واقعة الغدير

ما هي قضية عيد الغدير؟

عشرة أعوام مضت على هجرة نبيّنا محمد(صلى الله عليه وآله). وها هو الآن يعود من مكة إلى المدينة المنورة بعد أن أدى مراسم الحج الأكبر في حجة الوداع.
الشمس ترسل أشعتها وتغمر الصحاري بالنور وقوافل الحجيج تعود إلى الديار. عشرات الآلاف من المسلمين يعودون إلى أو طانهم في قوافل كثيرة.

كانت معظم القوافل قد وصلت قريباً من منطقة الجحفة حيث مفترق الطرق.

اجتازت بعض القوافل منطقة الجحفة وكانت القافلة التي فيها رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد وصلت وادياً يدعى غدير خم وفي هذا المكان عين ماء صغيرة.
وعندما كان النبي(صلى الله عليه وآله) يسير في الوادي هبط جبرئيل بالآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
أمر النبي بعض أصحابه بابلاغ القوافل بالتوقف في وادي الغدير. كما أمر بإعادة القوافل التي اجتازت هذه المنطقة.
تعجّب المسلمون من ذلك وتساءلوا لابد من وجود أمر هام بحيث يأمر النبي(ص) بأن يتوقفوا في هذا المكان وفي مثل هذا الحرّ؟!
اجتمع المسلمون في الوادي وكان عددهم أكثر من مئة وعشرين ألف شخص.
كانوا يتساءلون عن السبب؟!
أمر النبي(صلى الله عليه وآله) أن يصنعوا له منبراً من أقتاب الإبل وبعض جذوع الشجيرات.
إرتقى النبي(صلى الله عليه وآله) ذلك المنبر وألقى خطاباً موجزاً أصغى المسلمون لما يقوله النبي(ص) لأنه سيكون بلاغاً هامّاً.
أخبرهم النبي(صلى الله عليه وآله) بأن أجله بات قريباً وقرأ عليهم الآية التي نزلت عليه أنها آية البلاغ ثم قال:
ـ ايّها الناس! ألست أولى بكم من انفسكم؟
وهتف عشرات المسلمين نساءً ورجالاً شباباً وشيوخاً:
ـ نعم يا رسول الله! انت أولى بنا من انفسنا فداك آباؤنا.
وفي هذه اللحظات التاريخية
امسك النبي(صلى الله عليه وآله) بيد وصيه عليّ(عليه السلام) ورفعها عالياً ونادى:
ـ من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه
اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه
وانصر من نصره
واخذل من خذله
ثمّ أن النبي(صلى الله عليه وآله) توّج الامام عليّ(عليه السلام) بعمامة بيضاء تدعى السحاب وقال:
ـ هكذا تكون تيجان الملائكة.
وأمر النبي(صلى الله عليه وآله) وصيه وخليفته من بعده بالجلوس في خيمة خاصّة لتلقّي التهاني بهذا اليوم السعيد.
وفي غمر الازدحام جاء شيخان من شيوخ الصحابة فبادرا إلى بيعة الامام عليّ(عليه السلام) انهما ابوبكر وعمر بن الخطاب قالا له:
هنيئاً لك يا عليّ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة وأقام المسلمون في وادي الغدير مدّة ثلاثة أيام بايع خلالها المسلمون علياً(عليه السلام) وليّاً لهم بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله).
ولما تمت المراسم نزل الوحي بقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا).
كان الرجال يصافحون الإمام علياً ويبايعونه.
أما الطريقة التي تبايع فيها النساء فقد كانت على هذا النحو:
يضع الإمام عليّ(عليه السلام) كفه في إناء مليء بالماء
وتضع النسوة اكفهنّ في ذلك الإناء وتتم البيعة.
ومنذ ذلك اليوم أصبحت بيعة الغدير عيداً للمسلمين يحتفلون به وقد كانت الاحتفالات تجري في بلاد مصر والمغرب والعراق بشكل رسمي وشعبي أما اليوم فان والاحتفال بعيد الغدير يجري في ايران شعبياً ورسمياً وفي العراق أيضاً وتقام احتفالات شعبية في بعض البلدان الاسلامية والاجنبية.
إنّه علينا أنْ نحتفل بهذا اليوم الأغرّ في كل عام وأنْ نهتف جميعاً بالشهادة: أنْ لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنّ علياً ولي الله.
وكان رجال من قريش يطمحون إلى أن ينتخب النبي الاكرم(صلى الله عليه وآله) شخصاً آخر للخلافة.
كما جاء البعض إلى النبي(صلى الله عليه وآله) وسأله: حل كان انتخابك لعلي من عندك أم من الله؟
قال النبي(صلى الله عليه وآله): ان الله تبارك وتعالى هو الذي انتخبه وان لكل نبي وصيّ من أهل بيته.
أصدقاءنا الأعزاء:
الآن وقد قرأنا قصّة بيعة الغدير..
ما هو واجبنا وكيف نؤدي بيعة الغدير لوصيّ النبي(صلى الله عليه وآله)؟
أن وصي النبي(صلى الله عليه وآله) اليوم هو المهدي الموعود الذي بشّر بظهوره رسول الله(صلى الله عليه وآله) في آخر الزمان. أنّه علينا أن ننتظر ظهوره وأن نعدّ أنفسنا لنكون من جنوده.
اللهم عجّل في فرج ظهوره، آمين.