بيترماسه كوراله (رضا)

بيترماسه كوراله (رضا) (مسيحي / سيرلانكا)

ولد في ﴿سيلان، وهي جزيرة صغيرة وقديمة جدّاً، وقد ورد ذكرها في كتب التواريخ باسم ﴿سرنديب، واسمها الحديث ﴿سيرلانكا. وقد دخل الإسلام إلى هذه الجزيرة عن طريق التجار المسلمين، فتلقّته القلوب المتعطّشة إلى الحقّ بلهفة، وهكذا استمرّ الأمر حتّى أخذ الإسلام ينمو ويزدهر في تلك الربوع.

كان الدكتور ﴿بيتر من الذين تأثّروا بالإسلام في العقد الأوّل من القرن الخامس عشر للهجرة، وكان مسيحياً فتعرّف على الإسلام عن طريق عالم ديني شيعي، فلمّا جذبته العقيدة الجديدة خصّص لها وقتاً للمطالعة، وعلى الرغم من انشغالاته المكثّفة، حيث كان حاملاً لشهادة الدكتوراه في فيزياء الذّرة، وكان يعمل في هذا المجال، لكنّه فرّغ لنفسه وقتاً خاصّاً للبحث والمطالعة.

تعميق التوجّه الديني:

بعد أن استمع ﴿بيتر إلى الأحاديث الدينيّة من ذلك العالم الديني، بدأ يشعر بحالة التعطّش لإرواء فطرته، وبدأ يهتم بالبحث عن حقيقة مبدئه ومعاده والغاية من وجوده ومن أين جاء؟ وإلى أين سينتهي به الأمر؟ وما هي الحكمة من وجوده؟

وتبلورت أيضاً عنده أسئلة دينيّة كثيرة حفّزته نحو البحث ليعثر لها عن إجابات شافية، ولكي يتّخذ على ضوئها الموقف الصحيح في حياته ويحدّد سلوكه وتصرفاته وفق المنهجيّة الصالحة.

بحث ﴿بيتر إجابات هذه الأسئلة في العقائد الوضعيّة، وتعرّف على نظريّة الصدفة والمزاعم الأُخرى المنسوبة إلى المادّة العمياء والتفسيرات الواهية المنسوجة حولها، فلم يجد فيها أيّ نفع أو فائدة.

راجع ﴿بيتر العقائد الدينيّة المسيحيّة فوجد إجاباتها باهتة ومشوّهة، وملامح التلاعب البشري فيها واضح جداً، فلهذا أعرض عنها وتوجّه نحو معرفة العقيدة الإسلاميّة، وهنا تحقّق التحوّل عند ﴿بيتر ؛ لأنّه وجد إجابة الإسلام إجابة بمنتهى الصدق والعمق، ومن هنا عرف ﴿بيتر بأنّ له ربّاً خالقاً حكيماً قادراً لا تدركه الحواس وليس له شبيه، وقد خلقنا اللّه‏ تعالى لهدف سامي وهو الوصول إلى أرفع درجات الكمال عن طريق عبادة اللّه‏ تبارك وتعالى.

ووجد ﴿بيتر بأنّ هذه العقيدة تركت في نفسه عواطف وأحاسيس إيجابيّة مكّنته من السيطرة على أحاسيسه السلبيّة التي كانت تدفعه نحو الطغيان والتكبّر والتمرّد و . . .

ووجد ﴿بيتر بأنّ النظام الإسلامي نظام متكامل وغنّي في جميع أبعاده العلميّة والفكريّة والثقافيّة، وهو قادر على بناء الفرد والمجتمع، وتكوين الشخصيّة المتمتّعة بالعقليّة الهادفة ذات السلوك القويم والاتّجاه الصحيح.

ووجد ﴿بيتر بأنّ الإسلام مكّنه ومنحه القدرة على أن يحرّر نفسه من الأهواء والشهوات التي كان في أسرها. وأمّا في الصعيد الاجتماعي فعندما طالع ﴿بيتر التاريخ الإسلامي، وجد أنّ العقيدة الإسلاميّة ليست مجرّد عقيدة نظريّة، بل هي عقيدة مكّنت معتنقيها من اقتحام ميادين الجهاد والعمل ومنحتهم القوّة الفاعلة والمتحرّكة التي بها غيّروا مجرى التاريخ وبدّلوا معالم وسمات الحضارة، وحقّقوا انتصارات هائلة في مختلف الميادين الفكريّة والثقافيّة والعسكريّة، وهذه العقيدة هي التي مكّنت القلّة المستضعفة في مكّة من الصمود الذي جعل ما تمسكوا به الآن منتشراً في جميع أنحاء العالم، وإن دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على عظمة هذه العقيدة وفعاليتها وأثرها على أرض الواقع.

وبعد مضيّ فترة من البحث وجد ﴿بيتر بأنّ الأدلّة العقليّة كلّها تدعوه إلى اعتناق الإسلام، فجاهد هواه، وتقبّل أن يضحّي بكلّ كيانه وسمعته ومكانته الدنيويّة من أجل اكتساب رضوان اللّه‏ تعالى ولم يسمح لهواه أن يمنعه من ذلك.

فكانت النتيجة أن تغلّب على هواه، واعتنق الإسلام، ثُمّ أعلن ذلك أمام الملأ ليكون حجّة على الذين لا يتنازلون عن معتقداتهم الخاطئة التي ورثوها من آبائهم خوفاً وخشية من فقدان سمعتهم ومكانتهم الاجتماعيّة.

حاول ﴿بيتر بعد الاستبصار أيضاً أن ينشر الحقائق التي تعرّف عليها للآخرين، ليُتمّ عليهم الحجّة وليكون عاملاً بوظيفته الشرعيّة.