آزاد صديق الثواني

آزاد صديق الثواني (شافعي / العراق)

ولد عام (١٩٦٣م) في كردستان العراق، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، وبعد هجرته إلى إيران تعرّف بصورة مباشرة على عقائد الشيعة الإماميّة، فكان ذلك سبباً في استبصاره الذي أعلن عنه عام (١٩٨٧م).

من أدلّة استبصاره:

يقول «آزاد»: عندما اطّلعت على عقائد الشيعة الإماميّة، وتلقّيت دعوتهم لي إلى الحقّ، وجدّتهم يدعوني إلى مبادئ تقرّبني إلى ا لحياة الطيّبة.

وقد قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ(1).

التيّار الوهّابي:

بدأ التيّار الوهّابي الذي يستمدّ أفكاره من ابن تيميّة بنشر معتقداته في الآونة الأخيرة ; ولهذا فكلّ مستبصر يحاول التحرّر من موروثه العقائدي السنّي فإنّه لاشكّ يجد من الضرورة أن ينظر في العقائد التي يروّج لها الوهّابية.

والملفت للنظر في هذا الصعيد هو آراء علماء المذاهب الإسلاميّة حول ابن

تيميّة فإنّ الباحث يجد إطباق ا لعلماء على انحرافه وضلاله، وقد رفض مجموعة من علماء المذاهب المختلفة آراءه ومعتقداته، مثل: الإمام صدر الدين بن الوكيل المعروف بابن المرحل الشافعي، والإمام أبو حيّان، والإمام عزّ الدين ابن جماعة، والإمام كمال الدين الزملكاني الشافعي، وملاّ علي القاري الحنفي، وشهاب الدين الخفاجي الحنفي، والإمام محمّد الزرقاني المالكي، والإمام تقيّ الدين السبكي الشافعي، والحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي، والإمام عبد الرؤوف المناوي الشافعي، والشيخ مصطفى الحنبلي الدمشقي، والإمام شهاب الدين أحمد بن حجر المكّي الشافعي، والإمام صفيّ الدين الحنفي البخاري، والحافظ عماد الدين بن كثير الشافعي، وشيخ الإسلام صالح البلقيني الشافعي، والحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي»(2) حتّى أن بعض علماء المذاهب قالوا بأنّ ابن تيميّة زنديق.

وقال ابن حجر: إنّ ابن تيميّة عبدٌ خذله الله وأضلّه وأعماه، وأصمّه وأذلّه(3).

وقال العلماء: إنّ ابن تيميّة تبع مذهب الخوارج في تكفير الصحابة، وقال الأئمّة الحفّاظ: إنّ ابن تيميّة من الخوارج، كذّاب أشر أفّاك(4).

«ولا زال – ابن تيميّة – يتتبّع الأكابر، حتّى تمالأ عليه أهل عصره، ففسّقوه وبدّعوه، بل كفّره كثير منهم»(5).

ولم يكن هذا الهجوم العنيف ضدّ ابن تيميّة اعتباطاً، وإنّما هو نتيجة الأفكار الضالّة التي روّجها في العالم الإسلامي.

قال ابن الجوزي: ورأيت من أصحابنا من تكلّم في الأصول بما لا يصلح، وانتدب للتصنيف ثلاثة: أبو عبد الله بن حامد، وصاحبه القاضي، وابن الزاغوني، فصنّفوا كتباً شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحسّ، فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته، فأثبتوا له صورة ووجهاً زائداً على الذات، وعينين، وفماً، ولهوات، وأضراساً وأضواء لوجهه هي السبحات ويدين وأصابع وكفّاً وخنصراً وإبهاماً، وصدراً، وفخذاً، وساقين ورجلين، وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس.

وقالوا: يجوز أن يمس ويُمس، ويدني العبد من ذاته.

وقال بعضهم: ويتنفّس، ثمّ يرضون العوام بقولهم: لا كما يعقل!

وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، فسمّوها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل.

ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى، ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظواهر من سمات الحدوث، ولم يقنعوا بأن يقولوا: صفة فعل، حتّى قالوا: صفة ذات!

ثمّ لمّا أثبتوا أنّها صفات ذات، قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة، مثل اليد على النعمة والقدرة، والمجيء والإتيان على معنى البّر واللطف، والساق على الشدّة، بل قالوا: نحملها على ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميّين، والشيء إنّما يحمل على حقيقته إذا أمكن، ثمّ يتحرّجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون:

نحن أهل السنّة، وكلامهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام.

وقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم: يا أصحابنا، أنتم أصحاب نقل

وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: كيف أقول مالم يقل.

فإيّاكم أن تبتدعوا في مذهبه ماليس منه، ثمّ قلتم في الأحاديث تحمل على ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، فإنّه لمّا قيل في عيسى روح الله اعتقدت النصارى إنّ لله صفة هي روح ولجت في مريم!! ومَن قال: استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسّيّات.

وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنّا به عرفنا الله تعالى وحكمنا له بالقِدَم، فلو أنّكم قلتم: نقرأ الأحاديث ونسكت، لما أنكر عليكم أحد، إنّما حملكم إيّاها على الظاهر قبيح.

فلا تُدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ماليس منه، ولقد كسيتم هذا المذهب شيناً قبيحاً، حتّى صار لا يقال حنبلي إلاّ المجسّم، ثمّ زيّنتم مذهبكم أيضاً بالعصبيّة ليزيد بن معاوية، ولقد علمتم أنّ أصحاب المذهب أجاز لعنته، وقد كان أبو محمّد التميمي يقول في بعض أئمّتكم لقد شان المذهب شيناً قبيحاً لا يغسل إلى يوم القيامة»(6).

من اعتقادات ابن تيميّة الباطلة:

يعتقد ابن تيميّة بأنّ الله تعالى في جهة ومكان، وقال في ردّه على كلام العلاّمة الحلّي: «وكذلك قوله: كلّ ما هو في جهة فهو محدث» لم يذكر عليه دليل. وغايته ما تقدّم أنّ الله لو كان في جهة لكان جسماً، وكلّ جسم محدث ; لأنّ الجسم لا يخلو من الحوادث، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.

وكلّ هذه المقدّمات فيها نزاع، فمن الناس مَن يقول: قد يكون في الجهة ماليس بجسم فإذا قيل له: هذا خلاف المعقول.

قال: هذا أقرب إلى العقل من قول مَن يقول: إنّه لا داخل العالم ولا خارجه، فإن قَبل العقل ذاك قُبل هذا بطريق أولى، وإن رُدّ هذا رُدّ ذاك بطريق أولى، وإذا رُدّ ذاك تعيّن أن يكون في الجهة، فثبت أنّه في الجهة على التقديرين»(7).

وقال ابن تيميّة يوماً وهو يعظ الناس على منبر الجامع بدمشق: إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا، ونزل درجة من المنبر»(8).

وأيضاً من اعتقادات ابن تيميّة الباطلة اعتقاده بقيام الحوادث بالله تعالى، فقال في ردّه على العلاّمة الحلّي: وأمّا قوله: «وأنّ أمره ونهيه وإخباره حادث، لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره»، فيقال: هذه مسألة كلام الله تعالى والناس فيها مضطربون، وقد بلغوا فيها إلى تسعة أقوال»(9).

فإن قلتم لنا: فقد قلتم بقيام الحوادث بالربّ؟ قالوا لكم: نعم، وهذا قولنا الذي دلّ عليه الشرع والعقل(10).

ومن عقائد ابن تيميّة الباطلة الأخرى اعتقاده بقدم نوع العالم، فقد قال ابن تيميّة في معرض ردّه: «نحن نقول: إنّه لم يزل مشتملاً على الحوادث، والقديم هو أصل العالم كالأفلاك ونوع الحوادث مثل جنس حركة الأفلاك وحينئذ فالأزلي مستلزم لنوع الحوادث لا لحادث معيّن، فلا يلزم قدم جميع الحوادث، ولا حدوث جميعها، بل يلزم قدم نوعها وحدوث أعيانها، كما يقول أئمّة أهل السنّة منكم، إنّ الرب لم يزل متكلّماً إذا شاء وكيف شاء»(11).

وأيضاً من عقائده المنحرفة قوله: بأنّ الله يتكلّم بصوت وحرف.

قال ابن تيميّة: «إنّ الله تعالى يتكلّم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحاح، وليس ذلك كأصوات العباد، لا صوت القارئ ولا غيره، وأنّ الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته وكذلك لا تشبه كلامه كلام المخلوق، ولا معانيه تشبه معانيه، ولا حروفه تشبه حروفه، ولا صوت الرب يشبه صوت العبد(12).

ومن العقائد الأخرى الباطلة لابن تيميّة اعتقاده بأنّ الله تعالى مركّب وله أبعاض:

قال ابن تيميّة: إذا قلنا: إنّ الله لم يزل بصفاته كلّها أليس إنّما نصف إلهاً واحداً بجميع صفاته؟ وضربنا لهم مثلاً في ذلك فقلنا لهم: أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذوع وكرب وليف وسعف وخوص وجمار، واسمها اسم واحد، وسُمّيت نخلة بجميع صفاتها فكذلك الله وله المثل الأعلى بجميع صفاته(13).

وهذا النص يكشف بوضوح بان عقيدة ابن تيميّة أنّ لله أجزاء وأبعاض، ويد الله غير ساقه ووجهه غير رجليه.

