الشيخ إبراهيم القادري الحسيني

العلامة المرحوم المغفور له الشيخ إبراهيم القادري الحسيني

* سورية – القامشلي – عامودة

* مواليد عام (1914م)

* اعتنق التشيع عام (1982م)

* توفي عام (1993م)

مؤلف كتاب (الإمام علي الإنسان الكامل)

السيرة الذاتية:

هو الشيخ إبراهيم بن السيد محمد ظاهر الحسيني القادري نزيل مدينة عاموده. سوريا، نشأ في أسرة معروفة بانتمائها إلى آل البيت مشهورة بالعلم والتقوى وجده العارف بالله السيد الشيخ محمد الباقري الحسيني القادري المدفون ببلدة دارا التابعة لولاية ماردين التركية، وجده الثالث عشر هو السيد الشيخ حسين المعروف بباقي كال والمدفون في مدينة ديار بكر بتركيا، وضريحه يزار وهو مشهور لدى الجميع.

ولد عام 1914 وتوفي مساء الجمعة 27 شعبان 1413 الموافق 19 شباط 1993 تلقى العلوم الشرعية والعربية في المدرسة العلمية الشرعية بعاموده وفق دراسة منهجية من فقه وتوحيد وأصول وحديث وتفسير وفنون اللغة من نحو وبلاغة وصرف وحصل على الإجازة عام 1937، ثم درّس فترة في تلك المدرسة وكان مثال الأستاذ الناجح.

كان مضرب المثل في البحث عن الحقيقة يقضي الأيام والليالي في التنقيب والبحث فامتاز بسعة الإطلاع والفهم لما يطالع، وخاصة في التفسير والفقه على المذاهب الخمسة وقد أختير عضواً في لجنة الدراسات الفقهية إلى جانب عدد من سادة العلماء في القطر العربي السوري.

كان في دروسه ووعظه يدعو الناس الى الإيمان بالله تعالى وإلى التقوى والتحابب والتآلف، يدعو إلى الوحدة الإسلامية مما أكسبه حب الجميع ـ جسد بسلوكه قيم الدين الحنيف في أبهى صور الصلابة والصدق والصفاء، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وحشره في زمرة الأنبياء والصديقين وآل البيت الذين يواليهم ويهيم في حبهم.

بسم الله الرحمن الرحيم(*)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هو أول مخلوق وأشرف مبعوث صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد.

فالموضوع من هو الإنسان الكامل..

وأقول مستعيناً بالله العلي العظيم الإنسان هو مخلوق عجيب في أحسن تقويم مركب من عالم الغيب ومن عالم الشهادة مركب من روح وهي من عالم الأمر وجسم وهو من عالم الخلق فجمع لطيفاً وكثيفاً فلا بد أن يعطي كلاً منهما حقه وواجبه فمن حق الروح أن يكون له اتصال بالعالم العلوي بالإيمان بالغيب من المشاهدات والأحوال والمقامات التي تحصل لمن صفت روحه من الكدرات البشرية وأما واجب الإنسان من حيث جسمه الكثيف المخلوق من التراب فعليه أن يكون له تعلق بالأسباب، ويكون ساعياً في تدبير ما يأمن له حياته الجسمية وتطلباتها لسد حاجتها الضرورية.

كيفية خلق الإنسان

ورد في الحديث القدسي الشريف: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فقبضت قبضة من نوري وقلت لها كوني محمداً)، فإذن هو (صلى الله عليه وآله) أو مخلوق وكائن وجوداً نورانياً روحانياً فمنه تفرعت الكائنات علوياً وسفلياً.

وكان نوره (صلى الله عليه وآله) يسبح الله تعالى قبل خلق السموات والأرض بألفي عام كما ورد في الخبر ومن عجيب صنعه تعالى أن خلق الإنسان الكامل وهو حبيبه محمد (صلى الله عليه وآله) قبل كل شيء نوراً وروحاً وبحكمته تعالى أن يجعل آخر الكل صورة وظهوراً فهم الوجود خيراً وبركة أولاً وآخر.

فهو أشرف مخلوقاته الحامل لسره تعالى في الكون وجعله دليلاً إلى معرفته والوصول الى ساحة كرمه تعالى أن خلع عليه أمر الخلافة في الكون ليكون وسيطاً بين الخلق وخالقه ليعرفهم طرق الوصول إليه تعالى وما ينتج منها من أداء الواجبات وكيفية التوجه إليه سبحانه بصدق وإخلاص لأداء حق العبودية لله تعالى ويحصل له يقيناً أنه عبد الله سبحانه وتعالى.

وقد ورد: (من عرف نفسه فقد عرف ربه)، يعني أنه كان عدماً فأوجده الله، وضعيفاً لا يملك من أمره شيئاً، لا حول ولا قوة إلا بالله سبحانه، فوهبه الله العلم والعقل والمعرفة ولهذا تحمل الإنسان الأمانة التي أشفق منها السموات والأرض والجبال.

فمن هنا ظهر سر كون الإنسان الكامل هو خليفته في الأرض ليكون دليلاً إلى ارتباط الأرض بالسماء ومعرفة الخلق بخالقه تعالى والخير حاصل بينهما.

وذلك لمن يكون على بصيرة من الأمر وخلي من رعونات النفس وأهوائها وعدم التلوث بزخارف الدنيا وشهواتها.

فثبت بما ذكرنا أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) هو الإنسان الكامل المطلق، ثم الأنبياء والرسل وأوصيائهم (عليهم السلام) ، بالنسبة لكل واحد في وقت وجوده وحياته، وأما الآن بالنسبة لهذه الأمة الخيرية فالإنسان الكامل بعد الرسول عليه الصلاة والسلام هو خليفته ووصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) مباشرة، الذي فارق الحياة (صلى الله عليه وآله) والتحق بالرفيق الأعلى وكان رأسه الشريف على صدره (عليه السلام) ويده في يده ومسح بها وجهه، وما فارقه (صلى الله عليه وآله) من أول عمره الى أن وضعه في لحده في مثواه الأخير إلى أن يقوم الناس لرب العالمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى وصيه وخليفته من بعده. وذلك ثابت بالكتاب والسنة وعليه جمع غفير من الصحابة والتابعين والعلماء والعاملين إلا من طمس الله على بصيرته بمثله عن الحق وجريه وراء أهواءه لخبث سريرته وانطوائها على الدغل والفساد والنفاق قال تعالى: (ويحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) فحرّفوا وغيّروا وبدّلوا فكانوا من الظالمين الناكثين.

والدليل على كون الإمام والخليفة بعده (صلى الله عليه وآله) مباشرة هو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) :

أولاً: قوله تعالى في القرآن الكريم في سورة المائدة: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) .

وثبت عند الجميع أن الذي أتى الزكاة وهو راكع هو سيدنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

والقصة مشهورة في كتب الحديث والتعبير بلفظ الجمع للتعظيم وهو جدير به وفيه إشارة أن الإمامة لا تنقطع بل تستمر إلى آخر الدهر وراثة منه (صلى الله عليه وآله) الى الأئمة الاثني عشر أولهم أمير المؤمنين وآخرهم الإمام القائم المنتظر عجل الله فرجه، حيث ورد عنه (صلى الله عليه وآله) لا تخلو الأرض من إمام من أهل بيته يقوم بأمر الأمة وبيان معنى الآيات والأحاديث النبوية وراثة من أمير المؤمنين باب مدينة علم الرسول (صلى الله عليه وآله) .

حيث جاء النص منه (صلى الله عليه وآله) بالإمامة لكل واحد منهم باسمه واحداً بعد واحد كما هو مذكور في كتب من يعتقد بهم.

وثانياً قوله تعالى: ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

فالآية تدل وتشير إلى الإمامة معنى حيث سئل النبي (صلى الله عليه وآله) من هم أهل بيتك الذين طهرهم الله من الرجس تطهيرا فقال (صلى الله عليه وآله) : (هم علي وفاطمة والحسن والحسين) عليهم سلام الله، وهل يليق بالإمامة من لم يكن مطهراً من الرجس وقد سبق له أكبر الظلم هو السجود للصنم بدليل قوله تعالى: (ولا ينال عهدي الظالمين).

وثالثاً آية المباهلة تدل على ذلك إشارة بل صراحة قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) ومن هو المراد بأنفسنا إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) نصاً وإشارة ومعنى.

فإن التطهير من الرجس يدل على العصمة ومن حق الإمام أن يكون معصوماً وكونه (عليه السلام) نفس الرسول (صلى الله عليه وآله) يدل صراحة على ترشيحه (عليه السلام) للخلافة بعده مباشرة ولكن ويا للأسف فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وأما ثبوت إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) بالسنة النبوية فقد وردت أحاديث الدار حينما أنزل الله سبحانه قوله: (وأنذر عشيرتك الأقربين) .

فأمر (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يجمع بني هاشم وبني عبد المطلب إلى داره ويضع لهم طعاماً من فخذ شاة وقعب من لبن فحضروا وقدم الطعام فوضع (صلى الله عليه وآله) يده المباركة فيه وسمى الله تعالى، فتقدم القوم عشرة عشرة وأكلوا جميعاً وشبعوا وشربوا من اللبن وكان أربعين شخصاً أو ناقص واحد أو زائد واحد.

وبقي من الطعام شيء كثير ومن اللبن أيضاً ببركته (صلى الله عليه وآله) ففي اليوم الأول والثاني لم يتكلم معهم استئناساً لهم وفي اليوم الثالث عرض عليهم دعوته الى التوحيد وترك عبادة الأصنام وقال (صلى الله عليه وآله) : (من يؤازرني ويساعدني على هذا الأمر فهو وزيري وخليفتي من بعدي، فما تكلم منهم أحد غير من أشقاه الله وتبت يداه، فقام سيدنا علي وقال: أنا يا رسول الله. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اجلس أنت وزيري وخليفتي).

* ومنها حديث المؤاخاة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار وترك علياً بلا أخ فجاء الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعينه تدمع وقال: يا رسول الله تركتني بلا أخ فقال (صلى الله عليه وآله) : (أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ألا إنه لا نبي بعدي).

وما هي منزلة هارون من موسى غير النبوة فبقي الخلافة بنص قوله تعالى: (أخلفني في قومي) .

* ومنها حديث غدير خم فهو أكثر صراحة واقوى دليلاً على الخلافة حيث لا مجال للشك والتردد لأنه رواه جمع غفير من الصحابة ما يزيد على مائة صحابي، ومن التابعين ما يناهز الثمانين، وأما من العلماء من السلف والخلف من القرن الثاني إلى القرن الرابع عشر ما يقارب ثلاثمائة وستين عالماً؛ كل هؤلاء ذكروا حديث غدير خم وصححوه وألفوا فيه، فمن لم يكفه هذا العدد من الصحابة والتابعين والعلماء في إثبات إمامته (عليه السلام) يكون مطموس البصيرة عديم الإدراك كمن ينكر ضوء الشمس في رابعة النهار ولا غيم.

