ترانس ماسه (كُميل)

ترانس ماسه (كُميل) (مسيحي / فرنسا)

ولد في «فرنسا»، ونشأ في أسرة مسيحية الديانة.

كان أجداد «ترانس» من المتشدّدين في تطبيق الديانة المسيحية، إلاّ أنّ صبغتهم الدينية قلّت بمرور الزمن بعد الحرب العالميّة، ووصل الأمر إلى أن لا يسمع «ترانس» في أسرته عن الله شيئاً، ولم يَزُر دور العبادة مع انتمائه ظاهراً للديانة المسيحية.

يقول «ترانس» حول بداية التحوّل وأسبابه:

في صغري لم أسمع عن الله تعالى شيئاً، لكنّني كنت أحسّ بوجوده في سريرتي، وأبحث عنه من دون دوافع ظاهريّة، فلم أكن طالبَ دين أو طالباً جامعياً.

ودفعني ذلك إلى الذهاب إلى أحد مساجد أهل السنّة، إلاّ أنّهم لم يستقبلوني; لأنّهم لم يعرفونني، فخرجت حزيناً، فرأيت شباباً كانوا واقفين بجوار المسجد الثاني، فدخلت فيه، فكان فيه مجلساً عن الإمام الحسين(عليه السلام) في أيام شهر محرّم الحرام، وكان مسجداً شيعياً، فكانت مشاركتي في ذلك المجلس الروحاني أوّل خطوة للتعرّف على المذهب الحقّ والإسلام الأصيل اذ دخلت مباشرة إلى التشيّع الاثني عشري، فوجدت كلّ ما أُريده في القرآن الكريم وكلمات أهل البيت(عليهم السلام)، وكان حب أهل البيت(عليهم السلام) الدور الأكبر في انجذابي إلى التشيّع.

محبّة أهل البيت في القرآن الكريم:

إنّ محبّة أهل البيت(عليهم السلام)، والولاء لهم، عنصر أساسي من عناصر العقيدة ومقوّمات الإيمان، ومرتكزات الرسالة المحمّدية الغرّاء، ولقد جاءت النصوص القرآنية واضحة وصريحة في تأصيل هذا المبدأ الولائي، وتعميق دلالاته ومعطياته.

ونذكر هنا بعض النصوص القرآنية النازلة في محبّة أهل البيت(عليهم السلام)، أو المفسَّرة بذلك، مع بيان الروايات والأخبار الموضّحة لذلك من المصادر المعتبرة.

١ ـ قوله تعالى: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى(1) هذه هي آية المودّة التي أكّدت أغلب كتب التفسير وكثير من مصادر الحديث والسيرة والتاريخ نزولها في قربى النبيّ (صلى الله عليه وآله): عليّ والزهراء والحسن والحسين وذرّيّتهم الطاهرين(عليهم السلام).

روى السيوطي وغيره في تفسير هذه الآية بالإسناد إلى ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت هذه الآية ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى قالوا: يا رسول الله! مَن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال (صلى الله عليه وآله): «عليّ وفاطمة وولداهما»(2).

وهذه الآية تدلّ على وجوب المودّة لأهل البيت الذين نصّ الحديث على تحديدهم، وقد استدلّ الفخر الرازي على ذلك بثلاثة وجوه، فبعد أن روى الحديث عن الزمخشري قال: فثبت أن هؤلاء الأربعة أقارب النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد من التعظيم، ويدلّ عليه وجوه:

الأوّل: قوله تعالى: ﴿إلاّ المودَّةَ في القُربَى.

الثاني: لا شكّ أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) يحبّ فاطمة (عليها السلام)، قال (صلى الله عليه وآله): «فاطمة بضعة منّي، فمن أغضبها أغضبني»(3)، وثبت بالنقل المتواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه كان يحبّ عليّاً والحسن والحسين، وإذا ثبت ذلك وجب على كلّ الأُمّة مثله، لقوله تعالى: ﴿واتَّبعُوهُ لعلَّكُم تَهتَدُونَ(4)، ولقوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ(5).

الثالث: إنّ الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جُعل هذا الدعاء خاتمة التشهّد في الصلاة، وهو قوله: «اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد»، وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل، فكلّ ذلك يدلّ على أنّ حبّ محمّد وآل محمّد واجب.

