منظور حسين البخاري

منظور حسين البخاري (حنفي / باكستان)

ولد عام 1345هـ (1927م) في “اجناله ـ لواء سركودها” وينتمي لأسرة حنفية المذهب، عمل مدرّسا في المدارس الحكومية ،كما أنّه مؤلّف ومدير مجلّة “المبلّغ” التي تصدر في دار “العلوم المحمدية” في سركودها.

اعتنق مذهب أهل البيت(عليهم السلام) نتيجة تأثّره بقضية “فدك” وما جرى على الزهراء(عليها السلام) من جور وظلم في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ المسلمين.

يقول “منظور حسين”: إنّ أهم ما دعاني إلى تغيير عقيدتي، هي مسألة فدك، التي بان فيها ظلم أبي بكر وعمر لابنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وانتهاك حرمتها وحرمة أبيها، والاستخفاف بتعظيم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لشأنها، وما قال في حقّها(عليها السلام)، وهي المعصومة بنص القرآن الكريم، والتي كانت أعزّ الناس إلى أبيها.

ظلامة الزهراء(عليها السلام) :

قال العلاّمة الحلّي حول مسألة فدك: “ومنع أبو بكر فاطمة(عليها السلام)إرثها، فقالت له: يابن أبي قحافة، أترث أباك ولا أرث أبي.

والتجأ في ذلك إلى رواية انفرد بها ـ وكان هو الغريم لها ; لأنّ الصدقة تحلّ له ـ أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة، على ما رووه عنه: والقرآن يُخالف ذلك ; لأنّ الله تعالى قال: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ…}(1)، ولم يجعل الله تعالى ذلك خاصّاً بالأمّة دونه(صلى الله عليه وآله وسلم) وكذّب روايتهم فقال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ…}(2)، وقال تعالى عن زكريّا: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ}(3) ولمّا ذكرت فاطمة(عليها السلام) أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهبها فدكاً، قال لها: هاتِ أسود أو أحمر يشهد لك بذلك! فجاءت بأمّ أيمن فشهدتْ لها بذلك، فقال: امرأة لا يُقبل قولها! وقد رووا جميعاً أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “أُمُّ أيمن امرأة من أهل الجنّة”.

فجاء أمير المؤمنين(عليه السلام) فشهد لها، فقال: “هذا بعلُك، يجرّهُ إلى نفسه، ولا نحكم بشهادته لك”! وقد رووا جميعاً أنَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور معه حيث دار، لن يفترقا حتّى يردا عَلي الحوض”(4)، فغضبت فاطمة(عليها السلام)عند ذلك وانصرفتْ وحلفتْ لا تكلّمه ولا صاحبه حتّى تلقى أباها وتشكو إليه، فلمّا حضرتها الوفاة أوصتْ عليّاً أن يدفنها ليلاً ولا يدع أحداً منهم يصلّي عليها(5).

وقد رووا جميعاً أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “يا فاطمة، إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك” ورووا جميعاً أنّه قال: “فاطمة بضعة منّي، من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله”(6).

ولو كان هذا الخبر(7) حقاّ، لما جاز له ترك البغلة التي خلّفها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)وسيفه وعمامته عند أمير المؤمنين(عليه السلام)، ولما حكم به له لمّا ادّعاها العبّاس. ولكأن أهل البيت الذين طهّرهم الله تعالى في كتابه عن الرجس مرتكبين ما لا يجوز ; لأنّ الصدقة عليهم محرّمة.

بعد ذلك جاء إليه مال البحرين، وعنده جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال له: إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي: إذا أتى مال البحرين حثوتُ لك ثمّ حثوت لك ـ ثلاثاً ـ فقال له: تقدّم فخُذ بعدّتها، فأخذ من مال بيت المسلمين من غير بيّنة، بل لمجرّد الدعوى(8)(9).

ما دعاني إلى الاستبصار:

يقول: “منظور حسين”: من أهم ما دعاني إلى اعتناق مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، هو وصوله إلينا من النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) بواسطة المعصومين(عليهم السلام)، وهذا بخلاف بقيّة المذاهب، فإنّها قد انقطعت عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) بفصل غيرهم.

ويضيف أيضاً: وقد علمت بالتحقيق أنّ الطريق الوحيد للنجاة يوم القيامة هو ما عليه أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم، وأسأل الله تعالى أن يميتنا على محبّتهم، ويحشرنا معهم يوم اللقاء.

____________

1-النساء (4) : 11.

2-النمل (27) : 16.

3-مريم (19) : 5 ـ 6.

4-تاريخ بغداد الخطيب البغدادي 14: 321، واُنظر: ما في معناه: مسند أبي يعلى 2: 318، تاريخ دمشق 42: 449، مجمع الزوائد 7: 235، وغيرها.

5-اُنظر: صحيح البخاري 8: 185 كتاب الفرائض.

6-اُنظر: صحيح البخاري 5: 26 و36 باب مناقب فاطمة(عليها السلام).

7-اي الخبر الذي رواه أبو بكر منفرداً.

8-ذكر ذلك أحمد في مسند 3: 310، ح3917.

9-منهاج الكرامة، العلاّمة الحلّي: 70 ـ 73.