محمد سليم عرفة

من هو المستبصر محمد سليم عرفة؟

* سورية – دمشق – باب سريجة

* مواليد عام (1965م)

* اعتنق التشيع عام (1991م)

* مواليد ـ دمشق ـ 17ـ 5 ـ 1965.

* تخرج من المعهد المتوسط للإلكترون عام /1986

* اعتنق مذهب أهل البيت في عام /1991

كما اعتنق كثير من الشباب على يديه مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .

وله كتاب تحت الطبع بعنوان (كيف كانت البداية)..

(إفادات من ملفات التاريخ)

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الذين اتبعوه بإحسان ولم يبدلوا تبديلاً.

كثيراً ما راودتني فكرة تأليف كتاب، أشرح فيه لماذا اخترت مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، ولكن كنت أقف وأتريث لأني لا أريد أن أكرر ما كتبه المئات من قبلي في هذا الموضوع المتشابه في أكثر خطوات الهداية مع ما في كل تجربة من فكر جديد يستفيد منه المسلمون عامة وكنت أطرح على نفسي هذا السؤال.

ما الجديد الذي تود أن توصله إلى أخوتك المسلمين؟

فإذا كان الكتاب لن يوصل فكرة جديدة تساهم في كشف الغموض والتعتيم الذي لاقته مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) من قبل الحكام والدائرين في فلكهم من علماء، ووعاظ سلاطين، وكتاب مأجورين، فلا فائدة من كتابته.

ولكن كان بعض الأخوة يدفعني لكتابه كتاب أشرح فيه لماذا وكيف هداني الله لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

وما الصعوبات التي واجهتني في سبيل ذلك؟.

والشيء الآخر الذي دفعني للكتابة هو ما نراه من الهجمة الوهابية الشرسة على المذاهب الإسلامية عامة ومذهب أهل البيت (عليهم السلام) خاصة.

فهؤلاء مع اختلافهم مع أهل السنة وتكفيرهم لهم إلا أنهم يراد عونهم ويندسّون بينهم ليمروا لهم بعض أفكارهم ويصوغون هذه الأفكار وكأنها من مذاهب أهل السنة وترى بعض المفكرين والكتاب ممن أعمتهم عصبيتهم وما يغدقه عليهم هؤلاء من عائدات الذهب الأسود يهرولون نحوهم ويتبنون أفكارهم.

وقد انتشرت المعاهد التي يدعمها هؤلاء على أنها معاهد للعلوم الشرعية بينما هي معاهد لترويج فكر الوهابية مقابل ما يأخذه هؤلاء من الإعلانات والتبرعات. ولو وقفت أمام أحد هذه المعاهد سوف لا ترى إلا لحى مبعثرة وجلابيب قصيرة لا أريد هنا أن أشرح عقائدهم وما يروجون له ويسممون أفكار العوام ولمن أراد أن يعرف عنهم أكثر فعليه بقراءة كتاب:

(السلفية بين أهل السنة والإمامة) للكاتب السيد محمد الكثيري جزاه الله كل الخير عن الإسلام والمسلمين. وإن خطر هؤلاء يأتي من أنهم قد أوهموا أهل السنة من أنهم يتبعون السلف الصالح وقد ذاب فيهم الكثير من أهل السنة فأصبحوا يتكلمون بكلامهم وقد نسوا أن المذهب الوهابي يكفرهم ويكفر كل من يعارضه في الرأي.

فانظر إلى ما يفعلوه هؤلاء في الجزائر والباكستان وفي أفغانستان وفي أي بلد، يصلون إليه وبما أنهم لا يملكون أية حجة فإنهم لا يوافقون على الحوار العلمي بل يقفون من بعيد حاملين سيف التكفير على كل من يحمل فكراً يخالف فكرهم وليتهم يوظفون أقلامهم وطاقاتهم وأموالهم ضد الكفر والإلحاد ولكنهم على العكس لا يحملون إلا على إخوانهم المسلمين بينما يوادعون أصحاب الدولار وتراهم يقفون بوجه أي فكر لتوحيد المسلمين. فعندما قامت جمعية التقريب بين المذاهب على أيدي بعض الصلحاء من هذه الأمة قامت قيامتهم وكفروا كل من اشترك في هذه الجمعية.

