مناسبة يوم الغدير

عنوان المقالة: مناسبة يوم الغدير.

الكاتب: المستبصر غسان نعمان ماهر السامرائي من عراق.

مناسبة يوم الغدير
18 ذو الحجة 1434هـ / المركز الإسلامي في سري
(الاحتفال يوم السبت 26/10/2013)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الهداة، لا سيما صاحب الذكرى المباركة مولانا مولى المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام.
أهنئكم ونفسي بهذه النعمة الكبرى التي يعجز الإنسان عن شكرها وأسأل المنعم سبحانه وتعالى أن يديمها علينا ويثبتنا عليها ويعيننا على القيام بواجبها إنه سميع مجيب.
أقدم قراءة قرآنية لآية البلاغ، وهي الآية الأولى من الآيات القرآنية المتعلقة بيوم الغدير السعيد، وهي الآية الأهم كونها التي تذكر الأمر الإلهي الذي أطلق يوم الغدير، كما تذكر الملابسات المحيطة بالموضوع في يومه، كما تستشرف ما بعده.

قراءة في آية البلاغ الآية 67 من سورة المائدة المباركة

ولكن لنقرأ الآيات 64 إلى 69
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ومَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ………… الآية 67
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ومَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

ملاحظات:
(1) الآية في وسط آيات الحديث عن أهل الكتاب، ونصها واضح أنه منفصل عنهم تماماً. (حالها حال آية إكمال الدين في نفس السورة المائدة آية 3، وآيتي الولاية 55 و 56 من المائدة أيضاً.)
(2) فإذا أردنا الربط بين محتواها والآيات التي هي في وسطها، وجدنا –
(أ‌) تتحدث عما أنزل إليه (ص) أو أنزل إليهم (اليهود) من الرب، أي المنعم من جانب الربوبية وفيها الرازقية والواهبية والرحمانية، وليس الألوهية
(ب‌) تصف المعارضين للتنزيل بـالكفر + أن الكفر هو رفضهم لذلك التنزيل
(3) المقطع الأول الآية تأمر النبي (ص) بصفته الرسولية ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ))،
(((((أما ((يا أيها النبي)) فتتحدث عن الإجراءات الإدارية في الدولة أو الحياة الشخصية، من قبيل
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ /// يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى /// يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ /// يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء ))))))
وهذه الصيغة ((يا أيها الرسول)) وردت مرتين
كلاهما في سورة المائدة –
الآية 41 ((يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ))
(4) ////// والتي نلاحظ فيها ///// مع أنه وصفهم بصفة النفاق ((مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ)) لم يسمهم “منافقون”، بل قال ((الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ))، وما ذلك إلا لمشكلة في دواخل نفوسهم ((أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ))
وآية البلاغ الآية 67
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
– //////// هنا أيضاً////////، يصف الذين يتوجس النبي (ص) منهم بالكفر ((لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ))
(5) ////// كما نلاحظ /////// أن الآيتين تقطعان أي أمل في هدايتهم.
(6) المقطع الثاني ((بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)) هل أن الرسول (ص) أحجم عن البلاغ عناداً؟! هذا مستحيل عليه..
هل أحجم خوفاً بالمعنى المعروف للخوف؟ لا يمكن لأنه من الرسل الكرام، بل أكرمهم وأطوعهم لله تعالى:
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا
حتى في الجانب القتالي وجدناه في حنين بعد هروب الجيش ينزل إلى الميدان ويضرب الأعداء وفي نفس الوقت في تمام السيطرة في الأداء بحيث يقاتلهم وهو يقول ((أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب)) ليعلن عن نبوته ومكانته.
(7)  هل أن الآية تتحدث ((ما أنزل إليك من ربك)) عن الرسالة الإسلامية كلها؟ قطعاً لا، لأنه من غير المعقول بعد كل هذا الالتزام الرسولي بالمهمة، يجاهد في سبيل تبليغ ما نزل عليه وإليه (ص)، 13 سنة في مكة وسنوات طويلة في المدينة، إذا بالله تعالى يطلب منه البلاغ!
(8) المقطع الثالث ((وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ))، لا يمكن أن تعني كلمة ((رسالته)) الرسالة الإسلامية كلها، لأن القرآن يكون عندها يتكلم هذراً والعياذ بالله – يقول: “إن لم تبلغ الرسالة الإسلامية فإنك لم تبلغ الرسالة الإسلامية”! أو كقول الشاعر: الماء ماءٌ والهواء هواءُ، والأرض أرضٌ والسماء سماءُ!
إذاً، يجب أن يكون المعنى محيطاً بالتنزيل الذي جاءه (ص) في تلك الأيام أو الساعات، والذي هو قطعاً جزء من الرسالة وليس كلها، ولكن الذي هو من الأهمية المفصلية الحاسمة بمكان بحيث أن عدم تبيلغ هذا الجزء ((وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ)) يطيح بالكل ((فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)). /// أي أن ((وإن لم تفعل فما بلغت رسالته)) ليس وصف لعدم البلاغ ولكن لوصف نتيجة عدم وصول ما أنزل إلى الناس./////
(9) المقطع الرابع تمضي الآية بكلماتها الهامة جداً ((وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)):
(أولاً) تؤكد على أن النبي (ص) إنما أحجم مؤقتاً عن التبليغ خشية من “الناس” /// و”الناس” هنا يمكن أن تعني جميع الخلق، وهذا مردود لوجود المؤمنين، أو شخصاً واحداً كما في ((الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم)) فعنى بكلمة “الناس” الأولى شخصاً واحداً هو نعيم بن مسعود الأشجعي في القصة المعروفة لغزوة الأحزاب، وهذا مردود لأننا لا نعلم شخصاً واحداً كان له ذلك التأثير بحيث أن النبي (ص) يطلب العصمة من الله خشية منه؛ وعليه فإن “الناس” تعني جماعة من الناس.
(ثانياً) تؤكد على أن هؤلاء “الناس” المعارضين لن يستطيعوا الإطاحة بهذه الجزئية المفصلية الحاسمة في الدين لأن الله تعالى قد عصم رسوله (ص) منهم، أي عصمه (ص) في التبليغ وفي أثر التبليغ بحيث لن تحصل ((فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)).
////// ونستطيع هنا أن نرد ما قالوه //// من أن هذه العصمة كانت ضد السحرة أو ضد معارضي الإسلام لأن التجربة الطويلة أثبتت أن الله قد عصمه (ص) في تبليغ الدين، فهل كان غير معصوم من الناس طيلة تلك المدة ثم جاءته العصمة بعد أن أنهى كل شيء؟!
///// ونستطيع أن نقول هنا ///////// أن “الناس” المقصودين هنا ليسوا من خارج الأمة لأن هؤلاء قد انتصر النبي (ص) عليهم وأخضعهم للدين، رغبة أو رهبة، سواء كانوا قريش الكافرة وحلفاءها من العرب أو اليهود… إذاً، المقصودون هم من داخل الأمة… وهذا أثبتته الآيات أعلاه ((مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ)) ((الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ))….

