاغتسال صباحاً يوم عاشوراء، وكان يقول لنا علماؤنا: إنّ هذا العمل واجب! ويؤدّي إلى غسل أنفسنا من الذنوب! كما كنّا نعتقد بأنّ يوم عاشوراء يوم عيد! فكنّا نخرج فيه ونذهب لزيارة الأهل والأقارب، وغيرها من الخرافات التي كانت سائدة في بيئتنا.

وبعد دراستي في لبنان وقم فهمت بأنّ كلّ ما كان يبثّه أساتذتنا حول عاشوراء ويقولونه في هذا المجال، كلّه غذاء علمي مسموم، وكان الهدف منه أبعادنا عن أهل البيت عليهم‏السلام.

وكان أساتذتنا يحذّرونا دائماً من رجال الدين الشيعة، ولاسيّما أصحاب العمائم السود والبيض، وكانوا يقولون لنا: إنّ الشيعة ليسوا بمسلمين ويجب الابتعاد عنهم!!>

وكان كلام أساتذتنا يترك أثره في نفوسنا بحيث كنّا إذا رأينا صورة رجل دين شيعي فإنّنا نبادر بسرعة إلى تمزيق هذه الصورة أو رميها عرض الحائط بكلّ اشمئزاز وتنفّر.

ولكنّني عرفت بعد إلمامي بالحقائق أنّني كنت ضحيّة عندما كان أساتذتنا يمنعوننا من السفر إلى لبنان ودراسة المذهب الشيعي، والضحايا في هذا السبيل كثيرون.

يقول ﴿هارون: أكبر أسباب تشيّعي والتي تركت في نفسي أثراً كبيراً كانت عندما حضرت لأوّل مرّة في حياتي في مجلس عزاء الإمام الحسين عليه‏السلام الذي عقده اللبنانيّون في ليلة من ليالي عاشوراء، وعندما ذكر الخطيب مصائب فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله و سلم . بكيت كثيراً مع الباكين من الرجال والنساء، وتركت هذه الحادثة وبكائي أثراً كبيراً في نفسي.

وفي يوم عاشوراء حضرت مشهد تمثيل مقتل الإمام الحسين عليه‏السلام، ولمّا وصل المشهد إلى قتل الرضيع، أجهشت بالبكاء . . . رفع الإمام الحسين عليه‏السلام يده وبيده ولده عبد اللّه‏ الرضيع وله ستّة أشهر، وطلب من القوم أن يسقوه بالماء، فأمر عمر بن سعد حرملة أن يقطع نزاع القوم، فرمى حرملة ابن الإمام الحسين عليه‏السلام بالسهم، وذبحه من الوريد إلى الوريد وهو في حضن أبيه.

بقيت حزيناً لعدّة أيّام بعد رؤيتي لهذه الحادثة، وفقدت شهيّتي لتناول الطعام، وتركت هذه الفاجعة أثراً في ضميري ووجداني.

ومن هذا المنطلق توجّهت نحو البحث، فازداد شوقي لمذهب أهل البيت عليهم‏السلام وأحببت الالتحاق بمدرسة أتعلّم فيها علوم ومعارف العترة من أهل البيت عليهم‏السلام، وسمعت بمدينة قم، فتلهّف قلبي لها، وازداد شوقي لها، ولاسيّما بعدما عرفت أنّها مركز علوم آل محمّد عليهم‏السلام، فبذلت غاية جهدي للحصول على منحة دراسيّة في إحدى حوزاتها العلمية، وكنت أشعر بأنّ هذه المدينة كالمغناطيس وأنا كالحديد أنجذب إليها بلا اختيار، فوفّقني اللّه‏ تعالى للحصول على منحة دراسيّة في هذه المدينة المقدّسة.

وعندما جئت إلى إيران وسكنت في مدينة قم، أعجبني شعبها المتّحد والمنسجم والمتكاتف والمتعاضد، وبعد تخرّجي عدت إلى بلدي شيعيّاً وأنا محمّلاً بعلوم ومعارف آل محمّد عليهم‏السلام.

نشاطاته بعد الاستبصار:

استبصر ﴿هارون عام ١٣٩٩ه (١٩٧٩م) في ﴿إيران في مدينة قم، ثُمّ ألّف كتابين:

الأوّل: عاشوراء.

الثاني: كيف تشيّعت.

وبعد عودتي إلى بلدي ضايقني الوهّابيون وحاربوا نشاطي بشتّى الوسائل، ولكنّني صمدت وقاومت تيارهم المعاكس، وواصلت بذل الجهد لنشر علوم ومعارف أهل البيت عليهم‏السلام.

فاستبصر على أثر ذلك إخوتي وأخواتي والعديد من أعضاء جمعيّة التوحيد للشباب المسلم.

وحاولت أن أعرّف الآخرين بالكتب التي تأثّرت بها، وأبرز الكتب التي تأثرت بها هي تفسير كتاب نهج البلاغة جمع الشريف الرضي، عقائد الإمامية تأليف محمّد رضا المظفر، الباب الحادي عشر تأليف العلاّمة الحلّي، فلسفتنا واقتصادنا للشهيد محمّد باقر الصدر، وكتاب المراجعات للعلاّ مة شرف الدين.

كما أنّني تأثّرت بكتب العلاّمة محمّد جواد مغنية، وكان الاستبصار خيراً كثيراً وفقني اللّه‏ تعالى لنيله، وأرغب أن أقدّم هذا الخير لأحبّائي وإخواني الذين أريد لهم الخير والكمال.