* ومنها نومه (عليه السلام) في فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة الهجرة المباركة فجاد بنفسه (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) والجود بالنفس هو أقصى غاية الجود.

فهو (عليه السلام) أول من سن الفداء في سبيل الله سبحانه وبعدما أدى (عليه السلام) أمانات الناس التي كانت عند النبي (صلى الله عليه وآله) لحق النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة المنورة بالفواطم (عليهن السلام) بعد ثلاثة أيام فتعرض له ثمانية فرسان من المشركين فقتل أشجعهم وانهزم الآخرون.

* ومنها وقعة بدر الكبرى التي تجلت فيها فتوة أمير المؤمنين (عليه السلام) وشجاعته الخارقة وذلك لما تقابل الجيشان جيش الإيمان الإسلام وجيش الكفر والإلحاد وطلبوا المبارزة من المسلمين.

فتقدم نفر من الأنصار فقالوا من أنتم قالوا من الأنصار فقالوا لا نريدكم بل نريد أكفاءنا من قريش وعند ذلك تقدم حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب وهو أصغرهم سناً، فقالوا أنتم أكفاء ونعم الأكفاء، وحصل القتال ونصر الله سبحانه الحق على الباطل والإيمان على الكفر وفي تلك الواقعة قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) خمسة وثلاثة رجلاً من صناديد قريش وشارك مع غير في قتل الآخرين.

فبلغ عدد القتلى سبعين رجلاً وأسروا سبعين رجلاً وانهزم جيش الكفر مع كثرة عددهم ووفرة عدتهم أمام قوة الإيمان وصلابة الإسلام والحمد لله رب العالمين.

* ومنها مواساته (عليه السلام) ودفاعه عنه (صلى الله عليه وآله) في وقعة أحد حينما خالفوا أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) وطمعوا في الغنيمة وفر بعضهم وأشاعوا قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) واشتد البأس وحمي الوطيس فما بقي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير علي (عليه السلام) وأبي دجانة وعدة أشخاص من المخلصين في الإيمان، فأحاط بهم المشركون لينالوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخابوا وخسروا.

فوقاية الله سبحانه له (صلى الله عليه وآله) حالت دونهم أن يفعلوا شيئاً.

وهنا أيضاً تجلت فتوة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كلما توجه جماعة من المشركين إليهم فيقول (عليه الصلاة والسلام): (أكفنيهم يا علي)، فيهجم عليهم فيقتل من وصل إليه، ويفر الباقون وهكذا، وحينئذ نزل جبريل الأمين (عليه السلام) وقال هذه هي المواساة يا رسول الله وسمعوا هاتفاً من السماء (لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار).

ومنها وقعة الخندق لما جاء قريش وجمعوا معهم الأحزاب من القبائل المحيطة بالمدينة وأرادوا بزعمهم هجمة واحدة على المسلمين في عقر دارهم فسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) خبرهم فجمع رسول الله الصحابة وأعلمهم الخبر، فأشار بعمل الخندق بينهم وبين المدينة الصحابي الجليل سلمان الفارسي المحمدي فاستحسنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر بحفر الخندق وباشر الصحابة بالعمل وشاركهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه في العمل.

وجاء المشركون والأحزاب فوجدوا الخندق وجاء بطلهم بزعمه وهو عمر بن ود العامري فقفز على الخندق بفرسه هو وابنه ونفر آخرون وصاروا بين الخندق وبين المسلمين.

ونادى بأعلى صوته هل من مبارز فما خرج أحد من المسلمين لمبارزته ولما تكرر منه النداء وعدم قيام أحد لمبارزته قام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنه عمرو يا علي فقال (عليه السلام) وإن كان عمرو يا رسول الله، فلما أرى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عزم علي على المبارزة فألبسه عمامته وقلّده سيفه وضرب بيده الشريفة على ظهره ودعا له بالنصر، فتقدم أمير المؤمنين لمبازة عمرو؛ فقال له عمرو من انت قال: أنا علي بن أبي طالب. فقال عمرو كان بيني وبين أبي طالب صحبة وصداقة ما أحب أن أقتلك. فقال سيدنا علي (عليه السلام) : ولكن أنا أحب أن أقتلك، فتقدما وقال سيدنا علي لعمرو الإنصاف من شيمة الرجال فارس ورجال، فقال نعم، ونزل من فرسه وتبادلا بالضرب فجاء ضرب علي (عليه السلام) أن قطع ساقيه وجندله في الأرض وجاء ضرب عمرو على رأس علي (عليه السلام) ولكن وقاية الله حالت دون ذلك.

فكبّر الإمام علي وكبّر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبّر المسلمون فرحاً بنصر الله سبحانه، وتوجه الإمام الى ابنه فقتله في الخندق وفر الآخرون وكفى الله المؤمنين القتال. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (قابل الإيمان كله الكفر كله)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لو وزن إيمان علي وإيمان الأمة لرجح إيمان علي (عليه السلام) )، وبمثل هذا وغيره ثبت فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأنه هو الأولى بالتقديم بالخلافة والإمامة على غيره.

* ومنها ما يثبت في حرب حنين، أنه (عليه السلام) وعمه العباس ونفر من بني هاشم وقفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما تفرق أصحابه وانهزموا حتى جاء نصر الله له (صلى الله عليه وآله) بالملائكة بدون قتال.

* ومنها بل من أشهرها انتشاراً وثبوتاً فتح خيبر حيث حاصرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشرين يوماً فبعث رسول الله عليه الصلاة والسلام جيشاً ودفع الراية الى أبي بكر فرجع منهزماً، وفي اليوم الثاني دفعها الى عمر بن الخطاب فرجع أيضاً خائباً مجبناً، وفي اليوم الثالث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (اليوم أدفع الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)، فرجا كل أحد من الصحابة أن يكون هو ذلك الرجل، فقال عليه الصلاة والسلام أين علي بن أبي طالب فقالوا غائب وفي عينه رمد فأتى به (عليه السلام) فبصق (صلى الله عليه وآله) في عينه فبرئت وصارت أحسن من الأولى.

وأعطاه الراية وقال: (خذها كراراً غير فرار)، ودعا له أن يذهب الله عنه الحر والقر، فتوجه الإمام علي (عليه السلام) إلى خيبر وكانت لها حصون منيعة، فخرج مرحب بطل خيبر في زعمه فبارزه الإمام وقتله واقتحم الحصون الحصينة، وكان لها باب من الحجر الصلب فقلعه الإمام وجعله ترساً له ثم رماه الى الأرض وفتح المسلمون حصون خيبر واستولوا على الغنائم الكثيرة في هذه الواقعة.

وبعد ذلك اجتمع جماعة من المسلمين على أن يحركوا هذا الحجر الذي قلعه الإمام ورماه في الأرض فما قدروا على ذلك، فسبحان الله العلي القدير الذي وهب هذه القوة للإمام (عليه السلام) وفتح خيبر على يده والحمد لله رب العالمين.

وبالمناسبة نذكر نبذاً مما وهبه الله سبحانه للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الفضائل والمناقب التي لا تدخل تحت الحصر، ومع ذلك تناول العلماء من العامة والخاصة جملة منها كل حسب إطلاعه ومبلغ علمه ولا بأس بذكر شيء منها فنقول وبالله نستعين.

* أولها وجوداً ولادته (عليه السلام) في الكعبة المشرفة وهذا من الفضل بمكان حيث ما حصل ذلك لأحد غيره لا قبله ولا بعده.

* ثم عنايته (صلى الله عليه وآله) بتربيته في صغره ومنحه من لطفه وحنانه حتى كان (صلى الله عليه وآله) يهز سريره ويغذيه بعطفه حتى بلغ حد التمييز، وبعث النبي (صلى الله عليه وآله) وعمر الإمام ثماني سنين أو عشر فآمن به (صلى الله عليه وآله) ، وصلى الإمام معه (صلى الله عليه وآله) وخديجة ولا ثالث لهما، وبهذا حاز قصب السبق دون سائر الناس.

* ومما انفرد به الإمام (عليه السلام) أنه ما سجد لصنم ولا عمل شيئاً من أعمال الجاهلية واستحق عند ذكره (عليه السلام) بقول كرم الله وجهه.

لا كما فسره بعض الناس أن سبب ذلك هو عدم النظر إلى عورته حيث ليس فيه كبير شأن.

والفرق كبير بين من سبق عليه عبادة الأصنام بأشكالها وبين من ترعرع في أحضان النبوة.

يقول سبحانه في القرآن الكريم: (لا ينال عهدي الظالمين) .

فبهذه المناقب والفضائل المذكورة هنا يحصل للناظر إليه شوق ومزيد رغبة إلى التطلع إلى الكتب المؤلفة في هذا الشأن ليرتوي من معين نميره الصافي الوافي والكافي، ولا شك أن فضائل الإمام (عليه السلام) ومناقبه وما امتاز به قد ملأت الآفاق واشتهر خبرها مع عدم إظهارها خوفاً من المؤالف وكرهاً من المخالف وقد عمت أرجاء العالم نفحة طيبها وعبقات شذاها الكون عامة وخاصة، ومن الجدير بالذكر قال بعض أهل العلم إن في اسم علي كفاية عن ذكر فضائله (عليه السلام) .

كما قال بعضهم وليس بمستنكر على الله أن يجمع العالم في واحد.

وبما ذكرنا من هذه الأحرف وبهذه البضاعة المزجاة جئت متطفلاً لكي يكون محركاً لهمم القاصرين مثلي الى زيادة الإطلاع الى ما هناك مما تفضل الله سبحانه به على الإمام (عليه السلام) ، وأهّله بذلك لأن يكون بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) هو الإنسان الكامل الذي له الحق أن يكون وصياً للرسول وخليفته في أمته وإماماً يقتدى به ومن بعده الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) وآخرهم الإمام المنتظر عجل الله فرجه آمين.

الأحاديث النبوية التي تصرح بالأئمة الاثني عشر

* روى القندوزي الحنفي في ينابيعه ينابيع المودة عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين وأن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم المهدي).

والأحاديث النبوية التي تصرح بأنهم أوصياء رسول الله في كتب أهل السنة كثيرة تتجاوز حد التواتر غير ما روته شيعتهم في ذلك.

* أخرج الحمويني الشافعي في فرائد السمطين عن ابن عباس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون ومعصومون) وفيه أيضاً عن ابن عباس عنه (صلى الله عليه وآله) : (إن اوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي اثنا عشر أولهم أخي وآخرهم ولدي) قيل يا رسول الله من أخوك قال: (علي) قيل: ومن ولدك؟ قال: (المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج ولدي المهدي فينزل روح الله عيسى ابن مريم فيصلي خلف ولدي وتشرق الأرض بنور ربها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب).