كما تشير إليه آيات أخرى تحيط كلها – في هذا الكتاب العبقري المعجز – بظروف يوم الغدير… وإن شئتم فاقرأوا الآيات 59 إلى 65 من سورة النساء:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا
فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا
أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا
فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا

حول كلمة “الغدير”
غـَدَرَ: نقض العهد، إخلاف العهد
غـَدِرَ: شرب من الماء
غـَدِير = ما تخلف من ماء النهر
وعليه فقد اجتمعت على هذه المفردة ما نظمته شعراً قبل سنوات:

عجبتُ ليومٍ، بل عجبتُ لإسمِهُ **** تلقـّتـْهُ أيدٍ بالمحرَّفِ والنـُّكـْرِ

(البعض ينكره أصلاً، والبعض الآخر يحرف معنى كلمة “مولى” عن معناها الواضح)

يقولونَ “مولىً” ليسَ تعني خليفةً ***** أمعذرةً كانتْ؟ فيا بِئسَ من عُذرِ
أوائلـُهُمْ هَنـَّتْ، ومن ثـَمَّ بَخْبَخَتْ ***** ثـُمَّ بليلٍ دَبَّرتْ غادِرَ الأمرِ
ألا ليتَ شعري: هلْ غديرٌ لمائِهِ؟ ***** وليسَ اشتقاقاً للـَّذي كانَ من غَدرِ؟!

الوجه الآخر المفرح
ولكن الوجه الآخر لهذا الغدر هو ما من الله به علينا من البخوع لما أمر الله ورسوله (ص) به من اتخاذ علي بن أبي طالب (ع) إماماً، والذي صار يبدو أجمل وأحسن وأفضل لما ابتعد عنه الأكثرون – إما جهلاً أو تجاهلاً –، فحق لنا أن نفرح بهذا الموقف ولله الفضل والمنة…
كيف لا وأن هذا الموقف هو الذي يندرج بشكل كامل غير منقوص تحت ما أعلنته آية الغدير الثانية والتي نزلت بعد البلاغ، وهي ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا))…
فالحمد الله على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الله تعالى بالإسلام ديناً، قد أتم رسول الله (ص) البلاغ والبيان على الوجه الأكمل فتم الوحي، ثم عين خزان العلم وحراس العقيدة وهو لما يزل على قيد الحياة بحيث لا تنقطع قوامة المصطفين الأخيار على هداية الناس لحظة واحدة، عندما جعل لعلي (ع) نفس ولايته على المسلمين التي هي متقدمة على ولايتهم على أنفسهم ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)) فقال: ((من كنت مولاه فهذا علي مولاه)) وأردف القول بالدعاء: ((اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)) – ونحن نردد خلفه “اللهم وال من والاه وعاد من عاداه”…
والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله على محمد وآله الهداة…