عماد محمد شيت عنين

عماد محمّد شيت عنين (حنفي / العراق)

ولد في «الموصل»، إحدى المدن العراقية، ونشأ في أجواء فرضت عليه الانتماء إلى المذهب الحنفي.

الحقيقة وهيمنة التراث:

مبادئ ومذاهب يرى أتباعها على الحقّ، ويحاول كلّ منهم إملاء تعاليمه على أتباعه من خلال ترسيخ مبدأ تقليد التراث، ويحاول كسب المشروعية له من السلف الذي تقبّل تلك المعطيات، عملية ظهرت بوادر الفشل عليها في الآونة الأخيرة، فلم يعد التراث قادراً على ترسيخ الأُسس العقائدية وإملائها على أتباعه، ظاهرة تبلورت في عدم قناعة أتباعها بهذه التعاليم، بل انكشف لهم من خلال البحث والتحقيق في شتّى المجالات بطلان هذه المبادئ وافتقارها إلى الدليل والبرهان.

ويعدّ «عماد» من جملة الذين رفضوا هيمنة التراث على أُسسه الفكرية والعقائدية، وحاول من خلال البحث والتحقيق الوصول إلى الحقيقة.

يقول «عماد»: كنت أعتقد أنّ الشيعة ظاهرة طارئة في المجتمع الإسلامي، تكوّنت نتيجة لأحداث وظروف اجتماعية معيّنة، وكثر أتباعها على مرّ الزمن، وتمكّنوا من تكوين أُسس ومبادئ لا تمت للإسلام بصلة.

ويرى البعض أنّ ابن سبأ هو المؤسّس لهذا التكتّل، ويزعم آخرون بنشوء هذه الظاهرة زمن الإمام علي(عليه السلام) ومنهم يرى أنّه مذهب نشأ في ظروف معيّنة نتيجة لأحداث مهّدت له الأرضية المناسبة.

رسمت هذه الصورة لي حاجزاً كبيراً عن الاختلاط بأتباع هذا المذهب، مضافاً إلى الأجواء التربوية التي عشتها فترة من الزمن.

شاءت الأقدار الإلهيّة أن اطّلع على كتاب «نشأة التشيّع والشيعة» لـ«محمّد باقر الصدر»، حيث شدّني الكتاب الذي تطرّق إلى بيان حقيقة التشيّع ونشأته، وأجاب مؤلّفه على الكثير من الاتهامات ألتي ترمى بها هذه الطائفة.

كان الملفت للنظر فيما ذكره المؤلّف هو حقيقة وجود الشيعة في زمن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) الأمر الذي جعلني في موقف حرج إزاء التعريف الشائع عن أتباع هذا المذهب، ولم أكتفي بما ذكره المؤلّف، فقمت بعملية البحث والتحقيق حول هذا الموضوع.

وبعد البحث والتحقيق حول هذا الأمر تعرّفت على الكثير من التحريفات التي تكاثرت على مرّ العصور، وأصبح أصحاب الحقّ هم المتّهمون، وتمّ تبرئت من تلوثّت يداه بالخيانة ودسّ الأكاذيب في الشريعة المقدّسة.

أنت وشيعتك في الجنّة:

أخرج الحمويني في «فرائد السمطين»، وموفق بن أحمد الخوارزمي… عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): يا أبا الحسن كلّم الشمس فإنّها تكلّمك.

قلت: السلام عليك أيّها العبد المطيع لله عزّ وجلّ.

فقالت الشمس: وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين، يا علي أنت وشيعتك في الجنّة، يا علي أوّل من تنشق الأرض عنه محمّد ثمّ أنت، وأوّل من يحيا محمّد ثمّ أنت، وأوّل من يكسى محمّد ثمّ أنت.

قال: فانكببت لله ساجداً شكراً له.

فقال لي النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم): قم يا أخي ويا حبيبي باهى الله بك أهل سماواته(1).

ويذكر المفسر الكبير الآلوسي في تفسيره روح المعاني:

«عن ابن مردويه عن علي كرّم الله تعالى وجهه قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ألم تسمع قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ(2)، هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأُمم للحساب يدعون غرّاً محجّلين»(3).

ويذكر الشوكاني عن ابن عبّاس قال: «لما نزلت هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي: «هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيّين»(4).

وهناك الكثير من الروايات تدلّ على وجود هذا المذهب الموالي للخط الرسالي، والذي لم ينحرف جراء الأحداث التي شهدتها الأُمّة عقيب وفاة النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم).

وبعد فترة من البحث والتحقيق حول الشيعة حصل لي الاقتناع الكامل بحقانية هذا المذهب، فقمت بغربلة موروثي العقائدي، وأعلنت تشيعي.

____________

1- ينابيع المودّة ١: ٤٢٥.

2- البينة (٩٣): ٧.

3- روح المعاني للآلوسي ٣٠: ٢٠٧.

4- فتح القدير ٥: ٤٧٧.