وقال الشافعي:

يا راكباً قف بالُمحصّب من منى واهتف بساكن خيفها والناهض
سَحَراً إذا فاض الحجيجُ إلى منى فيضاً كما نَظم الفراتِ الفائض
إن كان رفضاً حبّ آل محمّد فليشهد الثقلان أنّي رافضي(6)

وأشار الشافعي إلى نزول آية المودّة في أهل البيت(عليهم السلام) بقوله:

يا أهل بيت رسول الله حبّكم فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ(7)

الأئمّة وآية المودّة:

لقد احتجّ أئمّة الهدى المعصومون(عليهم السلام) بهذه الآية على فرض مودّتهم ووجوب محبّتهم وحقّهم على كلِّ مسلم; فقد روى زادان عن الإمام أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام)، أنّه قال: «فينا في ال حم آية، لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن»، ثمّ قرأ: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى(8).

وإلى هذا أشار الكميت الأسدي بقوله:

وجدنا لكم في ال حم آية تأوّلها منّا تقيّ ومعربُ(9)

وروي عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنّه قال: خطب الحسن بن عليّ(عليه السلام)الناس حين قُتل عليّ(عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «… وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك وتعالى: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً، فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت»(10).

وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم، أنّه قال: لمّا جيء بعليّ بن الحسين(عليه السلام)أسيراً، فأقيم على درج دمشق، قام رجلٌ من أهل الشام، فقال: الحمد لله الذي قتلكم وأستأصلكم وقطع قرني الفتنة.

فقال له عليّ بن الحسين(عليه السلام): «أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: أقرأت ال حم؟ قال: قرأت القرآن ولم أقرأ ال حم. قال: ما قرأت: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى؟ قال: وإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم»(11).

وروى إسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد الله(عليه السلام) ـ في حديث ـ قال: سمعته(عليه السلام) يقول لأبي جعفر الأحول: «ما يقول أهل البصرة في هذه الآية ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى؟ فقال: جعلت فداك، إنّهم يقولون: إنّها لأقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: كذبوا، إنّما نزلت فينا خاصّة، في أهل البيت، في عليّ وفاطمة والحسن والحسين أصحاب الكساء»(12).

٢ ـ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا(13).

فقد ورد عن جابر بن عبد الله قوله: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب(عليه السلام): «يا عليّ! قُل: ربِّ اقذف لي المودّة في قلوب المؤمنين، ربِّ اجعل لي عندك عهداً، ربِّ اجعل لي عندك ودّاً»، فأنزل الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا، فلا تلقى مؤمناً ولا مؤمنة إلاّ وفي قلبه ودّ لأهل البيت(عليهم السلام)(14).

وروي الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس(15). وعن أبي سعيد الخدري(16) وغيرهم.

٣ ـ قوله تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا…(17):

روي عن الإمام أبي جعفر الباقر(عليه السلام)، أنه قال: «دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين، فقال(عليه السلام) له: يا أبا عبد الله! ألا أُخبرك بقوله تعالى: ﴿مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا…؟ قال: بلى جعلت فداك. قال(عليه السلام): الحسنة: حبّنا أهل البيت، والسيئة: بغضنا، ثمّ قرأ الآية»(18).

وقد ورد ما يقارب هذا الحديث عن أبي عبد الله الجدلي(19).

٤ ـ قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(20):

روي عن الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: «أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا نزلت هذه الآية قال: ذاك من أحبّ الله ورسوله وأحبّ أهل بيتي صادقاً غير كاذب، وأحبّ المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر الله يتحابّون»(21).

هذا وقد وردت آيات كثيرة مفسَّرة في تأكيد هذا المعنى بطرق صحيحة عن أهل البيت(عليهم السلام) أعرضنا عن ذكرها للاختصار.

حبّ أهل البيت(عليهم السلام) في السُنّة المطهّرة:

أثبتت النصوص القرآنية، كما تقدّم، مبدأ المودّة لأهل البيت(عليهم السلام) بشكل صريح لا يقبل التأويل، وفي هذا المبحث سنسلّط الضوء على بعض ما ورد في السُنّة المباركة في تأكيد المودّة والولاء لأهل البيت(عليهم السلام)، وبيان فضل حبّهم وخصائصه وعلاماته.

فقد أكّدت السُنّة الشريفة على أنّ حبّ أهل البيت(عليهم السلام) أساس الإسلام، وعلامة الإيمان، وأفضل العبادة، وأنّ حبّهم حبّ الله ورسوله، والتأكيد على هذه المضامين يدلّ على أنّ حبّ أهل البيت(عليهم السلام) يجسّد عمق الولاء والمحبّة للرسالة بجميع مفرداتها، بل هو مرتكز أساس لعمق الانتماء للإسلام، وأصالة الارتباط بالعقيدة، وقوة التفاعل معها.

