حنون معن محمداوي

حنون معن محمداوي (صابئي / العراق)

ولد عام ١٣٨٧هـ (١٩٦٨م) في محافظة «ميسان»، شبّ صابئي المذهب متأثّراً بالبيئة التي ترعرع فيها.

صابئي حاول الوصول إلى معرفة الحقيقة، فأعرض عن عقائد طالما قدّسها آباؤه وأسلافه، وعلى رأس هذه العقائد هو الإيمان بأنّ الكواكب وسائط بين الخالق والمخلوق.

سعى «حنون» في دراسة العقيدة الصابئية بصورة نقدية، ولكن واجهه تيّار متعصّب ينهاه عن الخوض في هذه المسائل، وأملى عليه بأنّ هذه المهمّة مهمّة رموز الدين فقط، فلم يقتنع «حنون» باحتكار البعض للعلم، فقام بعملية البحث والتحقيق حول الأديان الأخرى.

يقول «حنون»: ترعرعت في بيئة متمسّكة بتقاليد الصابئة، فقمت بممارسة هذه التقاليد مدّة من الزمن، فللصابئة طقوس غريبة من قبيل التعميد، ولهم عقائد عجيبة كالاعتقاد بأنّ الكواكب وسائط بين الخالق والمخلوق.

والجدير بالذكر أنّهم لا يفصحون عن جوهر معتقداتهم، فهناك الكثير منها لا يعلمها إلاّ علماؤهم الذين يعبّرون عنهم بـ: البيسق، الحلالي، الترميذا، الكنزفرا، الرشمة (ويعبّر عنه بريشة إمه) وهو أعلى مرتبة علمية عندهم.

ويضيف حنون قائلاً: كنت أعاني من الفراغ العقائدي الذي أعيشه، فكلّما حاولت البحث حول معتقداتي واجهني تيّار مخالف يمنعني من البحث والتحقيق.

وذات يوم ذهبت إلى عالم صابئي لأسأله عن مسائل كانت تختلج في صدري، فقلت له: ما هي الأُسس والمبادئ التي تجعلنا معتقدين بهذا الدين؟ ولماذا لا نتّبع الإسلام مثلاً؟ فقامت القيامة عنده وأخذ يتهجّم على الإسلام ويقول بأنّه دين البدع والضلال والخرافات، وقام يثني على الدين الصابئي واصفاً له بأنّه الدين الحقّ حيث يسمّى أتباعه بـ«المندائيون» بمعنى الطاهرون.

وهناك كتاب يسمّى «السيدرا» لا يسمح لأحد بقراءته والاطّلاع عليه سوى صنف من العلماء.

وكنت أردّد هذا السؤال دائماً في نفسي – هل الدين هو حكر لهؤلاء الأشخاص، حيث لا يسمح لأحد البحث حوله؟

كانت هذه الواقعة بمثابة الزلزال حيث زلزل أركان عقيدتي الموروثة، فقمت بدراسة شاملة حول الأديان وبالخصوص الدين الإسلامي أدّت في نهاية المطاف إلى الإعراض عن معتقداتي الموروثة.

عقائد الصابئة:

يقول الشهرستاني حول الصابئة: «ومذهب هؤلاء أنّ للعالم صانعاً فاطراً حكيماً مقدّساً عن سمات الحدثان، والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى جلاله وإنّما يتقرّب إليه بالمتوسّطات المقربين لديه…»(1).

ويعبّرون عن الوسائط بأنّها «إذا كان لابدّ من متوسّط يتوسّل به، وشفيع يتشفّع إليه.

والروحانيات – وإن كانت هي الوسائل – لكنّا إذا لم نرها بالأبصار ولم نخاطبها بالألسن لم يتحقّق التقرّب إليها إلاّ بهياكلها، ولكن الهياكلّ قد ترى في وقت ولا ترى في وقت لأنّ لها طلوعاً وأفولاً وظهوراً بالليل وخفاءً بالنهار فلم يصف لنا التقرّب بها والتوجّه إليها.

فلابدّ لنا من صور وأشخاص موجودة قائمة منصوبة نصب أعيننا نعكف عليها ونتوسّل بها إلى الهياكل فنتقرّب بها إلى الروحانيات، ونتقرّب بالروحانيات إلى الله سبحانه وتعالى فنعبدهم ليقرّبونا إلى الله زلفى.

فاتخذوا أصناماً أشخاصاً على مثال الهياكل السبعة: كلّ شخص في مقابلة هيكل، وراعوا في ذلك جوهر الهيكل (أعني الجوهر الخاص به من الحديد وغيره) وصوّروه بصورته على الهيئة التي تصدر أفعاله عنه، وراعوا في ذلك الزمان والوقت والساعة والدرجة والدقيقة وجميع الإضافات النجومية من اتّصال محمود يؤثّر في نجاح المطالب التي تستدعي منه.

فتقرّبوا إليه في يومه وساعته، وتبخّروا بالبخور الخاصّ به، وتختّموا بخاتمه، ولبسوا لباسه، وتضرّعوا بدعائه، وعزموا بعزائمه، وسألوا حاجتهم منه، فيقولون: إنّه كان يقضي حوائجهم بعد رعاية الإضافات كلّها»(1).

وقال بعضهم حول الخالق: «إنّ الصانع المعبود واحد وكثير: أمّا واحد ففي الذات والأوّل والأصل والأزل، وأمّا كثير فلأنّه يتكثّر بالأشخاص في رأي العين، وهي المدبّرات السبعة والأشخاص الأرضية الخيّرة العالمة الفاضلة، فإنّه يظهر بها ويتشخّص بأشخاصها ولا تبطل وحدته في ذاته»(2).

وقالوا في الوسائط بأنّها المدبّرة لهذا العالم: «هو أبدع الفلك وجميع ما فيه من الأجرام والكواكب وجعلها مدبّرات هذا العالم وهم الآباء، والعناصر أمّهات، والمركّبات مواليد…»(1).

بطلان عقائد الصابئة:

إنّ عقائد الصابئة عقائد ما أنزل الله بها من سلطان، فيا ترى كيف ثبت لهم بأنّ الكواكب والأجرام مدبّرة للكون، ولو سلّمنا بأنّها تدبّر الكون فإنّها لاشكّ تقوم بذلك بإذن الله، فمن سمح لهم بعبادتها وجعل التماثيل لها والتقرّب إلى الله بها؟

ويمكن تلخيص عقيدة الصابئة بأنّها عقيدة متأثّرة من التعاليم الوثنية، فليس هناك ما يكشف عن وجود أُسس ومبادئ تركن إليها هذه الفرقة.

ويكمن السرّ في عدم التعرّف الدقيق على معتقدات هذه الفرقة لإخفاء المعتقدات من قبل علماء هذه الفرقة، ممّا أدّى إلى وجود الفراغ الواضح في مجال أسس ومبادئ هذه العقيدة عند أتباعها.

أنوار الحقيقة:

يقول «حنون»: بعد مدّة من التحقيق والبحث حول أُسس ومبادئ الإسلام، تجلّت لي حقائق غيّرت مجرى حياتي، وتبيّن لي مدى زيف وبطلان العقيدة الصابئية، فأعلنت إسلامي والحمد لله.

____________

1- الملل والنحل ٢: ٦.

2- الملل والنحل ٢: ٥١.

3- الملل والنحل ٢: ٥٤.

4- المصدر السابق.