حسين كريم مبارك

حسين كريم مبارك (حنفي / العراق)

ولد عام ١٣٧٠هـ (١٩٥١م) في «كفري» بمحافظة «ديالى» في العراق، ونشأ في أُسرة سنّية حنفية المذهب، عمل موظّفاً في دائرة المقاولات الإنشائية في بغداد، غادر العراق سنة ١٤١١هـ (١٩٩١م) في أحداث الانتفاضة الشعبانيّة بعد أن دمّر الجيش العراقي قرية «نارين» التي كان يسكن فيها قرب «كلار» في محافظة ديالى، وهاجر إلى إيران حيث سنحت له الفرصة في الالتحاق بمذهب آل البيت(عليهم السلام).

مظلوميّة آل البيت(عليهم السلام) عرّفتني حقّهم:

يقول «حسين»: لا حظت أنّ البعثيّين الحاكمين في العراق كانوا يظلمون مذهب آل البيت(عليهم السلام)، ولا يسمحون للشيعة بإقامة شعائرهم، بل كانت الإعدامات والقتل غير المبرّر يقع ليلاً ونهاراً لمجرّد إعلان الولاء لأهل البيت(عليهم السلام).

فعرفت أنّ هناك أسراراً في هذا الأمر، فما الذي يدفع حكومة تدّعي التقدميّة والاشتراكيّة والقوميّة . . . الخ إلى قتل الناس وسفك الدّماء لمجرد إعلان المحبّة لأبناء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الذين عاش معظمهم في القرون السالفة؟ فهل هذه هي التقدميّة؟! وهل هذه هي الحريّة؟! وهل هذه هي القوميّة العربيّة؟

فقد ألمتني أوضاع العراق وأنا أتابعها عن كثب ككلّ مواطن يهتمّ بأمور بلده وبشؤون أبناء البلد، تابعتُ هذا الموضوع، واستفسرت من بعض العلماء، فعرفت أنّ هؤلاء البعثيّين الجبناء ليسوا وحدهم في الميدان، بل لهم أنصار وأسلاف سبقوهم في محاربة الشيعة وسفك دمائهم، والاعتداء على حرمات أهل البيت(عليهم السلام)وتشويه سمعتهم، فهنا عرفت أنّ الأمر ليس ابن يومِه، بل هو يعود إلى أيّام الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)عندما حسدت قريش آل البيت(عليهم السلام) على نعمة الدين الذي حباهم بها الله لأهلّيتهم وشرفهم.

مظلوميّة آل البيت(عليهم السلام) فضحت الظالمين:

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ . . . (1).

ومن المعلوم جدّاً وقوع الظلم على آل البيت(عليهم السلام) بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، بل حتّى قبيل وفاته.

هذا وقد دافع القرآن الكريم بشكل قاطع عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته(عليهم السلام)الذين كانوا هم عمدة أنصاره -وخاصّة في المواطن الصعبة ضد الكفّار والمشركين والمنافقين من قريش وغيرها- ممّن حسدوه وحسدوا بني هاشم كما دافع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه عن أهل بيته(عليهم السلام) وخصوصاً الإمام علي(عليه السلام)الذي حسده الظالمون على بطولته وعلمه وشرفه، ورأوا فيه سدّاً منيعاً أمام بروزهم على الساحة كمدّعين للخير والفضل، والفاضل دائماً محسود لفضله الذي يفضح المفضول لو أراد التقدّم على حساب الآخرين.

هذا وقدمرّ آل البيت(عليهم السلام) مرور الكرام أمام الظلم الذي وجّهه الآخرون لهم خاصة، ولكن إذا كانت القضية ترتبط بالدين فانّهم يقفون بوجه الظالمين، لأنّهم الأمناء عليه، فيتصرّفون بما يكون فيه حفظ الدين وقوامه فإنّ تطلبت الظروف العمل بالتقيّة وخاصة المداراتيّة التي تستخدم للحفاظ على شيء مهم عملوا بها.

فنرى أن الإمام علي(عليه السلام) اختار السكوت لمدّة خمس وعشرين سنة أيّام الخلفاء الثلاثة، إلاّ في بعض المواقف التي قدّم فيها مصلحة حفظ الدين على مصلحة التقية، نعم هكذا كان أهل البيت(عليهم السلام) مع خصومهم لا يتخاصمون معهم على دنياً أوحطام، وإنّما يتدخّلون فقط عندما يكون الإسلام نفسه في خطر الزوال.

لقد فضحت فاطمة(عليها السلام) -وهي معصومة أيضاً، وهي بضعة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وهي سيّدة نساء العالمين- غصب الخلافة من علي(عليه السلام) في قضيّة غصب فدك، كما حارب الإمام علي(عليه السلام) المارقين، لأنّهم بغاة خارجون عن الدين وقَتَلَ منهم من قد قتل ممّا سبّب له ولأهل بيته الكرام عداوات استمرّت قروناً.

وهكذا خرج الإمام الحسين(عليه السلام) على يزيد الحاكم الأموي الظالم الذي أراد محو الإسلام من الأساس، فحصلت ملحمة كربلاء حيث قد قتل الإمام الحسين مظلوماً شهيداً، وقد قال تعالى: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا(2).

هذا وقد اختار الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) وهم أولياء دم الإمام الحسين التقيّة وعدم الأخذ بثار الإمام الحسين(عليه السلام) وهم لما رأوه من المصلحة وثأر الإمام الحسين(عليه السلام) هو في الواقع ثار الله الذي سيأخذه على يد وليّ منصور معصوم يخرج في آخر الزمان وهو المهدي المنتظر عجل الله فرجه حيث ينتقم من الظالمين وذريّاتهم التابعين لهم على نفس الخط، فلن يذهب دم الحسين(عليه السلام) هدراً أبداً، وإنّما تُرك الظالمون يعيشون حالة الخوف والصلح من ظهور المنتقم منهم في أيّة لحظة.

____________

1- النساء (٤) : ١٤٨.

2- الإسراء (١٧) : ٣٣.