والقراءة المتأمّلة للنصوص الحديثية التي سنوردها في هذا المبحث تبرز لنا بوضوح أصالة العلاقة بين مبدأ المحبّة لهم(عليهم السلام)، وبين الانتماء للرسالة; فبمقدار ما يترسّخ هذا المبدأ في شعور الأُمّة ووجدانها يتعزّز المستوى الولائي للرسالة والعقيدة، وتتحدّد الهوية الإيمانية للأُمّة.

وفيما يلي نشير إلى أهمّ مضامين الحبّ والمودّة لأهل البيت(عليهم السلام) الواردة في السُنّة المطهّرة.

الحثّ على محبّتهم(عليهم السلام):

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال: حبّ نبيكم، وحبّ أهل بيته، وقراءة القرآن»(22).

٢ ـ قال (صلى الله عليه وآله): «أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي»(23).

٣ ـ قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «أحسن الحسنات حبّنا، وأسوأ السيّئات بغضنا»(24).

حبّهم حبّ الله ورسوله(صلى الله عليه وآله):

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أحبّوا الله لِما يغذوكم من نعمه، وأحبّوني لحبّ الله، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي»(25).

٢ ـ عن زيد بن أرقم، قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمرّت فاطمة (عليها السلام) وهي خارجة من بيتها إلى حجرة النبي (صلى الله عليه وآله) ومعها ابناها الحسن والحسين، وعليّ (عليهم السلام)في آثارهم، فنظر إليهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: «من أحبّ هؤلاء فقد أحبّني، ومن أبغضهم فقد أبغضني»(26).

٣ ـ وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): «سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا سيّد ولد آدم، وأنت يا عليّ والأئمّة من بعدك سادة أمّتي، من أحبّنا فقد أحبّ الله، ومن أبغضنا فقد أبغض الله، ومن والانا فقد والى الله، ومن عادانا فقد عادى الله، ومن أطاعنا فقد أطاع الله، ومن عصانا فقد عصى الله»(27).

٤ ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): «من عرف حقّنا وأحبّنا، فقد أحبّ الله تبارك وتعالى»(28).

حبّهم أساس الإسلام:

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أساس الإسلام حبّي وحبّ أهل بيتي»(29).

٢ ـ قال (صلى الله عليه وآله): «لكلِّ شيء أساس، وأساس الإسلام حبّنا أهل البيت»(30).

٣ ـ قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عليّ، إنّ الإسلام عريان، لباسه التقوى، ورياشه الهدى، وزينته الحياء، وعماده الورع، وملاكه العمل الصالح، وأساس الإسلام حبّي وحبّ أهل بيتي»(31).

حبّهم عبادة:

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «حبّ آل محمّد يوماً خير من عبادة سنة، ومن مات عليه دخل الجنّة»(32).

٢ ـ قال (صلى الله عليه وآله): «اعلم أنّ أوّل عبادته المعرفة به.. ثمّ الإيمان بي والإقرار بأنّ الله أرسلني إلى كافّة الناس، بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، ثمّ حبّ أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»(33).

٣ ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ فوق كلّ عبادة عبادةً، وحبّنا أهل البيت أفضل عبادة»(34).

حبّهم علامة الإيمان:

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبُّ إليه من نفسه، وأهلي أحبُّ إليه من أهله، وعترتي أحبُّ إليه من عترته، وذاتي أحبُّ إليه من ذاته»(35).

٢ ـ قال (صلى الله عليه وآله): «لا يحبّنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقيّ، ولا يبغضنا إلاّ منافق شقيّ»(36).

٣ ـ قال الإمام الباقر(عليه السلام): «حبّنا إيمان، وبغضنا كفر»(37).

٤ ـ وقال(عليه السلام): «إنّما حبّنا أهل البيت شيء يكتبه الله في قلب العبد، فمن كتبه الله في قلبه لم يستطع أحد أن يمحوه; أما سمعت الله يقول: ﴿أولئك كتبَ في قلوبهم الإيمان وأيّدَهُم بروح مِنهُ; فحّبنا أهل البيت من أصل الإيمان»(38).

حبّهم علامة طيب الولادة:

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشيراً إلى أمير المؤمنين(عليه السلام): «يا أيُّها الناس! امتحنوا أولادكم بحبّه; فإنّ عليّاً لا يدعو إلى ضلالة، ولا يبعد عن هدىً، فمن أحبّه فهو منكم، ومن أبغضه فليس منكم»(39).

