إقبال أحمد روحاني

إقبال أحمد روحاني (حنفي / باكستان)

ولد عام 1372هـ (1953م) في ولاية “السند” ونشأ في أسرة حنفية بريلوية وهابية، حصل على شهادة الليسانس في العلوم الإسلاميّة، ثمّ عمل في مجال التدريس والتبليغ والخطابة.

وقف “إقبال أحمد” على حقيقة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) من خلال مناظراته مع بعض علماء الشيعة، ومطالعاته الكثيرة في كتب التاريخ الإسلامي ودراسته لبعض القضايا والأحداث كقضية فدك وغيرها من الأحداث التاريخية المهمّة التي تلت وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم).

وتعتبر قضيّة فدك إحدى القضايا التي تبرز الظلم الذي وقع على الزهراء(عليها السلام) من قبل أبي بكر وعمر، ممّا جعلت الحقيقة جليّة واضحة أمام “إقبال أحمد” وأدّت به إلى الاعتقاد بأحقّية مذهب أهل البيت(عليهم السلام) .

فدك في التاريخ:

يقول عليّ بن أحمد الكوفي مستعرضاً ظلامة بنت الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) : “ثمّ إنّه(1)عمد إلى الطامّة الكبرى والمصيبة العظمى في ظلم فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقبض دونها تركات أبيها ممّا خلفه عليها من الضياع والبساتين وغيرها، وجعل ذلك كلّه بزعمه صدقة للمسلمين، وأخرج أرض فدك من يدها، فزعم أنّ هذه الأرض كانت لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما هي في يدكِ طعمة منه لك، وزعم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورّت ما تركناه فهو صدقة، فذكرته فاطمة(عليها السلام)برواية أمام أوليائه: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قد جعل لي أرض فدك هبة وهدية، فقال لها: هات بيّنة تشهد لك بذلك، فجاءت أم أيمن فشهدت لها، فقال: امرأة لا نحكم بشهادة امرأة، وهم رووا جميعاً أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: “أم أيمن من أهل الجنة”، فجاء أمير المؤمنين(عليه السلام) وشهد لها، فقال: هذا بعلك وإنّما يجرّ إلى نفسه، وهم قد رووا جميعاً أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيث دار(2) ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض هذا مع ما أخبر الله به من تطهيره لعلي وفاطمة(عليهما السلام) من الرجس(3) وجميع الباطل بجميع وجوهه رجس، فمن توهّم أنّ علياً وفاطمة(عليهما السلام) يدخلان من بعد هذا الإخبار من الله في شيء من الكذب والباطل عن غفلة أو تعمّد، فقد كذّب الله، ومن كذّب الله فقد كفر بغير خلاف، فغضبت فاطمة(عليها السلام) عند ذلك فانصرفت من عنده وحلفت انّها لا تكلّمه وصاحبه حتّى تلقى أباها فتشكو إليه ما صنعا بها.

فلمّا حضرتها الوفاة أوصت علياً(عليه السلام) أن يدفنها ليلاً ; لئلا يصلّي عليها أحد منهم، ففعل ذلك، فجاؤا من الغد يسألون عنها، فعرفهم أنّه قد دفنها، فقالوا له: ما حملك على ما صنعت؟

قال: أوصتني بذلك فكرهت أن أخالف وصيّتها، وهم قد رووا جميعاً أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “فاطمة بضعة منّي، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل”(4) ولم يجز أن أخالف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في مخالفة وصيتها.

ورووا كذلك جميعاً أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة(عليها السلام): “يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك”(5) فإذا كان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قد أخبر أنّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها، وأنّ من آذاها فقد آذى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ومن آذى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقد آذى الله، وقد دلّ دفنها بالليل من غير أن يصلي عليها أحدٌ منهم، أو من أوليائهم، أنّ ذلك كان منها غضباً عليهم بما اجتروا عليها وظلموها، وإذا كان ذلك كذلك فقد غضب الله عليهم بعد أن آذوها، فإذاً قد أذوا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بأذاهم إياها، وقد آذا الله عزّ وجل بأذاهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّ الله عزّ وجلّ يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}(16)

ورووا أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) قال لأبي بكر حين لم يقبل شهادته: يا أبا بكر، اصدقني عمّا أسألك.

قال: قل.

قال: أخبرني لو أنّ رجلين احتكما إليك في شيء في يد أحدهما دون الآخر أكنت تخرجه من يده دون أن يثبت عندك ظلمه.

قال: لا.

قال: فممن كنت تطلب البيّنة منهما، أو على من كنت توجب اليمين منهما.

قال: أطلب البيّنة من المدعي، وأوجب اليمين على المنكر، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): “البينة على المدعي، واليمين على المنكر”.

قال أمير المؤمنين(عليه السلام) أفتحكم فينا بغير ما تحكم به في غيرنا؟

قال: فكيف ذلك.