وكما قال الشيخ محمد الكثيري في كتابه (السلفية):

(لو علم أبناء الصحوة أن مجمل ما يصلهم اليوم وبشكل عام ويقرؤنه ويؤمنون به على أنه رأي الصحابة وعمل السلف الصالح، ليس سوى اختيار المذهب الحنبلي في العقائد والفقه واجتهادات رجالاته عبر التاريخ؟. في مقابل آراء واجتهادات واختيار المذاهب الأخرى التي ظهرت للوجود قبل المذهب الحنبلي، بل وقبل أن يولد مجتهدوه الكبار بقرون عدة. والكل يدعي ارتباط بالسلف الصالح والصحابة ويسند أقواله وأفعاله لهم؟!..

ولو أتيح لغالبية أبناء الصحوة سبيل الاطلاع ومعرفة آراء وأفكار مذاهب أخرى لا يعرفون عنها شيئاً، فمما لا شك فيه أنهم سيراجعون عدداً لا بأس فيه من أفكار قدمت لهم على أنها عمل السلف الصالح ومعتقد صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبالتالي الحقيقة الإسلامية.

لذلك نرى أن هؤلاء العلماء والكتاب المأجورين يمنعون أبناء الصحوة من التعرف على الفكر الآخر ويمنعونهم من المطالعة والحوار الحر.

حتى الآن بعد أن أصبح العالم كقرية صغيرة بفضل التكنولوجيا الحديثة وصار الاطلاع ممكن بكبسة زر واحدة.

فما يزال هؤلاء يعيشون في العصور المظلمة ويمنعون هذه الأجيال من معرفة النور فمن يدخل إلى أي مسجد من مساجد عامة المسلمين ويستمع إلى خطبة من خطب الجمعة يرى أنها تتحدث عن فضائل منحولة لكثير من الصحابة وكثير من حكام الجور الذين توالوا على سدة الحكم في الدولة الإسلامية منذ وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحتى يومنا هذا ولا تجد من أحدهم أي ذكر لمكانة أهل البيت وفضائلهم (عليهم السلام) مع كثرتها.

وإذا أرادوا أن يتكلموا عن أهل البيت (عليهم السلام) فتراهم يصورون لنا الإمامين الحسن والحسين على أنهما طفلان صغيران كان جدهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحبهما وقد كان في يوم من الأيام على المنبر فدخلا وتعثرا بثيابهما فنزل من المنبر وحملهما معه، وبذلك يتصور العوام بأن هذين الإمامين عاشا وماتا صغيرين ولم يكن لهما دور في هذه الرسالة العظيمة وإذا ذكروا الإمام علي (عليه السلام) فلا يذكرون له إلا أنه أول صبي أسلم وكأنه توقف عند هذا العمر ولم يكبر ولم يشارك في المعارك الإسلامية ولم تقم هذه المعارك إلا على سيفه وقد قيل أنه:(لولا مال خديجة وسيف علي لم تقم للإسلام قائمة).

وعندما يذكرون السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ويذكر حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) :

(فاطمة بضعة مني من أرضاها فقد أرضاني ومن أسخطها فقد أسخطني ومن أسخطني فقد أسخط الله..) .

يذكرون بأن سبب هذا الحديث:

أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد هم بأن يخطب بنت أبي جهل فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصعد المنبر وقال هذا الكلام.

هذا ما يتشدق به هؤلاء، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.

قال ابن عرفة المعروف بنفطويه ، وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية إليهم .بما يضنون يرغمون به أنوف بني هاشم .

وهم يخشون أن يتحدثوا بفضائل أهل البيت (عليه السلام) لأنهم كما قال أحدهم عندما سأله أحد الأخوة ولماذا لا تذكرون فضائل أهل البيت (عليهم السلام) على المنابر بينما خطبكم تعج بذكر فضائل الصحابة؟.