٢ ـ روي عن أبي بكر أنّه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيّم خيمة، وهو متّكئ على قوس عربية، وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال: «معشر المسلمين، أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، وحرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم، لا يحبّهم إلاّ سعيد الجَدّ، طيّب المولد، ولا يبغضهم إلاّ شقيّ الجدّ رديء الولادة»(40).

٣ ـ عن أمير المؤمنين(عليه السلام) في وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأبي ذرّ (رضي الله عنه)، قال: «قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): يا أباذرّ! من أحبّنا أهل البيت فليحمد الله على أوّل النعم. قال: يا رسول الله! وما أوّل النعم؟ قال: طيب الولادة; إنّه لايحبنا إلاّ من طاب مولده»(41).

٤ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا عليّ! من أحبّني وأحبّك وأحبّ الأئمّة من ولدك، فليحمد الله على طيب مولده; فإنّه لا يحبّنا إلاّ من طابت ولادته، ولا يبغضنا إلاّ من خبثت ولادته»(42).

٥ ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): «والله لا يحبّنا من العرب والعجم إلاّ أهل البيوتات والشرف والمعدن، ولا يبغضنا من هؤلاء وهؤلاء إلاّ كلُّ دنس ملصق»(43).

٦ ـ قال جابر بن عبد الله: كنّا نبور(44) أولادنا بحبّ عليّ بن أبي طالب، فإذا رأينا أحداً لا يحبُّ عليّ بن أبي طالب، علمنا أنّه ليس منّا، وأنّه لغير رشدة(45).

٧ ـ قال محبوب بن أبي الزناد: قالت الأنصار: إن كنّا لنعرف الرجل لغير أبيه ببغضه عليّ بن أبي طالب(46).

حبّهم ممّا يُسأل عنه يوم القيامة:

١ ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أوّل ما يُسأل عنه العبد حبّنا أهل البيت»(47).

٢ ـ قال (صلى الله عليه وآله): «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين كسبه، وعن حبّنا أهل البيت»(48).

٣ ـ وعنه (صلى الله عليه وآله) مثله، وزاد في آخره: فقيل: يا رسول الله! فما علامة حبّكم؟ فضرب بيده على منكب عليّ(عليه السلام)(49).

محبّة أهل البيت تعلّق بحبل الله:

إنّ حبّ أهل البيت(عليهم السلام) مبدأ رسالي يتضمّن أبعاداً مهمّة وخطيرة، لها آثارها في حياة الفرد المسلم وحياة المجتمع الإسلامي، فحبّهم ليس مجرّد علاقة قلبية، أو ارتباط عاطفي يشد المسلم إلى أفراد معيّنين; لأنّهم قربى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعترته، بل إنّه تعلّق بحبل الله الممدود من السماء إلى الأرض بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)، والذي يتحقّق من خلاله ارتباط حياة الفرد والمجتمع بتعاليم السماء وبإرادة الخالق العزيز، ذلك لأنّهم(عليهم السلام)يمثلون الثقل الإلهي في الأرض، وهم آيات الله والدالّون عليه، وفيهم تتجسّد الصفات والكمالات التي يريدها الله تعالى.

فحبّهم يمثّل في الواقع حبّ لله وللقيم الربانية والكمالات الإلهية، وهو يسمو بالمؤمن في مدارج الوصول إلى الكمال الذي يريده الله سبحانه.

ومن هذا المنطلق وفي ظِلّ هذه الحقائق استبصر «ترانس» وكان ذلك عام ١٤١٧هـ ١٩٩٧ م وتسمى باسم الصحابي الجليل المحب للعترة الطاهرة كُميل ابن زياد.

____________

1- الشورى -٢١-: ٢٣.

2- الدرّ المنثور للسيوطي ٦: ٧. وقد روى هذا الخبر العيني في عمدة القاري ١٦: ١٧ وقال: ذكر في ذلك عن رسول الله، وراجع: المعجم الكبير ٣: ٤٧، ١١: ٣٥١، فتح القدير ٤: ٥٣٧، تخريج الأحاديث للزيلعي ٣: ٢٣٤، الفتح السماوي للمناوي ٣: ٩٨، الكشاف للزمخشري ٣: ٤٦٧، تفسير الرازي ٢٧: ١٦٦، تفسير القرطبي ١٦: ٢١ وغيرها.

3- راجع: صحيح البخاري ٤: ٢١٠ و٢١٩ وغيره.

4- الأعراف -٧-: ١٥٨.

5- النور -٢٤-: ٦٣.

6- تفسير الرازي ٢٧: ١٦٦.

7- الصواعق المحرقة ٢: ٥٠٧.

8- الصواعق المحرقة ٢: ٤٨٧.

