سالم سعيد الراجحي

عام 1390هـ (1971م) في زنجبار، حاصل على شاهدة الثانيوية، درس في المدارس الدينية التابعة للأباضية “مدرسة الاستقامة”، ثمّ قام بالتدريس في مدرسة حمام في زنجبار وبعض المدارس الأُخرى.

عقيدة الأباضية:

يقول “سالم” إنّ الأباضية فرقة منشقة من الخوارج، والأباضية لا يعادون الإمام علي(عليه السلام) ويتبرأون من الخوارج، وهم أتباع عبد الله الأباضي الذي لم يحارب الإمام علي(عليه السلام)، كما أنّ الأباضية يكرهون عثمان، ولا يعتقدون بعدالة جميع الصحابة، والخلافة عندهم بالشورى، وعقيدتهم بالإمام علي(عليه السلام) أنّه صحابي قد يُخطىء.

انتمائي إلى مذهب أهل السنّة:

يقول “سالم”: احتواني أهل السنّة في زنجبار، وشجّعوني على الدراسة في مدرسة أماني فقبلت ذلك، وكثر تأثّري بالوهابية، وبعد اتّساع اطلاعي بمعتقداتهم عرفت بأنّهم لا يمتلكون شيئاً، وأنّهم يهتمون بالإعلام أكثر من المضمون العلمي، وكانوا يدعوننا إلى التبليغ لا التعليم، فلمّا رأو الجد والاجتهاد في طلبى العلم نقلوني إلى تنزانيا منطقة أروشا، فذهبت للدراسة هناك، ولكنني لم أجد المكان مناسباً، وعاملني الخواجة معاملة سيّئة، ثمّ بدأوا يتعاملون معي كمشرف على قراءة القرآن في المساجد، ولا يسمحون لي بالحوار العلمي، وعندما وجدت منهم الكثير من المضايقات تركتهم وعدت إلى زنجبار.
جاء الأباضيون ودعوني إلى المذهب الأباضي واقترحوا عليّ عمل، فرفضت ذلك.

في المدرسة الشيعية:

استفسرت عن مدرسة فيها حرّية في البحث، بحيث يستطيع الطالب طرح شبهاته بطلاقة والمناقشة بسهولة وبيان ما يجول في خاطره من أمور علمية.
فقال لي أصدقائي: إذهب إلى المدرسة الشيعية، ولكن إحذر أن لا يخدعوك، فذهبت إلى المدرسة الشيعية، وقلت لهم بأنّي أودّ التعرّف على المذهب الشيعي، فأعطوني كتب الدكتور التيجاني السماوي.
رآني أحد الأباضيين وأنا في المدرسة الشيعية، فقال لي: مشكلتك أنّك تظنّ بأنّك أصبحت من العلماء؟
قلت له: لماذا؟
قال: لا يحقّ لك التعرّف على مختلف العقائد ما لم تصل مرحلة يُعتد بها في العلم؟
قلت له: أنا طلبت العلم، ولكنكم منعتموني من طلبه، وحجبتم العلم عني بذريعة كوني لست بمستوى الفهم!
فقال لي: عموماً، أحذّرك من الشيعة!
بعد فترة جاءت لجنة من إيران إلى منطقتنا بحثا عن المتطوّعين لدراسة علوم أهل البيت(عليهم السلام) فسجّلت اسمي، وتمّ قبولي، وانتبهت ذات يوم إلى نفسي فوجدت نفسي طالباً في الحوزة العلمية في مدينة قم، واستمرت دراستي فيها مدّة سبع سنوات، وفي إحدى العطل الصيفية عدت إلى بلدي، فواجهني الأباضية بشدّة، ولكنّني تعاملت معهم بأدب، وقابلت إساءاتهم بإحسان، ولكّنهم اتحدّوا ضدّي.
وأما أهل السنّة فكانت ردود أفعالهم أشدّ وأقسى، ولكنّني تجاهلت إساءاتهم، وأغمضت عيني وكأني لا أشعر بسوء تصرّفاتهم.
وصليت ذات يوم في مسجد أهل السنّة جماعة، فاستهزؤوا بي، ثمّ دعوني للمناظرة وأرادوا اختباري، فلم أجبهم، وقال عالم المسجد: هل تشيّعت حقيقةً أم أنّك تتظاهر بالتشيّع لتلفت أنظارنا إليك؟
فابتسمت، وقلت له: لست بحاجة إلى إلفات أنظار الآخرين إلى نفسي عن طريق إعراضهم عنّي ومحاربتهم لي وإساءتهم إلي، وانّما تحمّلت كلّ هذا العناء لأنّ الأدلّة فرضت عليّ اتباع الشيعة.
قال: شيعة من؟
قلت: شيعة أهل البيت(عليهم السلام).
قال: نحن أيضاً من شيعة أهل البيت(عليهم السلام) ومن محبيهم.
قلت: إذا كنت من شيعة أهل البيت(عليهم السلام)، فأخبرني اين قبر فاطمة الزهراء بنت رسول الله؟! وكم لديك معرفة عن تراث أهل البيت(عليهم السلام)؟!
قال: أنا قلت للناس: لا فائدة النقاش معك!
قلت: لماذا؟
قال: لأنّك قرأت الفلسفة، وأفسدك الشيعة، وأنت خطير جداً، وينبغي أن نمنعك لئلا تفسد شبابنا!
قلت له: أنا كنت أباضياً ولكنّني لم أواجه منكم هذا الموقف المتشدّد فلماذا ازداد تعصّبكم عندما اخترت مذهب الشيعة؟
قال لجماعته: اتركوه لشأنه، لا فائدة للكلام معه.
واستمرت ردود أفعال أهل السنّة والأباضية ضدّي، ولكنّني تعاملت معهم بهدوء، ولم أفعل ما يثير سخطهم أو يزيد في تعصّبهم.