نعمة حمد البدراني

نعمة حمد البدراني (حنفي / العراق)

ولد سنة ١٣٧٨ه (١٩٥٩م) في «بغداد» عاصمة العراق، ونشأ في أُسرة حنفيّة المذهب، واصل الدراسة إلى المرحلة الإعدادية، استبصر سنة ١٤٠٣ه (١٩٨٣م) في معسكر تختي للأسرى في إيران، والتحق بشيعة آل البيت عليهم ‏السلام.

معاشرة الشيعة قادتني إلى مذهب آل البيت عليهم ‏السلام:

يقول «نعمة»: «وفّرت لي فترة الأسر فرصة لمراجعة النفس، ووضع الأفكار التي كنت أُؤمن بها سابقاً في الميزان، فعندما يتعرّض الإنسان للمحن يبحث عن ثوابته ليتمسّك بها، ويترك الزبد يذهب جفاءً، كما منحتني فترة الأسر الفرصة الكافية لمطالعة الكتب، وقراءة النشريات، ممّا وسّع من آفاقي الفكريّة، نضّج ما كنت أحملهُ من آراء في كلّ مجالات الحياة.

وكان الأمرُ الأكثر تأثيراً في حياتي هو التقائي بالشيعة من أبناء بلدي في معسكر الأسر الذي يسوده الجوّ الديني والثقافي، حيث النقاشات الجدّية، وتبادل الأفكار، من دون اعتداء من أحد على آخر، أو تجاوز من جماعة على جماعة، حتّى ولو أراد البعض إثارة الفتنة فهناك من يردّه عن غيّه.

في مثل هذه الأجواء التقيت بالشيعة وعرفت أخلاقهم عن قرب، ومحّصت أفكارهم الموالية لأهل البيت عليهم‏السلام، فوجدت فيها روح الحقيقة، ونسيم الحقّ، ووجدت الأدلّة عندهم تبري وتوالي بعضها في إثر بعض ولا تعوزهم الحجّة، ولا ينقصهم البرهان، فهم مع الدليل يميلون معه أينما يميل، هواهم الحقّ، عندهم الدلالات على النجاة يوم يهلك الآخرون، فهم قد تمسّكوا بالوسيلة إلى اللّه‏، وغيرهم قد تمسّك بغيرها فهوى إلى قعر جهنّم.

أهل البيت عليهم ‏السلام وشيعتهم هم الفرقة الناجية:

يتّصف الشيعة بأنّهم يبحثون عن الحقّ ويتابعونه، وهم لا يستسلمون للباطل أبداً، وهم عندما والوا أهل البيت عليهم‏السلام رأوا فيهم الحقّ المطلق الذي جعله اللّه‏ لهم في ولاية المسلمين، وإمارة المؤمنين ؛ وهو حقّ قد ثبته رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله و سلم في مناسبات عديدة، وأشار إليه القرآن الكريم بإشارات لطيفة يدركها العالمون، ويبلغ غورها الراسخون في العلم.

ويمتاز المذهب الشيعي الموالي لأهل البيت عليهم‏السلام بأنّه مذهب متكامل، لا يعتريه الخلل ولا يوهنه الضعف، فهو مذهب بذر بذرته الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم ، ورعاه الأئمّة الأطهار عليهم‏السلام، فصار شجرة باسقة تبلغ أغصانها عنان السماء، وحفرت جذورها أخاديد الأرض.

وهو اليوم شجرة طيّبة تؤتي أُكلُها كلّ حين، ينال ثمرها الصالحون ويتفيّأ في ظلالها المستضعفون، وبالمقابل يسعى الكافرون في اقتلاعها، ويأبى المنافقون إلاّ أن تزول، ولكن هيهات، فهي شجرة أرادها اللّه‏ منذ اليوم الأوّل يوم خلق آدم عليه‏السلام؛ ليرث الأرض المستضعفون الصالحون بالمنّ عليهم بظهور إمامهم الغائب الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

