عدالة الصحابة عند المستبصر السيّد ياسين المعيوف البدراني

عدالة الصحابة عند المستبصر السيّد ياسين المعيوف البدراني

مَن هم الصحابة المنافقون ومَن هم الصحابة العدول؟
(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(2)
(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)(3)
لقد همّ أدعياء الايمان هؤلاء لقتل الرسول (ص)، مرّات ومرّات ومَن قرأ السير، سيجد سيرة أولئك المنافقين الذين يسميهم بعض المؤرخين: أصحاب عدول: كيف يكونون عدولا وفيهم المنافق والمرائي وعدوّ الرسول (ص) وضعيف الإيمان وإذا كان القرآن الكريم قد وصفهم بما يستحقّون فكيف يمكن وكيف نستطيع أن نخالف القرآن الكريم وأن نقول في كتاب الله ما ليس فيه وأن نصف مثل هؤلاء بأنّهم عدول وبأنّهم كلّهم من أهل الجنّة.(4)
قال تعالى: (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ)(5)

ممّا تقدم نرى ونشهد أن ايمان الكثير من الصحابة ما كان إلاّ وقاية وذريعة وهم الذين أغضبوا ربّ السماء فأنزل بحقّهم آيات كثيرة، لكن أصحاب المصالح المرتبطة مع مصالح اولئك المنافقين، أصحاب المصالح من السلاطين والحكّام يدوّنون لهم المناقب الكثيرة والفضائل الجمه ويروون عنهم أحاديث شريفة غير صحيحة تقول: (أصحابي كالنجوم بأيّهم اهتديتم اقتديتم) رواه كتاب آراء علماء المسلمين في التقيّة والصُحبة وصيانة القرآن: 81 ـ 82.
ثمّ جاءت بعض الكتب المفروضة المدسوسة لتقول: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله فاعلم أنّه زنديق والذين ينتقصون أحداً على الإطلاق من أصحاب الرسول (ص) هم زنادقة والجُرح أولى بهم ومَن عابهم أو انتقصهم فلا تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه).
ورد الاصابة في تمييز الصحابة (العسقلاني): 17 ـ 18.
بينما يقول الله فيهم سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين:
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً)(6)
وهم ضعيفوا الايمان إذا سمعوا أيّ نبأ دنيوي عن تجارة أو غير ذلك يسارعون إلى الخروج من المسجد والرسول الكريم قائمٌ خطيباً على المنبر.(7)

هل في آية الغار، مَنقبة لأبي بكر؟:
(إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُود لَمْ تَرَوْها)(8)
أراد بعض المفسّرين لهذه الآية الكريمة أن ينسّبوا لأبي بكر منقبةً كبيرة وفضلا كثيراً محتجّين بصحبته للنبيّ (ص) قائلين أو ليس هو صاحب الرسول في الغار ونحن نقول لهم بلي لقد صحب الرسول (ص) في الغار لكن هذه التسمية تعبر عن كلّ رفقة ومصاحبة حتّي أنّها وردت في أمكنة كثيرة من القرآن الكريم بحقّ غير الصالحين مثلا
يقول سبحانه وتعالى:
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)(9)
ويقول تعالى: (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ)(10)
ويقول سبحانه: (فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)(11)
ويقول سبحانه: (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(12)
إنّ لفظة صحب ـ صاحب ـ صحبة ـ لا تعني المُساواة في الفضل وإنّما تعني أيّ صحبة عادية أخرى ولو كانت صحبة الطريق فلماذا نخالف منطق القرآن.(13)
فإنّ الآية الكريمة ليس لها أيّة علاقة في ماهيّة الشخصية الإسلاميّة واِعطائها ما تستحقّ من ثناء.
إنّ الصُحبة المذكورة بالقرآن لها مفخرة إجتماعية وتقدير عند الناس أمّا بالنسبة للقرآن فلمنطقه معنى آخر لا ينسجم مع المفاخر والمقاصد الإجتماعية الوضعية.(14)

هل كان لمعاوية فضائل؟!:
يقول الشوكاني في كتابه الفرائد المجموعة من الأحاديث الموضوعة: إنّه لا يصح في فضائل معاوية حديث واحد.
ويروي الطبري أنّ الحسن البصري كان يقول ويكرّر القول: (أربع خصال كنَّ في معاوية ولو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت موبقة):
1 ـ إنتزائه على هذه الأمّة بالسفهاء حتّى ابتزوها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة.
2 ـ إستخلافه إبنه بعده على رقاب المسلمين وهو سكير خمير يلبس الحرير ويضرب بالطنابير.
3 ـ قتله حجر بن عدي وأصحابه، ويل له من حجر وأصحابه ويل له من حجر وأصحابه.
4 ـ ونذكر قول الرسول الكريم (ص) لعمار بن ياسر: (تقتلك الفئة الباغية يا عمار) ومَن هو قائد هذه الفئة الباغية غير معاوية؟!
إنّ الكثير من الأحاديث وضعت لكي ترفع مكانة شخصيّات خسيسة منحطة ولكي تطمس معالم شخصيّات أخرى خصّها الله بالفضل والهدى والعلم والحلم والفصاحة والتّقى. فكانوا للعباد مناراً وهدى، لكن الحكّام المتسلطين من بني أميّة وبني العباس جاؤوا بما لا يرضى الله وافتعلوا الأكاذيب والأباطيل.(15)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1)مكان الولادة: سوريا، مدينة «دير الزور». مؤلّفاته: ياليت قومي يعلمون.
2) التوبة: 101.
3) التوبة: 74.
4) يا ليت قومي يعلمون، سيّد ياسين المعيوف البدراني: 60.
5) المنافقون: 1 ـ 2.
6) الجمعة: 11.
7) يا ليت قومي يعلمون، سيّد ياسين المعيوف البدراني: 61.
8) التوبة: 40.
9) الكهف: 37.
10) القمر: 29.
11) لقمان: 15.
12) النساء: 36.
13) يا ليت قومي يعلمون، السيّد ياسين المعيوف البدراني: 65.
14) يا ليت قومي يعلمون، سيّد ياسين المعيوف البدراني: 67.
15) يا ليت قومي يعلمون، السيّد ياسين المعيوف البدراني: 64 ـ 63.