أضف إلى ذلك فإنّ من عقائد ابن تيميّة الباطلة تصوير احتياج الله تعالى إلى آلات يعمل بواسطتها قال ابن تيميّة: والصمد الذي لا جوف له، ولا يأكلّ ولا يشرب، وهذه السورة هي نسب الرحمن أو هي الأصل في هذا الباب.

وقال في حقّ المسيح وأمّه: ﴿مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ فجعل ذلك دليلاً على نفي الألوهيّة، فدلّ ذلك على تنزيهه عن ذلك بطريق الأولى والأحرى.

والكبد والطحال ونحو ذلك هي أعضاء الأكلّ والشرب، فالغني المنزّه عن ذلك منزّه عن آلات ذلك، بخلاف اليد فإنّها للعمل والفعل، وهو سبحانه موصوف بالعمل والفعل(14).

أضف إلى ما أشرنا إليه من عقائد ابن تيميّة الباطلة كلامه في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) الذي يدلّ على نصبه، ودفاعه عن بني أُميّة الذين قتلوا وسلبوا أهل البيت (عليهم السلام) منها طعنه في خلافة الإمام علي (عليه السلام) حيث قال ابن تيميّة: قال: وأمّا علي فلم يتّفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة تلك المدّة، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً على أهل الإسلام(15).

وقال: ولم يكن في خلافة عليّ للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون، ولم يكن لهم على الكفّار سيف، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم، وأخذوا منهم أموالاً وبلاداً»(16).

وقال أيضاً: «ومَن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الرافضة إمامتهم فهو في غاية الجهل، فإنّ هؤلاء ليس فيهم مَن كان له سيف إلاّ علي بن أبي طالب، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار، ولا فتح مدينة! ولا قتل كافراً! بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض، حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام من المشركين وأهل الكتاب حتّى يقال: إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين، وأنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّى يكفّ عن المسلمين، فأيّ عزّ للإسلام في هذا»(17).

وقال ابن تيميّة أيضاً: «إنّ عليّاً قاتل على الولاية! وقد سبّب ذلك قتل خلق كثير عظيم، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم، ولا كان المسلمون في زيادة خير»(18).

وقال: «وعلي يقاتل ليُطاع، ويتصرّف في النفوس والأموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين»(19)؟!

وقال حول فضائل الإمام علي(عليه السلام): «إنّ الفضائل الثابتة في الأحاديث الصحيحة لأبي بكر وعمر أكثر وأعظم من الفضائل الثابتة لعلي…»(20).

شخصيّة ابن تيميّة:

يستنتج كلّ باحث من خلال مطالعاته حول ابن تيميّة بأنّ ابن تيميّة أصل الفتنة التي نعيشها في يومنا هذا مع الوهّابية.

وهو يقول بالتجسيم والتشبيه.

وهو يقول بقدم غير الله تعالى.

وهو ينفي فضائل الإمام علي(عليه السلام).

وهو الذي أفسد عقائد الأُمّة الإسلاميّة.

والسبيل الوحيد للتحرّر من عقائد الوهّابيّة هو التسلّح بالعلم والمعرفة، وهذا ما دفع «آزاد» إلى المزيد من القراءة ولاسيّما قراءة الكتب العقائدية.

وعندما استبصر «آزاد» أدرك لذّة التحرر من التقليد الأعمى، وأنتابه شعور ديني معنوي لم يشعر به من قبل، ثمّ بدأ يبيّن للآخرين بمقدار قدرته الأدلّة التي دفعته إلى التحوّل المذهبي.

____________

1- الأنفال (٨) : ٢٤.

1- انظر: شواهد الحقّ في الاستغاثة بسيّد الخلق(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي ذكر فيه المصنف ردود علماء السنّة على ابن تيميّة.

3- نقلاً عن شفاء السقام للسبكي: ٣٨.

4- من أقطاب الكذابين أحمد بن تيميّة الحراني: ٣٣ نقلا عن فضل الذاكرين لعبد الغني حمادة.

5- تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد: ١٠.

6- دفع شبه التشبيه: ١٠٢.

7- منهاج السنّة ٢: ٦٤٨.

8- رحلة ابن بطوطة: ١١٣.

9- منهاج السنّة ٢: ٣٥٨.

10- المصدر السابق ٢: ٣٨٠.

11- منهاج السنّة ١: ٢١٥.

12- مجموع الفتاوى ١٢: ٢٤٤.

13- مجموع الفتاوى ١٧: ٤٥٠.

14- مجموع الفتاوى ٣: ٨٦.

15- منهاج السنّة ٤: ١٦١.

16- منهاج السنّة ٤: ٤٨٥.

17- المصدر السابق ٨ :٢٤١.

18- المصدر السابق ٦: ١٩١.

19- المصدر السابق ٨: ٣٢٩.

20- المصدر السابق ٥: ٦.