طلال إبراهيم سلوم الشمري

طلال إبراهيم سلوم الشمّري (حنفي / العراق)

ولد في «بغداد» عاصمة العراق، ونشأ في أُسرة سنّية حنفيّة المذهب، درس إلى المرحلة المتوسّطة، كان استبصاره سنة ١٤٠٤هـ (١٩٨٤م) في «طهران» عاصمة إيران.

إكمال الدين بولاية علي(عليه السلام):

يقول «طلال»: تعرّفت على الشيعة وعاشرتهم عن قرب، فوجّدتُ العقائد السالمة لديهم، لا تشوبها شائبة، ولا يعوزها دليل، ورأيتهم يطلبون الحقّ ولا يخضعون إلاّ له، وإن كلّفهم ذلك التضحية بالنفس والنّفيس، ومن هنا لم يتركهم الظالمون وشأنهم، بل حاربوهم وشرّدوهم وضيّقوا عليهم كلّما سنحت الفرصة لهم.

والشيعة قد اختاروا ولاية الإمام علي(عليه السلام) من حيث أرادها الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فسعدوا بها، وشقي غيرهم بدونها ; لأنّهم اضطروا إلى ولاية غير الإمام علي(عليه السلام) فهووا بهم إلى قعر جهنّم، وساءت مصيراً.

والله سبحانه كان قد أكمل الدين بولاية أمير المؤمنين علي(عليه السلام)، فكرهها قوم أرادوا لرّئاسة لأنفسهم، فجحدوها واستيقنتها أنفسهم، وجرّوا أتباعهم إلى الضلالة، وإن كان كثيراً من الأتباع لا يعلمون، ويظنّون أنّهم على الإسلام كما تركه الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(1).

وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(2).

ولاية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله(عليهم السلام) ولاية الله:

من الأُمور المهمّة التي يواجهها المرء في حياته، وتواجهها المجتمعات في مسيرتها، هي تحديد الصديق وتمييز العدو.

وقد اهتمّ الإسلام كثيراً في تحديد الأولياء والأعداء، فالقرآن الكريم يبيّن للإنسان المسلم كفرد، وللمؤمنين كجماعة من يوالون، ومن يعادون، ومن هو الذي يريد الخير للإنسان ومن الذي يريد له الشر.

قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(3).

وقال تعالى: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ(4).

وقال سبحانه: ﴿وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْض وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ(5).

وقال عزّ من قائل: ﴿وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا(6).

فمن الواضح في هذه الآيات أنّ الولاية لابدّ أن تكون لله ورسوله والذين آمنوا، ولا تكون للشيطان والظالمين والضالين.

كما نهى القرآن صريحاً عن ولاية الكافرين بأصنافهم:

قال تعالى: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ(7).

وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء(8).

وقال عزّ وجلّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء(9).

وقال تعالى: ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ(10).

وقال سبحانه: ﴿فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً(11).

ثُمّ إنّ العلاقة بين الله والمؤمنين من أوليائه قائمة على المودّة والمحبّة والصداقة كما تبيّن من الآيات السابقة، أمّا العلاقة بين الشيطان وأتباعه فقائمة على الخوف، والخداع، والجدال، والضرر قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ(12).

وقال سبحانه: ﴿وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْض(13).

وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ(14).

وقال سبحانه: ﴿يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ(15).

وقال سبحانه في عاقبة المنافقين والكفّار: ﴿مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16).

كما حدّد القرآن العزيز الأعداء الذين يجب الحذر منهم.

قال سبحانه ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (17).

وقال سبحانه عن المنافقين: ﴿الاَْخِلَّاء يَوْمَئِذ بَعْضُهُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (18).

وقال سبحانه عن المنافقين: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ (19).

وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ (20).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ (21).

وقال تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ (22).

وما أحسن ما قاله القرآن العزيز بشأن الأعداء: ﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (23).

فعلى الإنسان المؤمن أن يعرف أولياءه الذين شخّصهم له القرآن الكريم، وهكذا أعداءه الذين شخّصهم القرآن أيضاً.

وهل هناك ولي بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خير من علي(عليه السلام) وأولاده المعصومين(عليهم السلام)، فعلي(عليه السلام) قد عيّنه الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) مولاً لكلّ من كان الرسول نفسه مولاً له فقال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه»(24).

وأمّا أهل البيت(عليهم السلام) فهم المطهّرون في آية التطهير(25).

وهم من باهل بهم النبيّ في آية المباهلة(26)، وهم القربى في آية المودّة(27)، وهم أحد الثقلين في حديث الثقلين(28)، وهم السفينة في حديث السفينة(29)، وهم الأئمّة الاثنا عشر في حديث الاثني عشر(30)، فهل بعد ذلك كلام في موالاتهم، واتخاذهم الوسيلة إلى الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ (31).

إذاً الأولياء معروفون والأعداء مشخصون، فليختر المرءُ ما شاء، فإن اختار من حيث اختار الله له، فقد فاز، وإن اختار من حيث لم يختر له الله، فقد خاب باتّباع الشيطان، ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ (32).

وقال تعالى: ﴿ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ (33).

____________

1- المائدة (٥) : ٦٧.

2- المائدة (٥) : ٥٥.

3- المائدة (٥) : ٥٦.

4- البقرة (٢) : ٢٥٨.

5- الجاثية (٤٥) : ١٩.

6- النساء (٤) : ١١٩.

7- آل عمران (٣) : ٢٨.

8- المائدة (٥) : ٥١.

9- المائدة (٥) : ٥٧.

10- التوبة (٩) : ٢٣.

11- الكهف (١٨) : ٥٠.

12- آل عمران (٣) : ١٧٥.

13- الأنعام (٦) : ١٢٨.

14- الأنعام (٦) : ١٢١.

15- الحج (٥٧) : ١٥.

16- الحديد (١٥) : ١٥.

17- يوسف (١٢) : ٥.

18- الزخرف (٤٣) : ٦٧.

19- المنافقون (٦٣) : ٤.

20- الفرقان (٢٥) : ٣١.

21- التغابن (٦٤) : ١٤.

22- المائدة (٥) : ٨٢.

23- النساء (٤) : ٤٥.

24- مسند أحمد ١: ١١٨، ٤: ٢٨١، ٣٧٠.

25- الأحزاب (٣٣) : ٣٣.

26- آل عمران (٣) : ٦١.

27- الشورى (٤٢) : ٢٣.

28- سنن الترمذي ٥: ٣٢٩، الحديث ٣٧٨٨.

29- المعجم الأوسط ٥: ٣٠٦.

30- مسند أحمد ١: ٣٩٨، المستدرك ٤: ٥٠١.

31- المائدة (٥) : ٣٥.

32- البقرة (٢) : ٢٦.

33- الأنعام (٦) : ٦٢.