* وفي ينابيع المودة في الباب 95 بسنده إلى جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا جابر إن أوصيائي وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف بالباقر ستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه مني السلام ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي ابن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي ثم القائم اسمه اسمي وكنيته كنيتي ابن الحسن بن علي ذلك الذي يفتح الله تبارك وتعالى على يديه مشارق الأرض ومغاربها ذلك الذي يغيب عن أوليائه غيبة لا يثبت على القول بإمامته إلا من أمتحن الله قلبه للإيمان)، قال جابر فقلت يا رسول الله فهل للناس الانتفاع به في غيبة فقال: (إي والذي بعثني بالنبوة أنهم يستضيئون بنور ولايته في غيبته كالانتفاع بالشمس وان سترها السحاب هذا مكنون سر الله ومخزون علم الله فأكتمه إلا عن أهله).

* وروي الحمويني في فرائد السمطين والخوارزمي الحنفي بسنده الى أبي سليمان راعي إبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه فقلت والمؤمنون قال صدقت قال: يا محمد إني اطلعت إلى أهل الأرض اطلاعه فاخترتك منهم فشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانية فاخترت منهم علياً فسميته باسمي يا محمد خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السموات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ومن جحدها كان من الكافرين يا محمد لو أن عبداً من عبادي عبدني حتى ينقطع أو يصير كالشن البالي ثم جاءني جاحداً لولايتكم ما غفرت له يا محمد تحب أن تراهم قلت: نعم يا رب قال لي أنظر الى يمين العرش فنظرت فإذا علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي ابن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد المهدي بن الحسن والمهدي منهم الثائر من عترتك وعزتي وجلالي انه المنتقم من أعدائي والممهد لأوليائي).

* وروى الحمويني أيضاً في فرائد السمطين بحذف أسانيده عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من أحب أن يتمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوه وليوال وليه فإنه وصيي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي)، ثم قال (عليه السلام) : (من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة ومن خالف علياً حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار ومن خذل علياً خذله الله يوم القيامة ومن نصر علياً نصره الله يوم يلقاه ولقنه حجته عند المسألة).

ثم قال (عليه السلام) : (الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة أمهما سيدة نساء العالمين وأبوهما سيد الوصيين ومن ولد الحسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم من ولدي طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي الى الله أشكو منكري فضلهم ومضيعي حرمتهم بعدي وكفى بالله ولياً وناصراً لعترتي وأئمة أمتي ومنتقماً من الجاحدين حقهم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

وإليك جملة من كتب أهل السنة التي ذكرت حديث اثنا عشر خليفة:

منها مناقب أحمد بن حنبل والشافي، وتنزيل القرآن من مناقب أهل البيت لأبي نعيم الحافظ الأصفهاني، وفرائد السمطين في فضائل المرتضى والزهراء، والسمطين للحمويني الشافعي، ومطالب السؤول لمحمد بن طلحة الشافعي، وكفاية الطالب، وكتاب البيان للكنجي الشافعي، ومسند فاطمة للدارقطني، وكتاب فضائل أهل البيت للخوارزمي الحنفي، والمناقب لابن المغازلي الفقيه الشافعي، والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي، وجواهر العقدين للسمهوري المصري، وذخائر العقبى للمحب الطبري، وكتاب مودة القربى لعلي بن شهاب الهمداني الشافعي، بل والصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي، والإصابة لابن حجر العسقلاني، وجامع الأصول، ومسند أحمد بن حنبل، ومسند أبي يعلى الموصلي، ومسند أبي بكر البزار، ومعاجم الطبراني، والجامع الصغير للسيوطي، وكنز الدقائق للمناوي.

إن هذه الروايات المتعددة الواصلة إلينا من طرق القوم أهل السنة لأقوى دليل وأظهر حجة وأسطع برهان على أن الخليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا فصل هو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وبعده الأئمة الأحد عشر المعصومون خلفاء الرسول وأئمة المسلمين واحداً بعد واحد الى أن يقوم الناس لرب العالمين وليس في وسع أحد كائناً من كان إنكار هذه الأحاديث الثابتة المروية من طرق أعاظم علماء السنة وأكابر محدثيهم فضلاً عن طرق الشيعة إلا أن يكون قد طفئت شعلة ذهنه وجعل على قلبه غشاوة وغلاف فكان ممن قال الله فيهم: (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) .

وقال فيهم: (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعهم الى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً) وذلك لإعراضه عما هو واضح من الدليل والنص الظاهر ظهور نادر القرى ليلاً على علم تعصباً منه وكفراً وعناداً، وقد اعترف أيضاً بصحة ما ذكرنا محمد بن إدريس الشافعي أحد أئمة مذاهب أهل السنة الأربعة بقوله:

ولما رأيــت الـنـاس قــد ذهبت بهم مـذاهبهم في أبحر ألغي والجهل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم كـمـا قـــد أمرنا بالتمسك بالحبل

إلى آخر الأبيات:

وكفى بالإمام الشافعي قدوة للتمسك بحبل أهل البيت لمن يدعي إتباعه.

واسأله تعالى أن يهدي عباده إلى الحق والصواب وإليه تعالى المرجع والمآب.

قال الإمام الشافعي:

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم
ركبت على اسم الله في سفن النجا
وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم
اذا افترقت في الدين سبعون فرقة
ولم يك ناج منهم غير فرقة
أفي الفرق الهلاك آل محمد
فإن قلت في الناجين فالقول واحد
إذا كان مولى القوم منهم فإنني
فخلوا علياً ولياً ونسله

مذاهبهم في أبحر ألغي والجهل
وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل
ونيف كما قد جاء في محكم النقل
قل لي بها يا ذا التفكير والعقل
أم الفرق اللائي نجت منهم قل لي
وإن قلت في الهلاك حدت عن العدل
رضيت بهم لا زال في ظلهم ظلي
وأنتم من الباقين في أوسع الحلي

تهنئة القوم علياً بالخلافة:

ولما خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبته تلك العظيمة أمر بمن حضر المشهد من أمته ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار حتى أمهات المؤمنين بالدخول على أمير المؤمنين (عليه السلام) وتهنئة علي تلك الخطوة الكبيرة بإشغاله منصة الولاية ومتربع الأمر والنهي في دين الله.

وقد روى ذلك جماعة كبيرة من أعاظم علماء السنة والجماعة منهم الطبري في كتابه الولاية أخرج حديثاً بإسناده عن زيد بن أرقم وفي آخره وكان أول من صافق النبي (صلى الله عليه وآله) وعلياً وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس إلى أن صلى الظهرين في وقت واحد وأمتد ذلك إلى أن صلى العشائين في وقت واحد وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثاً.

* ومنهم الدارقطني فقد أخرج عنه ابن حجر في الفصل الخامس من الباب الأول من صواعقه أن أبا بكر وعمر لما سمعا الحديث قالا للإمام علي (عليه السلام) أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة فقيل لعمر إنك تضع لعلي شيئاً لا تضعه بأحد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: إنه مولاي.

* ومنهم الحافظ أبو سعيد النيسابوري في كتابه شرف المصطفى بإسناده عن البراء بن عازب بلفظ أحمد بن حنبل وبإسناد آخر عن أبي سعيد الخدري ولفظه ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (هنئوني إن الله تعالى خصني بالنبوة وخص أهل البيت بالإمامة) فلقي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين فقال: طوبى لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.

* وممن روى ذلك أحمد بن حنبل في مسنده 41 ص281، والطبري في تفسيره ج3 ص428، وابن مردويه في تفسيره، والثعلبي في تفسيره، والبيهقي والخطيب البغدادي وابن المغازلي والغزالي في كتابه سر العالمين ص91، والشهرستاني في الملل والنحل، وأبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي في مناقبه.

والرازي في تفسيره الكبير ج3 ص636، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب، والمحب الطبري الشافعي في الرياض النضرة ج3 ص169، والحمويني في فرائد السمطين في الباب الثالث عشر، وأبو الفداء ابن كثير في البداية والنهاية ج5 ص209، والمقريزي في الخطط ج2 ص223، وابن صباغ المالكي في الفصول المهمة ص25، والسيوطي في جمع الجوامع، كما في كنز العمال ج6 ص397، والسمهوري في وفاء الوفا بأخبار المصطفى ج2 ص173 وابن حجر في الصواعق ص26 إلى غير ذلك من أئمة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنة ممن لا يسع درج أسمائهم في كتابنا هذا فإنهم رووه بين راو مرسلاً له إرسال المسلّم، وبين راوٍ إياه بمسانيد صحاح برجال ثقاة تنتهي إلى يغر واحد من الصحابة كابن عباس وأبي هريرة والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وغيرهم.

ولنعم ما قال الغزالي في كتاب سر العالمين في المقالة الرابعة بما لفظه:

ولكن أسفرت الحجة وجهها وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته (صلى الله عليه وآله) في يوم غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول: (من كنت مولاه فعلي مولاه)ن فقال عمر: (بخ بخ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة)، فهذا تسلمي ورضى وتحكيم، ثم بعد هذا غلب الهوى بحب الرئاسة وحمل عود الخلافة وعقود البنود وخفقان الهواء في قعقعة الرايات واشتباك ازدحام الخيول وفتح الأمصار، سقاهم كأس الهواء فعادوا إلى الخلاف الأول فنبذوا الحق وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون. انتهى.

ومع الأسف كل الأسف رأينا القوم كل من أتى منهم بما يثبت مدعى الشيعة على إثبات أحقية علي أمير المؤمنين وبنيه (عليهم السلام) بالخلافة يتهمونه بالتشيع، مع أن من رأيناهم متعصبين في مذهبهم ويرشقون الشيعة بسهام الكذب والافتراء، إلا أن الله تعالى ينطلق لسانه بالحق مختاراً فيتكلم عن الواقع إذ أن الحق يعلو ولا يعلى عليه كما هو مأثور مشهور، وأما الشيعة فإنهم رجال علم وصدق واجتهاد ملؤوا أرض الله علماً وعملاً وصدقاً في القول وإن قال فيهم أخصامهم ما قالوا كذباً وافتراءً؟.

وروى الحمويني في فرائد السمطين ونقله عن ينابيع المودة أول باب 76 بسنده عن ابن عباس قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري من حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك قال سل يا أبا عمارة فسأل عن أشياء إلى أن قال فأخبرني عن وصيك من هو فما من نبي إلا وله وصي وأن نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع ابن نون فقال: (إن وصيي علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين)، قال: يا محمد فسمهم لي فقال: (إذا مضى الحسين فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه جعفر فإذا مضى جعفر فابنه موسى فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه علي فإذا مضى علي فابنه الحسن فإذا مضى الحسن فانه الحجة محمد المهدي)، فهؤلاء اثنا عشر.. الخ.

وفيه أنه أسلم وأخبر أنه وجد ذكرهم في كتب الأنبياء السالفين وفيما عهد إليهم موسى (عليه السلام) وهو طويل فراجعه.

نبذة لطيفة من الأحاديث الواردة في فضل أمير المؤمنين وذريته الطاهرة

ذكر علماء الإسلام قاطبة على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم روايات كثيرة عديدة في مؤلفاتهم ومسانيدهم وصحاحهم في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وذريته الطاهرة تذكر ما تيسر لنا.