فقال: (وهل تريد أن يتشيع الناس).

إذاً هو يعرف بان الناس إذا ما عرفوا بهذه الفضائل الطيبة والحمد لله في كتبهم ومسانيدهم فإنهم سوف يتخذون مذهبهم وهذا ما يخشاه.

وقد نسي قول الله تعالى: ( لم تلبسوا الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) .

ألم يقل لهم رب العزة على لسانِ الحبيب المصطفى:( قل لا أسئلكم عليه أجبراً إلا المودة في القربى) .

فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يطلب منا أجر الرسالة الإسلامية إلا معرفة حق أهل بيته واتباعهم.

وقد قال تعالى في كتابه العزيز:( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى) .

وقد جاء في تفسير الكشاف: ج3/ص403، ذكر الرازي في تفسيره الكبير: ج27/ص165 عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: (من مات على حب آل محمد مات شهيداً).

(ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له)

(ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان).

(ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير).

(ألا ومن مات على بغض آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها).

(ألا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة).

(ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة).

(ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله).

(ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً).

(ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة).

اللهم أمتنا على حب محمد وآل محمد آمين رب العالمين.

ولا يخفى على ذي لب أن المحبة تعني الاتباع أيضاً.

قال تعالى على لسان رسوله الكريم: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) صدق الله العظيم

كيف عرفت طريق النجاة وركبت السفينة؟.

قال تعالى: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) .

ومعنى هذه الآية أن كل من حاول الوصول إلى الحقيقة بقلب مؤمن ساعده الله وسدد خطاه.

وقد وفقني الله وعائلتي والحمد لله بعد البحث والعناء أن نعرف طريق أهل البيت (عليهم السلام) ونركب سفينتهم.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : عن أبي ذر الغفاري (عليه السلام) قال أيها الناس سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له).

رحلتي مع الكتب:

وقد كانت البداية في شغفي لقراءة الكتب الدينية.

فبعد أن أنهيت دراستي (وقد كنت قد تخرجت من معهد متوسط للإلكترون) ولكني لم أجد نفسي في هذا المجال لأن لي ميل لدراسة القانون ولكن لأسباب قاهرة لم أستطع أن ادخل هذا الفرع لذلك كنت أحب مطالعة الكتب القانونية والدينية وبما أني ملتزم بحضور الدروس الدينية في المساجد من صغري فقد كنت أقرأ الكتب الدينية أكثر وقد استهوتني منذ البداية التي تبحث في الخلافات الدينية بين الديانات السماوية الثلاث وقد كنت معجباً بالشيخ أحمد ديدات والشيخ عبد المجيد الزنداني وقد قرأت كتبهم وشاهدت عدة مناظرات لهم على أفلام الفيديو كانت بينهم وبين أصحاب الديانات الأخرى وقد كنت أسر عندما أرى انتصار هؤلاء على مناظريهم لأنه نصر للدين الإسلامي في مقابل هذه الديانات.

وقد كنت أحفظ الكثير من هذه المناظرات لذلك عندما بدأت حياتي العملية وقد باشرت بالعمل في محل للألبسة في منطقة (القصاع) وهي منطقة أغلب ساكنيها من النصارى وقد كان يجري بيني وبين البعض منهم حوارات ومناقشات أحاول فيها تبيين أوجه الخلاف وخاتميه الدين الإسلامي وإن الله قد تكفل في حفظه ولم يطرأ عليه أي تحريف كما طرأ على الديانات الأخرى وكان هؤلاء الذين يحاوروني تعييهم الحيلة إما أن ينسحبوا على أمل أن يسألوا أو يستشيروا رجال دينهم وكنت أفاجأ منهم أنهم كانوا يقولون لأنهم لا يعلمون عن هذه الأمور وأن رجال دينهم لا ينصحوهم بقراءة الكتب ويمنعونهم من قراءة كتب المسلمين وكانوا يقولون لهم يكفيكم إيمانكم بأن يسوع ابن الله (معاذ الله) وأنه صلب ليحمل خطايا الناس.

