عبد الله ويدروغو

نبذة عن حياة المستبصر: عبد الله ويدروغو.

(مالكي / بوركينا فاسو)

ولد عام 1363هـ (1944م) في بلدة “وغادغو بوركينا فاسو)، وترعرع في أحضان أسرة مالكية المذهب، فسار وفق نهج آبائه وأسلافه.

واصل دراسته حتّى حصل على الشهادة الثانوية.

يقول “عبد الله ويدروغو”: كنت لا أعرف مذهب التشيّع من قبل، وذات يوم وجدت عنوان مركز إسلامي واقع في الدولة الإسلامية في إيران، فراسلت المركز، فارسلوا الي الكتب ذات الصلة بالتشيع وفهمت قليلاً من التشيّع وعن حياة أهل البيت(عليهم السلام)، ومن أهم الأُمور التي تعرّفت عليها:

1 – آية التطهير التي نزلت في حقّ أهل البيت(عليهم السلام).

2 – مظلوميّة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام).

الدوافع لمعرفة الحقيقة:

كان “عبد الله ويدروغو” مسروراً بمطالعة الكتب التي قرأها لأنّها فتحت له آفاقاً جديدة دفعته إلى التغير في الصعيد الفكري والعقائدي.

ومن أهم الأُمور التي زلزلت أركان عقائده الموروثة مسألة مظلومية الزهراء(عليها السلام)، ووصيتها بأنّ تدفن ليلاً!

سأل “عبد الله ويدروغو” العلماء عن مظلوميّة الزهراء(عليها السلام) فوجدهم يقرّون بما وقع ن ولكنّهم يحاولون الاجتناب عن الخوض في النزاعات التي وقعت بين الصحابة!

ولكن يقول “عبد الله ويدروغو”: فلم اقتنع بهذه الأجوبة، لأنني كنت أعلم بضرورة وجود حقّ وباطل بين المتنازعين، ولا يمكن الجمع بين النقيضين.

مظلومية الزهراء(عليها السلام):

من أهم الاُمور التي بيّنها التاريخ هي ظلم أبي بكر للصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(عليها السلام)، والعجب أن تحدث هذه المظلومية بعد وفاة الرسول بأيام!! وهذا ما ينبىء عن الحسد والحقد الذي كان يضمره بعض الصحابة لآل الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد صرّحت الصديقة الزهراء بذلك، عندما خاطبتهم:

“فلمّا اختار الله لنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) دار أنبيائه، ومحل أصفيائه، ظهرت حسيكة(1)النفاق، وأنسمل(2) جلباب(3) الدين، وأخلق(4) عهده، وانتقض عقده، ونطق كاظم، ونبغ(5) خامل(6)، وهدر فنيق الباطل، يخطر في عرصاتكم واطلع الشيطان راسه من معرسه، صارخاً بكم، فألفاكم لدعوته مصيخين…”

تاريخ فدك(7) :

أخرج الطبري، عن ابن إسحاق “… وحاصر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أهل خيبر في حصنهم، الوطيح والسلالم، حتّى اذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم ويحقن لهم دمائهم، ففعل، وكان رسول الله قد حاز الأموال كلّها، الشق ونطاة والكنيبة، وجميع حصونهم إلاّ ما كان من ذنيك الحصنين، فلمّا سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يسألونه أن يسيّرهم ويحقن دمائهم لهم، ويخلوا له الأموال، ففعل، وكان ممن مشى فلمّا نزل أهل خيبر على ذلك، سألوا رسول الله أن يعاملهم بالأموال على النصف، وقالو ا نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها، فصالحهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، وصالحه أهل فدك على مثل ذلك،، فكانت خيبر فيئاً للمسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، لأنّهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب…”(8).

وقد ورد في مصادر الفريقين، أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أعطى فدك لبضعته الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) في حياته.

فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور، في تفسير الآية الكريمة: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ}(9)، أنّه روى ابن عبّاس وأبو سعيد الخدري وغيرهما عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّهم قالوا: لمّا نزلت هذه الآية، دعا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة(عليها السلام)فأعطاها فدك(10).

وما جاء في كتاب أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف قال: “بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس القوم وسخت عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله…”

في القضية المعروفة عن موقف عمر بن عبد العزيز والمأمون في ردّ فدك إلى ولد الزهراء(عليها السلام) ذكر الجوهري: وروي أنّه ردّها بغلاّتها منذ ولي، فقيل له نقمت على أبي بكر وعمر فعلها، فطعنت عليها ونسبتهما إلى الظلم والغصب، وقد اجتمع عنده في ذلك قريش ومشايخ أهل الشام من علماء السوء.

فقال عمر بن عبد العزيز: قد صح عندي وعندكم أنّ فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ادعت فدك وكانت في يدها، وما كانت لتكذب على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مع شهادت علي وأم أيمن وأم سلمة، وفاطمة عندي صادقة فيما تدعي، وان لم تقم البيّنة، وهي سيدة نساء أهل الجنّة ن فأنا اليوم أردها على ورثتها أتقرب بذلك إلى رسول الله، وأرجو أن تكون فاطمة والحسن والحسين يشفعون لي في يوم القيامة لو كنت بدل أبي بكر، وأدعت فاطمة كنت أصدّقها على دعوائها، فسلّمها إلى محمّد ابن علي الباقر(عليه السلام)…”(11).

غصب أبي بكر لفدك:

يبيّن التاريخ أن فدك كانت نحلة لبضعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فاطمة الزهراء(عليها السلام) وأنّ القوم كما قال أمير المؤمنين(عليه السلام) وشحت نفوس القوم” وغصبوها.

