حمدان شامار

حمدان شامار (مغالي / العراق)

ولد عام ١٣٧٩هـ (١٩٦٠م) في مدينة «خانقين» في العراق، ونشأ في أسرة تنتمي إلى فرقة «العلي اللهيّة» وهم قسم من الغلاة الذين يعتقدون بالباطن، ويؤمنون بالدعاء وطلب الحاجة كبديل عن الصلاة والصيام.

ويعتقد قسم من هؤلاء أنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) هو الله، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

استمرّ «حمدان» على عقيدته الموروثة هذه كبقيّة المنتسبين إلى هذه الفرقة بضعة أعوام، حتّى توصّل إلى نتائج لم تكن في الحسبان حيث أخذت بيده تدريجيّاً إلى منحى آخر، وقد حصل «حمدان» على تلك النتائج إثر قراءته لبعض الكتب العقائديّة للشيعة الاثني عشريّة، واستماعه لمحاضرات بعض الأفاضل.

الإمام الصادق(عليه السلام) والمذاهب الأربعة:

من الكتب التي تأثّر بها «حمدان» هو كتاب «الإمام الصادق(عليه السلام) والمذاهب الأربعة». للأستاذ «أسد حيدر»، حيث فتح له الكتاب آفاقاً واسعة غير ما كان يتصوّرها في معتقده.

ويبحث المؤلّف في هذا الكتاب شخصيّة الإمام الصادق(عليه السلام)، والمدرسة الإسلاميّة التي أسّسها، والجيل الذي قام بتربيته(عليه السلام)، ويبيّن أقوال العلماء فيه(عليه السلام).

كما يسلّط الضوء على المذاهب الإسلاميّة التي نشأت في الوسط السنّي، وحركة التنازع بين هذه المذاهب، والاختلافات الموجودة فيما بينهم.

موقف أهل البيت(عليهم السلام) من الغلاة:

يبيّن الأستاذ «أسد حيدر» في الفصل الأوّل من كتابه موقف أهل البيت(عليهم السلام)اتّجاه الغلاة، ويذكر السبب الذي قام من أجله هؤلاء بالالتحاق بالشيعة، وادّعاء موالاة أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، حيث يرى أنّها حركة سياسيّة أوجدتها عدّة عوامل وأنّهم دخلوا في صفوف الشيعة ليصلوا إلى غايات في أنفسهم من الوقيعة في الشيعة والحطّ من كرامة أهل البيت(عليهم السلام)، إذ كانوا لا يستطيعون أن ينالوا من عقائد الشيعة بشيء.

وأمّا عن طريقة علاج هذه الظاهرة الخطيرة يقول المؤلّف:

«وقد عالج أهل البيت هذه المشكلة الخطرة، وعرفوا الدوافع التي دعت هؤلاء الكفرة إلى الالتحاق بصفوف الشيعة، واتّضح لهم غايات خصومهم الذين يريدون أن يوقعوا بهم، فكان أهل البيت(عليهم السلام) يعلنون للملأ البراءة من الغلاة وجاهروا بلعنهم، وأمروا شيعتهم بالتبرّؤ منهم والابتعاد عنهم، وتلقّى الشيعة تلك الأوامر الشريفة بالقبول والامتثال، فأعلنوا البراءة وملأوا كتبهم من التبرّيء منهم، وأفتوا بحرمة مخالطتهم، وأجمعوا على نجاستهم وعدم جواز غسل ودفن موتاهم، وتحريم اعطائهم الزكاة، ولم يجوّزوا للغالي أن يتزّوج المسلمة، ولا المسلم أن يتزوّج الغالية، ولم يورثوهم من المسلمين وهم لا يرثون منهم»(1).

بعض ما ورد في الغلاة:

لقد أبدى أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) اهتمامهم بتربية الشيعة، وأنذروهم بالابتعاد عن المنزلقات والزلاّت التي قد تواجههم في هذه الدنيا.

