حمدان صفيان نجم الكبيسي

حمدان صفيان نجم الكبيسي (سنّي / العراق)

ولد عام ١٣٨١هـ (١٩٦٢م) في مدينة «الرمادي» غربي العراق، ونشأ في عائلة سنيّة المذهب، أكمل الدراسة المتوسطة وعمل موظّفاً صحّيّاً، اعتنق مذهب آل البيت(عليهم السلام) سنة ١٤٠٥هـ (١٩٨٥م) في إيران.

فرصة العمر الذهبيّة:

يقول «حمدان»: «وقعت في أسر القوّات الإيرانيّة في الحرب التي دارت بين العراق وإيران في الثمانينات من القرن الماضي، وكانت فترة الأسر -رغم صعوبتها- فرصة ذهبيّة من أيّام عمري، حيث واجهت المفاهيم الدينيّة الشريفة التي بلّغها الأنبياء والأولياء والصالحون على طول التاريخ في متناول يدي، فكانت هناك المحاضرات الدينيّة المستمرّة، والكتب على مختلف أنواعها دينية وثقافيّة واجتماعيّة وسياسيّة حاضرة في مكتبات منظمة.

كما التقيت بناس كثيرين من أبناء بلدي يشاركونني الأسر من مختلف المذاهب والمشارب الثقافية والقومية، وكان من طبيعة الحال أن يحصل بيننا النقاش، ويجري الكلام في مختلف المواضيع التي تخصّنا، وكان من أوّلها البحث في أمور الدين، ومناقشة صحّة العقائد، ومحاولة فهم تاريخ المسلمين وما جرى عليهم من حوادث جرّتهم إلى الحروب والنزاعات الداخلية».

محبّة أهل البيت(عليهم السلام) دليل طيب الولادة:

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحبّنا آل البيت، فليحمد الله على أوّل النعم، قيل يا رسول الله وما أوّل النعم، قال: «طيب الولادة(1)، ولا يحبّنا إلاّ من طابت ولادته».

وهنا يقول «حمدان»: لمّا سمعت بهذا الحديث لأوّل مرّة حمدت الله على أنّ محبّة أهل البيت(عليهم السلام) وقعت في قلبي في الأيّام الأولى، عندما تعرّفت على عظمتهم، وقدسيّة شأنهم، وشكرت الله أيضاً أنّي لم أحسّ في قلبي يوماً ما بغضاً لهم، ولكنّي تأسفت على ما فات من العمر وأنا لا أعرفهم حقّ المعرفة».

والواقع أن معظّم المسلمين يحبّون أهل البيت ويودّونهم، ولا يبغضهم إلاّ القليل من الذين شقوا ببغضهم، أمّا الذي لا يعرفهم، والذي لم يسمع كلامهم فهو ليس من المبغضين، وكثير من المسلمين لا يعرفون عن أهل البيت(عليهم السلام) الكثير، ولا يعادونهم، أمّا الذي يبغضهم عن معرفة بهم، فهذا هو الناصبي الملعون المعادي لله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم).

إنّ طيب الولادة يكون سبباً لعدم انسياق الإنسان لنصب العداء لأهل البيت(عليهم السلام).

عن أبي القاسم عثمان بن عبد الله مولى شريح القاضي الكندي، قال: كنت عند أبي عبد الله(عليه السلام) وعنده نصر القاضي ورجل من بني كعب من أحمس، فتحدّث بأحاديث، فلمّا خرجا قلت: جعلت فداك ما خلّفت في الكوفة عربيين ولا عجميين أنصب منهما، فقال: «إنّ هذين صحيح نسبهما، ومن صحّ نسبه لم يدّعِ على مثلي ما يريد عيبه».

قال: فخرجت إلى الكوفة فلقيتهما فقلت للنصر أوّلاً: سمعت ما كنّا فيه من الأحاديث مع جعفر؟ فقال: والله ما كنّا إلاّ في ذكر ومواعظ حسنة، قال: ثُمّ لقيت الآخر فقلت له: مثل ذلك، فقال: ما أحفظهُ ولا أذكر أنّي سمعت شيئاً، قال: فذكّرته حديثاً من الأحاديث، قال لي: ويلك سمعت هذا من جعفر وتعيده، والله لو كان رأس عبد من ذهب لكانت رجلاه من خشب، إذهب قبحّك الله»(2).

فهذا الخبر يذكر رجلين جرّهما صحة نسبهما إلى الاعتراف بعظمة الإمام الصادق(عليه السلام) ولم يدّعيا عليه كذباً، كما يفعل النواصب عادة.

أمّا أن يأتي شخص ناصبي مثل محمّد مال الله، ويطلق الكلام ويتّهم الشيعة بما لم يعتقدوه، فهذا هو ادّعاء الناصبة الذين خبثت ولادتهم!! والذين يسعون في الأرض فساداً، والذين هم يأججّون نار الفتنة بين المسلمين.

يقول هذا الدعي: «من الأُمور الغريبة عند العقلاء أن يعتقد منتسبوا الديانة الشيعية ]!![ أنّهم دون خلقِ الله تعالى من نكاح، وأمّا غيرهم من سفاح، أو بمعنى آخر أنّ غيرهم ممّن لا يعتقد عقائدهم الفاسدة هم أبناء زنا!»(3).

وهو بهذا القول يدلّ على أصله، ويحرّف الكلام ويتقوّل على الشيعة مالم يقولوا، والواقع أنّ الشيعة لم يتّهموا المسلمين بذلك لأنّا قلنا: أنّ معظم المسلمين يحبّون أهل البيت(عليهم السلام). نعم إنّ الناصبي المبغض لهم تشمله الرواية، وإنّ ما قاله الشيعة لم يأتوا به من عندهم، بل هو قول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه وآل بيته الكرام شاء من شاء وأبى من أبى وهم قد قالوا: إنّ من يبغض آل البيت(عليهم السلام) فهو مشكوك الولادة، ولم يقولوا: إنّ غير الشيعة أولاد زنا كما يدّعي هذا المتقوّل عليهم كذباً وزوراً.

ثُمّ إنّ الدعوة إلى حبّ أهل البيت(عليهم السلام) وترك بغضهم لم ينقلها الشيعة وحدهم في كتبهم، بل نقلها المسلمون جميعاً في كتبهم المعتبرة، ونحن نرى أنّ علماء المسلمين ٠غير الوهابيّة- يتبرّؤون من النصب لأهل البيت(عليهم السلام) ويروون أحاديث كثيرة في ذمّ نصب العداء لأهل البيت(عليهم السلام)، رغم أنّ دينهم قائم على ذلك.

____________

1- علل الشرائع ١: ١٤١، معاني الأخبار: ١٦١، أمالي الصدوق: ٥٦٢.

2- المحاسن ١: ١٤٠، الحديث ٣٠.

3- الرافضة وطهارة المولد: ٥ ـ ٦.