عبد اللّه بيك

عبد اللّه بيك ( شافعي / أندونيسيا )

ولد سنة 1389هـ (1970م) في مدينة “سومنب مدورا” بأندونيسيا، ونشأ في أسرة شافعية المذهب، التحق بالمدرسة الوطنيّة الإسلاميّة المسائية في مدينته، ودرس فيها ثماني سنوات إلى جانب دراسته في المدارس الحكوميّة في الصباح . ثمّ درس في معهد الدراسات الإسلاميّة والعربيّة في “جاكرتا” التابع لجامعة محمّد بن سعود في الرياض .

مراحل استبصاره:

ذكر “عبد اللّه بيك” مراحل استبصاره كما يلي ، وقال:

1 ـ دراستي اللغة العربية والتعاليم الوهابية:

بعد إكمالي الدراسة في المدرسة الإسلاميّة المسائيّة حصلت لي القدرة على مطالعة الكتب العربيّة; ولرغبتي الشديدة في التسلّط على اللغة العربيّة، لغة القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، انتسبت إلى معهد دراسات اللغة العربيّة في العاصمة “جاكرتا” التابع لجامعة محمّد بن سعود في الرياض في المملكة السعوديّة، وكان الهدف الأوّل المعروف من تأسيس المعهد هو تعليم اللغة العربيّة، ثمّ أُدخلت بعد ذلك التعاليم الوهابيّة ، وأُنشئت كليّة الشريعة بعد قسم اللغة (الإعدادي) .

وأضاف “عبد اللّه بيك”: لم أبق في المعهد إلاّ سنة ونصف درست فيها اللغة العربية في القسم الإعدادي، ومع ذلك اطّلعت على العديد من الكتب الوهابية التي تهاجم الشيعة ورموزهم، وتبثّ الشائعات والشبهات ضدّهم ، ممّا حداني إلى

السؤال عن الشيعة وعن عقائدهم .

2 ـ استبصار أخي الأكبر:

عرفت في هذه الأثناء أنّ أخي الأكبر قد انتمى إلى مذهب الشيعة، فما كان منّي إلاّ أن أناقشه وأعرض عليه بعض الكتب التي يوزّعها الوهابيّون، فكان ردّ فعل أخي الأكبر هو أنّه جمع إخواني وعرض عليهم مبادئ المذهب الشيعي وأوّلها إمامة أهل البيت(عليهم السلام) وردّ على الشبهات التي يطرحها الوهابيّون في كتبهم، وعرض المسائل الخلافيّة بين المذاهب الإسلاميّة; ممّا دعاني إلى المطالعة وقراءة ما تقوله المذاهب الإسلاميّة، وما تستدلّ به في محاولة لتلمّس الحقيقة ومعرفة الصواب .

3 ـ دور احدى المناظرات العلمية في تعاطفي مع التشيّع:

حصلت في نفس الوقت تقريباً مناظرة علمية بين أحد علماء الشيعة المعروفين في أندونيسيا وتلميذ له تركه وذهب للدراسة في السعودية، ثمّ عاد محمّلا بالأفكار الوهابية التي تهاجم الشيعة; وقد استمعت إلى هذه المناظرة على شريط الكاسيت فوجدت أنّ أجوبة العالم الشيعي مستدلّة ومتينة وتستند في كثير من جوانبها إلى كتب أهل السنّة أنفسهم .

4 ـ وصولي إلى مرحلة اليقين وإعلان الاستبصار:

واصلت مطالعاتي ، ثمّ سافرت بعد فترة إلى ماليزيا حيث كان يقيم هناك أخي الأكبر، وقرأت عنده بعض كتب المستبصر التيجاني السماوي التونسي التي وجدت فيها أدلّة استبصاره وكيفيّة انتقاله إلى المذهب الشيعي، كما قرأت بعض الكتب التي تعرض تاريخ المسلمين بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، وما حصل في السقيفة وبعدها من أحداث، وكان أهمّها الاعتداء على بيت فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها بنت الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وزوجة الإمام علي(عليه السلام)، فحصل عندي اطمئنان تام بصحّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فاعلنت ولائي وكان ذلك سنة 1410هـ (1990م)، وبدأت اتعلّم عند أخي الأحكام الشرعية وفق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) كأحكام الوضوء والصلاة وغيرهما .

بحثه حول الإمامة:

وجد “عبد اللّه بيك” خلال بحثه العقائدي أنّ المسلمين اختلفوا فيمن يقوم مقام الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في هداية البشر وبيان أحكام اللّه سبحانه بعد وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، فهل هو من يختاره المسلمون أنفسهم، أو هو من ينصّ عليه اللّه سبحانه أو الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) . ومن هذا الاختلاف نشأت مدرستان في الإسلام، إحداهما تقول بالنصّ، وعُرف أتباعها فيما بعد بالشيعة الإمامية، والأخرى تقول بالشورى ـ وإن كانت لم تحصل قطّ في خلافة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ !، وعُرف أتباعها فيما بعد بأهل السنّة والجماعة .