* منها: لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له الجواز، روى ابن حجر في الصواعق المحرقة له قال روى ابن السمان أن أبا بكر قال له أي لعلي (عليه السلام) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (لا يجوز أحد الصراط غلا م كتب له علي الجواز).

ونقل هذا الحديث بعد نقله من سنن الدارقطني ما هذا نصه أن علياً (عليه السلام) قال للستة الذي جعل الأمر شورى بينهم كلاماً طويلاً من جملته: (أنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة غيري؟ قالوا اللهم لا).

وأخرج هذا الحديث الحمويني الشافعي في فرائد السمطين وأخرجه المحب الطبري الشافعي في الرياض النضرة وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه وأخرجه ابن المغازلي الشافعي في كتابه المناقب وابو بكر بن شهاب الدين الشافعي في رشفة الصادي وروى الحديث جماعة من الصحابة غير أبي بكر كابن عباس وابن مسعود.

علي قسم الجنة والنار:

أخرج الخوارزمي الحنفي في مناقبه يحذف أسانيده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله: (يا علي إنك قسيم الجنة والنار وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها فلا حسابا).

لو اجتمع الناس على حب علي (عليه السلام) ما خلق الله النار:

أخرج القندوزي الحنفي في ينابيع المودة عن الهمداني عن عمر بن الخطاب قال قال (صلى الله عليه وآله) : (لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار).

قال العلامة العسكري في كتابه مقام أمير المؤمنين عند الخلفاء ص54 أخرج هذا الحديث عن عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة الكرام جماعة من علماء السنة منهم الخوارزمي في كتابه مقتل الحسين ج2 ص38، ومنهم محمد صالح الحنفي في كتابه الكوكب الدري ص822 عن عمر بن الخطاب قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لما خلق الله النار).

وصفوة القول:

قد تعين خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا فصل من هذا الحديث الشريف المتواتر وهو: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) مضافاً إلى ما تقدم من الأدلة القطعية العقلية منها والنقلية إذ جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً باباً للمدينة التي يأتيها رواد العلم من كل حدب وصوب ولم يوكل النبي (صلى الله عليه وآله) هذا الأمر إلى غير علي من الصحابة لعدم وجود أهلية أحد منهم بذلك العبء الثقيل لما فيه من الأهمية العظيمة المترتب عليها فوز الأمة إن انقادت وسلّمت الأمر لمن هو له أهل، أو هلاكها إن خالفت وعصت. ألا ترى إلى قوله (صلى الله عليه وآله) : (من أراد العلم فليأت الباب).

الشيعة والقرآن:

جاء في القرآن المجيد آيات عديدة تؤدي مدعى الشيعة وقد فسرها علماء الفريقين وفقاً لما ذهب إليه الشيعة منها:

* آية الولاية وهي قوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) اتفق جميع أهل البيت (عليهم السلام) علماء التفسير والحديث من الشيعة وكثير من مفسري السنة بل جميعهم على أن هذه الآية الكريمة نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما تصدق بخاتمه على المسكين وهو يصلي في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى إن ذلك كان مسلماً عند الأصحاب في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) والتابعين.

وقد نص على ذلك من علماء السنة.

قال السيوطي في الدر المنثور أخرج الخطيب في المتفق عن ابن عباس قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع فقال النبي (صلى الله عليه وآله) من أعطاك هذا الخاتم قال: ذاك الراكع فأنزل الله: (إنما وليكم الله ورسوله…) .

* ومنها آية التطهير وهي قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) .

ففي تفاسير الشيعة أنها نزلت في أهل البيت (عليهم السلام) خاصة لا يشاركهم فيها أحد وكذا جاء في تفسير أهل السنة هكذا غير أنهم يعترفون وينحرفون في معناها، فمرة يخصونها بهم، وأخرى يشاركون معهم نسائه (صلى الله عليه وآله) ، ومرة أخرى يخصونها بهنّ، وهذا يخالف اللغة العربية لأنه لما خاطب الله جل وعلا نساء الرسول (صلى الله عليه وآله) أتى بضمير التأنيث ولما أراد الله سبحانه أن يذهب الرجس عن أهل البيت أتى بضمير التذكير وهو عنكم ويطهركم.

ورواها جل المفسرين والمؤرخين وأهل السير وعولوا عليها في تصريحاتهم باختصاص الآية الشريفة بالخمسة أهل الكساء.

أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أنس بن مالك أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يمر ببيت فاطمة (عليها السلام) ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول الصلاة: (يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).

أخرجه الواحدي في تفسير الآية من كتابه.

وأخرجه ابن جرير في تفسير الآية من تفسير الكبير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني وغيرهم.

وأخرج الترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عديدة.

* عن أم سلمة قالت في بيتي نزلت هذه الآية وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين فجللهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكساء كان عليه ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً).

* وأخرج مسلم في باب فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في صحيحه عن عائشة قالت: خرج رسول الله غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: (يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) وهذا الحديث أخرجه أحمد من حديث عائشة في مسنده.

ومنها آية المباهلة:

وهي قوله تعالى: (فمن حاجك فيه من بعدك ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) . فقد أجمع المفسرون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم بنزولها في الخمسة الأطهار محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. فهناك رجال الصحابة برمتهم فلم يدع (للمباهلة) أحداً منهم غير علي والحسنين من الرجال ثم هناك أمهات المؤمنين والهاشميات فلم يدع منهن واحدة سوى بضعته الصديقة الزهراء (عليها السلام) من النساء.

ولا يخفى على ذي بصيرة أن المراد من الأنفس هنا هو أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى.

فظهر من هذه الآية الشريفة أن الخليفة يجب أن يكون بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) حيث جعله الله نفس محمد (صلى الله عليه وآله) بعلمه وأخلاقه وكرمه وشجاعته وحلمه ووفور أخلاقه الحسنة ومواهبه الكريمة وعطفه على الضعفاء وشدته على ذوي الظلم والطغيان ومنزلته الرفيعة التي أقامه الله بها ما عدا النبوة بدليل قوله (صلى الله عليه وآله) : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى ألا إنه لا نبي من بعدي) فلا يجوز تقديم أحد عليه مطلقاً لأن التقدم عليه كالتقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا غير شائع شرعاً فتنبه وأنصف.

ومنها آية المودة:

وهي قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنة إن الله غفور شكور) .

فقد اتفق المفسرون من الشيعة جميعاً على نزول هذه الآية الكريمة خاصة من أهل البيت علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وهكذا جاء في تفاسير السنة والجماعة وصحاحهم ومسانيدهم أما أهل البيت فقد أجمعوا وكذا أولياؤهم قد اتفقوا في كل سلف وخلف على أن القربى هنا هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فهم ألصق الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) .

وأما الحسنة الواردة في الآية إنما هي مودتهم وموالاتهم وأن الله تعالى غفور شكور لأهل ولايتهم.

كما نص عليه ابن حجر في تفسير الآية 14 من الآيات التي اوردها في الفصل الأول من الباب 11 من صواعقه قال: لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال (صلى الله عليه وآله) : علي وفاطمة وأبناهما. انتهى.

وهذا الحديث أخرجه عن ابن عباس أيضاً ابن المنذر وابن مردويه والمقريزي والبغوي والثعلبي في تفاسيرهم والسيوطي في الدر المنثور والحافظ أبو نعيم في حليته والحمويني في فرائده والواحدي وابن المغازلي في المناقب.

ومنها آية الصلاة:

* وهي قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) .

اتفقت كلمة الشيعة أجمع على أن هذه الآية نزلت في حق النبي وآله الأطهار وجرى على منهجهم كثير من علماء السنة وإليك ما ورد فيها من الروايات الثابتة من طريق المخالف عدا عن المؤالف.

* روى محمد بن إدريس الشافعي في مسنده قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرنا صفوان بن سليم عن أبي سليمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال: (تقولون اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ثم تسلمون علي).

* وروى ابن حجر في صواعقه قال: صح عن كعب بن عجرة قال: لما نزلت هذه الآية قلنا: يا رسول الله قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال: (قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد).. إلى أن قال وروي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (لا تصلوا علي الصلاة البتراء. فقالوا: وما الصلاة البتراء. قال: تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد).

أيها القارئ هذه خمس آيات قرآنية ويتلوها خمسة أحاديث نبوية وهي:

1) حديث الدار .

2) وحديث الثقلين .

3) وحديث المنزلة .

4) وحديث السفينة.

5) وحديث المدينة .

فتلك عشرة كاملة ثابتة من جميع الطرق لم يخالف فيها أحد كائناً من كان إلا أن يكون أحد به الهوى فأهوى في هوة سحيقة لا حدّ لها ولا قرار، فانجلى أمر الخلافة الفورية لعلي (عليه السلام) .

بهذه الأدلة العشرة الكاملة التي أثبتها علماء الإسلام وصححها أكابر علماء السنة فضلاً عن علماء الشيعة طبقاً لما ذهب إليه الشيعة الأبرار فلا عبرة ولا اعتبار لمنكر الخلافة الفورية لعلي (عليه السلام) لانحرافه عن جادة الصواب وهناك نصوص متكاثرة وروايات متظافرة وأحاديث كثيرة ضاق عن إحصائها القلم كتاباً وسنة فالأمل كل الأمل أن ينقاد إخواننا السنة إلى الحق ويدعوا الطعن على إخوانهم الشيعة، إذ أنهم سلكوا سبيل آل البيت سواء بسواء لم يعرجوا إلى غيرهم ولم يحيدوا عنهم قيد شعرة، ولا ينسبون إليهم الأكاذيب الشنيعة والأقاويل المفتعلة، كما فعله بعضهم كابن تيمية وابن حزم وكالشيخ نوح الذي أفتى بكفر الشيعة الأبرار وقتلهم وسبي نسائهم واسترقاق ذراريهم ونهب أموالهم تابوا أم لم يتوبوا، وغير هؤلاء ممن سلك طريقهم الفاسد.

وإذا كان هناك مجال في المناظرة وطلب الحق فالأجدر بكم أيها الأخوة الرد عليهم بالتي هي أحسن وذلك بأدلة عقلية أو نقلية لا بالشتم والتهم وهو أليق بالآداب الإسلامية التي أتى بها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وجادلهم بالتي هي أحسن) ، ألا ترون إلى ما في مؤلفات الشيعة من الحجج ما يثبت مدعاهم، ويمسكون عن السب والشتم بل يدعون لكم بقولهم اصلح الله إخواننا.. هذه أخلاقهم التي رشفوها عن أئمتهم، وتلك كتبهم قد ملأت أرض الله الواسعة.. فعليكم بمراجعتها والرد عليها إن وجدتم إلى ذلك سبيلاً. على أنني عثرت على كثير من مؤلفاتهم أي الشيعة فوجدت الأمر على خلف ما يقال فيهم.

