محمد صادق فخر الإسلام

محمد صادق فخر الإسلام أو موشه بن یوحنا (مسيحي / إيران)

ولد في إيران في مدينة أرومية في أواسط القرن الثالث عشر الهجري في عائلة مسيحية، درس في المدرسة العلية الآشورية، وتخرّج منها قسيساً، سافر إلى الفاتيكان لإكمال دراسته الدينية، والتقى بكبار المطارنة هناك واستفاد منهم، التقى بناصر الدين شاه القاجار، ومنحه الشاه لقب فخر الإسلام، وكان قد أسلم قبل ذلك على يد أحد كبار المجتهدين، وتعلّم الإسلام منه ثمّ سافر إلى النجف الاشرف، ودرس في حوزتها لمدة طويلة.

استبصاره:

يقول فخر الإسلام: ولدت في الكنيسة في عائلة مذهبية توارثت الانتماء إلى السلك الروحاني المسيحي أباً عن جد، وحصلت على رتبة القسيس في الثانية عشر من عمري.

سافرت إلى الكثير من البلدان للاستفادة والاطلاع على المذاهب المسيحية الأخرى إلى أن اختصصت بخدمة أحد كبار المطارنة الكاثوليك، وكان يحضر درسه المئات للاستفادة من علومه الغزيرة.

وكان يخصّني من بينهم بمحبّته واهتمامه، وصرت أرافقه في معظم أوقاته. وكان يثق بي كثيراً، وسلّم لي مفاتيح بيته ما عدا مفتاح واحد لأحد الصناديق كنت أتصوّر أنّه يحفظ فيه أمواله.

في إحدى الأيام مرض أستاذي ـ وكان عمري قد بلغ الثامنة عشر تقريباً ـ وأمرني بإبلاغ تلاميذه بتخلّفه عن الدرس. ذهبت لإبلاغ التلاميذ بذلك ووجدتهم يتباحثون فيما بينهم، وكان البحث يدور حول معنى كلمة (فارقليطا) التي وردت في الانجيل. ولم يتفق التلاميذ على معنى معيّن لها، وتفرّقوا بعدما أخبرتهم بعدم مجيء الأستاذ، وكلّ له رأي خاص به في معناها.

رجعت إلى أستاذي فسألني عن موضوع مباحثة الطلاب في غيبته، فأخبرته بما جرى، وعرضت عليه الأقوال في معنى الكلمة، فسألني عن رأيي في ذلك، فقلت: إني قد اخترت أحد الآراء، وعرضته عليه، فقال: أنت لم تقصر لكن الحقّ خلاف جميع الأقوال التي ذكرتها، ولا يعرفه إلاّ الراسخون في العلم، وهم قليل.

فطلبت منه أن يذكر لي معنى هذه الكلمة الشريفة وقلت له سيدي إنّك تعلم أنّي من المجدّين في الدراسة والمنقطعين إليها انقطاعاً تاماً، ولا أترك الدراسة إلاّ في أوقات الصلاة والوعظ، وتعلم أيضاً شدّة تديّني وتعصّبي لدين المسيح فهلا تفضّلت عليّ بمعناها.

بكى أستاذي بشدّة وقال: أنت من أعزّ تلاميذي، ولا أخفي عليك شيئاً، وأعلم أنّه في ذكر معناها الصحيح فائدة كبيرة، لكنّي أخاف عليك وعلى نفسي من القتل إذا انتشر معنى هذه الكلمة بين المسيحيين، فتعجّبت من كلامه عندما لاحظ إصراري على معرفة المعنى قال: سأقوله لك بشرط أن لا تذكر اسمي لأحد من الناس أبداً في حياتي ومماتي، وأريد منك أن تقسم على ذلك بأشدّ الأيمان، فقبلت ذلك، وأقسمت بالله والمسيح ومريم والإنجيل وكلّ المقدسات الأخرى على أن لا أفشي اسمه، فلمّا اطمأنّ إلى ما قلت، قال: ياولدي، هذه الكلمة هي اسم  من الأسماء المباركة لنبي المسلمين بمعنى أحمد أو محمّد، ثمّ أعطاني مفتاح الصندوق ـ الذي كنت أظنّ سابقاً أنّه يضع فيه أمواله ـ وقال: افتح الصندوق، وآتني بالكتاب الفلاني، والكتاب الفلاني، فأطعت أمره، وأراني معنى الكلمة فيهما، وهما من الكتب القديمة المكتوبة على الجلد، ورأيت أنّهما قد ترجما كلمة فارقليطا بمعنى أحمد ومحمّد، ثمّ قال لي أستاذي: إعلم أ نّه لم يكن اختلاف في معنى الكلمة قبل ظهور النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) لكن القساوسة غيّروا معناه وتلاعبوا ببعض حروف الكلمة إخفاءاً للحقيقة وعناداً للإسلام.