وقد كانوا يمنعونهم من قراءة الكتب التي أعطيهم إياها ويقولون لهم لا تناقشوا هذا المسلم فكنت أقول في نفسي الحمد لله على دين الإسلام الذي حرر عقلنا ولم يجعل علينا في الدين من حرج فنحن نستطيع أن نقرأ ما نشاء ونسأل عن أي شيء.

وقد وفقني الله لهداية البعض منهم من الذين كانوا يملكون فكراً حراً ويحاكمون الأدلة التي أبرزها محاكمة عقلية.

ومن هؤلاء فتاة كانت تعمل عندي في نفس المحل، وقد شرح صدرها للإيمان بعدما كان تسمع مناقشاتي لبعض إخوانها من النصارى وصارت بالفعل تقرأ الكتب التي كنت أتركها في المحل وكانت تسألني وتستفسر عن الأمور التي تصعب عليها والحمد لله فقد أسلمت وحسن إسلامها وقد حاول أهلها منعها وإبعادها عن المحل ولكن بفضل الله كان إيمانها قوي وقد دخلت في الإسلام عن قناعة فما كان مني إلا أن تزوجتها والحمد لله.

ولو أن النصارى انفتحوا على المسلمين وسمعوا ما عندهم وقرؤوا كتبهم لهداهم الله إلى الإسلام لذلك يحاول رجال دينهم منعهم من هذا لأنهم سوف يتركونهم.

البداية:

بالصدفة المطلقة:

بسبب زواجي فقد اضطررت لترك العمل في هذا المجال وعملت لدى خال لي عنده مكتب عقاري ومن خلال عملي في هذا المكتب كنت أصادف بعض رجال الشيعة الوافدين من القطر العراقي الشقيق لزيارة السيدة زينب (عليها السلام) وقد كان المكتب العقاري في منطقة قريبة من كراج انطلاق السيارات المتوجهة للسيدة زينب (عليها السلام) .

لذلك كان يتردد الكثير منهم لاستئجار بيوت قريبة من هذه المنطقة فيدخلون هذا المكتب ليسألوا عن البيوت.

وقد كلمني أحدهم كان قادماً إلى المكتب يستأجر داراً للسكن وقد أخبرني أنه يدرس في الحوزة ولم أكن قد سمعت بهذا التعبير من قبل فسألته ماذا تعني (الحوزة) فوضح لي وسألني ماذا أعرف عن الشيعة؟.

فقلت له: لا أعرف إلا أنه مذهب من المذاهب الإسلامية وأنهم يقدسون سيدنا علياً  وأهل بيته ويرون أنه أفضل من كل الصحابة هذا ما أخبرته به فقط مع أني كنت أخفي في قرارة نفسي ما كنت أسمعه من مشايخي ومن العوام من تشنيع على الشيعة وذلك منعاً للإحراج ولكنه بدأ يكلمني عن بعض الأمور الخلافية بين الشيعة والسنة وقد كنت اندهش لأن ما أسمعه منه لم أسمع به من قبل وعندما رآني غير مصدق لكلامه قال لي: ألست تقول بأنك تحب المطالعة وأنك لا مانع عندك من قراءة أي كتاب فقلت نعم فنصحني بقراءة كتاب (المراجعات).

وقال لي إن هذا الكتاب حوار بين شيخ سني وآخر شيعي وأن كل ما فيه من كتب وصحاح أهل السنة.

ولكن هذا الشخص سافر إلى ألمانيا ولم يحضر لي هذا الكتاب.

وقد حاولت جاهداً أن أجد هذا الكتاب في المكتبات التي أعرفها في دمشق ولكن عبثاً في هذه الفترة جلب لي شقيقي الكتاب (المئة الأوائل من النساء) وقد كان قد قرأه واستوقفه خطبة السيدة زينب (عليها السلام) وهي في بلاط الطاغية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وذلك بعد واقعة كربلاء ولم اكن اعلم عن هذه الحادثة شيئاً ولم أسمعها من أحد من قبل مع أني كما قلت سابقاً كنت منذ طفولتي أتردد إلى المساجد وأحضر حلقات الدروس ولكن لم أسمع عن هذه الحادثة.

