ماريا سلفادور

نبذة عن حياة المستبصرة الاسبانية ماريا سلفادور:

ولدت ماريا في مدينة برشلونة و قد ترعرعت في كنف اسرة مسيحية كاثوليكية وقد بدات رحلتها نحو الأسلام من خلال بعض اصدقائها و صديقاتها الأسبان الذين يعتنقون المسيحية اذ لاحظت عليهم في فترة وجيزة من الزمن تغيرات في تفكيرهم و سلوكهم وتوصلت في النهاية الى السبب وهو اعتناق اصدقائها و صديقاتها الأسلام وقد صدمت كثيرا من الحدث و اصبحت تلاحق صديقاتها بكثير من الأسئلة عن سبب هذا التصرف و الجدوى من ارتداء الحجاب .

وبعد فترة بدأت السيدة ماري بالتردد على المركز الأسلامي للأهل البيت في برشلونة للتعرف على هذا الدين وكانت تستمع الى المحاضرات و تقراء الكتب الأسلامية و بداء صراعا ينشأ داخلهاوبعد فترة ليست بالطويلة لم تعد السيدة ماريا قادرة على اخفاء اقتناعها بلأسلام فجاهرت بالأسلام على مذهب اهل البيت (ع).

التقتها مندوبة (نور الإسلام) حيث تقيم مع زوجها اللبناني الدكتور محمد بشيرو أسرتهما في منزلهما الكائن في ضاحية بيروت الجنوبية وأجرت معها هذه المقابلة:

س- نود في البداية أن تعرفينا على نفسك وعلى ظروفك العائلية والدينية قبل اعتناقك الإسلام ؟

ج- نعم, أنا إسبانية ولدت ونشأت وتعلمت في مدينة (برشلونة) الإسبانية الشهيرة, وقد كنت أعيش ضمن عائلة صغيرة تتكون من ثلاثة أبناء بالإضافة إلى الوالدين..

حياتنا كانت عادية على الصعيد الاجتماعي.

أما على الصعيد الديني , فصحيح أننا جميعا كنا على الدين المسيحي بحكم المجتمع والبيئة , إلا أننا جميعا وأكثر العائلات لم نكن نهتم بأي من تعليماته , ولم نكن نمارس أي طقس من طقوسه الدينية وهذا عائد إلى أن الدين قد فقد الاهتمام به في (أوروبا) بشكل عام إلا في بعض المظاهر الخارجية.

س- ماذا كانت فكرة العائلة والمحيط عن الدين الإسلامي؟

ج- مع أ ن إسبانيا في عمقها وتاريخها كانت بلدا إسلاميا لعدة قرون, فإنه وبسبب التجاهل المتعمد لهذا التاريخ لم نكن نسمع بالإسلام أبدا, ولم نعرف عنه شيئا, ولقد تفاجأنا تماما حين تعرفنا إليه وعلى ما يتضمن من عقيدة سامية وتشريع, إذ كان يسود في محيطنا فكرة أن الدين الإسلامي دين غير جدير بالاهتمام, دين متخلف, وأن العرب والمسلمين قوم متخلفون بدائيون , دينهم دين إرهاب و تعصب وهذا الفهم كان بسبب التوجيه الخاطئ المتعصب المقصود.

س- المناهج التعليمية لديكم ألم تكن تشير إلى الدين الإسلامي ؟

ج- مطلقا, لم تعن مدارسنا سابقا بالإشارة إلى هذا الدين أو التعريف عنه – هذا سابقا- أما الآن فقد تغير الوضع تماما, حيث أصبحت المناهج تتضمن معارف عن الإسلام والعادات و التقاليد الإسلامية, وهذا يرجع إلى الانتشار الإسلامي الجديد والكثيف بيننا.

س- حدثينا بشكل مفصل عن الظروف التي تعرفت من خلالها إلى الإسلام وعلى دوافع اعتناقك له؟

ج- في البداية كانت تربطني علاقة صداقة قوية ببعض الشبان والشابات الإسبان الذين كانوا يعتنقون الدين المسيحي شكليا مثلي , ثم بعد فترة وجيزة, بدأت أفاجأ حين ألتقي بهم التغيرات التي أخذت تطرأ على طرق تفكيرهم وسلوكهم , وتوصلت في النهاية إلى معرفة السبب ألا وهو اعتناقهم للدين الإسلامي بعدما اطلعوا عليه.