من كتاب العلامة الشيخ أمين مرعي الأنطاكي نزيل حلب. المسمى (لماذا اخترت مذهب الشيعة، مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ) بتغير بسيط في التقدم والتأخر.

الأمام علي في الأحاديث النبوية:

من كتاب لمؤلفه السيد محمد إبراهيم الموحد

إيمان علي (عليه السلام) :

عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله يقول: (لو أن السموات السبع والأرضين والسبع وضعت في كفة ميزان ووضع إيمان علي بن أبي طالب في كفة ميزان لرجح إيمان علي). وروي هذا الحديث عن عبد الله بن عمر أيضاً وعن غيره.

حب علي (عليه السلام) :

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (حب علي بن أبي طالب شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا فمن تعلق ببعض أغصانها أوقعه في الجنة. وبغض علي بن أبي طالب شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا فمن تعلق بها في الدنيا أوردته إلى النار). وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : (طوبى لمن أحبك وصدق بك وويل لمن أبغضك وكذبك).

وبما أن الإمام علياً (عليه السلام) يعتبر من أهل البيت وآل محمد كما نصت بذلك آية التطهير وآية المودة وغيرهما، نرى مناسباً أن نذكر هذا الحديث الشريف. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

(ألا ومن مات على حب آل محمد مات شهيداً ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة). وقال (صلى الله عليه وآله) : (عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب).

فضل علي على سائر الناس:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (فضل علي على سائر الناس كفضل جبريل على سائر الملائكة). قال الكنجي الشافعي: هذا حديث حسن عال في كتابه كفاية الطالب ص176.

وعن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله يقول: (فضل علي على هذه الأمة كفضل شهر رمضان على سائر الشهور وفضل علي على هذه الأمة كفضل ليلة القدر على سائر الليالي وفضل علي بن أبي طالب على هذه الأمة كفضل الجمعة على سائر الأيام فطوبى لمن آمن به وصدق بولايته والويل لمن جحده وجحد حقه حقاً على الله أن لا ينيله شيئاً من روحه يوم القيامة ولا تناله شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله) )(1).

وفي حديث آخر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (فضل علي ابن أبي طالب على جميع الصحابة تسعين مرتبة) (2).

مثل الإمام علي في الناس:

وعن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي ما مثلك في الناس إلا كمثل سورة قل هو الله أحد في القرآن من قرأها مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، وكذا أنت يا علي من أحبك بقلبه أخذ ثلث الإيمان ومن أحبك بقلبه ولسانه فقد أخذ ثلثي الإيمان ومن أحبك بقلبه ولسانه ويده فقد جمع الإيمان كله والذي بعثني بالحق نبياً لو أحبك أهل الأرض كما يحبك أهل السماء لما عذب الله أحداً منهم بالنار) (3).

النظر إلى الإمام علي عبادة:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (النظر إلى علي عبادة ذكره عبادة ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه) (4) وقال (صلى الله عليه وآله) : (أيها الناس من أراد أن يطفئ غضب الله وأن يقبل الله عمله فلينظر إلى علي فالنظر إليه يزيد في الإيمان وأن حبه يذيب السيئات كما تذيب النار الرصاص) (5).

وجاءت عدة أحاديث في الموضوع اختصرنا للإيجاز من أراد الاطلاع فعليه بمراجعة كتاب الإمام علي في الأحاديث النبوية ص38.

ذكر الإمام علي عبادة:

عن السيدة أم المؤمنين أم سلمة قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب إلا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحف بهم فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء فتقول لهم الملائكة إنا نشم من رائحتكم ما لا نشمه من الملائكة فلم نر رائحة أطيب منها فتقول الملائكة كنا عند قوم يذكرون محمداً وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا. فيقولون اهبطوا بنا إليهم فتقول تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله فيقولون اهبطوا بنا حتى نتعطر بذلك المكان) (6).

روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (زينوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب) (7).

الإمام علي ميزان محبة الله:

عن عمار بن ياسر قال: قال (صلى الله عليه وآله) : (أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولى الله ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عزوجل) (8). وقد ورد غير ذلك.

الإمام علي إمام أولياء الله:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي ما عرجني ربي عزوجل إلى السماء وكلمني ربي إلا قال يا محمد اقرأ علياً مني السلام وعرفه أنه إمام أوليائي ونور أهل طاعتي فهنيئاً لك هذه الكرامة) (9).

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إن الله عهد إليّ في علي عهداً فقال علي راية الهدى ومنار الإيمان وإمام أوليائي ونور جميع من أطاعني).

الإمام علي حجة الله:

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (نزل جبريل صبيحة يوم فرحاً مسروراً مستبشراً فقلت حبيبي مالي أراك فرحاً مستبشراً فقال يا محمد وكيف لا أكون فرحاً مستبشراً وقد قرت عيني بما أكرم الله أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب. فقلت وبم أكرم الله أخي ووصيي وإمام أمتي علي بن أبي طالب قال: باهى الله عبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه وقال: ملائكتي انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي محمد فقد عفر خده في التراب تواضعاً لعظمتي وأشهدكم على أنه إمام خلقي ومولى بريتي) (10).

وفي حديث آخر له (صلى الله عليه وآله) قال: (يا علي أنت حجة الله وأنت بابه وأنت الطريق إلى الله) (11).

الإمام علي ولي الله:

علي ولي الله شعار كل مؤمن وهو شعار نابع من صميم الإسلام ومن واقع الإيمان علي ولي الله شعار كتبه الله في السماء أعلن عنه رسول الله في الأرض.

أما في السماء فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لما أسري بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً بالذهب لا إله إلا الله محمد حبيب الله علي ولي الله فاطمة أمة الله الحسن والحسين صفوة الله على مبغضيهم لعنة الله) (12).

وقد ورد غير ذلك في الأصل.

ومن المناسب أن نذكر أن شعار علي ولي الله يعتبر من الشعارات الأساسية في الإسلام وبها يعرف المؤمن من غيره.

وقد نودي بهذا الشعار في الأذان في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقرره النبي وأمضاه.

جاء ذلك في كتاب السلافة في أمر الخلافة أن الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري وقف بعد واقعة الغدير وأذّن للصلاة وزاد في الأذان بعد قول أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن علياً ولي الله وهنا هرع جمع من المنافقين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشكوا إليه ما سمعوا من أبي ذر (رض) إلا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجه التأنيب والتوبيخ إليهم وقال: أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعلي بالولاية، أي أليس معنى ذلك أن علياً ولي الله وهل جاء أبو ذر بشيء جديد حتى تشكوه إليّ وأضاف (صلى الله عليه وآله) معاتباً لهم أما سمعتم قولي في أبي ذر (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر).

وهكذا قرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الشهادة وهذا الشعار في الأذان وأكد على صحتها وجوازها.

وبالإضافة إلى أدلة وأحاديث أخرى فقد تمسك المسلمون الشيعة بهذا الشعار في الأذان حرصاً منهم على الاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله) كما أنه ثبت أن قول النبي وفعله وتقريره حجة شرعية.

الإمام علي سيف الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (علي بن أبي طالب سيف الله وسيفي) وعن أنس بن مالك قال: صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فحمد الله وأثنى عليه إلى أن قال: أين علي بن أبي طالب فقام علي (عليه السلام) وقال: أنا ذا يا رسول الله فقال النبي: ادن مني فدنا منه فضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه وقال بأعلى صوته: (معاشر المسلمين هذا علي بن أبي طالب هذا أسد الله وسيفه على أعدائه..) إلى آخر الحديث (13).

الإمام علي أسد الله:

وقد دل على ذلك حديث أنس السابق.

وفي حديث هذا شيخ المهاجرين والأنصار (هذا أبو السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة هذا مفرج الكروب عني هذا أسد الله في أرضه وسيفه على أعدائه فعلى مبغضيه لعنة الله ولعنة اللاعنين) (14).

الإمام علي أعدل الناس وأقومهم بأمر الله:

عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي بن أبي طالبH فقال (صلى الله عليه وآله) : (قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده وفي نسخة فقبض منها أي من ستارها ثم قال والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة).

ثم قال: (إنه أولكم إيماناً معي وأوفاكم بعهد الله تعالى وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعمكم عند الله مزية).

قال جابر وفي ذلك الوقت نزلت الآية: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) . وكان أصحاب النبي إذا اقبل علي قالوا قد جاء خير البرية(15).

الإمام علي الهادي إلى دين الله:

روي عن ابن عباس في قوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: لما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على صدره وقال: أنا النذير وأومأ بيده إلى صدر عليه وقال: أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله) : (أنا النذير وعلي الهادي)(16).

الإمام علي نور الله:

عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام) : (خلقت أنا وأنت من نور الله تعالى) عن أبي سلمى راعي إبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله وعظم شأنه يا محمد من خلّفت في أمتك قلت: خيرها قال علي بن أبي طالب، قلت: نعم، قال عزوجل: يا محمد إني اطلعت إلى أهل الأرض اطلاعة فاخترتك منها فشققت لك اسماً من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانية فاخترت علياً وشققت له اسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي.

يا محمد إني خلقتك وخلقت علياً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ نور من نوري.. ) إلى آخر الحديث(17).

الإمام علي أحب الخلق إلى الله بعد رسول الله :

هناك مجموعة كبيرة من الأحاديث النبوية التي تصرح بأن الإمام علي (عليه السلام) هو أحب الخلق إلى الله بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد رويت هذه الأحاديث الشريفة عن طرق عديدة من الصحابة والتابعين وقد ذكرها العلماء والحفاظ والمحدثون في كتبهم وصحاحهم ومؤلفاتهم المعتبرة فمن تلك الأحاديث حديث الطائر المشوي وهو حديث متواتر وقد روي بصور مختلفة ومتفاوتة فمن أراد الإطلاع فعليه بمراجع الأصل ص61 وخلاصة القول أن الإمام علي بن أبي طالب يحب الله ورسوله ويحبه الله رسوله وكفى.

الإمام علي المؤيد من عند الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (إن الله تبارك وتعالى أيد هذا الدين بعلي وأنه مني وأنا منه) (18). روي عن أبي سعيد الخدري وابي هريرة وغيرهما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث علياً بن أبي طالب (عليه السلام) إلى اليمن وهو شاب ليقضي بينهم فقال علي: يا رسول الله إني لا أدري ما القضاء فضرب رسول الله بيده على صدره وقال اللهم اهد قلبه وسدد لسانه قال علي (عليه السلام) : فوالله ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين.

الإمام علي الخشن في ذات الله:

الإمام علي الخشن في ذات الله أي الذي لا تأخذه في دين الله لومة لائم فهو يطبق أحكام الله وحدوده بكل صلابة وصراحة كما قال سبحانه: (يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) فهو خشن في ذات الله أي من أجل الله وفي سبيل الله ولا يفرق بين الناس في تطبيق الأحكام عليهم.

