فضل أحمد شاه

فضل أحمد شاه (سنّي / باكستان)

ولد سنة 1340هـ (1922م) “بيتاله” الباكستانية، ونشأ في أسرة سنّية المذهب، عمل في مجال الطبّ وكانت له عيادة خاصّة في لاهور. اعتنق مع زوجته وأولاده مذهب التشيّع سنة (1953م).

انطباعي الأوّل عن الشيعة:

يقول فضل أحمد: كنت أكره الشيعة، وأتعامل معهم بشدّة، حتّى أني كنت أعتبر الحضور في المجالس التي يقيمونها عزاءاً لأبي عبد الله الحسين(عليه السلام) إثماً كبيراً لاعتقادي بأنّ مذهب الشيعة باطل من أساسه، ثمّ شاءت الأقدار أن ألتقي بشخص يعمل في إحدى الشركات، وكان رجلأ متحلّياً بالأخلاق الطيّبة بحيث ارتاحت له نفسي، وسكن له قلبي، فأوضح لي الكثير من الأمور، وبيّن لي طريق الهداية فبادرت إلى قراءة الكتب التي هيأها لي هذا الشخص حتّى شملتني الهداية، فتمسّكت بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وأولاده المعصومين.

هذا وقد دفعني حبّي للإمامين العظيمين سبطي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وولدي الإمام علي(عليه السلام)، وثمرتي فؤاد السيدة الزهراء الطاهرة(عليها السلام) الإمام الحسن والإمام الحسين(عليهما السلام) أن أُسمي القرية التي كنت أسكن فيها باسم (حسنين آباد)، وقد اشتهر هذا الإسم في جميع أنحاء باكستان ـ رغم مخالفة الكثيرين ـ ببركة من سميت القرية باسمهما.

حبّ آل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم:

قال علي بن أبي طالب(عليه السلام): “من أحبّ الله أحبّ النبي، ومن أحبّ النبي أحبّنا، ومن أحبّنا أحبّ شيعتنا، فإنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ونحنُ وشيعتنا من طينة واحدة، ونحن في الجنة لا نبغض من يحبنا ولا نحبّ من أبغضنا”(1).

وعن ابن عباس قال: إنّ رسول الله كان جالساً ذات يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهما السلام)، فقال: اللّهم إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس عليّ، فأحبّ من أحبّهم وأبغض من أبغضهم ووال من والاهم وعاد من عاداهم وأعن من أعانهم وأجعلهم مطهرين من كلّ رجس، معصومين من كل ذنب وأيّدهم بروح القدس منك… ثمّ رفع يده إلى السماء فقال: اللّهم إني أشهدك أنّي محبّ لمن أحبّهم ومبغض لمن أبغضهم وسلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم وعدو لمن عاداهم وولي لمن والاهم(2).

وقال سلمان الفارسي(رضي الله عنه): دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وعنده الحسن والحسين يتغدّيان والنبي يضع اللقمة تارة في فم الحسن وتارة في فم الحسين(عليهما السلام)، فلّما فرغا من الطعام أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) الحسن على عاتقه والحسين على فخذه، ثمّ قال لي: يا سلمان أتحبّهم؟

قلت: يا رسول الله كيف لا أحبّهم ومكانهم منك مكانهم؟

قال: يا سلمان من أحبّهم فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله(3).

وعن ابن عباس عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: “أيها الناس اسمعوا قولي واعرفوا حقّ نصيحتي ولا تخالفوني في أهل بيتي إلاّ بالذي أمرتم به ومن حفظهم فقد حفظني فإنهم حامتي وقرابتي وإخوتي وأولادي فإنّكم مجموعون ومسائلون عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهم فإنّهم أهل بيتي فمن آذاهم فقد آذاني ومن ظلمهم فقد ظلمني ومن أذلهم فقد أذلني ومن أعزّهم فقد أعزّني ومن أكرمهم أكرمني ومن نصرهم نصرني ومن خذلهم خذلني ومن طلب الهدى في غيرهم فقد كذّبني، أيّها الناس اتّقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموني فانّي خصم لمن عاداهم وآذاهم ومن كنت خصمه فقد خصمته(4).

وعن عبد الله بن مسعود قال: كنّا مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض أسفاره إذ هتف بنا أعرابي بصوت جهوري، فقال: يا محمّد.

فقال له النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): ما تشاء؟

فقال: المرء يحبّ القوم ولا يعمل بأعمالهم.

فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): المرء مع من أحبّ.

فقال: يا محمّد أعرض عليّ الإسلام.

فقال: اشهد أن لا اله إلاّ الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت.

فقال: يا محمّد تأخذ على هذا أجراً فقال: لا إلاّ المودّة في القربى، قال: قرباي أو قرباك، قال: بل قرباي، قال: هلمّ يدك حتّى أبايعك، لا خير فيمن يودّك ولا يودّ قرباك(5).

وقال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(6).

وقال تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْر فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ}(7).

وقال تعالى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ}(8).

وقال تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر إِلاَّ مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}(9)، أي: “إلاّ أن يشاء أحد منكم أن يتّخذ إلى ربّه سبيلا أي يستجيب دعوتي باختياره فهو أجري أي لا شيء هناك وراء الدعوة أي لا أجر”(10).

وقال الحسن بن علي(عليهما السلام): “إنّا من أهل البيت الذين افترض الله مودّتهم على كل مسلم، فقال: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(11).

وقال الإمام الرضا(عليه السلام) في حضور المأمون وجماعة من العلماء عن هذه الآية نقلاً عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): “ما بعث الله عزّ وجلّ نبياً إلاّ أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجراً إلاّ أنّ الله يوفيه أجر الأنبياء ومحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) فرض الله عزّ وجلّ مودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليؤدّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أحبّ الله عزّ وجلّ لهم فإنّ المودة إنّما تكون على قدر معرفة العقل، فلما أوجب الله ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فتمسّك بها قوم أخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق والحسد وألحدوا في ذلك”(12).

وعن أبي هريرة قال: “مرّ علي بن أبي طالب(عليه السلام) بنفر من قريش في المسجد، فتغامزوا عليه، فدخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فشكاهم إليه فخرج(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو مغضب فقال لهم: أيّها الناس مالكم إذا ذكر إبراهيم وآل ابراهيم أشرقت وجوهكم وإذا ذكر محمّد وآل محمّد قست قلوبكم وعبست وجوهكم، والذي نفسي بيده لو عمل أحدكم عمل سبعين نبيّاً لم يدخل الجنة حتّى يحب هذا أخي علياً وولده”(13).

____________

1-تفسير فرات الكوفي: 128، سورة المائدة، حديث146.

2-أمالي الصدوق: 574، المجلس الثالث والسبعون حديث18.

3-كفاية الأثر: 44، بحار الأنوار 36: 304.

4-أمالي الصدوق: 12، المجلس الخامس عشر، الحديث 11، بشارة المصطفى: 39، الحديث 26.

5-أمالي المفيد: 151 المجلس التاسع عشر، الحديث 2.

6-الشورى (42) : 23.

7-سبأ (34) : 47.

8-الانعام (6) : 90.

9-الفرقان (25) : 55.

10-تفسير الميزان 18: 43.

11-مجمع البيان 9: 49.

12-أمالي الصدوق: 620، المجلس التاسع والسبعون، الحديث الأول.

13-الروضة لابن شاذان: 169، الحديث 46، بحار الأنوار 27: 196، الحديث 56.