كانيكي جاما نقولاو

كانيكي جاما نقولاوَ (فاطمة) (حنفيّة / قيرغيزستان)

ولدت في «قيرغيزستان» في مدينة «بيشكك» سنة ١٩٧٩م (١٣٩٩ هـ) ، ونالت شهادة الدبلوم ، بدأت تحقّق في فروع الدين في مذهبها فواجهت مجموعة من التناقضات ، ما دعاها للبحث مع مجموعة من الطلبة ، فوجدت أكثر أجوبة أسئلتها في مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .

أمير المؤمنين (عليه السلام) والخلفاء الثلاثة :

من الأسئلة المهمّة التي تدور في ذهن الباحثين من أهل السُنّة في المجال الديني هو : التساؤل في أنّ أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) هل أيّد خلافة من تقدّمه من الخلفاء أم لم يمضها بل صرّح بعدم استحاقهم لها ؟

ومن الإنصاف في هذا المجال أن نرجع إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وأقواله لنرى ما الذي تبنّاه في هذه المسألة :

النص الأوّل : من كلام له (عليه السلام) في معنى الأنصار :

قالوا : لمّا انتهت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال (عليه السلام) : «ما قالت الأنصار ؟»

قالوا : قالت : منّا أمير ومنكم أمير .

قال (عليه السلام) : «فَهَلاَّ احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) وَصَّى بِأَنْ يُحْسَنَ إِلَى مُحْسِنِهمْ وَيُتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ» .

قالوا : وما في هذا من الحجّة عليهم ؟

قال (عليه السلام) : «لَوْ كَانَتِ الإِمَارَةُ فِيهمْ لَمْ تَكُنِ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ» .

ثم قال (عليه السلام) : «فَمَاذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ ؟»

قالوا : احتجّت بأنّها شجرة الرسول (صلى الله عليه وآله) .

قال (عليه السلام) : «احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَأَضَاعُوا الَّثمَرَةَ»(1) .

إنّ الأنباء التي بلغته (عليه السلام) هي أخبار ما جرى بين الأنصار والمهاجرين من المشاجرة في أمر الإمامة وإيقاعهم البيعة لأبي بكر ، أمّا الخبر الذي رواه (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو حجّة عليهم ، ووجه احتجاجه بهذا الخبر فهو في صورة شرطيّة متّصلة يستثنى فيها نقيض تاليها .

وتقريرها : لو كانت الإمامة حقّاً لهم لَما كانت الوصيّة بهم لكنّها بهم فليست الإمامة لهم .

بيان الملازمة : أنّ العرف قاض بأنّ الوصيّة والشفاعة ونحوها إنّما تكون إلى الرئيس في حقّ المرؤوس من غير عكس ، وأمّا بطلان التالي للخبر المذكور .

ويحتمل في قوله : «احْتَجُّوا بِالشَّجَرَةِ وَأَضَاعُوا الَّثمَرَةَ» معنيان للثمرة :

١ ـ أنّه (عليه السلام) أشار بالثمرة إلى نفسه وأهل بيته ; فإنّهم ثمرة الغصن المورق المثمر لتلك الشجرة ، وإضاعتهم لها : إهمالهم له من هذا الأمر .

٢ ـ يريد (عليه السلام) بالثمرة التي أضاعوها : سُنّة الله الموجبة في اعتقاده استحقاقه لهذا الأمر ، وظاهر كونها ثمرة الرسول (صلى الله عليه وآله) وإهمالهم لها تركهم العمل بها في حقّه ، وهو كلام في قوّة احتجاج له على قريش بمثل ما احتجّوا به على الأنصار .

وتقديره : أنّهم إن كانوا أوْلى من الأنصار لكونهم شجرة رسول الله فنحن أوْلى لكوننا ثمرته وللثمرة اختصاص بالمثمر من وجهين :

أحدهما : القرب ; ومزيّته ظاهرة .

الثاني : أنّ الثمرة هي المطلوبة بالذات من الشجرة وغرسها ، فإن كانت الشجرة معتبرة فبالأوْلى اعتبار الثمرة ، وإن لم يلتفت إلى الثمرة فبالأوْلى لا التفات إلى الشجرة .

ويلزم من هذا الاحتجاج أحد أمرين : إمّا بقاء الأنصار على حجّتهم لقيام هذه المعارضة ، أو كونه (عليه السلام) أحقّ بهذا الأمر ; وهو المطلوب .

وعليه فإنّ إمامة غيره كانت باطلة وليس لها أساس .

النص الثاني : قوله (عليه السلام) : «حَتَّى إِذَا قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ (صلى الله عليه وآله) رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الاْعْقَابَ ، وَغَالَتْهُمُ السُّبُلُ ، وَاتَّكَلُوا عَلَى الْوَلاَئِجِ ، وَوَصَلُوا غَيْرَ الرَّحِمِ ، وَهَجَرُوا السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ ، وَنَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِهَ ، فَبَنَوْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ . مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَة ، وَأَبْوَابُ كُلِّ ضَارِب فِي غَمْرَة ، قَدْ مَارُوا فِي الْحَيْرَةِ ، وَذَهَلُوا فِي السَّكْرَةِ ، عَلَى سُنَّة مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ، مِنْ مُنْقَطِع إِلَى الدُّنْيَا رَاكِن ، أَوْ مُفَارِق لِلدِّينِ مُبَايِن»(2) .