قال: إنّ الذين يزعمون أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ما تركناه فهو صدقة، وأنت ممن له في هذه الصدقة ـ اذا صحّت ـ نصيب، وأنت فلا تجيز شهادة الشريك لشريكه، فيما يشاركه فيه، وتركة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بحكم الإسلام في أيدينا، إلى أن تقوم البيّنة العادلة بأنّها لغيرنا، فعلى من ادعى ذلك علينا إقامة البيّنة، ممن لا نصيب له فيما يشهد به وعلينا اليمين فيما تنكره، فقد خالفت حكم الله تعالى وحكم رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قبلت شهادة الشريك في الصدقة، وطالبتنا بإقامة البيّنة على ما ننكره ممّا ادعوه علينا، فهل هذا إلاّ ظلم وتحامل؟

ثمّ قال: يا أبا بكر، أرأيت لو شهد عندك شهود من المسلمين المعدلين عندك على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعاً؟

قال: كنت والله أقيم عليها حد الله في ذلك.

قال له إذاً كنت تخرج من دين الله ودين رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: لم؟

قال: لانّك تكذّب الله وتصدّق المخلوقين، إذ قد شهد الله لفاطمة بالطهارة من الرجس في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(7) فقلت أنت إنّك تقبل شهادة من شهد عليها بالرجس، إذ الفواحش كلّها رجس، وتترك شهادة الله لها بنفي الرجس عنها.

فلمّا لم يجد جواباً قام من مجلسه ذلك وترك علياً(عليه السلام) (8) .

التمسك بولاية عليّ (علیه السلام):

اعتنق “إقبال أحمد” التشيّع عام 1402هـ (1982م) ، ونظم قصائد في مدح أهل البيت(عليهم السلام) جمعها في ديوان شعر، وترجم عدّة كتب من لغة “الأرود” إلى لغة “السند”.

يقول “إقبال أحمد”: بعد التمسّك بولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وأهل بيته(عليه السلام) بدأت بالتبليغ لهداية الناس، وقد تشيّع بفضل هذه الجهود التي ما أردت بها إلاّ وجه الله تعالى العديد من الأقارب وغيرهم.

____________

1-أبو بكر .

2-أخرج هذا الحديث عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) جمع من الحفاظ والأعلام منهم: الخطيب البغدادي في التاريخ ج4، ص321، بطرقه عن أم سلمة، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج7، ص236، وقال رواه البزار والحافظ ابن مردويه في المناقب، والسمعاني في فضائل الصحابة أخرجاه عن عائشة، وابن مردويه أيضاً في المناقب، والديلمي في الفردوس عن عائشة أيضاً بلفظ (الحقّ لن يزال مع عليّ وعليّ مع الحقّ لن يختلفا ولن يفترقا)، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ج1، ص68، عن محمّد بن أبي بكر عن عائشة بلفظ (عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ) والزمخشري في ربيع الأبرار بلفظ (عليّ مع الحقّ والقرآن والحقّ والقرآن مع عليّ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض) وبهذا اللفظ أخرجه أخطب الخطباء الخوارزمي في المناقب، من طريق الحافظ ابن مردويه، وكذا شيخ الإسلام الحموي في فرائد السمطين من طريق الحافظين أبي بكر البيهقي والحاكم أبي عبد الله النيسابوري. أقول: ورواه محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى: ص37 .

3-وذلك لمّا أطبق المفسرون على نزول قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} ـ سورة الأحزاب: 33 ـ في أهل بيت النبيّ(عليهم السلام)وعليّ وفاطمة(عليهما السلام) لا ريب أنهما من أهل البيت(عليهم السلام) وذكره جلة علماء العامّة، منهم محبّ الدين الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى: ص24، ط ، بيروت دار الوفاء، وقال: أخرجه مسلم وأحمد في المناقب، وكذلك الطبراني، وذكر المرتضى في الشافي، وشيخ الطائفة في تلخيص الشافي، العديد منها، فراجع.

4-إنّ حديث “فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني”، من الأحاديث المتواترة وإنّ اختلف في بعض الفاظ المتن، فممّن ذكره أصحاب الصحاح البخاري، ومسلم، والترمذي، وأحمد، وأبو داود، وابن حجر في الصواعق، والكنجي في كفاية الطالب، كلهم في باب مناقب فاطمة(عليها السلام).

5-رواه ابن حجر العسقلاني في ترجمة فاطمة(عليها السلام) من الإصابة، وقال النبهاني في الشرف المؤيّد ص59، إنّه رواه الطبراني وغيره بإسناد حسن، ورواه الحافظ محيي الدين الطبري في ذخائر العقبي ص39.

6-الأحزاب (33) : 57.

7-الأحزاب (33) : 33.

8-الاستغاثة، عليّ بن أحمد الكوفي 35 ـ 46 .