جنت حسین جنتی

جنّت حسين جنّتي (حنفي / باكستان)

ولد عام 1399هـ (1979م) في باكستان بكشمير قرية بارل، ونشأ في أسرة تنتمي إلى المذهب الحنفي، فتمسّك بمذهب آبائه من منطلق التقليد، واستمرّ به الحال على هذه الوضعية في الصعيد الديني، وهو غير ملتفت بصورة جادة إلى مسألة الاختلافات المذهبية، وتعدّد الفرق في داخل الدائرة الإسلاميّة وضرورة البحث للعثور على الفرقة الناجية، ولكنّه مع ذلك كان على اتصال جزئي بأتباع مذهب أهل البيت(عليهم السلام) ولم يكن المذهب الشيعي عنده غريباً ; لأنّ خاله كان شيعياً، وكان بعض الأحيان يذهب مع خاله إلى مجالس الشيعة، ولكنه لم يكن له إلمام بأبعاد الاختلافات العقائدية بين السنّة والشيعة.

الداعي الأوّل للاستبصار:

كان “جنت حسين” يقدّس كثيراً شخصية الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، وكان معتقداً بأنّه الشخصية الجامعة لكل الفضائل حسب ما كان العلماء يملون عليه.

فذهب ذات يوم مع خاله إلى إحدى المجالس الحسينيّة، فسمع الخطيب يبيّن الأحداث التاريخية التي وقعت بعد التحاق الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بالرفيق لأعلى: . . . امتنع عليّ بن أبي طالب عن بيعة أبي بكر، فبعث أبو بكر عمر إليه وإلى من كان معه في دار عليّ ولم يبايعوا، فجاء عمر فنادى وطلب منهم الخروج من الدار، فأبوا، فدعى عمر بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها.

فقيل له: يا أبا حفص، إنّ فيها فاطمة! فقال: وإن!(1).

فجاءت فاطمة الزهراء خلف الباب وقالت: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة.

ثمّ هجم القوم على الدار، فدفع عمر بن الخطاب الباب، فلاذت الزهراء وراء الباب، فعصر عمر الباب بحيث ألقت الزهراء جنينها من بطنها، ثمّ صاح عمر: أحرقوا دارها بمن فيها!(2).

وتجرّعت الزهراء ما تجرّعت من عمر بن الخطاب حتّى قالت له ولأبي بكر ذات يوم عندما جاءا لزيارتها: أرايتكما إنّ حدّثتكما حديثاً عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)تعرفانه وتفعلان به؟

قالا: نعم.

فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: رضى فاطمة من رضاى وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟

قالا: نعم، سمعناه من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).

قالت: فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبيّ، لأشكونكما إليه…، ثمّ قالت لأبي بكر: والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أُصلّيها(3).

الاندفاع نحو البحث والتحقيق:

يقول “جنت حسين”: لم أصدّق ما ذكره الخطيب حول مواقف عمر بن الخطاب ومواجهته مع أهل البيت(عليهم السلام) ولاسيما مع فاطمة الزهراء بهذه الصورة القاسية. فلهذا توجهّت نحو البحث ومراجعة المصادر، وكان لي صديق شيعي فراجعته واستفسرت الأمر منه ودار بيني وبينه حوارات ومناظرات كثيرة، وقلت له: إنّ أثبتّ لي بأنّ عمر بن الخطاب قام بهذه الأفعال فأنا سأتشيع، وبعد فترة قصيرة وجدت أمامي كماً هائلاً من المصادر السنيّة المعتبرة المثبته لهذه الحقيقة، منها وجدت في كتاب “الفاروق”باللغة الأردوية ومؤلّفه الشبلي النعماني وهو أحد السنّة المتعصّبين يعترف ويقول حول ضرب عمر للزهراء: “إنّ هذا الأمر ليس بعيداً عن عمر”، فاستغربت من كلامه هذا على رغم تعصّبه وتقديسه لعمر بن الخطاب.

فحملت هذه المصادر وذهبت إلى علمائنا في منطقتنا، فوجدتهم يتكلّؤون أمام هذه القضايا، ويحاولون الهروب منها وعدم البحث حولها، بل اكتشفت أكثر من ذلك أنّ علماءنا يحاولون إخفاء الكثير من الحقائق عنّا، ولاسيّما الأمور المرتبطة بالصحابة واختلافاتهم والمشاجرات والحروب التي وقعت بينهم.

إعلان الاستبصار:

يقول “جنت حسين”: تبلورت قناعتي الكاملة بأحقّيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) عام 1416هـ (1996م) فاستبصرت وبقيت مدّة خمس سنوات لم أعلن استبصاري، وقمت في هذه الفترة بالتسلح الكامل بالأدلّة والبراهين ; لأنّني كنت أعلم بأنّني سأواجه بعد الاستبصار العديد من الأسئلة العقائدية حول أدلّة استبصاري، ولابدّ لي من الاستعداد لتلك المرحلة، وفي عام 2001م أعلنت استبصاري في كشمير، وأوقفت حياتي لخدمة مذهب التشيّع، ونشر علوم ومعارف أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، وأوّل مابذلت جهدي في داخل دائرة أسرتي، فأثمر هذا الجهد بعد فترة، وكانت ثمرته استبصار اخوتي وعمّتي وأولاد عمّتي، ثمّ توجّهت نحوالتبليغ والدعوة، ثمّ سافرت إلى إيران والتحقت بالحوزة العلمية لأنهل المزيد من علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)، ولأكون على أتمّ الاستعداد لتطهير القلوب من العقائد الباطلة والأفكار المنحرفة.

____________

1-اُنظر: الإمامة والسياسة، ابن قتيبة 1: 30.

2-اُنظر: الملل والنحل للشهرستاني 1: 57.

3-اُنظر: الإمامة والسياسة، ابن قتيبة الدينوري: 1: 21.