محمد العربي التونسي

محمد العربي التونسي (الملقب بأبي محمد)

* تونس – جرجيس

* مواليد عام (1951م)

* اعتنق التشيع عام (1980م)

مواليد 14/6/1951م/ جرجيس (الجنوب التونسي).

الدراسة: الابتدائية في العاصمة تونس.

الإعدادية في العاصمة تونس. والثانوية كذلك في تونس.وفيها أكمل دراسة كلية الفنون الجميلة.

نشأ نشأة صوفية وتأثر بطريقة الشيخ إبراهيم الرياحي (عبد السلام الأسمر في ليبيا) (برقة). وينتمون إلى القطب الصوفي والكبريت الأحمر (محي الدين بن عربي).

ـ متى بدأ عندك التوجه الشيعي ومتى كانت أول بذرة؟.

كنا في حلقات الذكر وكانت هذه الحلقات تأخذ صبغة إسلامية من خلال الإذكار من بداية البعثة المحمدية إلى وفاته، ثم استدرجنا الأمر إلى الوصول إلى ما يسمى (بالفتنة الكبرى) وعلة وقوعها وحدوثها.

هنا قام الشيخ وقال: نغلق هذا الباب وننهي الحلقة هنا.

فسألته: لماذا يا فضيلة الشيخ؟

فأجاب: إن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

فكان ردي ورد بعض الإخوة الذي يحضرون هذه الحلقة:

لا يمكن أن نؤمن بشيء أو نعتقده، إلا بعد دراسته وبحث وغربلة وتمحيص.

فكان رد الشيخ حاسماً بالنسبة لنا. وقال: إذا دخلتم في هذا الباب سوف ينتهي بكم هذا البحث إلى الكفر وسوف تظلمون صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) هنا انتهت الحلقة وخرجنا كل إلى بيته.

في البيت:

عندما وصلت إلى البيت تمشيت في حيرة وتردد وبدأت أشكك في كل شيء هل استمر في البحث أم أتوقف؟

هنا قررت أن أكمل هذا البحث لوحدي متكلاً على الله وعلى إرادتي وهنا بدأت أتردد إلى المكتبات، لشراء بعض الكتب التي تخص بحثي. واشتريت بعض العناوين منها: وذهبت إلى مكتبة تدعى مكتبة جامع الزيتونة، وأرشدني بعض الأخوة وأشار إلى بعض أسماء الكتب مثل:

1- الفتنة الكبرى بين الحقيقة والخيال.

2- اليمين واليسار في الإسلام، وكتب أخرى.

وبقيت على هذه الحالة والدوامة أكثر من ستة أشهر تقريباً.

وبعد هذه المدة بدأت أتردد إلى شيخ يعطي دروس في جامع محرز في تونس العاصمة وكانت هذه الدروس عبارة عن ردود عقائدية لما طرحه بعض الشخصيات الكبيرة في ليبيا، والذي طعن في الأحاديث التي تتعلق بالسنة النبوية.

ومثال ذلك: القاتل والمقتول في النار.

وأحاديث عديدة ردها عليها سماحة الشيخ حسن غضبان.

ثم في يوم من الأيام وبعد درس فضيلة الشيخ الغضبان، وكان يحضر المسؤول الثقافي الليبي في درس الشيخ وهنا عرفني الأخ الليبي بأخ إيراني يدرس في جامعة (بورقيبة) سكول للغات الحية.

وقال لي الأخ الليبي محمد الوسلاتي، أنت عندك بحث وتريد أن تتعرف على الشيعة فهاهو الأخ محمد النبهاني طالب إيراني في تونس وهذا يعطيك الفكرة العامة عن خط التشيع. وتقابلنا وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث.

اللقاء مع الأخ الإيراني محمد النبهاني:

أول سؤال توجهت إليه بعد أن تعرفنا على بعضنا البعض.

قلت له: هل أن الشيعة يقولون تاه الوحي جبرائيل في آخر الصلاة ثلاث مرات؟.

فأجابني ضاحكاً: إذا كان الشيعة يقولون هذا القول فإن الرسالة عندما نزلت على رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) كان عمره أربعين سنة وعلي كان عمره حينذاك حدث ست سنوات، هل يعقل أن تنزل الرسالة على الكبير أم على الصغير؟.

فقلت له: طبعاً الرسالة تنزل على العاقل والناضج.

وفعلاً اعتبرتها الضربة الأولى للعقيدة التي كنت أحملها عن المعتقد الشيعي.

ثم بدأ يعرف لي هوية التشيع، وأسسه ومبادئه، كالتوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد. وكان يتلكأ في حديثه بالنسبة للغة العربية، فبعض الأحاديث كنت أصغي إليه بقوة حتى أفهم ما يقول.