إنّ معالم النجاة واضحة، وسبلها لائحة، والسفينة حاضرة مهيّئة، وما على البشريّة اليوم إلا أن تختار الاختيار الصحيح مستفيدة من نعمة الاختيار التي منحها إيّاها ربّ العالمين، ثُمّ تسليم قيادتها لربّان السفينة المنتظر منذ مدّة طويلة فيركب الناس السفينة، ليقودهم إلى اطئالأمان والراحة البشريّة المعذّبة على طول التاريخ، باختيارها مذهب آل البيت عليهم‏السلام وخضوعها وولائها للإمام المعصوم عليه‏السلام، وتخلّيها عن الآخرين الذين طالما رفعوا الشعارات البرّاقة، وتفوّهوا بالعبارات

الطنّانة، سوف تتجه بالاتّجاه الصحيح الذي يوردها مناهل الخير، ويخرج لها بركات الأرض، وهذا أمر قام عليه الدين من اليوم الأوّل، ومهّد له الأنبياء والأولياء عبر التاريخ ببشارات واضحة في الكتب المقدّسة، وبقرائن ظاهرة في كتب التاريخ بعبرها البيّنة لمن أراد أن يعتبر.

إنّ مذهباً يدعمه حديث الثقلين(1)، وحديث السفينة(2)، وحديث الاثني عشر(3)، وآية التطهير(4) وآية الولاية(5)، وآية المودّة(6)، أوّل أئمّته علي بن أبي طالب عليه‏السلام قائد الغرّ المحجّلين، وسيّد العرب والعجم أجمعين، الذي يدعم ولايته حديث الغدير(7)، وحديث الطير(8)، وحديث المنزلة(9)، وحديث الدار(10)، وحديث مدينة العلم(11)، وحديث سدّ الأبواب(12)،وآية المباهلة(13)وآية الاكمال(14)، وغيرها كثير، وآخرهم المهديّ الموعود عجل اللّه‏ فرجه الذي يختم به اللّه‏ الأمر خير ختام لحرىٌ بالاتّباع والتمسّك به، وإنّ ولاية قوم بهم بدأ اللّه‏ وبهم يختم، لأمرٌ يهفو إليه المؤمن، ويبحث عنه العاقل، فهل آن لهذه البشريّة المعذّبة أن تفيق من سباتها العميق أم لازال عليها أن تجرّب الآخرين فتذوق مرارة التجربة، وتدفع ثمن الجهل.

إنّ رحمة اللّه‏ واسعة، ولطف الأنبياء والأئمّة شامل، وبقي على البشريّة أن تختار العودة إلى فطرتها، والتخلّي عن الشيطان وأتباعه الذين يبغونها عوجاً، ثُمّ التمسّك بأهل البيت عليهم‏السلام عمود الدين وأُسّ الإسلام بالخضوع لهم والطاعة لأوامرهم والجهاد في سبيلهم سبيل اللّه‏ سبحانه وتعالى.

____________

1- مسند أحمد ٣: ١٤، ٤: ٣٦٦، ٣٧١، ٥: ١٨١، ١٨٩.

2- المعجم الأوسط ٥: ٣٠٦.

3- مسند أحمد ١: ٣٩٨، المستدرك ٤: ٥٠١.

4- الأحزاب ٣٣ : ٣٣.

5- المائدة ٥ : ٥٥.

6- الشورى ٤٢ : ٢٣.

7- مسند أحمد ١: ٨٤، ١١٨، ٤: ٢٨١، ٣٦٦.

8- سنن الترمذي ٦: ٣٠٠، الحديث ٣٨٠٥، كنز العمّال ١٣: ١٥٩، الحديث ٣٦٥٠١.

9- مسند أحمد ١: ١٨٤، ٣: ٣٢، صحيح مسلم ٧: ١٢٠.

10- كنز العمّال ١٣: ١٢٩.

11- المستدرك ٣: ١٢٦.

12- مسند أحمد ٤: ٣٦٩، سنن الترمذي ٥: ٣٠٥، الحديث ٣٨١٥.

13- آل عمران ٣ : ٦١.

14- المائدة ٥ : ٣.