خالد العلواني

خالد العلواني (شافعي / العراق)

ولد عام ١٣٧٢هـ (١٩٥٤م) في مدينة الرمادي بالعراق ونشأ وتربّى في أسرة شافعية المذهب، واصل دراسته الأكاديمية حتّى أنهى المرحلة المتوسطة.

عاش «خالد» ظروفاً محرجة دفعته لينتقل إلى الإيران ويستقرّ فيها، ومن هنا توفّرت له فرصة التعرّف على أهل البيت(عليهم السلام) وما بيّنوه من علوم ومعارف، وذلك بعيداً عن الأجواء التي كان يعيشها في مدينته.

يعتبر «خالد» بأنّ دراستهُ لمواقف أهل البيت(عليهم السلام) إضافة إلى محبّته الخاصّة لهم كانت هي السبب الأساسي في استبصاره، ويقول: «بعد الدراسة والمطالعة… أخذت أميل إليهم(عليهم السلام) يوماً بعد يوم حتّى ملكوا كلّ كياني ووجداني، ومنذ ذلك اليوم أنا سائر على نهجهم وخطاهم وحتّى آخر يوم من حياتي».

نهج البلاغة:

كان كتاب «نهج البلاغة» من الكتب التي تأثّر «خالد» بها بعد قراءتها، حيث أوضح له هذا الكتاب مسير الرؤية الدينية الصحيحة، وكوّن له أرضيّة صالحة لدراسة مواقف أمير المؤمنين(عليه السلام)، وقد جمع فيه «الشريف الرضي(رحمه الله)» الكثير من الخطب والكتب والمواعظ التي ألقاها أمير المؤمنين(عليه السلام) في مختلف المواقف.

تعاليمه(عليه السلام) للولاة:

من أسمى رسائل أمير المؤمنين والتي ينبغي أن تُجعل نصب أعين الحكّام وأن تكون قانوناً لإدارة البلاد، تعاليمه(عليه السلام) للولاة وأساليبه في التعامل معهم، فإنّهم أيدي الحاكم التي تمتدّ في أطراف بلاده والأداة التي يستعين بها على تنفيذ أهدافه، ومن جهة أخرى فالولاة هم ا لمرآة التي ينظر بها الرعية إلى الحاكم، وأعمالهم تنسب إليه وتحمل عليه ويناله خيرها وشرّها.

ومن تعاليمه(عليه السلام) الفذّة أنّه دعى الولاة إلى اتّخاذ التواضع واللين مع الناس منهجاً، فقد كتب(عليه السلام) فيما كتبه لمحمّد بن أبي بكر حين قلّده على مصر: «فاخفض لهم جناحك، وألن لهم جانبك، وأبسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة»(1).

كما دعى الإمام(عليه السلام) في عهده المعروف لمالك الأشتر إلى هذا الأمر: «… وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم وألطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم…»(2).

هذا وكان(عليه السلام) يحذّرهم دائماً من التعدي على حقوق الرعية وظلمهم والمنّ عليهم، فقد جاء في كتابه إلى أحد عمّاله: «… من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض(3) حجّته، وكان لله حرباً(4)حتّى ينزع(5) أو يتوب»(6).

وكتب إليه أيضاً: «إياك والمنّ على رعيّتك بإحسناك أو التزيّد(7) فيما كان من فعلك… إنّ المنّ يبطل الإحسان، والتزيّد يُذهب بنور الحقّ»(8).

وكان(عليه السلام) شديداً بالنسبة للمسؤولين الذين بلغه عنهم التصرّف بالأموال التي بين أيديهم بما لا يصبّ لصالح المسلمين، فقد كتب لزياد بن أبيه خليفة عامله على البصرة عبد الله بن عبّاس: «إنّي أقسم بالله قسماً صادقاً لئن بلغني أنّك خُنت في فيء المسلمين(9) شيئاً صغيراً أو كبيراً، لأمتدّنّ عليك شدّة تدعّك قليل الوفر(10)ثقيل الظهر(11)، ضئيل الأمر(12)»(13).

كما توعّد(عليه السلام) عامله على أردشير خرّة(14) مصقلة بين هبيرة الشيباني كاتباً إليه: «بلغني عنك… أنّك تقسم فيء المسلمين الذي حازته رماحهم وخيولهم، وأريقت عليه دماؤهم، فيمن اعتامك(15) من أعراب قومك، فو الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لئن كان ذلك حقّاً لتجدنّ لك عليّ هواناً، ولتخفّنّ عندي ميزاناً…»(16).

المطالعة سبيل الهداية:

بعد تأثّر «خالد» بنهج البلاغة وكتاب «المراجعات» إلى جانب مطالعته للكتب الدينية الأخرى أعلن استبصاره وإبصاره لنور هدى العترة الطاهرة(عليهم السلام)، وكان ذلك عام ١٤٠٥هـ (١٩٨٥م) في مدينة «أراك» الإيرانية.

____________

1- نهج البلاغة ٣: ٢٧.

2- نهج البلاغة ٣: ٨٤.

3- أبطل.

4- محارباً.

5- أي: يقلع عن ظلمه.

6- نهج البلاغة ٣: ٨٥.

7- التزيد: إظهار الزيادة في الأعمال عن الواقع منها في معرض الافتخار.

8- نهج البلاغة ٣: ١٠٩.

9- مالهم من غنيمة أو خراج.

10- المال.

11- أي: مسكين لا تقدر على مؤونة عيالك.

12- ضئيل الأمر: الحقير.

13- نهج البلاغة ٣: ١٩.

14- بلدة من بلاد العجم.

15- اختارك، وأصله أخذ العيمة وهي خيار المال.

16- نهج البلاغة ٣: ٦٨.