عندما غصب أبو بكر الخلافة، أخرج وكلاء الزهراء(عليها السلام) من فدك، فهناك شواهد تدلّ على أن أبا بكر ظلم الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) منها:

1 – أنّ فدك كانت في يد الزهراء(عليها السلام)، فعلى هذا تكون صاحبة اليد، وصاحب اليد لا يطالب بالبيّنة، وعند ما طلب أبو بكر الشهود، جاء أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار، فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حقّها وميراثها من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ملكته في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟

فقال أبو بكر: هذافيء للمسلمين، فإن أقامت شهوداً أنّ رسول الله جعلها لها وإلاّ فلا حقّ لها فيه!!

فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): يا أبا بكر، أتحكم فينا بخلاف حكم الله تعالى من المسلمين؟

قال: لا.

قال: فإنّ كان يد في المسلمين شيء يملكونه، ثمّ ادعيت أنا فيه، من تسأل البينة؟

قال: إياك كنت أسأل البيّنة.

قال: فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يدها؟ وقد ملكته في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعده ولم نسأل المسلمين بيّنة على ما ادعوه شهوداً، كما سألتني على ما ادعيت عليهم؟

فسكت أبو بكر.

فقال عمر: يا علي دعنا من كلامك فإنّا لا نقوى على حجّتك…”(12).

فقلت في نفسي، يا عجباً من خليفة المسلمين فتارة يريد البيّنة من المدعي،وتارة يريدها من صاحب اليد!!

2 – لقد نزلت الآية الكريمة بإذهاب الرجس عن الزهراء(عليها السلام) وطهارتها من الدنس وإقامة البراهين على أنّها صدّيقة، ومن له تلك الخصال لا يحتاج إلى بيّنة.

فقد ذكر القرطبي في الاستيعاب في معرفة الأصحاب في فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: وحدثنا محمّد بن حميد، حدّثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عبادة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً من فاطمة ; الاّ أن يكون الذي ولدها(صلى الله عليه وآله وسلم)”(13).

هذا وقد ثبت في الصحاح أنّ ابا بكر أعطى من ادعى من الصحابة ما ادعوه من دون بيّنة فقد ذكر البخاري في كتاب الشهادات بالإسناد عن جابر بن عبد الله(رضي الله عنه)، قال: لمّا مات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) جاء لأبي بكر مال من قبل العلاء بن الحضرمي، قال أبو بكر: من كان له على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) دين أو كانت له قبله عدة فليأتينا.

قال جابر: فقلت: وعدني رسول الله أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا فبسط يده ثلاث مرات قال جابر: فعد في يدي خمسمائة ثمّ خمسمائة ثمّ خمسمائة(14).

فلماذا إذا لم يطالب أبو بكر البيّنة من جابر ويطالبها من بضعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)على رغم أنّها صادقة؟ أو جابر أبرّ من فاطمة الزهراء(عليها السلام)؟! أو أنّ الحقد على آل النبي أدّى به إلى هذا الصنيع؟!

وعلى فرض أنّ فاطمة(عليها السلام) تحتاج إلى بيّنة، فلماذا لم يضمّ أبو بكر الشهادة الناقصة كما ادعاه إلى اليمين والشاهدة ليكمل النصاب؟! كما فعل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)مع أنّ رسول الله قبل شهادة الرجل الواحد ورجعلها في قضية ذو الشهادتين بمنزلة شهادة رجلين.

وهذا ينبي عن سوء سريرته ; لأنّه لم يكن همّه إلاّ أن يغصب فدك.

ومثل هذه الإفعال ليست بمستبعدة لمن عرف حسب ونسب أبي بكر ابن أبي قحافة، وقد استغرب أبوه يوم بويع ابنه للخلافة وقال له: كيف ارتضاك الناس يا بني مع خمول بيتك، وانحطاط منزلتك، لا بقدم سابق في فخر، ولا بعلم، ولا بشجاعة، ولا بكرم ولا بعبادة…”(15).

اُنظر إن كان أبوه يتعجب لاستخلافه بنعته بهذا الصفات فمن يكون ابن أبي قحافة”!!

فعرفت حقيقة الأمر وإن الصحابة لا سيما أبو بكر قد ظلموا بضعة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) وآذوهما وغصبوا حقها فيا ترى أي عقل سليم بل غير سليم يحكم أن مثل هذا الشخص يكون خليفة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟!!

فهذه أمور قبحها معلوم بالوجدان فمن ينكرها وينكر قبحها كمن لا وجدان له.

فتنور قلبي بنور الإيمان والحقيقة وأخرجني الله من الظلام والضلالة والتحقت بسفينة النجاة سفينة آل محمّد(عليهم السلام) حيث قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق”(16)، والحمد لله ربّ العالمين.

 

____________

1-الحسيكة: العداوة والحقد.

2-أسمل الثوب، سمل، وانسمل إذا أخلق وبلي.

3-الجلباب: الإزار.

4-اخلاق العهد: كناية عن ضعفه وإهمال العمل به.

5-نبغ الشيء إذا طلع وظهر.

6-الخامل: الوضيع الذي لا يكاد يعرف.

7-فدك: اسم منطقة في أطراف المدينة تبعد عنها 15 فرسخاً.

8-تاريخ الطبري 3: 15.

9-الإسراء (17) : 26.

10-الدر المنثور للسيوطي 4: 320.

11-السقيفة وفدك للجواهري: 146.

12-الاحتجاج 1: 237.

13-الاستيعاب: 4: 1897.

14-صحيح البخاري ج4 باب من اقام البيّنة بعد اليمين.

15-الاحتجاج 1: 226.

16-أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 12: 91، والحاكم في المستدرك 3: 151 وصححه نقلاً عن الغدير.