وأيضاً الإمام (عليه السلام) خشن مع نفسه في عيشه وحياته فهو لا يعطي نفسه كل ما تريد من اللذة والهوى ولا يعيش عيشة الترف والبذخ مع قدرته على كل ذلك.

الإمام علي أول من صلى مع رسول الله :

عن ابن عباس قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إن أول من صلى معي علي) (19).

وعن عباد بن عبد الله قال: سمعت علياً يقول لقد صليت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة (20).

الإمام علي أخو رسول الله:

عن ابن عباس وغيره لما نزل قوله تعالى: (إنما المؤمنون أخوة) آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين جميع أصحابه على قدر منازلهم فقال علي: يا رسول الله آخيت بين أصحابك وتركتني، فقال (صلى الله عليه وآله) : (أنت أخي أما ترضى ان تدعى إذا دعيت وتكسى إذا كسيت وتدخل الجنة إذا دخلت) قال علي: بلى يا رسول الله.

قال (صلى الله عليه وآله) : (إنما ادخرتك لنفسي أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة)(21).

الإمام علي ولي رسول الله:

عن عائشة بنت سعد أنها سمعت أباها يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (أيها الناس إني وليكم قالوا صدقت فرفع يد علي (عليه السلام) وقال هذا وليي والمؤدي عني وأن الله موالي ممن والاه ومعادي من عاداه) (22).

وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله) لبني عمه: (أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا وعلي معهم جالس فقال أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال (صلى الله عليه وآله) أنت وليي في الدنيا والآخرة) (23).

الإمام علي حبيب رسول الله:

عن عائشة قالت: قال رسول الله وهو في بيتها لما حضره الموت ادعوا لي حبيبي فدعت له أبا بكر فنظر إليه ثم وضع رأسه ثم قال: ادعوا لي حبيبي فدعت له عمراً فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال ادعوا لي حبيبي فقلت والكلام لعائشة ويلكم ادعوا له علياً فوالله ما يريد غيره فلما رآه أي النبي علياً أفرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه(24).

الإمام علي خليل رسول الله:

عن أبي ذر الغفاري رضوان الله عليه قال: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لكل نبي خليل وإن خليلي وأخي علي)(25).

الإمام علي مفخرة رسول الله:

عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يفتخر يوم القيامة آدم بابنه شيث وأفتخر أنا بعلي بن أبي طالب) (26).

ما أعظم هذا الحديث وأجله.

إن خاتم الأنبياء وأشرف المرسلين يفتخر يوم القيامة بالإمام علي (عليه السلام) وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ما للإمام أمير المؤمنين من المنزلة الرفيعة والدرجة الحميدة عند الله ورسوله.

الإمام علي أمين رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) : (أما أنت يا علي أنت صفيي وأميني) وعنه (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام) : (أنت أمين في أهل الأرض وأمين في أهل السماء)(27).

وعن سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لكل نبي صاحب سر وصاحب سري علي بن أبي طالب).

الإمام علي نظير رسول الله :

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ما من نبي إلا وله نظير من أمته وفي أمتي علي نظيري) (28). نعم كان الإمام أمير المؤمنين نظير النبي في الفضائل والمزايا إلا النبوة ويشهد بذلك حديث سد الأبواب إلا باب بيت النبي وعلي وحديث أكله الطير المشوي من الجنة مع النبي وحديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى وغير ذلك.

الإمام علي وزير رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث له: (إن وزيري علي ابن أبي طالب) (29).

وقال (صلى الله عليه وآله) : (يا علي أنت أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي) (30).

الإمام علي وصي رسول الله:

ما أعظم هذا الحديث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي لولا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكاً في النبوة فإن لم تكن نبياً فإنك وصي نبي ووارثه بل أنت سيد الأوصياء وإمام الأتقياء) (31).

الإمام علي خير الأوصياء:

هذا ما صرح به النبي الصادق الأمين (صلى الله عليه وآله) في عدة أحاديث منها قوله لابنته السيدة فاطمة (عليها السلام) : (يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين نبينا خير الأنبياء وهو أبوك ووصينا خير الأوصياء بعلك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر ومنا سبطا هذا الأمة وهما ابناك ومنا مهدي هذه الأمة)(32).

ومنها ما روي عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أنا سيد النبيين وعلي سيد الوصيين وأن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم القائم المهدي)(33).

الإمام علي أبو الأئمة:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي أنت وصيي حربك حربي وسلمك سلمي وأنت الإمام أبو الأئمة الأحد عشر الذين هم المطهرون المعصومون ومنهم المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً فويل لمبغضيهم) (34).

الإمام علي صاحب رسول الله:

عن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشيراً إلى علي (عليه السلام) : (هذا أخي وصاحبي ومن باهى الله به ملائكته..) إلى آخر الحديث (35).

الإمام علي رفيق رسول الله:

روي عن رسول الله الإمام علي أنه قال: (يا علي أنت رفيقي في الجنة) وعنه (صلى الله عليه وآله) قال لعلي (عليه السلام) : (أنت أخي ورفيقي في الجنة) (36).

الإمام علي خليفة رسول الله:

قبل التحدث عن خلافة الإمام علي لرسول الله لابد من ذكر مقدمة كما يلي:

إن موضوع الخلافة من المواضيع المهمة في العقيدة الإسلامية وقد أولاها الإسلام كل اهتمامه وعنايته وأشار إليها القرآن الكريم في آيات عديدة وتحدث عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرات متعددة وفي مناسبات مختلفة وأكد على أهميتها وما فارق (صلى الله عليه وآله) الحياة إلا بعد أن عين بأمر الله خليفة لنفسه يقوم مقامه يحامي عن الدين ويدير شؤون المسلمين وينشر الإسلام ويطبق أحكام القرآن.

هذا ما نعتقد به ونؤمن عليه نموت ونحيا حسب ما صرح بذلك القرآن الكريم وتواترت به الأحاديث النبوية المتفق عليها بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم.

هناك من يقول أن النبي (صلى الله عليه وآله) فارق الحياة ولم يعين خليفة لنفسه وهذا القول باطل وفاسد لماذا لأن عدم تعيين النبي (صلى الله عليه وآله) خليفة لنفسه معناه إفساح المجال لإثارة الفتن وإشاعة الفوضى فهل يصح لنا أن نقول ان النبي (صلى الله عليه وآله) دفع الأمة الإسلامية العزيزة عليه إلى مسالك الفوضى والاضطراب وطريق الفتنة والضياع.

حيث إن الإسلام دين كامل بدليل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) . ومعنى هذه الآية أن الإسلام تطرق إلى جميع جوانب حياة الإنسان الجزئية والكلية وما ترك جانباً واحداً منها يمر بلا حكم شرعي وقانون ديني ومن الواضح أن الخلافة والقيادة من أهم جوانب الحياة.

وإذا كان الأمر كذلك فليس من الحكمة أن يترك (صلى الله عليه وآله) أمته بلا خليفة معين بأمر الله سبحانه بل من العقل والحكمة أن يسلم أمور الدين والدنيا إلى إنسان يثق به ويراه كفوءاً لذلك قبل أن يفارق هذه الحياة ولسائل أن يسأل من هو الخليفة الذي عينه الرسول من بعده.

الجواب: لقد ذكر المؤرخون والمحدثون والمفسرون أن النبي (صلى الله عليه وآله) عين الإمام علي بن أبي طالب خليفة له من بعده بأمر من الله وانتخاب منه سبحانه وقد صرح (صلى الله عليه وآله) بهذا التعيين بخلافة علي (عليه السلام) وأمر المسلمين بطاعته ومتابعته والانضواء تحت لوائه وحذر من مخالفته والتمرد عليه ولم يكتف النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا التعيين والتوجيه مرة واحدة بل صرح بذلك مراراً وتكراراً وفي مناسبات مختلفة ومن تلك المناسبات يوم الدار لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) .

ومنها حديث غدير خم وفيه كفاية لمتدبر متفهم خال من العصبية الحمقاء غير متمسك بالتقليد الأعمى فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ونسأله سبحانه الهداية إلى الصواب ونعوذ به تعالى عن الضلالة والغواية إنه تعالى خير مسؤول.

ومن الجدير بالذكر أن نختم الكلام في موضوع الخلافة لعلي (عليه السلام) بما يلي:

عن حارثة بن زيد عن عمر بن الخطاب قال: يا حارثة دخلت على رسول الله وقد اشتد وجعه وأحببت الخلوة به وكان عنده علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فجلست حتى نهض ابن العباس وبقيت أنا وعلي فتبين لرسول الله ما أردت فالتفت إليّ وقال: جئت لتسألني إلى من يصير هذا الأمر من بعدي قلت والكلام لعمر صدقت يا رسول الله فأشار (صلى الله عليه وآله) إلى علي وقال: (يا عمر هذا وصيي وخليفتي من بعدي هذا خازن سري فمن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ومن تقدم عليه فقد كذب بنبوتي).

ثم أدناه أي أدنا النبي علياً فقبل بين عينيه وقال: (وليك الله وناصرك والى من والاك فأنت وصيي وخليفتي من بعدي في أمتي).

قال حارثة فتعاظمني لك فقلت: ويحك يا عمر كيف تقدمتموه وقد سمعت ذلك من رسول الله، فقال عمر: يا حارثة بأمر كان.

فقلت من الله أم من رسوله أم من علي، فقال: لا بل الملك عقيم والحق لابن أبي طالب (37).

الإمام علي أعلم الناس بعد رسول الله :

عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب).

وفي حديث له (صلى الله عليه وآله) قال: (أعلم أمتي علي بن أبي طالب).

وعن إمامة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أعلم أمتي بالسنة والقضاء بعدي علي بن أبي طالب) (38).

الإمام علي عبقري أصحاب رسول الله:

عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعنده أصحابه حافين به إذ دخل علي بن أبي طالب فقال النبي يا علي إنك عبقريتهم (39).

الإمام علي صاحب حوض رسول الله:

الحوض نهر عظيم في الآخرة ويعبر عنه بالكوثر ماؤه كما في الحديث بان زلال أحلى من العسل وأطيب من اللبن عدد أقداحه بعدد نجوم السماء يتدفق أهل المحشر وقد اضربهم العطش إلى هذا الحوض ليشربوا من مائه ويرووا غليلهم إلا أن هذا الماء خاص بالمؤمنين بالله والنبي والأئمة الطاهرين.

أما غير المؤمنين فشربهم منه حرام لأنه ماء طاهر لا يشربه إلا الطاهرون.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي وسألت ربي أن تسقى أمتي على حوضي فأعطاني) (40).

وقال (صلى الله عليه وآله) : (أنت الذائد عن حوضي يوم القيامة تذود عنه الرجال كما يذاد البعير الصادي عن الماء بعصاً لك من عوسج) (41).

الإمام علي حامل لواء رسول الله:

ذكر المؤرخون والمحدثون أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان حامل لواء الرسول (صلى الله عليه وآله) في الحروب والغزوات التي حضرها ولم يؤمر النبي أحداً عليه بل كان (عليه السلام) في كل الحروب أميراً على الجيش وقائداً على العسكر وكان الفتح والنصر يتحقق على يده دائماً.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي إنك أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة من بعدي وأنت معي معك لواء الحمد وأنت تحمله بين يدي) (42).