وقد علمت بعد ذلك أن ما كنت أقرأه كان كتباً موجهة تحاول أن تمنع أن يصل إلينا مثل هذه الأمور.

البحث عن الحقيقة:

بعد قراءتي لهذه الخطبة حاولت أن أبحث في الكتب عن واقعة كربلاء واندهشت عندما قرأتها في تاريخ الطبري.

فسيدنا الإمام الحسين (عليه السلام) سيد شباب أهل الجنة كما جاء في الحديث الشريف: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة).

قد قتل هو وأهل بيته وأصحابه في هذه الحادثة أمام أعين المسلمين وسمع الآخرين وقاتلهم يزيد وجيشه وهذا الطاغية كان خليفة المسلمين في ذلك الوقت فهذه الحادثة جعلتني أصمم على أن أعرف كيف وصل هذا الطاغية إلى الحكم فتحكم بالإسلام والمسلمين وتجرأ على ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

ومن حسن الحظ أن إلتقيت صدفة أحد أصدقائي لدى خروجي من صلاة الجمعة يحمل كتاباً فقلت له: ما هذا الكتاب؟.

فقال: كتاب عن الشيعة وقالها (بنفور).

فقلت له: هاته، وكم كانت فرحتي شديدة عندما قرأت عنوان الكتاب (المراجعات) بين السيد شرف الدين والشيخ سليم البشري فهذا ما كنت أبحث عنه وقد حاول صديقي منعي من أخذه بحجة أنه مختلف كما يعتقد وأن شيخه قد نصحه بعدم قراءته لذلك هو لم يقرأه ويريد أن يعيده للشخص الذي أعاره إياه.

فقلت له: لا عليك سوف أقرأه بسرعة وأعيده إليك غداً وفعلاً قرأت الكتاب وأنهيته في ساعة متأخرة من تلك الليلة وقد أعدت قراءته لأتأكد مرة ثانية من حقيقة الروايات والأحاديث المثبتة في هامش الكتاب والتي أستشهد بها السيد شرف الدين.

وقد قلت في نفسي إن كانت هذه الروايات موجودة في كتب أهل السنة وتواريخها فلا يهم إن كان هذا الكتاب ملفقاً أو صحيحاً لأن الغاية هي ما جاء فيه وليس غير ذلك.

وبالفعل فقد تأكدت من وجود هذه الأحاديث في الصحاح وكتب التفسير والتاريخ وكل ما قاله وقدم به السيد عبد الحسين شرف الدين حججاً باهرة لا يمكن نكرانها إلا على من لا يريد أن يرى ضوء الشمس.

لا أريد في هذه المقدمة أن أذكر الآيات والأحاديث التي تتحدث عن إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والأئمة من ولده (عليهم السلام) لأنها سوف تكون في طيات هذا الكتاب ولكن سوف أذكر هنا حديثين فقط نالهما الكثير من التعمية والتجاهل مع وجودهما في صحاح المسلمين وكتبهم المعتبرة.

1- حديث الغدير:

قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فينا خطيباً بماء يدعى خماً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، قالوا بلى يا رسول الله فأخذ بضبعي علي ورفع يديه حتى بان بياض إبطيه وقال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والي من والاه وعادي من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار).

ذكر هذا الحديث في كثير من كتب المسلمين وبطرق عديدة وبألفاظ مختلفة، تؤدي الغرض نفسه وأجمع علماء السنة والشيعة على أنه كان بعد العودة من حجة الوداع.

2- حديث الثقلين:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً كتاب الله وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي).

كما قلت لن نناقش هذين الحديثين الآن لكن ما أريد أن أقوله أنه لو لم يوجد في كتب الحديث عند أهل السنة إلا هذين الحديثين لكفى في إثبات إمامة الإمام علي والأئمة من ولده (عليهم السلام) .

