البذور التأسيسية لفاجعة كربلاء

مقالة: البذور التأسيسية لفاجعة كربلاء

تأليف: السيد باسل خضراء الحسني

البذور التأسيسية لفاجعة كربلاء

لقد تم وضع البذرة التأسيسية للفاجعة في عمق الدعوة المحمدية في أواخر حياة النبي (ص) بل أني أقطع بأنها من بداياتها والدليل على هذا حركة الإضطراب التي سادت قريش حينما قام النبي (ص) في إعلان وصيه وخليفته من بعده علي بن أبي طالب (ع) وذلك في المآدبة التي أقامها ودعا إليها اربعون رجلا من رجالات قريش وخرج من خرج ساخرا مستهزئا يبيت الغدر بين عينيه وبين طيات صدره وما إستتبع ذلك من خلال عدة محاولات لقتل النبي (ص) ومن بينهم أقرب الناس صحبة في المكان والزمان وليس الأقرب في القلب كما يتوهم البعض .

لقد بزغت شمس الحسين (ع) وجيء إليه ملفوفا بصرة الرضيع فشمه النبي (ص) وقبله وزقه بإصبعه الشريف وفي أقوال أخرى مد له لسانه وأخذ الحسين (ع) يمصه ليتغذى ويربوا وينموا من الصفاء المحمدي والروحانية الإلهية .

ثم بكى النبي (ص) بكاء بكى له الحاضرون وسألوه لما تبكي ؟ فقال إذا ولدي هذا ستقتله غلمة من قريش ليسوا على ديني , وتعددت الروايات التي أسهب النبي (ص) في وصف من يقتل هذا السبط الطاهر (ع) .

فالنبي محمد (ص) كان يعلم ما يرتب في الخفاء لأبنائه وإلا فما معنى بكائه المستمر ووصاياه
قد نقلت لنا الأخبار المستفيضة بكائه حينما ولد سبطه الأول الحسن الزكي وسبطه الثاني الحسين (ع) ,
نعم هو إتصال غيبي مع الله سبحانه ولكن النبي (ص) كان يشتم رائحة الغدر ممن حوله ويلمس عيون الريبة والحقد بين الكثيرين ، وأخذ يؤكد من خلال أحاديثه الشريفة حتى آخر يوم من حياته المباركة

[ الله الله في أهل بيتي ]
[ أذكركم الله في أهل بيتي ]
[ لا تقدموهم فتهلكوا ولاتبتعدوا عنهم فتضلوا ]

فهذه الأحاديث تنقل لنا بين طياتها حاضرا كان يعيشه النبي (ص) كان يلمس تحركات بدأها أصحاب الغايات والموتورون ولكن الله إسترد أمانته وألحقه إلى جواره تاركا أمانة في أعناق المسلمين لم يرعوها حق رعايته بل تجاهلوه وتجاهلوا الأعوام التي عاشها ينير لهم دروب الحياة ويعلمهم أصول الدين والدنيا بعدما كانوا همج رعاع تتلقفهم طغام الأرض .

وأخذت التحركات تتسارع بعد وفاة النبي (ص) لتسقي وترعى البذور التي طرحوها ووجدوا أرضا خصبة لها فكانت السقيفة واعتبروها مصدرا ومرجعا لهم بين مبايعة أبو بكر وترك الشورى ومن ثم عادوا ليطلقوا كلمات حق أريد بها باطل ومن ثم تولية عمر بن الخطاب وطرح مبدأ الشورى وفق رأيه لا وفق المنهج القرآني والنص المحمدي وجائت الفتنة الكبرى التي أظهرت أحقاد القوم وبينت ضغائنهم فكانت فتنة عثمان وتـثبته بالأمر وضم الولايات إليه وإقطاع أهله الكثير من الميزات والإقطاعات مشيحا بظهره ووجهه عما أثبته النبي الأكرم من دستور للأمة وصراطا قويما تسير عليه حروب سلطة وتسلط نشأت فبدأ أمير المؤمنين بإعادة النهج على ما كان عليه في حياة النبي (ص) وخرج عليه بل أظهر نفسه من كان يدير الأمور في الخفاء في حياة النبي (ص) أظهر نفسه أمام الكرار حيدر (ع) بين راغب بالحكم وبين راض بأن يتقاسمه مع الإمام بشروط هو يضعها وفق رأيه وتدبيره
فكانت الطامة الكبرى خروج زوجة النبي (ص) على إمام زمانها مدعية الحق لها فمن أين جائت بدستور حكم المرأة ؟؟؟