وقد صدمني هذا الأمر ودفعني إلى كثير من التساؤلات خاصة بعد ارتداء بعض صديقاتي الزي الإسلامي والحجاب. فأخذت ألاحقهن بكثير من الأسئلة عن سبب هذا التصرف وجدوى هذا الحجاب. فانحصرت الإجابة عندهن بأن أفعل مثلهن وأتعرف على الدين الإسلامي من خلال المنتمين إليه , بعد عدة محاولات من صديقاتي بدأت أتردد معهن إلى المركز الإسلامي لأهل البيت(عليهم السلام) في (برشلونة), وهناك كنت أستمع إلى بعض الإخوة الذين كانوا يبينون المفاهيم والعقائد الإسلامية ويجرون النقاشات حول الإسلام. ولقد جذبني القرآن الكريم بشكل خاص وبدأت قراءته باللغة الإسبانية. ولقد أحببت كثيرا ودائما الذهاب إلى المركز لتلقي الدروس الإسلامية. فبدأ ينموا في صدري نور جديد ويدخل في أعماقي وقد ارتحت له كثيرا وسررت جدا بهذا الإيمان الجديد.

ولكن صراعا بدأ ينشأ في داخلي, من جهة حب اعتناق الدين الإسلامي ومن جهة أخرى الخوف من مواجهة أهلي ومجتمعي. فكنت خائفة وفرحة في آن فقد أصبحت أريد هذا الدين بكل قواي. ولكن كان من الصعب علي أن أجاهر بالالتزام به على أنني عزمت على اعتناقه سرا بدون معرفة أهلي, وبدأت أطبق الكثير من شرائعه كالامتناع عن أكل اللحوم غير الشرعية , مما دفع والدتي إلى سؤالي عن السبب وكان التبرير بأنني لا أرغب دون أن أزيد.. فكان أهلي يفاجأون دون أن يفهموا شيئا مما طرأ لي.

وبعد فترة غير طويلة لم أعد أقدر على إخفاء اقتناعي للإسلام لأسباب كثيرة منها:

عملية النجاسة والطهارة في المأكل والملبس , الوضوء القيام بالصلاة في أماكن غير

طاهرة. فاعترفت عندها لأهلي بأنني اعتنقت الدين الإسلامي ولكنهم أول الأمر لم يفهموا شيئا من قولي ذلك لأنهم كانوا يعلمون بماهية الدين الإسلامي وما يتطلبه من أتباعه. وبعد ذلك مررت بفترة عصيبة مع أهلي لأنهم وقفوا في وجهي يعارضون قضية إسلامي خاصة ارتدائي للحجاب , حيث اعتبروني خارجة على المدنية.

ثم ما لبثت أن تعرفت على زوجي (الدكتور محمد بشير) في المركز الإسلامي حيث كان يعطي دروسا بالفقه والتجويد واللغة العربية.

ومررنا بفترة طويلة دون أن يكون هناك علاقة غير عادية بيننا.. بعدها فاجأني بطلبه الزواج مني في الوقت الذي كان يكمل فيه دراسته للطب.

ولما عرف أهلي بالقصة سرعان ما وافقوا عليه , ذلك لأنهم كانوا يعرفونه وكانوا

يعجبون بأخلاقه و بعلمه. حصل هذا بعدما خفت حدة المشاكل بيني وبين أهلي وأصبحوا يتفهمون وضعي بحكم الواقع , فباركوا زواجي منه , وهذا وفر لي جوا مريحا كي أمارس التزامي بالإسلام كما هو المطلوب.

وما لبثنا أن انتقلنا إلى لبنان بعد أن أنهى زوجي دراسته لنستقر فيه نهائيا.

س- ما الشيء الذي لفت نظرك كمسيحية سابقا في الدين الإسلامي؟

ج- الروحانية الإلهية الصافية والوضوح , والسهولة في فهم عقيدة الإسلام وتشريعاته الواقعية هي الأمور التي أشعلت قلبي بهذا الدين , وهذا ما لم أكن أحس به قبل الإسلام. والصلاة خاصة بمعناها و مغزاها , حيث الحضور و الاتصال.

المباشر بالله تعالى بدون وسطاء , قد جذبتني وجعلتني أحس معنى الدين و ضرورته. كنت أقارن ذلك بما كان يحدث لنا و نحن صغار حيث كنت طفلة في الثامنة من عمري وكان الأب يقابلنا ويطلب منا الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبناها.

فما هي يا ترى الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها ابن الثامنة ؟! والتساؤل كان لماذا علينا الاعتراف له هو ؟ فكنا نرتعب ونخاف منه الشيء الذي كان يبعدنا عن هذا الدين.