الإمام علي خير الناس بعد رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أعطيت في علي خمس خصال لم يعطها نبي يقضي ديني ويواري عورتي وهو الذائد عن حوضي) إلى آخر الحديث (43).

الإمام علي المبلغ عن رسول الله:

عن أنس بن مالك وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وأبي سعيد الخدري قالوا بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر لتبليغ سورة براءه وقراءتها على كفار قريش في موسم الحج، فنزل جبريل الأمين على الرسول الكريم قائلاً لا يبلغها إلا أنت أو رجل منك فأرسل النبي علياً وقال له إلحق أبا بكر وخذ منه الكتاب فامض به إلى أهل مكة، قال علي (عليه السلام) فلحقته فأخذت منه الكتاب فانصرف أبو بكر كئيباً إلى رسول الله وقال أنزل في شيء؟ قال (صلى الله عليه وآله) : (لا إلا أني أمرت أن أبلغه أنا ورجل من أهل بيتي) (44).

الإمام علي خير الذاكر بعد رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (خير من أتركه بعدي علي) وعن سلمان قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إن خير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) ) (45).

وعن نافع مولى عمر قلت لابن عمر من خير الناس بعد رسول الله قال ما أنت لا أم لك خيرهم من بعده من كان يحل له ما كان يحل له ويحرم عليه ما يحرم عليه قلت من هو قال: علي بن أبي طالب سد أبواب المسجد وترك باب علي وقال له أي قال النبي لعلي في هذا المسجد ما لي وعليك فيه ما علي وأنت وارثي ووصيي تقضي ديني وتنجز عدتي وتقتل على سنن كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني (46).

الإمام علي أفضل الناس بعد رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أرم عليه مني). قال علي (عليه السلام) فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبريل فقال: (يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من ولدك ومن بعدك فإن الملائكة من خدامنا وخدام محبينا، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا، يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه..) إلى آخر الحديث (47).

الإمام علي من نور رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام فلما خلق الله آدم سلك ذلك النور في صلبه فلم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبد المطلب ثم أخرجه من صلب عبد المطلب وقسمه قسمين قسماً في صلب عبد الله وقسماً في صلب أبي طالب فعلي مني وأنا منه لحمه لحمي ودمه دمي فمن أحبه يحبني ومن أبغضه يبغضني ) (48).

لقد رويت أحاديث النور عن عدة من الصحابة منهم سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري وجابر بن عبد الله الأنصاري وابن عباس وابن مسعود وعبد الله بن عمر وعثمان وأبي هريرة وعن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (49).

الإمام علي بمنزلة رأس رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (علي مني منزلة رأسي من بدني).

وقال في حديث ثان: (علي مني منزلة رأسي من جسدي). وقال (صلى الله عليه وآله) في حديث ثالث: (علي بن أبي طالب مني كروحي في جسدي).

هذه الأحاديث الثلاثة تجدها في كتاب الجامع الصغير للسيوطي والصواعق المحرقة ص75 وغيرها وذخائر العقبى للمحب الطبري ص63.

طاعة الإمام علي من طاعة رسول الله:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا عمار إن سلك الناس كلهم وادياً وسلك علي وادياً فاسلك وادي علي بن أبي طالب وخل الناس يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله عز وجل).

يشير هذا الحديث إلى وجوب الاقتداء بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومتابعته لكونه خليفة رسول الله وطاعته مفروضة على جميع المسلمين فطاعته تعني طاعة رسول الله ومخالفته تعني مخالفة رسول الله.

الإمام علي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله:

عن عبد الله بن مسعود قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عند زينب بن جحش فأتى بيت أم سلمة فلم يلبث أن جاء علي (عليه السلام) فدق الباب دقاً خفيفاً فقال رسول الله لأم سلمة قومي فافتحي له الباب فقالت يا رسول الله ومن هذا الذي بلغ من خطره أي من شانه أن أفتح له الباب فأتلقاه بمعاصمي وقد نزلت في آية من كتاب الله بالأمس (يا نساء النبي) فقال (صلى الله عليه وآله) : (يا أم سلمة إن طاعة الرسول طاعة الله وإن معصية الرسول معصية الله وإن بالباب رجلاً ليس بنزق ولا خرق وما كان ليدخل منزلاً حتى لا يسمع حساً وهو يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله). قالت أم سلمة فقمت وأنا أختال في مشيتي وأقول بخ بخ من هذا الذي يحب الله ورسول ويحبه الله ورسوله ففتحت له الباب فأخذ بعضاد في الباب حتى إذا لم يسمع حساً ولا حركة وصرت إلى خدري استأذن فدخل وسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال النبي يا أم سلمة من وراء الخدر أسمعه أتعرفين هذا، قلت نعم هذا علي بن أبي طالب.

قال (صلى الله عليه وآله) : (صدقت هو أخي سجيته سجيتي ولحمه من لحمي ودمه من دمي وهو عيبة علمي. فاسمعي واشهدي لو أن عبداً عبد الله ألف عام بعد ألف عام بين الركن والمقام ثم لقي الله مبغضاً لعلي وعترتي لأكبه الله يوم القيامة على منخريه في نار جهنم) (51).

وفي يوم خيبر:

في بادئ الأمر لم يكن الإمام علي (عليه السلام) حاضراً في خيبر بل غاب لسبب صحي وهو الرمد وقد كان لغيبته أثر محسوس وفراغ ملموس وضرب الرسول (صلى الله عليه وآله) حصاراً على أهل خيبر وطال الحصار دون نتيجة فأعطى النبي (صلى الله عليه وآله) الراية لأبي بكر وأمره بأن يتوجه إليهم محاولة لفتح خيبر فذهب إليهم مع جمع من المسلمين إلا أنه ما لبث أن عاد فاشلاً.

وفي اليوم الثاني دفع (صلى الله عليه وآله) الراية إلى عمر بن الخطاب فما كان أوفر حظاً من أبي بكر فقد رجع يجبن أصحابه. وهنا غضب النبي (صلى الله عليه وآله) وساءه فشل الشيخين فقرر أن يحل المشكلة حلاً جذرياً فقال: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه) فبات الناس ليلتهم تلك يتفكرون حول هذا الرجل الموصوف بهذه الصفات الرائعة الذي يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله.

وبما أن الإمام علياً (عليه السلام) كان غائباً حينذاك لذلك لم يحسبه المسلمون المقصود بكلام النبي (صلى الله عليه وآله) فلما أصبح الصباح غدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكل يرجو أن تعطى الراية له لينال تلك المنزلة العظيمة التي وصفها النبي لحاملها.

فقال النبي أين علي بن أبي طالب قالوا هو يا رسول الله يشتكي عينيه فقال النبي أرسلوا إليه.

فجاؤوا به إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال ما تشتكي يا علي قال (عليه السلام) رمداً ما أبصر معه وصداعاً في رأسي فقال النبي أجلس وضع رأسك على فخذي ففعل الإمام ذلك وهنا تحققت المعجزة وحدث ما لم يكن في الحسبان فقد مسح النبي بريقه الطاهر على عيني علي (عليه السلام) ودعا له قائلاً اللهم قه الحر والبرد فاستجاب الله دعاء حبيبه فوراً وبرأ الإمام علي (عليه السلام) ووقف كأن لم يكن به ألم فتقدم إليه النبي (صلى الله عليه وآله) ودفع إليه الراية وقال خذ الراية وامض بها فجبرائيل معك والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم وأعلم أنهم يجدون في كتابهم أن الذي يدمر عليه اسمه إيليا فإذا لقيتهم فقل أنا علي فإنهم يخذلون إن شاء الله.

قال سلمة بن الأكدع وكان حاضراً فخرج والله بها بالراية يهرول هرولة وأنا خلفه نتبع أثره حتى ركز رايته تحت الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال من أنت قال أنا علي بن أبي طالب.

فالتفت اليهودي إلى قومه وقال غلبتم وما أنزل على موسى فما رجع (عليه السلام) حتى فتح الله على يديه (52).

وهكذا أعلن النبي (صلى الله عليه وآله) للمسلمين وللتاريخ وللعالم أن علياً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.

الإمام علي أول المسلمين وأول المؤمنين:

عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يا علي أنت أول المسلمين إسلاماً وأنت أول المؤمنين إيماناً وأنت مني بمنزلة هارون من موسى) (53).

وعن عباد بن عبد الله قال سمعت علياً يقول لقد صليت قبل الناس سبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة(54). وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أقدم أمتي إسلاماً وأكثرهم علماً وأشجعهم قلباً وأصحهم ديناً وأفضلهم يقيناً وأكملهم حلماً وأسمحهم كفاً علي وهو الإمام على أمتي) (55).

وعن سلمان الفارسي رضوان الله عليه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أول هذه الأمة وروداً على الحوض أولها إسلاماً علي بن أبي طالب) (56).

هذا والأحاديث في أن علياً أول المسلمين وأول المؤمنين كثيرة جداً متواترة.

ومن الجدير بالذكر أن المقصود من أن الإمام (عليه السلام) أول المسلمين وأول المؤمنين هو أنه أو من أعلن إسلامه وإيمانه وليس معناه أنه كان كافراً قبل ذلك اليوم كسائر الصحابة. إن مما لا نشك فيه أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كرم الله وجهه فلم يسجد لصنم قط ولم يعبد غير الله تعالى.

الإمام علي قسيم الجنة والنار:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (يا علي إنك قسيم الجنة والنار) وعن الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال أنا قسيم النار إذا كان يوم القيامة قلت للنار وهذا لك وهذا لي.

وعن محمد بن منصور قال كنا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل يا أبا عبد الله ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أن علياً قال أنا قسيم النار قال ابن حنبل وما تنكرون من ذا أليس روينا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) قلنا بلى قال فأين المؤمن قلنا في الجنة قال وأين المنافق قلنا في النار فعلي قسيم النار (57).

الإمام علي أحد الثقلين:

الإمام علي (عليه السلام) أحد الثقلين اللذين أوصى بهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو من عترة رسول الله ومن أهل بيته الذين نزلت فيهم آية التطهير وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فلا عجب إذا كان الرسول يعتبره عدل القرآن ويوصي أمته به وبأولاده الأئمة الأحد عشر (عليهم السلام) خيراً لأنهم خلفاؤه الشرعيون الذين عينهم بأمر الله وإليك بعض الأحاديث المروية في هذا المجال:

عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (يوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (58).

وفي يوم الغدير قال (صلى الله عليه وآله) في خطبته المشهورة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين، فنادى مناد وما الثقلان يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وآله) : (كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا والآخر عترتي وأن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهما فهم أعلم منكم.