وبالبحث والتحقيق في معالم هذين المذهبين، ودراسة الأدلّة التي تستند إليها كلّ منهما لتشييد هذه المعالم، وبعد محاولة معرفة أقربيّة المفاهيم التي تعتقد بها كلّ مدرسة ومقارنة الأحكام التي تصدرها مع موازين القرآن والسنّة النبويّة الشريفة توصّل عبد اللّه بيك إلى نتائج مهمّة وتبيّن له بأنّ مسألة الإمامة هي من صميم الإسلام وتترتّب عليها نتائج كثيرة وخطيرة، ولا يبعد عن الأذهان قول الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل: “ما سلّ سيف في الإسلام على قاعدة دينيّة مثل ما سلّ على الإمامة”(1).

مدرسة الشورى:

اعتقد أتباع هذه المدرسة أنّ الخليفة أو الإمام الذي له صلاحيّة أن يقتدي به المسلمون ويطيعوه هو من ينتخبه المسلمون أنفسهم، أو أصحاب الحل والعقد منهم عن طريق التشاور فيما بينهم . واستدلّوا على ذلك بعدّة أدلّة منها:

1 ـ إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم ينصّ على أحد في من يخلفه على سبيل الصراحة.

2 ـ إنّ اللّه سبحانه وتعالى عظّم أمر المشاورة حيث ورد ذكرها صريحاً في موضعين من الآيات القرانية(2).

3 ـ إنّ كلّ الصحابة أو جلّهم تسالموا على ما جرى في السقيفة بعد وفاة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) .

مدرسة النص:

اعتقد أتباع هذه المدرسة بأنّ الإمام أو الخليفة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قد تمّ تعيينه من قبل اللّه سبحانه وتعالى وقد بيّن ذلك الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في العديد من المناسبات، واستدلّوا على ذلك بعدّة أدلّة منها:

1 ـ إنّ المفترض أن يقوم الإمام مقام الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاته ، وهذا ما اتّفق عليه الكلّ، وبعبارة أُخرى يكون الإمام خليفة ووكيلا للّه تعالى وللرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإذا كان كذلك يكون من اللازم أن تكون الخلافة والوكالة من المخلوف عنه والموكِّل وليس من أيّ شخص آخر; لأنّ شأن الخليفة والوكيل ومقامه شأن ومقام الأنبياء والرسل(عليهم السلام) .

2 ـ إنّ اللّه سبحانه ذكر في عدّة موارد في القرآن بأنّ الإمامة تكون بالنصّ من قبله وأنّه هو الذي يجعل من يريد إماماً وهادياً، كما في قوله تعالى: { وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا … }(3)، وقوله تعالى: { وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا … }(4)، وقوله تعالى: { … قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً … }(5) .

3 ـ إنّ الإمامة كما بيّنت الآيات التي ذكرناها تكون بجعل من اللّه سبحانه، وهي ليست من جعل الناس حتّى يتشاوروا فيما بينهم فيمن يجعلونه إماماً وهادياً . نعم إنّ اللّه سبحانه قرّر الشورى ، ولكن ليس في أمر خطير كالإمامة، بل قرّرها في أمورهم الدنيويّة الجزئيّة المؤقّتة ، ولهذا لم يعهد أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) شاور الناس في أمر من أمور العبادات كالصلاة والصيام أو أيّ أمر من الأمور التي يفرضها اللّه سبحانه على الناس، كما أنّ آيتي الشورى تبيّن بأنّ الشورى ليست على إطلاقها، وإنّها وردت مع أمور أُخرى تقيّدها وتضعها في إطار محدود لا يمكن أن يرقى إلى مسألة الإمامة التي هي استمرار للرسالة .

4 ـ وردت أحاديث كثيرة وروايات متعدّدة عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)ذكرت ولاية الإمام علي(عليه السلام) وأولاده الأحد عشر(عليهم السلام) في كتب السنّة والشيعة منها: حديث الغدير(6)، وحديث المنزلة(7)، وحديث الاثنا عشر(8) وغيرها.

نشاطاته:

1 ـ هاجر في سبيل طلب العلم إلى إيران للدراسة في الحوزة العلمية للتزوّد من علوم آل محمّد(عليهم السلام) .

2 ـ عاد في فترات مختلفة إلى وطنه، ومارس عدّة نشاطات دينية وثقافية كالتدريس والتأليف والترجمة، وإدارة إحدى المؤسّسات الإسلاميّة .

3 ـ له نشاط في عالم الانترنت للدفاع عن التشيّع، والإجابة على الأسئلة الدينيّة المختلفة .

4 ـ يعمل حالياً في أندونيسيا في مؤسسة الهدى الثقافية ، وله اتّصال واسع مع المستبصرين والمتعاطفين مع التشيّع في أندونيسيا.

مؤلفاته:

1 ـ صلاة الليل .

2 ـ فضائل السور القصيرة .

3 ـ الاستخارة .

4 ـ أدعية الاستشفاء .

5 ـ ترجمة كتاب “لأكون مع الصادقين” لمؤلفه المستبصر التيجاني السماوي إلى اللغة الأندونسية .

6 ـ ترجمة دعاء عرفة للإمام الحسين(عليه السلام) إلى اللغة الأندونيسية .

____________

1- الملل والنحل، الشهرستاني 1: 24 .

2- آل عمران(3): 159، الشورى(42): 38 .

3- الأنبياء(21): 73 .

4- السجدة(32): 24 .

5- البقرة(2): 124 .

6- مجمع الزوائد، الهيثمي: 9/ ص88 ب49 .

7- صحيح البخاري: 3/ ص125 ح 4416 .

8- صحيح البخاري: 4/ ص398 ح7222 .