قلت له: فما تقول في ديننا فقال: إنّه منسوخ لظهور النبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقلت متلهفاً: فكيف النجاة، فقال: طريق النجاة والصراط المستقيم الذي يؤدي إلى الله هو متابعة دين الإسلام ـ الذي جاء به ـ دون غيره من الأديان، فقلت له: ما الذي يمنعك من الدخول في دين الإسلام.

فقال: ياولدي: أنا اطّلعت على حقيقة الإسلام على كبر السن وفي أواخر أيام الحياة، وأنا في الباطن مسلم، ولكني لا أستطيع ترك هذا المنصب والرئاسة التي أنا فيها لمحاذير كثيرة منها القتل، وقد رأيت بنفسي أشخاصاً أسلموا، فلم يحفظهم المسلمون، ولم يعرفوا قدرهم فارتدّوا إلى المسيحية ثانية، وخسروا الدنيا والآخرة، وأنا أخاف على نفسي من ذلك!

ثمّ بكى أستاذي طويلاً وبكيت لبكائه، ثمّ قلت له: هل تأمرني بالدخول في دين الإسلام قال: إذا كنت تريد الآخرة والنجاة فعليك بقبول دين الحقّ، واتباعه، وأنت شاب أمامك فرص كثيرة للتقدّم في الحياة، وأنا سأدعوا لك دائماً، وانت أيضاً كن شاهداً لي يوم القيامة على أنّي مسلم في الباطن.

بعد سماع كلام أستاذي والتأمّل فيه ورؤية الكتابين المحفوظين عنده، استولى عليّ حبّ الإسلام والنبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وصرت لا أعبأ ولا أهتم بالدنيا  ولذّاتها وزخرفها.

تركت كلّ شيء ولم آخذ معي سوى كتابين أو ثلاثة ممّا أملك، وقررت السفر إلى أرومية، ووصلت إليها بعد منتصف الليل بعد سفر مجهد طويل، ولم أضيّع الوقت، فذهبت من توي إلى بيت أحد العلماء المسلمين المشهورين فيها، وعرضت عليه أمري، وأني أحبّ أن يعلّمني دين الإسلام، فعلّمني بعض الضروريات فنطقت بالشهادتين و”الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله”.

مؤلّفاته:

1ـ أنيس الأعلام في نصرة الإسلام، الناشر: مكتبة مرتضوي في سنة 1351هـ في طبعته الجديدة، وكان المؤلّف قد طبعه سنة 1315هـ ـ ق، لأوّل مرّة، حقّق الكتاب في طبعته الجديدة: السيّد عبد الرحيم خلخالي.

ذكر في هذا الكتاب كيفية استبصاره، وأوضح الكثير من العقائد المسيحية، وردها بأسلوب علمي رصين، كما رد الكثير من تخرصات الحاقدين على الإسلام من القساوسة، ثمّ أوضح الكثير من العقائد الإسلاميّة الصحيحة التي تقابل الأمور الباطلة في ما يتمسّك به المسيحيون اليوم، والكتاب باللغة الفارسية .

2ـ بيان الحقّ وصدق المطلق، عشرة أجزاء، طبع منها أربعة عليّ أصغر خان أتابك، ذكر المحقق في الكتاب السابق.

3ـ خلاصة الكلام في افتخار الإسلام، جدد طبعه بأمر من المرجع آية الله السيّد البروجردي رحمه الله، ذكره محقّق كتاب (أنيس الاعلام).

4ـ برهان المسلمين.

5ـ تعجيز المسيحيين.

6ـ وجوب الحجاب وحرمة الشراب.