ويرى الأئمّة(عليهم السلام) أنّ إحدى المنزلقات التي ينبغي للشيعي أن يبتعد عنها هي ظاهرة الغلو، فقد نصح الإمام الصادق(عليه السلام) أصحابه بالتوقّف أمام انجرار الشباب وراء هذه الفرقة الضالّة، وقال: احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإنّ الغلاة شرّ خلق الله، يصغّرون عظمة الله ويدّعون الربوبيّة لعباد الله، والله إنّ الغلاة لشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا(2).

كما حاولت العترة الطاهرة(عليهم السلام) الصدّ من انتشار هذه الظاهرة والوقوف أمامها، وذلك بالتبرّي من الغلاة، ولعنهم، وعدّهم من الفرق غير الإسلاميّة بالأدلّة والبراهين.

فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: صنفان من أمّتي لا نصيب لهما في الإسلام: الغلاة والقدريّة(3).

وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): اللّهم إنّي بريء من الغلاة كبراءة عيسى بن مريم من النصارى، الّلهم اخذلهم أبداً، ولا تنصر منهم أحداً(4).

وقد جاء على لسان صادق العترة الطاهرة(عليهم السلام): لعن الله من أزالنا عن العبوديّة لله الذي خلقنا، وإليه مآبنا ومعادنا، وبيده نواصينا(5).

كما قال(عليه السلام) عنهم:… إنّهم صغّروا عصيان الله، وكفروا به، وأشركوا وضلّوا وأضلّوا، فراراً من إقامة الفرائض وأداء الحقوق(6).

وقد لعنهم الإمام الرضا(عليه السلام) في حديث جاء فيه: لا تقاعدوهم، ولا تصادقوهم وابرأوا منهم، برىء الله منهم(7).

كما نَسبَ الإمام(عليه السلام) وضع الأخبار عن أهل البيت(عليهم السلام) في التشبيه والجبر إليهم، وقال لأحد أصحابه:

يا ابن خالد، إنّما وضع الأخبار عنّا في التشبيه والجبر الغلاة الذين صغّروا عظمة الله تعالى، فمن أحبّهم فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبّنا، ومن والاهم فقد عادانا، ومن عاداهم فقد والانا، ومن وصلهم فقد قطعنا، ومن قطعهم فقد وصلنا، ومن جفاهم فقد برّنا، ومن برّهم فقد جفانا، ومن أكرمهم فقد أهاننا، ومن أهانهم فقد أكرمنا، ومن قبلهم فقد ردّنا، ومن ردّهم فقد قبلنا، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا، ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا، ومن صدّقهم فقد كذّبنا، ومن كذّبهم فقد صدّقنا، ومن أعطاهم فقد حرمنا، ومن حرمهم فقد أعطانا. يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتّخذنّ منهم وليّاً ولا نصيراً(8).

الالتحاق بالركب الشيعي:

البحث والتحقيق في كتب الشيعة الإماميّة واستماع بعض المحاضرات، إضافة إلى الحبّ الذي كان يكنّه «حمدان» لأهل البيت(عليهم السلام) كان السبب في استبصاره والتحاقه بركب الشيعة الاثني عشريّة، وكان ذلك عام ١٤١٤هـ (١٩٩٤م) في مدينة «كلار» شمال العراق.

____________

1- الإمام الصادق(عليه السلام) والمذاهب الأربعة ١: ٢٣٤.

2- الأمالي للطوسي: ٦٥٠، مناقب آل أبي طالب ١: ٢٢٦.

3- الخصال للصدوق: ٧٢، كما روي عنه(صلى الله عليه وآله وسلم): صنفان لا نصيب لهما في الإسلام: الناصب لأهل بيتي حرباً، وغال في الدين مارق عنه. من لا يحضره الفقيه ٣: ٤٠٨.

4- أمالي الطوسي: ٦٥٠، مناقب آل أبي طالب ١: ٢٢٦.

5- بحار الأنوار ٢٥: ٢٩٧.

6- علل الشرائع ١ك ٢٢٧.

7- عيون أخبار الرضا(عليه السلام) ١: ٢١٩.

8- التوحيد للصدوق: ٣٦٤، عيون أخبار الرضا(عليه السلام) ١: ١٣٠.