غلام نبي حسين بخش

غلام نبي حسين بخش (حنفي / باكستان)

ولد عام 1235هـ (1917م) في قرية “هوشيار نكر” التابعة للواء “أمر تسر” بنجاب الشرقية في “الهند”، ونشأ في أسرة حنفيّة المذهب، تعرف بـ”كهوكهر”، ثمّ توجّه إلى “باكستان” بعد الانقسام الذي حصل بينها وبين “الهند” وأصبح موظّفاً في إحدى دوائر وزارة الدفاع في معسكر “لاهور”.

دور العصمة في العقيدة:

إنّ مسألة عصمة الأئمّة(عليهم السلام) من المسائل المهمّة التي يقوم عليها صرح العقيدة الإمامية، إذ إنّها تشكّل ركناً أساسياً تتقوّم به صحّة هذه العقيدة، فبعد أن أوجب الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) التمسّك بالعترة الطاهرة، وجعلهم عدل الكتاب العزيز، كما في حديث الثقلين، فلا معنى لأن ننفي العصمة عن هذه العترة، فكما أنّ القرآن الكريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلابّد أن يكون عدله كذلك، وإلاّ فلا معنى لجعلهم قرناء القرآن.

ومن جانب آخر، فإنّ التمسكّ بهذين الثقلين هو ما يتميّز به المذهب الإمامي عمّا سواه من المذاهب الإسلاميّة، وذلك لأنّ الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) حكم بضلال كلّ من لم يتمسّك بهما معاً، ولهذا لا تستطيع تلك المذاهب أن تثبت

للآخرين متابعتها فضلاً عن وجوبها، بل أصبحت داخلة في ذلك الحكم القاطع للنبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم).

ويُعزى ذلك إلى أنّ غير الإمامية من أصحاب تلك المذاهب وأتباعهم، كانوا ضحيّة ذلك التيار المعاكس الذي حرف مسير الأمّة بعد وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) وأبعدها عن العترة الطاهرة واستمر هذا الأمر في أوساط الأمّة نتيجة تقليدها الأعمى، وتجاهل الكثير من أبناء العامة النصوص الدينية التي تشير إلى وجوب التمسّك بأهل البيت(عليهم السلام) وترك ما سواهم، والتي تعتبر أهم الركائز التي يستند عليها فهم الدين الإسلامي بشكله الصحيح.

وكنتيجة لمّا آل إليه هذا الابتعاد عن العترة، أضحت تلك المذاهب عقيدة ذات مضمون خال من الصحّة.

وقد سطر علماء الشيعة الإمامية حجج وبراهين كثيرة لإثبات هذه المسألة، وناضل كثير من علماء السنّة ـ من دون جدوى ـ لإسقاطها، وواجهوا بذلك حكم الكتاب والسنّة والعقل!

ولم تكن مناقشتهم لفكرة “العصمة” تخضع لمعايير موضوعيّة تجعل من الباحث المنصف أن يتلقاها بالقبول، ويستسيغها في وجدانه، ومردُّ ذلك إلى أنّ تلك المناقشات تجاوزت حدود النصّ القرآني والروائي القاضي بثبوث “العصمة”.

وكان لحكم العقل دور مهم في إثبات العصمة للإمام، وذلك من حيث إنّ علّة حاجة الأمّة إلى الإمام، هي إرشادها إلى جادّة الحقّ والصواب، فيما تختلف فيه من الأمور ; لأنّ بعض نصوص الكتاب العزيز وبعض السنّة النبوية ـ قولاً وفعلاً وتقريراً ـ يحتملان وجوهاً كثيرة من التأويل، وكلّ فرقة تؤوّلهما على ما تحيل إليه من مذهب، وهذا ما نشهده في الواقع الإسلامي، منذ ارتحال الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)وحتّى يومنا هذا، ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك وفي هذه الحالة العسيرة تكمن الحاجة إلى الإمام، فيكون له الأثر في استبيان المعنى الصحيح الذي يعينه الباري عزّ وجل في كتابه الكريم، والرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في سنّته، دون ما يحتملان من التأويل، ويكون بذلك قد حفظ الدين، وصانه من التحريف والتلاعب.

وكلّ ذلك لا يتمّ إلاّ أن يكون الإمام معصوماً، وإلاّ كان كالأمّة في الحاجة إلى من يرشده إلى الفهم الصحيح وهكذا حتّى يتسلسل، وبطلان التسلسل من ضروريات حكم العقل، فلابدّ إذن أن ينتهى إلى شخص معصوم ترجع إليه الأمّة في أحكامها وأمورها وفيما تختلف فيه ; لكي تستطيع أن تحكم على أن ما تذهب إليه هو المطابق لحكم الله تعالى.

وتدعي الشيعة الإمامية أنّ هذه الجهة المعصومة تتمثل في الأئمّة الاثني عشر(عليهم السلام)، أوّلهم الإمام عليّ(عليه السلام) وآخرهم المهدي المنتظر (عجل الله فرجه).

ودعوى الإمامية هذه، قد ثبت بشكل قطعي لا مجال للخلاف فيه، وذلك لانطواء العقل والكتاب والسنّة على ما من شأنه أن يدعم هذه الدعوى ويرقى بها إلى مستوى الثبوت.

التوفيق الإلهي:

كان لمسألة “العصمة” الّتي يتبناها الفكر الشيعي الإمامي أثرها البالغ على “غلام نبي”، حيث ساقته الأدلة والبراهين الشيعية إلى القناعة الكاملة بأحقّية مذهب أهل البيت(عليهم السلام) دون المذاهب الأخرى.

وكذا استطاع من خلال التحقيق أن يستوحي معنى “العصمة” من خلال عدد من الآيات الكريمة النازلة في هذا الشأن، ومن الأحاديث النبوية التي خصّها الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) بأمير المؤمنين عليّ(عليه السلام).

وتوصّل أيضاً من خلال ما طفح به التراث السلامي، إلى إمامة عليّ وأولاده المعصومين(عليهم السلام) وخلافتهم بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بلا فصل، ولأجل ذلك التحق “غلام نبي” بركب أهل البيت(عليهم السلام) وعاش في ظلال بركاتهم التي تأخذ بالإنسان نحو السعادة الأبديّة.