9- راجع: تفسير الطبري ٢٤: ٥١.

10- المستدرك على الصحيحين ٣: ١٧٢، الصواعق المحرقة ٢: ٤٨٧، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٦: ٣٠.

11- راجع: تفسير الطبري ٢٥: ٣٣، تفسير ابن كثير ٤: ١٢١.

12- الكافي ٨: ٩٣.

13- مريم -١٩-: ٩٦.

14- شواهد التنزيل ١: ٤٦٤.

15- الدرّ المنثور ٤: ٢٨٧، ومجمع الزوائد ٩: ١٢٥.

16- شواهد التنزيل ١: ٤٧٤.

17- القصص -٢٨-: ٨٤.

18- راجع: شواهد التنزيل ١: ٥٤٨.

19- تفسير ابن أبي حاتم ٩: ٣٠٢٤، تفسير الثعلبي ٧ :٢٣٠، ينابيع المودّة ١: ٢٩١، المحاسن ١: ١٥٠، أمالي الطوسي: ٤٩٣.

20- الرعد -١٣-: ٢٨.

21- الدرّ المنثور ٤: ٥٨، فتح القدير ٣: ٨٢، تفسير الآلوسي ١٣: ١٤٩.

22- الجامع الصغير ١: ٥١، فيض القدير ١: ٢٩٢، كشف الخفاء ١: ٧٤ وغيرها.

23- صحيح مسلم ٧: ١٢٣، مسند أحمد ٤: ٣٦٧، فضائل الصحابة للنسائي: ٢٢، السنن الكبرى للبيهقي ٧: ٣١.

24- عيون الحكم والمواعظ: ١٢٦.

25- سنن الترمذي ٥: ٣٢٩، الجامع الصغير ١: ٣٩، الدرّ المنثور ٦: ٧، الكامل لابن عدي ٧: ١١٢، وقال الحاكم في المستدرك على الصحيحين ٣: ١٥٠ بعد ذكر الحديث: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

26- تاريخ مدينة دمشق ١٤: ١٥٤ ونقله عنه المتقي الهندي في كنز العمال ١٢: ١٠٣.

27- أمالي الصدوق: ٥٦٣، بشارة المصطفى: ٢٣٩.

28- الكافي ٨: ١٢٩، تحف العقول: ٣٥٧.

29- تاريخ مدينة دمشق ٤٣: ٢٤١، كشف الخفاء ١: ٢٣، كنز العمال ١٣: ٦٤٥.

30- المحاسن ١: ١٥٠، الكافي ٢: ٤٦، أمالي الصدوق: ٣٤١.

31- كنز العمّال ١٣: ٦٤٥.

32- الفصول المهمّة لابن الصباغ ١: ١٤٤، ينابيع المودّة ٢: ٢٥٢، كشف الغمّة ١: ٥٣.

33- أمالي الطوسي: ٥٢٦. ومكارم الأخلاق: ٤٥٩.

34- المحاسن ١: ١٥٠.

35- راجع: نظم در السمطين: ٢٣٣، تنبيه الغافلين: ١٥٣، أمالى الصدوق: ٤١٤، علل الشرائع ١: ١٤٠.

36- كفاية الأثر: ١١٠، دخائر العقبى: ١٨، ينابيع المودّة ٢: ١١٦.

37- الكافي ١: ١٨٨، والمحاسن ١: ١٥٠.

38- شواهد التنزيل ٢: ٣٣٠.

39- تاريخ مدينة دمشق ٤٢: ٢٨٨.

40- مناقب الخوارزمي: ٢٩٧، جواهر المطالب ١: ١٧٤.

41- المحاسن ١: ١٣٨، أمالي الصدوق: ٥٦٢، علل الشرائع ١: ١٤١، أمالي الطوسي: ٤٥٦.

42- أمالي الصدوق: ٥٦٢، علل الشرائع ١: ١٤١، معاني الأخبار: ١٦١.

43- الكافي ٨: ٣١٦.

44- أي: نجرّب ونختبر.

45- راجع: شواهد التنزيل ١: ٤٤٩.

46- إكمال الكمال ٤: ٢٠٠.

47- عيون أخبار الرضا(عليه السلام) ١: ٦٧.

48- راجع: المعجم الكبير ١١: ٨٤، المعجم الأوسط ٩: ١٥٥، الفصول المهمّة لابن الصباغ ١: ٥٨٤، أمالي الصدوق: ٩٣، والخصال: ٢٥٣.

49- راجع: المعجم الأوسط ٢: ٣٤٨، أمالي المفيد: ٣٥٣، أمالي الطوسي: ١٢٤.