ثم قال لي: إذا كنت تريد أن تعرف أكثر عن الشيعة فأنا أعرف شيخاً شيعياً تونسياً في بلدكم هذه.

فسألته: ما اسمه.

فقال لي: اسمه محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب (ثم اهتديت) وغيره..

عندها ذهلت ولم أصدق.

وقلت له: في بلدنا تونس شيخ شيعي ولم أسمع به ماذا تقول يا أخ؟.

فقال لي: نعم في تونس ومن مدينة قفصة. وموجود حالياً في مدينة قفصة، وكان وقتها يدرّس في الثانوية التقنية.

وقال لي: سوف أخبره هاتفياً ويأتيك إلى تونس (العاصمة).

وهذه الأحداث بين عامي ( 76 – 77) أذكر اتصل الشاب الإيراني بالدكتور التيجاني السماوي وحضر الدكتور إلى العاصمة تونس يوم الخميس وتقابلنا في منزلي الكائن في العاصمة تونس بالقرب من جامع الزيتونة. وأول شيء صدمني به هذا الشخص هو الدكتور التيجاني السماوي.

اللقاء مع الدكتور محمد التيجاني السماوي:

ندما وصلني الأخ الدكتور التيجاني السماوي وطرق باب البيت ومعه الأخ الإيراني محمد النبهاني فعلاً ذهلت وفوجئت في هذه الزيارة السريعة، عندئذ الذي أدهشني أكثر أن هذا الدكتور العظيم يحمل حقيبتين كبيرتين من المصادر السنية والشيعية، ودخل بها إلى بيتي، وكنت متصوراً أن هذه الحقائب يحمل بها ألبسته وأغراضه الخاصة ففتح الحقيبتان وإذ بهما المصادر من كتب الفريقين نظرت وإذا بـ‍(صحيح البخاري)، صحيح مسلم، الغدير للشيخ الأميني (11) مجلداً، وكتاب لماذا اخترت مذهب الشيعة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) للشيخ المجاهد الكبير الأنطاكي الحلبي.

ثم بدأ الدكتور وقال لي: هذه الكتب أمامك أيها الأخ اقرأ أنت وأعطي لمن تريد أن يقرأ. ثم قال لي: سأذهب إلى الفندق لأحجز غرفة. فقلت له: لا يمكن هذا وأنت ضيف عندي وعزيز في بيتي.

فأجابني: لا أريد أن أثقل عليك فأريد أن أمكث بعض الأيام في الفندق، لأتمكن من الدعوة والاتصال لمن يريد الحوار والبحث عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) وعن التشيع.

فقلت له: هذا بيتي تحت تصرفك حتى ولو أردت أن تمكث شهراً أو شهرين. فالتفت وقال للأخ الإيراني محمد النبهاني: أنت احضر وأعطي موعداً للطلبة في الجامعة لمن يريد الحوار أو الاستفسار عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فاتصل الأخ الإيراني هاتفياً إلى بعض الطلبة وقال لهم: إن الشيخ التيجاني موجود حالياً في العاصمة (تونس) ومن يريد الحوار معه أو اللقاء فهو جاهز، وأخذ معه موعد في جامع يسمى بـ‍(سبحان الله) يوم الجمعة بعد صلاة العصر.

اللقاء مع الطلبة في جامع (سبحان الله) في منطقة باب سويقة في تونس العاصمة:

حضر الدكتور التيجاني بعد صلاة العصر وحضر بعض الطلبة وحضر الأخ الإيراني محمد النبهاني فأخذوا يسألون الشيخ التيجاني السماوي، وكانت كل الأسئلة تصب حول ولاية الإمام علي بن أبي طالب. وقالوا الطلبة: بأن الرسول ترك الأمر شورى، ولم ينص على خليفة.

فأجابهم الدكتور واستشهد بآية قرآنية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).

وأخذ يسرد لهم حديث الغدير وكيف نزلت هذه الآية.

ورد عليه بعض الطلبة ومنهم طالب يدرس في كلية الآداب السنة الرابعة قال للدكتور التيجاني: فعلاً هذه الآية حيرتني، عندما قرأ لنا من زمان بعيد، ما الذي يبلغه الرسول وقد بلغ كل شيء وخصوصاً أنها نزلت في آخر الآيات، وبعد حجة الوداع فأثارت هذه الآية عندي بعض التساؤلات، وها هو هذا الأمر الخطير والمهم الذي لم يبلغه الرسول (صلى الله عليه وآله) وخصوصاً أن الآية فيها وعيد وتهديد لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فأجبني بالله عليك أيها الشيخ الدكتور؟ على هذا السؤال.

وهناك تدخل طالب ثاني وقال: أنا لا أصدق هذه الأقوال والصحابة كلهم عدول وقال رسول الله: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم).