إن هذا الحديث الشريف يدل على أن النبي (صلى الله عليه وآله) خلف لأمته الثقلين العظيمين واعتمد عليهما وقرت سعادة المسلمين بالتمسك بهما جميعاً وكأنه (صلى الله عليه وآله) شبه الإسلام بميزان له كفتان الأولى القرآن والثانية العترة وصرح أنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة.

فالقرآن مع العترة والعترة مع القرآن ولا بد للمسلم الحقيقي أن يتمسك بهما معاً وأن يأخذ دينه وإسلامه وأحكامه منهما معاً لأن القرآن كتاب السماء إلى الأرض ودستور الله إلى الإنسان ولا يفهمه جيداً إلا من نزل القرآن في بيوتهم وهم أهل البيت (عليهم السلام) فهم أعرف بتفسير القرآن وتأويله وظاهره وباطنه ومحكمه ومشابهه من غيرهم وهم الذين ورثوا علوم القرآن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم ينحرفوا عن القرآن قيد شعرة فهم يعرفون جيداً أحكام ومسائل الحلال والحرام وقضايا الدين والعقيدة فالتمسك بالقرآن من دون أهل البيت غير صحيح وكذلك العكس لأن القرآن يأمر بالتمسك بهم والمودة لهم بقوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) والقربى هم علي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة الطاهرون ويقول سبحانه:] أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وأولي الأمر هم أئمة أهل البيت كما صرحت بذلك التفاسير الصحيحة وقال تعالى: (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).

ومما يؤسف له أن أعداء أهل البيت حرفوا هذا الحديث النبوي الشريف فحذفوا كلمة عترتي ووضعوا مكانها سنتي حقداً منهم على آل محمد وتبريراً لتمسكهم حسب زعمهم بالسنة وتركهم العترة الطاهرة ومحاولة منهم لإطفاء نور الله الذي أبى إلا أن يتمه.

مع أن الكتب التاريخية والمصادر المعروفة تذكر الحديث على الوجه الصحيح ترى أحمد بن حنبل إمام الحنابلة يرويه في مسنده في الجزء الثالث ص17 – 26 – 59 وفي الجزء الرابع ص366 – 367 – 371 وفي الجزء الخامس ص326.

وترى الحاكم النيسابوري يرويه في مستدرك الصحيحين ج32 ص109 وص110 وص148 ويرويه البغوي في مصابيح السنة ج2 ص205 وص206 وكذلك يرويه مسلم في صحيحه.

الإمام علي عروة الله الوثقى:

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (ستكون بعدي فتنة مظلمة الناجي منها من تمسك بعروة الله الوثقى فقيل يا رسول الله ومن سيد الوصيين قال أمير المؤمنين قيل ومن أمير المؤمنين قال مولى المسلمين وإمامهم بعدي قيل ومن مولى المسلمين قال أخي علي بن أبي طالب) (59).

الإمام علي لا يقاس به أحد:

روي عن عائشة قالت: قالت فاطمة يوماً وأنا حاضرة فدتك نفسي يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي شيء رأيت لي فقال يا فاطمة أنت خير النساء في البرية، قالت يا رسول الله فما لابن عمك علي، فقال (صلى الله عليه وآله) لا يقاس به أحد ممن خلق الله.. إلى آخر الحديث (60).

(تنبيه): هذا النص منقول من كتاب الإمام علي في الأحاديث النبوية لمؤلفه لسيد محمد إبراهيم الموحد وذلك بتصرف بسيط في الاختصار وعدم التطويل والله أسأل أن ينفعني به والمسلمين إنه خير مجيب.

الحواشي:

(1) در بحر المناقب لابن حسنويه الحنفي ص107. الأربعين للحافظ، محمد بن أبي القوارس ص14.

(2) المناقب المرتضوية لمحمد صالح الكشفي الحنفي ص98.

(3) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص135.

(4) المناقب للخوارزمي ص2. كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص123. فرائد السمطين للجويني.

(5) المناقب المرتضوية للكشفي الحنفي ص123.

(6) بحار الأنوار ج38 ص199.

(7) بشارة المصطفى بحار الأنوار ج38 ص199.

(8) كنز العمال ج6 ص154 وأخرجه الطبري في الكبير وابن عساكر في تاريخه.

(9) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص633.

(10) المناقب للخوارزمي الحنفي ص223 الفصل التاسع عشر.

(11) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص495.

(12) مقتل الحسين للخوارزمي ص108.

(13) ذخائر العقبى للمحب الطبري ص92 المناقب المرتضوية لمحمد صالح الحنفي. الترمذي ص93 وغيرهما.

(14) نفس المصدر المذكور.

(15) المناقب للخوارزمي ص44 فرائد السمطين للجويني ج1 ص154.

(16) لسان الميزان لابن حجر العسقلاني ج2 ص199. تفسير الرازي ج19 ص14. تفسير ابن كثير ج2 ص501. تفسير الطبري ج13 ص64 وغيرها.

(17) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي وفرائد السمطين للجويني ص484.

(18) ينابيع المودة ص256.

(19) فرائد السمطين للجويني ج1 ص245 سنن الترمذي ج5 ص642.

(20) سنن المصطفى للحافظ ابن ماجة ج1 ص57.

(21) مصادر هذا الحديث كثيرة منها جامع الترمذي ج2 ص213، مستدرك الحاكم ج2 ص199، تاريخ ابن كثير ج7 ص335، الصواعق ص73 وغير ذلك.

(22) البداية والنهاية لابن كثير ج5 ص212.

(23) البداية والنهاية لابن كثير ج7 ص337.

(24) كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص133,

(25) مفتاح النجاة للمعتمد البدخشي وهو من علماء القرن الثامن عشر.

(26) فرائد السمطين للجويني الشافعي ج1 ص232.

(27) الخصائص للنسائي ص19 وحلية الأولياء للحافظ إبراهيم ج1 ص98.

(28) الرياض النضرة للمحب الطبري ج2 ص164. مقتل الحسين للخوارزمي ص84.

(29) المناقب للخوارزمي وأخرجه ابن مردويه في المسند.

(30) المناقب المرتضوية للحنفي الترمذي ص117.

(31) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص80.

(32) مناقب الصحابة للحافظ النيسابوري ينابيع المودة للقندوزي ص434 وغيرها.

(33) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص445.

(34) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص85.

(35) ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي الدمشقي ج1 ص257.

(36) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج12 ص268.

(37) در بحر المناقب لابن حسنويه الموصلي الحنفي ص60.

(38) كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص190 فرائد السمطين للجويني الشافعي ص97. المناقب المرتضوية للكشفي الحنفي ص79. كنوز الحقائق للفارس الشافعي ص19.

(39) كنوز الحقائق للفارس الشافعي ص203.

(40) المناقب للخوارزمي الحنفي ص233.

(41) نهاية اللغة لابن الأثير الجزري ج3 والمناقب للخوارزمي ص65 الفائق للزمخشري ج2 ص47.

(42) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج4 ص339، فتجد كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص35.

(43) ميزان الاعتدال للحافظ الذهبي الدمشقي ج1 ص306.

(44) مسند أحمد ج1 ص3 وص51 الدر المنثور ج3 ص209. الرياض النضرة ج2 ص174.

(45) المناقب للخوارزمي الحنفي ص67.

(46) مناقب أمير المؤمنين لابن المغازلي الشافعي.

(47) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص485 طبعة استانبول.

(48) المناقب للخوارزمي ص87. مقتل الحسين أيضاً للخوارزمي ص50. ينابيع المودة ص10.

(49) راجع الجزء الخامس من كتاب إحقاق الحق لقاني الشهيد نور الله التستري من تجد الأحاديث عن هؤلاء الصحابة.

(50) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص648. فرائد السمطين ج1 ص178.

(51) المناقب للخوارزمي ص52.

(52) بعض المصادر صحيح البخاري ج4 ص60، صحيح مسلم ج7 ص121، حلية الأولياء السنن الكبرى للحافظ البيهقي تذكرة الخواص البداية والنهاية وغيرها كثير راجع إحقاق الحق.

(53) فردوس الأخبار للحافظ الديلمي وهو من علماء القرن الخامس الهجري وغيره.

(54) سنن المصطفى للحافظ ابن ماجة ج1 ص55 الخصائص للنسائي ص3.

(55) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص64.

(56) اللامستعلي لابن عبد البر ص457.

(57) كتاب طبقات الحنابلة للقاضي محمد بن أبي يعلى الحنبلي ج1 ص110.

(58) الخصائص للحافظ النسائي ص20 مستدرك الصحيحين للحاكم ج2 ص109. المناقب للخوارزمي ص93 ينابيع المودة للقندوزي ص32.

(59) بحار الأنوار لشيخ الإسلام المجلسي ج37 ص308.

(60) كتاب الأربعين للحافظ ابن أبي الفوارس ص43.

رثاء شيخنا الفاضل السيد

إبراهيم محمد ظاهر القادري الحسيني

للشاعر الأستاذ فريد الحسيني

شجانا رحيلك يا للمصاب
أيا كوكباً مال عن ناظري
عليك من الله رضوانه
تمسكت بالحق ترجو النجاة
لقد همت في حب آل الحسين
نسبت إلى العترة الطاهرة
فأعظم وأكرم بهذي الأصول
وأنعم بحبل قريب الوصول
حملت علوماً وفقت القرين
سلكت الطريقة ملتمساً
لدى عارف كامل مخلص
فلله درك من عالم
تحلى بتقوى فيا للجمال
ووجه إذا ما رأته العيون
سموح وقور حليم كريم

ففقدك جرح وهم وصاب
ولكن بقلبي ثوى في حجاب
ورحمة ربي كهطل السحاب
لتجزى من الله حسن الثواب
فأعظم بحب من الوجد ذاب
إلى كوثر فيضه في انسكاب
مناهل خير وعلم عذاب
وحسبك عزاً كما انتساب
بفهم التصوف نلت اللباب
رضاء الإله ليوم الحساب
ولي تقي طهور الثياب
غيور على الدين والحق شاب
ونعم اللباس ونعم النقاب
أحست من القلب بالإنجذاب
بطبع سليم جميل الخطاب

صبور أمام البلا صامد
ضعيف الكيان قوي الجنان
ورأس العقيدة في قلبه
قضيت بنصر مديد السنين
كأني به قد عراه الوجوم
وكنت مناراً تنير القلوب
إلى الخلد يا عارفاً ذا التقى
بجنات عدن تطيب الحياة
ففي روضة أنت لا في الثرى
ستبقى حياة لنبض الفؤاد
عليك من الباري رضوانه

يناجي الرحيم لدفع الوصاب
بعزم ولكن فسيح الجناب
كصرح منير يشق العباب
بحضن المصلى ليوم المآب
ليندب شيخاً عن العين غاب
بهدي الحبيب ونور الكتاب
فنم مستريحاً أوتيت الجواب
ألا فاهنأن بعدها بالصحاب
عليك سلام تحاكي السحاب
وذكراك في أضلعي كالشهاب
وألهمنا الصبر بعد الغياب