قد يشتبه البعض أنها خرجت لأجل الزبير وطلحة نعم هذا ظاهرا ولكنها في قرارة نفسها كانت تريد الأمر لنفسها فلم يبقى من آل أبي قحافة أو المثلث الراشدي كما إدعوا لأنفسهم سواها ولهذه تفصيلة أخرى نفصلها في موضوع آخر .

وخروج معاوية ( لعنه الله ) على الشرعية فهو لم ينسى أن أمير المؤمنين (ع) قد أوتر آبائه وأعمامه فوجد أن الفرصة سانحة لرد الأمر والأخذ بثأر المشركين الذين قتلهم علي بن أبي طالب (ع) فكان الدهاء والغدر وسيلته للغاية التي كانت قريش تنشدها وهي الحكم على مقدرات الأمة والعودة للجاهلية الأولى فكان التحكيم بخطة مرسومة من أدهى الدهاة للإطاحة بالشرعية .
فتصدى لها أمير المؤمنين (ع) وكان ما كان من غدر وسذاجة قوم غرر بهم معاوية ورهطه وتم التحضير لقتل الوصي الأكبر وقام بها أشقى الأولين والآخرين واستشهد السلام وأمير الأمان في محرابه ليظهر نجم الحسن المجتبى (ع) ويسير على نهج جده وأبيه فرأى بعينه النافذة أن حقن دماء الأمة في هذا الوقت هو أحجى وأسلم لها تحضيرا لقيام ثورة عظيمة يقودها أخيه السبط الزكي فقبل الهدنة مع الطاغية على شروط وقرارات وضعها هو الإمام الحسن (ع) أولا لصيانة الأمة وثانيا رفع راية التوحيد وإبطال ما إبتدعه الموتورين .

وجاء يزيد ليعلن ويظهر ما كانت قريش تخشى أن تظهره فإختزل الجاهليه بل جسدها بشخصه بكل حيثياتها ومفاسدها فكان لابد من التصحيح لا بد من الخلاص فخرج الحسين ( ع) سائرا بأهله وعياله وأصحابه لتصحيح ما أعطبته السقيفة وتداعياتها خرج ليقول لا و هيهات منا الذلة لقد كانت كربلاء الثورة تجسيدا لمعسكرين معسكر الحق ومعسكر الباطل ومشابها تماما لما كان في حياة جده المصطفى (ص) كان يقود جبهة الحق في مقابل جبهة الكفر والضلال فمن أوصل الحسين (ع) إلى كربلاء هي تلك الطغمة التي ناوأت النبي ودبرت في الخفاء لقتله وقتل ذريته
فما كان إلا أن أراد الله سبحانه أن يتم نوره ويحفظ تاريخ أنبيائه وأوصيائهم بحركة الحسين الخالدة وببقاء البقية الباقية من ذريته وهو الإمام علي بن الحسين (ع) لتكتمل دورة كربلاء ويأتي حفيد الحسين (ع) ليجدد العهد وينير الأرض بعد ظلامها و أن الحق والعدل يسود الأرض . وكربلاء الخالدة تبقى منارا على الرغم من فجيعتنا بها .

لقد بذروا لكربلاء الشر وإطفاء النور المحمدي من نعومة أظافرهم ولكننا بفضل حركة التغيير التي قادها إمامنا الحسين (ع) نراها خالدة دوام الدهر، هانحن الآن نرى الأرض كلها تهتف لبيك يا حسين لبيك يا كربلاء .

اللهم إن نشكوا إليك فقد أوليائنا وقلة ناصرنا اللهم عجل لنا بفرجك الشريف لتقيم دولة الحق والعدل على يدي قائم آل محمد وبقيتك الباقية .
اللهم صل وسلم على محمد وفاطمة وعلي والحسن والحسين والتسعة المعصومين عدد ما خلقت وما درأت وما برأت .
والحمد لله رب العالمين .