ميرندا دول

ميرندا دول (كافرة ـ هولندا)

ولدت عام ١٤٠٤هـ (١٩٨٤م)، وترعرعت في ظل أجواء بعيدة عن تعاليم الأديان والمذاهب، وكان حبّ الاطّلاع والشعور بالفراغ العقدي والمعنوي يدعوها للبحث عن المنهج الذي يلبّي طلب فطرتها المتعطشة للتكامل والارتقاء، فعندما سمى وعيها وارتقى مستواها الفكري، وجدت أنّ الأديان والمذاهب والتقاليد المتمسَّك بها في مجتمعها، تفقد المقومات الواقعية لإيصال العبد الى بارئه، فلهذا توجهت إلى دراسة مختلف الأديان، فما إن قرأت القرآن إلّا وانسحرت بعظمة معارفه السامية فانجذبت اليه واعتنقت الدين الاسلامي الحنيف.

لقاء مع الأخت ميرندا في كربلاء المقدسة:

سافر وفد من فضلاء قم المقدسة إلى العتبات المقدسة في العراق لحضور مهرجان ربيع الشهادة الخامس في كربلاء المقدسة، وكان من نشاطاتهم هناك اللقاء ببعض المستبصرين من دول مختلفة، وكان من ضمنهم الأخت ميرندا؛ حيث أجابت على عدة أسئلة بشأن استبصارها, وفي ما يلي نص الأسئلة والأجوبة:

● كيف كانت بداية التحول إلى التشيّع؟

ـ كنت صديقة مع بنت عراقية وكان أحد أبناء هذه العائلة (وهو كردي فيلي مقيم في هولندا) يتكلّم معي دائماً حول الله والإسلام وحول التشيّع وأهل البيت عليهم السلام والقرآن الكريم، وخلال شهر من هذه الجلسات وبعد قراءة القرآن الكريم بدأ قلبي ينفتح ويتوجه إلى الإسلام, وبعد فترة قصيرة استبصرت ودخلت إلى التشيع، وأعلنت عن استبصاري عام ٢٠٠٥م.

● هل واجهت صعوبات بعد اعتناقك مذهب أهل البيت عليهم السلام؟

ـ لا، لم أواجه أي مشكلة من العائلة, إلّا عمّي فإنّه خالف الموضوع ولم يعد يكلمني منذ ذلك الوقت.

● بعد استبصارك هل بقي لك أسئلة بدون إجابة، أو هل يوجد عندك تساؤلات حول الشيعة والتشيع؟

ـ بعد الاستبصار حصلت على الأجوبة التي كنت أبحث عنها.

● ما هو شعورك وأنت تزورين العتبات المقدسة ومراقد الأئمة عليهم السلام في العراق؟

ـ قبل زيارتي للعراق رأيت في الحلم أنّي أزور هذه المراقد الشريفة، وعند زيارتي لها استشممت نفس العطر الذي أحسست به في المنام، والنور كان نفس النور، وشعرت بسكينة خاصّة عند تواجدي هنا في هذه الأضرحة، وبالأخص مرقد الإمام الحسين عليه السلام.

● ما الذي جذبك إلى التشيع مع أنّك لم تكوني تدينين بدين أو مذهب خاص؟

ـ تصرّف الشخص الشيعي هو الذي يجذب أكثر, وكذلك سيرة أهل البيت عليهم السلام، ولو أنّ الكثير من الناس سمعوا بأخلاق أهل البيت عليهم السلام لاتّبعوهم , ولكن مع الأسف لا يصل هذا الصوت إلى الجميع.

● هل من شيء تضيفيه لنا؟

ـ عند تواجدي هنا في كربلاء أحسست بألمٍ يعتصرُ قلبي؛ لأنني تذكرت واقعة كربلاء وما جرى على أهل البيت عليهم السلام.