وهنا رد الدكتور التيجاني على هذا الطالب وقال له: إن هذا الحديث متضارب مع العلم لأن الناس تقتدي من أول الدنيا إلى آخرها تقتدي فقط بالنجم القطبي ولا تقتدي بكل النجوم.

ثم بين الدكتور وقال: بأن هذا الحديث مكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحجة سأسردها لكم الآن: جاء رجل قد طلق زوجته ثلاثاً ثم تراجع وجاء إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليسأل الرسول في هذا الأمر قلع بجود فوجد أبو بكر، وقال له: ما الأمر؟.

قال: طلقت زوجتي ثلاثاً ثم تراجعت فماذا أفعل؟

فقال له: هي طالق عنك ستة أشهر.

فذهب وبعد فترة تقابل مع عمر بن الخطاب وسأله نفس المسألة.

فقال له: هي طالق عنك أربعة أشهر.

فذهب وبعد فترة التقى عثمان بن عفان وسأله نفس المسألة.

وقال له: هي طالق عنك شهرين. وذهب.

وبعد فترة التقى بالإمام علي (عليه السلام) وسأله نفس المسألة.

وكان جوابه: لا أعلم.

وذهب بعد فترة تقابل مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستفتاه موضوعه.

وقال له: أبو بكر قال لي ستة أشهر وعمر قال أربعة أشهر وعثمان قال شهرين والإمام علي (عليه السلام) لم يجبني وقال لا أعلم.

وهناك كان رد رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم).

فتأمل عزيزي يرعاك الله عندئذٍ اكتشف الطالب بأن هذا الحديث مكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) . وفي الحديث الصحيح: (هو أهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وبعدها خرجنا من المسجد أكثر من ثمانين طالباً وكان نصف هؤلاء قد اقتفوا بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) والذي لم يقتفِ قد تزلزل عقائدياً وشكك في مذهبه.

وبعد هذا شكلنا حلقة في مسجد (سبحان الله) واتفقنا أن نلتقي ونتباحث بعد صلاة العصر كل يوم جمعة. وأتيتهم أنا بالمصادر الذي جاء بها الدكتور التيجاني السماوي ومن هنا كانت انطلاقة التشيع في تونس من مسجد (سبحان الله).

السفر إلى حج العمرة:

سافرت إلى الديار السعودية لأحج العمرة في شهر رمضان عام (1997) وقررت السفر عندئذٍ لزيارة مقام السيدة زينب (عليها السلام) في سوريا وجئت إلى سوريا (1997) لدراسة العلوم الإسلامية في الحوزات الشيعية.

وتعرفت على بعض العلماء والشيوخ السوريين منهم الشيخ هشام آل قطيط المتشيع حيث قرأت له كتاب (الرد على الدكتور البوطي في مسائله العقائدية) وعندما تقابلت مع الشيخ القطيط شجعني على مواصلة الدرس في الحوزة.

وفعلاً توفقت والحمد لله في دخول الحوزة لإكمال بحثي عن الحقيقة ولا زلت أمكث في سوريا لمواصلة الدروس بشكل حر بسبب ظروفي المادية الصعبة وأعمل بعض الأعمال الحرة حتى أتمكن من تحصيل علوم آل البيت، وكان من ضمن أعمالي الحرة، رسم لوحات فنية باعتبار أنا درست في كلية الفنون الجميلة في تونس.

وكانت لوحاتي تأخذ صبغة دينية عقائدية لتأثري بالتشيع ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) .

ـ ماذا تود أن توجه كلمة أخيرة؟.

قرأت وأنا في تونس كتاب للدكتور الداعية علي شريعتي اسمه (الشهادة) ويروي فيه حديث عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) جاء رجل إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: أدركني يا بن رسول الله لقد شككت في الله. وكان جواب الإمام (عليه السلام) : الله أكبر الله أكبر الله أكبر هذا أول اليقين بالله.

فقال الأعرابي: يا بن رسول الله أنا أقول لك أنني شككت في الله. فقال الإمام (عليه السلام) : أنت شككت في الله الذي صنعه خيالك،.. في هذا الطريق ولا تكن أسير هذا الشك. وستنتهي باليقين إن شاء الله وأنا أقول إلى كل الشباب الإسلامي في العالم: لا تأخذوا الأمور على عواهنا ولا تجعلوا إيمانكم مثل إيمان العجائز، ولا بد من البحث والتحقيق والتدقيق في كل المسائل. لأن الله أكرم نبينا آدم بالعقل، وخلق هذا العقل قبل أن يخلق كل شيء فقال: إلى العقل أقبل فأقبل، وقال له: أدبر فأدبر وقال وعزتي وجلالي بك أعاقب وبك أثيب، وأنا أقول: أيها الأخوة لا تجمدوا عقولكم، اجعلوا عقولكم كلها حركة وتفكير إلى يوم المصير.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..