وقد وصف (عليه السلام) فيه فئة ضالّة قد استولت وملكت وأملى لها الله سبحانه كما ذكر حال الصحابة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنّ قوماً منهم غيّروا وبدّلوا وارتدّوا . .

قوله : «حَتَّى إِذَا قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ (صلى الله عليه وآله)» : فيه تصريح بما تقوله الإمامية ، من ارتداد الناس بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ارتداداً معنوياً ، إلاّ من عصم الله من شيعته المخلصين .

وفي قوله : «رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الاَْعْقَابَ» : إشارة إلى قوله تعالى : ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ(3) . .

وقد روي عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : إنّ العامّة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضاً لله ـ جلّ ذكره ـ وما كان الله ليفتن أُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) من بعده .

فقال أبو جعفر (عليه السلام) : أو ما يقرؤون كتاب الله ؟ أوليس الله يقول : ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ؟

قال : فقلت له : إنّهم يفسّرون على وجه آخر .

فقال : أو ليس قد أخبر الله ـ عزّ وجلّ ـ عن الذين من قبلهم من الأُمم أنّهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات ، حيث قال : ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ(4) ؟

وفي هذا ما يستدلّ به على أن أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله) قد اختلفوا من بعده ، فمنهم من آمن ومنهم من كفر(5) .

وروي عن ابن عباس ، عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال : «إنّكم تُحشرون حفاة عراة غرلاً ،ثم قرأ : ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ(6) ، وأوّل من يُكسى يوم القيامة إبراهيم ، وإن أُناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : أصحابي أصحابي ! فيقال : إنّهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم . فأقول كما قال العبد الصالح : وكنت عليهم شهيداً مادمت فيهم إلى قوله الحكيم»(7) .

وروي عن حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) : «إنّي فرطكم على الحوض ، من مرّ علَيّ شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبداً ، ليردنّ علَيّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم» ، قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش ، فقال : هكذا سمعت من سهل ؟ فقلت : نعم . فقال : أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها : فأقول : «إنّهم منّي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول : سحقاً سحقاً لمن غيّر بعدي»(8) .

وفي قوله (عليه السلام) : «وَغَالَتْهُمُ السُّبُلُ»(9) إشارة إلى قوله تعالى : ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(10) .

قوله : «وَاتَّكَلُوا» : التكلان ، واتّكل على فلان في أمره : إذا اعتمده ووكّله إلى نفسه(11) .

«عَلَى الْوَلاَئِجِ» : وليجة الرجل : خاصّته وبطانته(12) ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(13) .

أي : اتّكلوا على الولائج من دون الله .

ومعنى قوله (عليه السلام) : «وَوَصَلُوا غَيْرَ الرَّحِمِ» ، أي : غير رحم النبيّ (صلى الله عليه وآله) ; إذ تركوا أهل بيته وقطعوا رحمه التي أُمروا بوصلها ، وقد قال تعالى : ﴿الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(14).

وفي قوله (عليه السلام) : «وَهَجَرُوا» ، أي : تركوا «السَّبَبَ الَّذي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ» ; قال ابن أبي الحديد : «وهجروا السبب ، يعني : أهل البيت أيضاً ، وهذه إشارة إلى قول النبي (صلى الله عليه وآله) : «خلّفت فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، حبلان ممدودان من السماء إلى الأرض ، لا يفترقان حتى يردا علَيّ الحوض» ، فعبّر أمير المؤمنين عن أهل البيت بلفظ : «السبب» لمّا كان النبي (صلى الله عليه وآله) قال : «حبلان» ، والسبب في اللغة : الحبل»(15) .

والإضافة في قوله (عليه السلام) : «وَنَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ أَسَاسِه» : من إضافة الصفة مع كون المصدر بمعنى المفعول ، أي : أساسه المرصوص ، كما قال تعالى : ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ(16) ، أي : ملصق بعضه ببعض .

وقد روي عن حيان الأسدي ، قال : سمعت عليّاً يقول : «قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «إنّ الأُمّة ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملّتي ، وتُقتل على سُنّتي ، من أحبّك أحبّني ومن أبغضك أبغضني ، وإنّ هذه ستُخضب من هذا» ، يعني : لحيته من رأسه(17) .

قال الحاكم النيسابوري : صحيح(18) .

وقال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) عندما جيء به ليبايع : «الله الله يا معشر المهاجرين ! لا تُخرجوا سلطان محمّد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين ، لنحن أحقّ الناس به ; لأنّا أهل البيت ، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان فينا القارىء لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الأُمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنّه لفينا ، فلا تتّبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقّ بُعدا» .