سؤال وجواب حول سيّد الشهداء عليه السلام واتّجاهه من مكّة نحو الكوفة:

قد يتسائل أحدٌ فيقول: لماذا لبّى الإمام الحسين عليه السلام دعوة أهل الكوفة رغم معرفته الجيدة بحالهم وبأنّ احتمال خذلانهم له أمرٌ واردٌ، إذ أنّهم خذلوا أباه أمير المؤمنين عليه السلام من قبله؟

والجواب: أنّ تلبية الإمام الحسين عليه السلام لدعوة أهل الكوفة تنطوي على عدّة مضامين منها :

١ـ أنّ استجابته لهم هي لإتمام الحجة وقطع المعاذير.

٢ـ أنّ الإمام الحسين عليه السلام كان يعلم بمقتله حتى في معتقد أهل السنّة؛ لأن جدّه رسول الله صلي الله عليه وآله أخبر بذلك أو أنّه صلي الله عليه وآله دفع إلى أمّ سلمة تربة من كربلاء ـ وهذا يرويه علماء من الفريقين ـ (1)، كما روي عن الإمام الحسين عليه السلام أنّه قال: (خيّر لي مصرعٌ أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء) (2).

٣ـ إنّ أيَّ مكان لم يكن قادراً على إيواء الحسين عليه السلام بدليل ما روي عنه عليه السلام: (وأيم الله! لو كنتُ في جحرِ هامةٍ من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا فيّ حاجتهم) (3).

٤ـ إنّ الإمام الحسين عليه السلام لم يكن ينوي اللجوء إلى مكان آمن ـ لغرض السلامة ـ بل روي أنّه قالها بصراحة : (إنما خرجت لطلب النجاح والصلاح في أمة جدّي محمد صلي الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي)(4), فالحسين عليه السلام قصد الكوفة باعتبارها واحدة من الأماكن المتمردة على الحكم الأموي ـ غالباً ـ, وباعتبار الأعراق والقوميات المختلفة فيها, وباعتبار الواجب الذي يراه عليه السلام ملقىً على عاتقه, ومثل هذه المسألة ـ الغدر والخيانة ـ لا يأبه بها الإمام عليه السلام حتى يترك هدفه, وإلّا لكان أبوه عليه السلام أولى بمغادرة الكوفة من قبل ! فاحتمال العصيان والنكول لا يسقط واجب التصدي.

____________

1- فقد جاء في كامل الزيارات : ١٣٠ ، ما يلي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: سمعته يقول : (بينما الحسين بن علي عليهما السلام عند رسول الله صلي الله عليه وآله إذ أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد أتحبه؟ فقال: نعم.

فقال: أما إنّ أمتك ستقتله، قال : فحزن رسول الله صلي الله عليه وآله حزناً شديداً.

فقال له جبرئيل : يا رسول الله! أيسرّك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟ فقال: نعم، فخسف ما بين مجلس رسول الله صلي الله عليه وآله إلى كربلاء حتى التقت القطعتان هكذا – ثم جمع بين السبابتين – ثم تناول بجناحه من التربة وناولها رسول الله صلي الله عليه وآله ، ثم رجعت أسرع من طرفة عين، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل فيك).

كما روى أحمد بن حنبل في مسنده ٣ :٢٤٢ ، عن أنس بن مالك: أنّ ملك المطر استأذن ربّه أن يأتي النبيّ صلي الله عليه وآله، فأذن له، فقال لأمّ سلمة: املكي علينا الباب، لا يدخل علينا أحد.

قال: وجاء الحسين ليدخل فمنعته، فوثب فدخل، فجعل يقعده على ظهر النبيّ صلي الله عليه وآله وعلى منكبه وعلى عاتقه، قال: فقال الملك للنبيّ صلي الله عليه وآله: أتحبه؟ قال: نعم.

قال: أما أنّ أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فضرب بيده، فجاء بطينة حمراء، فأخذتها أم سلمة فصرّتها في خمارها.

قال: قال ثابت: بلغتها أنّها كربلاء. .

2- اللهوف في قتلى الطفوف : ٣٨ ، نزهة الناظر للحلواني : ٨٦ .

3- تاريخ الطبري ٤ : ٢٨٩ ، الكامل في التاريخ ٤ : ٣٨ .

4- الفتوح لابن أعثم ٥ : ٢١ .