أحمد دحام الدليمي

أحمد دحّام الدليمي (سنّي / العراق)

ولد عام ١٣٨٦هـ (١٩٦٧م) في العاصمة العراقية «بغداد»، ونشأ في أوساط أُسرة تعتنق المذهب السنّي، كان كثير الارتياد لمراقد أهل البيت(عليهم السلام) تبعاً لعادة البيئة التي كان ينتمي إليها، ولكنّه لم يكن يعرف عنهم شيئاً كثيراً.

شاءت الإرادة الإلهية أن يسافر «أحمد» إلى إيران ويقيم فيها، وكان لهذا السفر التأثير البالغ في توسيع ونموّ آفاقه الفكريّة، والذي دفعه إلى البحث والتحقيق، ومن ثُمّ التمسّك بالمذهب الشيعي كمعتقد فكري يضمن لمتّبعه الفوز والنجاة في الدارين.

نشوء الفكر الشيعي:

اختلف العلماء حول زمان ظهور التشيّع وبروزه ككيان مستقل، وهنالك أقوال كثيرة للباحثين في هذا المجال.

فقد قالوا: إنّه بدأ بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وما رافق ذلك من حوادث حول شخص الخليفة الذي سيحل محل النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في إدارة البلاد.

وتشير الحوادث التاريخية إلى أنّ المسلمين انقسموا في ذلك الحين إلى ثلاث فصائل رئيسية وهم: الأنصار الذين اعتبروا الخلافة حقاً طبيعياً لهم.

المهاجرون الذين ادّعوا أنّهم أولى بهذا الأمر من غيرهم وأنّهم شجرة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأصله.

غالبيّة بني هاشم الذين كانوا يرون من علي بن أبي طالب(عليه السلام) المؤهّل الوحيد لهذا المنصب.

ولم يقتصر هذا الرأي على بني هاشم فحسب، بل التفّ حولهم وحول أمير المؤمنين بالذّات جمع من الصحابة، منهم سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمّار بن ياسر وغيرهم.

وقال البعض: إنّ ظهور التشيّع كان في أواخر خلافة عثمان، وبالتحديد في الفترة التي ظهرت فيها سياساته التعسفيّة في توزيع الثروات وتقريبه بني أميّة وتسليطهم على شؤون البلاد، فقد نجم عن سياسته تلك تململ واعتراض ممّن وقفوا في ذلك الوقت إلى جانب علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وأنّ تلك الحقبة من الزمن قد شهدت ميلاد التشيّع.

ويرى بعض آخر: أنّ ظهور التشيّع ككيان فكري كان بعد حرب صفين، وحدوث أخطر انشقاق في جيش أمير المؤمنين(عليه السلام)، حيث تمادى بعض الأصحاب الذين سُمُوا بالخوارج لعصيانهم الإمام بتكفيرهم إياه، وقالوا بأنْ لا ضرورة للخلافة والإمامة!

وفي مقابل كلّ ذلك، هناك من يرى أنّ التشيّع ظهر في زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، ونشأ على يديه، وأنّ الشيعة أولى الفرق الإسلاميّة والتي كانت تشايع عليّاً(عليه السلام) منذ زمن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم).

إنّ أقلّ مطالعة في الكتب التاريخية الّتي تناولت حقبة صدر الإسلام تكشف بشكل جليّ عن وجود هذه الفرقة التي كانت توالي أمير المؤمنين(عليه السلام) وتّتبعه، مثل المقداد وعمّار بن ياسر وأبي ذر وسلمان، ولم يكن ذلك عن تعصّب فارغ، بل عن رؤية وتعمّق لما رأوه من وفاء أمير المؤمنين(عليه السلام) وإخلاصه واتّباعه لله ورسوله، وقد أطلق عليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) اسم شيعة علي(عليه السلام).

فعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال لعلي(عليه السلام): «أنت وشيعتك تردون على الحوض رواة مرويّين مبيضّة وجوهكم، وإنّ عدوك يردون على الحوض ضمأً مقمحين»(1).

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: «كنّا جلوساً عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل علي بن أبي طالب، فلمّا نظر إليه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قد أتاكم أخي، ثُمّ التفت إلى الكعبة فقال: وربّ هذه البنيّة إنّ هذا وشيعته (هم) الفائزون يوم القيامة»(2).

وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): «سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)(3) ثُمّ التفت إليّ وقال: أنت يا علي وشيعتك، وميعادك وميعادهم الحوض، تأتون غرّاً محجّلين متوّجين»(4).

الوصول إلى الحقيقة:

لم يجد «أحمد دحّام» بعد اكتشاف الحقيقة سوى اتّباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام)شاكراً الله تعالى على هذه النعمة، مستنيراً بنور النبيّ والعترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين، وكان ذلك في عام ١٤٠٨هـ (١٩٨٨م).

____________

1- مجمع الزوائد ٩: ١٣١.

2- شواهد التنزيل ٢: ٤٦٧.

3- البيّنة (٩٨) : ٧.

4- غاية المرام ٣: ٣٠٠.