فقال بشير بن سعد الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا عليّ قبل بيعتها لأبي بكر ، ما اختلف عليك اثنان .

قال : وخرج عليّ (عليه السلام) يحمل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله ! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أنّ زوجك وابن عمّك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به .

فيقول عليّ (عليه السلام) : «أفكنت أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه ؟» .

فقالت فاطمة : «ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم»(19) .

قوله (عليه السلام) : «مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَة ، وَأَبْوَابُ كُلِّ ضَارِب فِي غَمْرَة» ، أي : شدّة ، وغمرة الموت : شدّته(20) .

قوله (عليه السلام) : «قَدْ مَارُوا» : مار الشيء يمور موْراً : ترهيأ ، أي : تحرك وجاء . وذهب(21) . «فِي الْحَيْرَةِ» ، أي : في التحيّر . «وَذَهَلُوا» ، أي : غفلوا . «فِي السَّكْرَةِ» ، فيكون مورهم أشدّ مور ، وذهولهم أشد ذهول .

قوله (عليه السلام) : «عَلَى سُنَّة مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ» : على سيرتهم وطريقتهم ، فكما أنّ فرعون استخفّ قومه ، وقال لهم : ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الأعْلى(22) ، فأطاعوه ، فإنّ الثاني قال لهم : إنّ الأوّل صاحب نبيّكم في الغار ، ورضيه في صلاته بكم لدينكم ، فكيف لا ترضونه لدنياكم ولا تبايعونه ؟

فجعل أمر الخلافة أدون من إمام الجماعة ، مع أنّهم يجوّزون الصلاة خلف كلّ فاسق ، مضافاً إلى ما في كونه صاحب الغار من العوار ، وما في تقديمه للصلاة من الشنّار ، فهل حيرة فوق هذا ؟ ! وهل سكرة أشدّ من هذا ؟ !

قوله (عليه السلام) : «مِنْ مُنْقَطِع إِلَى الدُّنْيَا رَاكِن» إليها ، ككثير من المهاجرين والأنصار الذين أسلموا زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) طوعاً ، لكن بعده اتّبعوا الأوّل طمعاً أن ينالوا ثروة أو إمرة ، ولم يبق مع أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلاّ ثلاثة أو أربعة ، وبعد شهرين صاروا سبعة ، وهم الّذين صلّوا معه (عليه السلام) على سيّدة النساء (عليها السلام) . وليس ذئبان ضاريان في غنم بأكثر فساداً من حبّ جاه الدنيا ومالها للمرء المسلم في دينه .

قوله (عليه السلام) : «أَوْ مُفَارِق لِلدِّينِ مُبَايِن» ، أي : منفصل عن الدين ، من المنافقين والمؤلّفة قلوبهم الذين أسلموا بعد غلبة الإسلام كرهاً ، بأنّهم شدّوا مع الغاصب ، فضلاً عن أن بايعوه وتابعوه .

اعتناق مذهب الحقّ :

بعد اطّلاعها على أحقّية المذهب الشيعي في الخليفة الشرعي بعد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ارتفع عن «كانيكي» التناقض الذي حصل لها عند مطالعتها للنصوص الإسلامية ، فقرّرت اعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لأنّه مذهب الحقّ ، وهو المذهب الوحيد الذي لا يعاني من التناقضات في عقائده وأفكاره(23) .

____________

1- نهج البلاغة ١ : ١١٦ ، الخطبة : ٦٧ .

2- نهج البلاغة ٢ : ٣٧ ، الخطبة : ١٥١ .

3- آل عمران -٣- : ١٤٤ .

4- البقرة -٢- : ٢٥٣ .

5- الكافي ٨ : ٢٧٠ .

6- الأنبياء -٢١- : ١٠٤ .

7- صحيح البخاري ٤ : ١١٠ .

8- صحيح البخاري ٧ : ٢٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ٣٠٠ ، صحيح مسلم ١ : ١٥١ ، السنن الكبرى ٤ : ٧٨ ، فتح الباري ١١ : ٣٣٣ .

9- غاله الشيء واغتاله : إذا أخذه من حيث لا يدرِ . الصحاح ٥ : ١٧٨٥ .

10- الأنعام -٦- : ١٥٣ .

11- مختار الصحاح لمحمّد بن عبد القادر : ٣٧٥ .

12- الصحاح ١ : ٣٤٨ .

13- التوبة -٩- : ١٦ .

14- البقرة -٢- : ٢٧ .

15- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩ : ١٣٣ .

16- الصف -٦١- : ٤ .

17- التاريخ الكبير للبخاري ٢ : ١٧٤ .

18- المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤٢ .

19- الإمامة والسياسة ، تحقيق الزيني ١ : ١٩ .

20- كتاب العين ٤ : ٤١٧ .

21- الصحاح ٢ : ٨٢٠ .

22- النازعات -٧٩- : ٢٤ .

23- للمستبصرة ملف في «مركز الأبحاث العقائدية» ذكرت فيه كيفية الاستبصار ودواعيه .