حياتي محمد

حياتي محمد (شافعية / أندونيسيا)

ولدت سنة 1972 م في مدينة “بونتيانك” بأندونيسيا، ونشأت في أسرة شافعيّة المذهب، درست في المعهد الإسلامي في مدينة “بانجيل”.

استبصارها:

توفّفت لاعتناق مذهب آل البيت(عليهم السلام) سنة 1406هـ (1986م) أيّام الدراسة الثانوية في المعهد الإسلامي في “بانجيل” متأثّرة ببعض صديقاتها من الطالبات اللاتي رأت فيهن بعض التصرفات الغريبة كما بدا لها الأمر لأول وهلة حيث وجدت عباداتهن تختلف عن البقية، مثل الوضوء والصلاة التي يختلف شكلها وأجزاؤها ويجمعن فيها بين الظهرين والعشائين وانتظار زوال الحمرة المشرقية في الإفطار في صيام شهر رمضان، وكانت تعتقد “حياتي محمد” بأن هذه الأعمال من صديقاتها في المعهد باطلة وخاصّة أنّ بعضهن كن يتستّرن في عباداتهن ولا يظهرنها أمام الآخرين وهل التستّر إلاّ دليل على الباطل، وإلاّ فإن الحقّ يكون في العلن ولا يكون معه خوف كما كانت تعتقد.

البحث عن الحق ومواصلة المسيرة في الاستبصار:

دخلت “حياتي محمد” في نقاشات طويلة مع صديقاتها حول هذه الأمور، وبدأت تتعرّف شيئاً فشيئاً على الأدلّة لهذه الأعمال، كما قرأت بعض الكتب التي حصلت عليها منهنّ “كالمراجعات” “والفصول المهمّة” و “ثمّ اهتديت” وغيرها حيث وقفت على التناقضات الكثيرة في مذهبها السابق وخاصّة في كتب الحديث والسيرة، التي وجدت فيها الأحاديث المتضاربة والعجيبة حتى والخرافية في كتب الصحاح، كما تعرّفت على سيرة بعض الصحابة الذين انتهكوا الحرمات ولم يلتزموا بتعاليم الدين ومع ذلك يبجلهم علماء السنّة ويعتبروهم من مصادر التشريع التي لا يجوز المساس بها.

ومن هنا وجدت “حياتي محمد” أنّ عقائد الشيعة هي الصحيحة وأنّ تفسيرهم للتاريخ الإسلامي هو الأمر الواقع، فأعلنت استبصارها وولائها لأهل البيت(عليهم السلام)والتحقت بصديقاتها في التمسّك بحبل النجاة.

لم تكتف الأخت “حياتي” باهتدائها بل سعت كثيراً في هداية أهلها، وبالفعل وفّقت في هداية والديها وإخوانها بعد أن مرِّت بمراحل مختلفة لا تخلو من الصعوبة في سبيل هدايتهم وهو شيء طبيعي في عملية التغيير الفكري وخاصّة الاعتقاد المذهبي الذي له رسوخ في النفس الإنسانية ولا يمكن تبديله بسهولة ثمّ هاجرت في سبيل طلب العلم إلى إيران للدراسة في الحوزة العلمية في مدينة قم المقدّسة حيث انتسبت إلى جامعة الزهراء(عليها السلام)المختصة بالنساء .

دواعي كتمان الإيمان والعمل:

إنّ الانسان المؤمن يؤدي عباداته عادة ما علناً، ويصرّح بإيمانه ويفتخر به; لكنه قد يواجه بعض الأسباب والظروف الاجتماعية التي تمنعه من إعلان الإيمان والعمل وفق متطلّباته أمام الناس بصورة واضحة.

ومن هذه الأسباب هو عدم تفهّم المجتمع الذي يعيش فيه المؤمن لهذه العبادات سواء من حيث الشكل أو المحتوى، أو أنّ هذا المجتمع يراها باطلة، لأنّه يمارس عباداته بطريقة أخرى قد تختلف قليلاً أو كثيراً، ومن هنا يضطرّ المؤمن العاقل إلى إخفاء بعض عباداته وممارساته ويفعلها بصورة سرية اتّقاء للشرّ لأنّ من طبيعة عامّة الناس في المجتمعات المختلفة عدم تقبّل التصرّفات المخالفة لما يمارسونه من عادات وتقاليد، وحتّى العبادات والأعمال الدينية الأخرى لا يرتضى عامّة الناس أن يروا مجموعة من الناس أو حتّى شخص واحد يؤدّي طقوسه الدنيّية بشكل مختلف، وسرعان ما يتلقون ذلك على أنّه أمر خارج عن عرف المجتمع وقوانينه، وقد يتطوّر الحال فيرون في الأمر بدعة جدَيدة تستحق العقاب والهجران، أو التكفير والتفسيق وما يتبعه من إكراه وعنف .

من هنا سمح الشارع الحكيم البصير بعباده للمؤمنين كتم إيمانهم في بعض الحالات، وعدم ممارسة عباداتهم بشكل علني أمام المجتمع الرافض لها، أو الجاهل بتشريعها. وقد عُرف هذا الأمر في الدين الاسلامي باسم التقيّة .

هل تشبه التقية النفاق:

قد يقول البعض بأنّ التقية والنفاق شيء واحد; وذلك لاشتراكهما بصفة إظهار الإنسان لشيء هو خلاف ما يبطن.

والواقع خلاف ذلك، فإنّ التقية ثبات القلب على الإيمان وإظهار خلافه باللسان أو بالعمل، لضرورة مقبولة شرعاً وعقلاً. أمّا النفاق فهو عكس ذلك بالضبط، فهو ثبات القلب على الباطل وإظهار الحقّ على اللسان أو من خلال العمل في الظاهر، والفرق واضح بأدنى تأمّل.

كما أنّ التقيّة لا تكون من غير ضرورة أو مصلحة يعترف بها الشرع، أمّا النفاق فهو لا يعرف هذه الأمور، فهو مرض في قلوب الذين يحسبون كلّ صيحة

عليهم، فهل بعد هذا يقال إنّ التقيّة مثل النفاق!

والقرآن الكريم والسنّة النبويّة الشريفة بيّنا أهميّة رفع العسر والحرج والضرر، وقد وضع الفقهاء جملة من القواعد الفقهية المبيّنة لذلك، وهذا يدخل في إطار التقيّة وبيان أحكامها، وفي المقابل حذّرا من النفاق وبيّنوا مساوئه ولم يعدّ القرآن الكريم من أتقى إلاّ بكل خير. بينما أوعد المنافقين بالعذاب المهين.

ولو جاز القول بأنّ التقيّة نفاق، فكيف نوفّق بين جواز التقية الثابت بنصّ القرآن الكريم، وحرمة النفاق الثابتة أيضاً بنصّ القرآن الكريم!.