صفدر حسين شاه البخاري

صفدر حسين شاه البخاري (حنفي / باكستان)

ولد سنة 1358هـ (1940م) في قضاء “بهله ون” التابع للواء “كجرات” في باكستان، ونشأ في عائلة حنفية المذهب، أكمل الدراسة الابتدائية في المدرسة الإسلاميّة في (كجرات)، ثمّ التحق بالخدمة العسكرية مدّة أربع سنوات، وعيّن بعد ذلك معلّماً لّلغة الفارسية في ثانوية الجمهورية في (كنجاه) من لواء (كجرات) قضى فيها ست سنوات، ثمّ انتقل إلى مدينة (سركودها) ودخل مدرسة (دار العلوم المحمدية) بصفته معلّماً لّلغة الفارسية أيضاً، واشتغل فيها بدراسة العلوم الدينية في نفس الوقت.

دوافع ارتقاء وعيه الديني:

كان “صفدر حسين” يهوى مطالعة الكتب الدينية، وقد حصل له بمرور الوقت رغبة في معرفة المذاهب الإسلاميّة، ودراسة أقوالهم، والتحقق من صحّة هذه الأقوال في أمّهات كتب هذه المذاهب، وعرضها بعد ذلك على القرآن والسنّة الشريفة ; لمعرفة مدى مشروعيّتها حتّى يعتبرها ديناً يتمسّك به المسلم ويحتّج به على الله في يوم الحساب.

وكانت نتيجة تحقيقاته الاهتداء إلى صحّة مذهب شيعة أهل البيت(عليهم السلام) الإمامي الاثنا عشري ; لأنّه المذهب الوحيد الذي يدعمه الدليل في كلّ أجزاء منظومته المتكاملة، ويشهد عليه الوجدان الصافي، وترتاح إليه القلوب السليمة، ولا يمكن أن تكون نتيجة التحقيق العلمي في مثل هذه الأمور إذا رافقه صفاء النية إلاّ الاهتداء وفق المشيئة الإلهية إلى ولاء أهل بيت العصمة والطهارة، ولا غير.

يقول “صفدر حسين” أمعنت نظري في المسائل الخلافية بين الشيعة والسنّة، وفي الأحاديث مثل حديث القرطاس(1) الموجود في أصحّ الكتب عند السنّة بعد كلام الباري، حيث وجدت أنّ الذين كنّا نعتقد بخلافتهم ونقتدي بآثارهم قد غضب عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر ساعة من حياته وطردهم عنه قائلاً لهم: “قوموا عنّى، فلا ينبغي عندي التنازع”.

وهكذا كان البحث في بقية المسائل الخلافية حيث وجدت الحقّ مع مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فهداني الله إلى طريق الحقّ وسواء السبيل، فاعتنقت المذهب الجعفري الإمامي الاثني عشري.

ملاحظات حول واقعة حديث القرطاس:

1ـ يلاحظ أنّ غضب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن وليد ساعته فقط ، وإنّما كان لغضبه على بعض صحابته أسباباً لها تاريخ طويل من مخالفات متكرّرة منهم.

2ـ إنّ شفقة عمر المدعاة على الإسلام أو على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن لها وجود في موقفه من كتاب أبي بكر في مرضه الذي يوصي له فيه بالخلافة، فقال: اسمعوا  وأطيعوا قول خليفة رسول الله(2)، ولم يشفق على أبي بكر بمثل شفقته المدعاة على الرسول صلوات الله وسلامه عليه.

ولنعم ما قال الشاعر:

وصى النبيّ فقال قائلهم قد ظلّ يهجر سيّدُ البشر
ورووا أبا بكر أصاب ولم يهجر وقد أوصى إلى عمر(3)

3ـ إنّ قول عمر: “حسبنا كتاب الله” غير صحيح أبداً ; لأنّ القرآن نفسه صرح بالقول: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}(4)، وفراسة عمر بكفاية كتاب الله أراد بها منع الوصية لعلي(عليه السلام) سيّد العترة التي ورد التمسّك بها مع كتاب الله في حديث الثقلين بقرينة “لن تضلوا” التي ذكرها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا الموقف وفي حديث الثقلين، ثمّ إنّ عمر هل كان أعلم من الرسول بكفاية كتاب الله، والرسول يريد أن يكتب كتاباً يمنع به الضلال بعده، وهل أنّ كتاب الله نزل على رسول الله أم على عمر الذي أسلم في السنة السادسة من البعثة الشريفة(5)، يعترف على نفسه أنّه ألهاه الصفق في الأسواق.

4ـ إنّ عمر أوّل من زجر أمهات المؤمنين في هذه القضية باتهامه لهن قال عمر فقلت: “إنكن صواحبات يوسف إذا مرض رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عصرتن أعينكنَّ، واذا صحَّ ركبتن عنقه”، فقال رسول الله قوله، وقال: “أحزنتني فإنّهن خير منكم”(6) بينما نرى اتباع عمر على طول التاريخ يتهمون الآخرين بالتنقيص من شأن أمّهات المؤمنين!!

5ـ إنّ غضب النبيّ على أصحابه وطردهم عنه لم يخرجه عن أخلاق النبوّة المملوءة بالرحمة واللطف، فهو لم يأمر بقتلهم مثلاً أو سبهم أو ضربهم، رغم الإساءة الشديدة التي اتهمته بالهذيان، بينما كان يريد لهم الهداية ولا غير.

وبالمقابل كانت إساءة الأصحاب عظيمة حيث اتهموه بالهذيان ومنعوا كتابة كتاب الهداية، وارتفعت أصواتهم عنده لكثرة لغطهم وتنازعهم، وهو محرم عليهم كما في سورة الحجرات(7).

6ـ إنّ اتباع عمر ومعذريه في أفعاله يقدّمونه على النبيّ في كثير من الأحيان من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

____________

1-في رزيّة يوم الخميس عند ما طلب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه الأخير قرطاساً ودواة ليكتب كتاباً لا يضلّ المسلمون بعده فمنعه عمر، قائلاً: إنّ رسول الله يهجر!، حسبنا كتاب الله… اُنظر صحيح البخاري 5: 138، باب مرض النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاته، و7: 9، باب قول المريض: قوموا عني، صحيح مسلم 5: 76، آخر كتاب الوصية، مسند أحمد 1: 324، 336.

2-تاريخ الطبري 2: 618، واُنظر تاريخ المدينة المنورة 2: 669، تاريخ مدينة دمشق 44: 257.

3-الشعر ليونس الديلمي، انظر مناقب آل أبي طالب 1: 22 والصراط المستقيم 3: 7.

4-النساء (4) : 59 .

5-تاريخ الإسلام للذهبي 3: 253.

6-مسند أحمد 4: 400، صحيح البخاري 3: 19، صحيح مسلم 6: 179.

7-سورة الحجرات (49) : 2.