عبد العزيز الحنفي

عبد العزيز الحنفي (حنفي / باكستان)

ولد سنة 1319هـ (1902م) ونشأ في أسرة سنيّة حنفية المذهب، عمل موظفاً حكومياً في سيالكوت.

يقول عبد العزيز: كانت بالقرب منّا قرية تسمّى “خانبور سيدان” يسكنها الشيعة، وكانوا يقيمون المآتم في أيام محرّم، فكنت أحضر تلك المجالس إلى أن منعني من الحضور فيها عمي قائلاً: إنّ النظر إلى مواكبهم يوجب بطلان الزواج للرجال المتزوّجين وللنساء المتزوجات!!

انتقلت في سنة 1345هـ (1927م) من (جوندا) إلى المدرسة الحكومية الثانوية في مدينة (قصور)، فصادفت فيها صديقين أحدهما شيعي والآخر سنّي، وكانا في ضمن الاستعداد للامتحان السنوي للحصول على شهادة “منشي فاضل” يتباحثان في مختلف المسائل الدينية، فشاركتهما في بحثهما وأنست بهما.

طالعت كتابين كان لهما الأثر في فهمي بعض الأمور الدينية، أحدهما: (أربع مقالات) وقد راقني من مقدمته: كلمة الله، النبي، الإمام، الخلافة، الحكومة.

وثانيهما: (تاريخ بني أمية) المقرّر كدرس في الجامعة، ويشتمل على أحوال معاوية ويزيد ومروان وأضرابهم، ومن المواضيع التي جلبت انتباهي فيه:  منع عمر بن عبد العزيز سبّ الإمام علي(عليه السلام).

عاودت الحضور في مجالس الشيعة واستمعت إلى علمائهم، وطالعت كتباً كثيرة حصلت عليها منهم فعرفت حقيقة مذهب السنة، ودور الحكومات الجائرة في تشييد اركانه.

انكشف لي الحق وأعلنت تشيّعي، وتشيّع معي أهل بيتي، والحمد لله وأسأل الله أن يجعل عاقبة أمرنا خيراً وأن يحشرنا تحت لواء علي(عليه السلام) ويسقينا من حوضه، إنّه خير موفق ومعين.

عداء أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم:

يُعدُّ أهل البيت(عليهم السلام) امتداداً للرسول الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) فهم ولاة الأمر بعده الذين تجب طاعتهم ومودّتهم، وهم عدل القرآن الكريم الذين يوضحونه ويفسرونه للناس، ومنهم تؤخذ السنّة النبوية المباركة فهم الأمناء في حملها والعالمين بتفاصيلها.

وقد تصدّى أئمة أهل البيت(عليهم السلام) لمسؤولياتهم الرسالية دون أن يأخذهم في الله لومة لائم، فحافظوا على الرسالة، ودافعوا عن الحق في مواجهة المنحرفين والمغتصبين والمنافقين، وأصحاب البدع، وعلماء السوء، وغيرهم.

هذا وقد أكّد القرآن المجيد، والرسول الكريم على مودّتهم والصلاة عليهم قال تعالى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(1)، وجاء في السنة النبوية المباركة إنّ الصلاة عليهم (اللّهم صلِ علي محمّد وآل محمّد) جزءٌ من الصلاة الواجبة.

هذا وقد عبّر الشافعي ـ وهو أحد أئمة المذاهب السنية الأربعة ـ عن ذلك بالقول:

يا آل بيت رسول الله حبّكم فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنّكم من لم يصل عليكم لا صلاة له(1)

هذا ولكن الذي جرى في تاريخ المسلمين أنّ أهل البيت(عليهم السلام) وأتباع مدرستهم واجهوا القتل والتشريد والسبّ والأذى طيلة قرون متواصلة على يد الأمويين والعباسيين والعثمانيين وغيرهم، ومع ذلك كلّه لم يخمد نشاطهم، ولم تطمس معالم مدرستهم الدينية التي هي مدرسة الإسلام، وذلك للحماية الإلهيّة أوّلاً، وللجهود العظيمة والخدمات الجليلة التي قام بها أهل البيت(عليهم السلام) للإسلام والمسلمين ثانياً بحيث لم يستطع الظالمون محو آثارها، أو منع المسلمين من الانجذاب إليها.

إنّ التخلّف والتشتّت اللذّان يواجههما المسلمون اليوم يعود إلى إبعاد أهل البيت(عليهم السلام) عن أداء دورهم الحقيقي في قيادة المسلمين إلى الفلاح وإلى استبدالهم بآخرين نتيجة الانحراف، وسوء الاختيار باتّباع الأهواء.

لقد قام أئمة أهل البيت(عليهم السلام)بتربية شيعتهم على أخلاق عالية وكمالات سامية من العبادة والزهد، والإيمان والعمل، والإخلاص والتوكّل وطلب العلم، فأسّسوا الحوزات العلمية التي حفظت العقيدة والشريعة في زمن غيبة المعصوم(عليه السلام)، كما أنّ الارتباط بأهل البيت(عليهم السلام) والولاء لهم نفسه صار سبباً في حفظ هوية الشيعة الإسلامية نقية حيّة.

ومن أبرز علائم الولاء هو الشعائر الحسينية التي ربطت الشيعة الكرام بأئمتهم العظام وخاصة الإمام الحسين الشهيد الذي هو خامس آل الكساء وأبو التسعة من الائمة المعصومين من آل البيت(عليهم السلام).

____________

1-الشورى (42) : 23.

2-انظر الغدير 2: 303، 3: 173.