س- من هي الشخصية الإسلامية الدينية التي أثارت انتباهك؟

ج- كل الشخصيات الإسلامية الرائدة النقية تأثرت بها: بجاه من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم إلى فاطمة الزهراء عليها السلام والإمام علي عليه السلام وإلى جميع أهل البيت عليهم السلام والصحابة الطيبين, حيث كان لكل واحد منهم دور كبير في نشر الإسلام, خاصة فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين التي كان لها دور كبير في المسيرة الإسلامية بالنسبة للمرأة.

ولشدة ما تأثرت بمأساة (عاشوراء) (و واقعة كربلاء) حيث دخلت هذه الثورة إلى أعماق روحي, وزادتني تعلقا بهذا الدين و بآل البيت عليهم السلام وخاصة بأبي عبد الله الحسين عليه السلام ذاك الرجل العظيم الذي ذبح وعذب مع آل بيته و فاء للدين الإسلامي.

س – على أي مدى أحسست بالطمأنينة والراحة الداخلية بعد اعتناقك الإسلام ؟

ج – عرفت الكثير من المشاكل في حياتي , وكلها اختفت تدريجيا بعد معرفتي بالإسلام والتزامي به وإحساسي القوي بالتسليم لأمر الله ومشيئته.

س- على الصعيد العلاقات الاجتماعية هل تشعرين بالفارق لدى ملاحظتك

لعلاقة المسلمين ببعضهم مقارنة مع العلاقات الاجتماعية القائمة في الغرب؟

ج- نعم, خاصة على صعيد المرأة, حيث أن نظر المجتمع الغربي للمرأة فيه تمييز وتجاهل لدورها الإنساني , إذ تفضل الجميلة على ما عداها و حيث تتاح أمامها كافة المجالات , وهذه نظرة غير إنسانية تشعر الكثيرات بالكآبة. بينما نجد الإسلام قد أعطى المرأة حقها كاملا في كل شيء إذ يعظم المرأة ويحترمها ويقر المساواة بين جميع النساء مع إعطائهن حرية مدروسة ومنطقية.

س- على ضوء تجربتك ما هي الطريقة الأفضل التي يمكن للداعية المسلم أن يتبعها عندما يريد أن يدعوا للإسلام في الغرب ؟

ج- لا بد أن يضع الداعية في حسابه أولا صعوبة الدعوة في الغرب بسبب الشائعات والدعايات المضادة التي تصل دائما إلى بلادنا عبر وسائل الإعلام عن الدين الإسلامي, وهي في غالبها مشبوهة وباطلة و لكنها تجعل حاجزا بين الإنسان الغربي والإسلام, فبالصبر والقدوة الصالحة وقوة الإقناع يمكن أن ينال الداعية حظا من النجاح, وهنا عليه أن يفهم عقلية الإنسان الغربي حتى يستطيع أن يأتيه من الباب الصالح ليحصل على نتيجة. ومن الواجب أن توجد في كل بلد أجنبي غير مسلم مراكز إسلامية ثقافية مفتوحة تساعد وتمهد للناس سبل التعرف على الإسلام.

س- كيف تقيمين وضع المرأة المسلمة اليوم ؟

ج- المرأة هي ركن أساسي في المجتمع الإسلامي , فالمرأة أساس البيت الصالح والمجتمع الصالح , فمن واجباتها تربية أطفالها تربية حسنة , وأن تشيع في البيت جوا إسلاميا سليما يحصن العائلة من العوامل المضادة.

وأعتقد أن المرأة المسلمة أصبحت واعية جدا اليوم لهذا الدور التربوي الإسلامي الملقى على عاتقها , هذا من جهة , ومن جهة ثانية فإن ما يدعوا للأسف أن نجد كثيرا من نساء المسلمين قد غرتهن الحياة الغربية الفاسدة المفسدة فأصبحن يقلدن المرأة الغربية في كل شيء.

س- هل من كلمة أخيرة تحبين توجيهها؟

ج- أدعو الله تعالى كي يفتح عقول وقلوب الناس هنا و هناك على طريق الإسلام لأنه الوحيد الذي ينتشل الإنسانية مما بها من مشاكل و مصائب و أمراض و يفتح أمامها درب السعادة في الدنيا و الآخرة , كما أدعو العاملين للإسلام كي يضاعفوا جهودهم لنصرة هذا الدين ونشره في الآفاق و أن يبقوا معتصمين بالوحدة والأخوة الإسلامية(1).

1 – مجلة نور الإسلام: العددان (37و 38) السنة الرابعة محرم وصفر 1414هـ.