لذلك انتبه لهذه المسألة الكثير من كتاب وخطباء المساجد وأساتذة الفقه من أهل السنة فاستعاضوا عن كلمة (وعترتي) بكلمة (وسنتي) مع أنها غير موجودة في الكتب المعتبرة والصحيحة عندهم وتراهم لا يذكرون في خطبهم هذا الحديث إلا ويغيروا هذه الكلمة إلى كلمتي (وسنتي).

أصنام تواجهني:

إن كان يواجهني من النصارى عندما كنت أحاورهم حول الإسلام من منع رهبانهم لهم من القراءة ودراسة الأمور بتعقل وحكمة صار يوجه لي من علماء أهل الخلاف ممن جعل الصحابة معصومين وعدول ولا يجوز التعرض لهم وإن الكتب فيها الغث والسمين ولا يصح أن يقرأها كل من هب ودب ولا يجب أن نناقش مثل هذه الأمور.

وعندما رفضت أن أحجز عقلي حكموا علي بالضلالة كما صرح أحد المشايخ الذين كنت أحضر دروسهم وحتى أنه رفض مناقشتي في هذه الأمور.

وشيخ آخر نصح الناس بالابتعاد عني وذلك عندما نقل له أحد من كان يحضر عندي من تلاميذه بأني أعطيهم بعض الكتب لكي يقرؤوها مثل كتاب (ثم اهتديت) للدكتور محمد التيجاني وكتاب (المراجعات).

وكل الذين كتب الله لهم سبيل الهداية إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .

فما كان من هذا الشيخ إلا أن قال في خطبة يوم الجمعة وعلى المنبر:

إن أحد الزنادقة يوزع كتب فيها سب وشتم للصحابة فننصح الأخوة عدم قراءة هذه الكتب وعوضاً عنها أنصحكم بقراءة العواصم من القواصم.

هذا كل ما عنده وعند أمثاله فأي إنسان يخالفه بالرأي سيصبح زنديقاً يسب الصحابة ولا يصح أن يكلمه أحد.

وعندما آثرت أن أقرأ كتاب العواصم من القواصم لأرى ما فيه فوجئت بما وجدت فيه من سب وشتم للصحابة وانتقاص منهم وفي نهاية الكتاب فتوى بقتل الشيعة وكل من يخالف مذهب العامة..

لذلك قررت أن أذهب إلى هذا الشيخ وذلك في يوم الجمعة وقد أخذت معي كتاب العواصم من القواصم بعد أن كنت قد همشته ووضعت علامات على المواضيع التي ينتقص فيها مؤلف الكتاب من الصحابة وأخذت معي أيضاً كتاب التشيع للسيد عبد الله الغريفي (حفظه الله).

وفي يوم الجمعة دخلت إلى مسجد الزهراء (عليها السلام) في منطقة المزة واستمعت إلى الخطبة ثم صليت معهم صلاة بعد الانتهاء التفت الشيخ إلى الحضور وبدأ يجيب عن أسئلتهم فانتهزت الفرصة وصليت الظهر والعصر وبعد أن انتهيت كان الشيخ قد شارف على الانتهاء وعندما هم بالوقوف قمت له سائلاً وقلت له:

إذا سمحت يا شيخ عندي بعض الأسئلة وهنا بادرني بالسؤال عندما رأى كتاب العواصم من القواصم بدأ قائلاً: هل اشتريت الكتاب؟:

فقلت له: نعم حسب ما طلبت أنت من الاخوة فطلب مني أن أعطيه الكتاب ليتأمل وبالفعل أخذه من يدي وبدأ يتفحصه ويبدي سروره عند كل صفحة وعندما قال لي ما سؤالك؟.

فقلت له: عن كان يوجد هنا مكتبة أو مكتب لندخل له حتى يتثنى لنا الحديث بهدوء فال لا أسأل هنا أمام الأخوة.

فقلت له: يا سماحة الشيخ ألم يأمرنا الله بالاعتصام بحبل الله جميعاً وأمرنا رسول الله الكريم (صلى الله عليه وآله) بعدم تكفير بعضنا البعض وقال من كفر مسلماً فقد كفر تأمر الناس بقراءة كتاب يفتي بقتل نصف المسلمين ممن يشهدون الشهادتين ويقيمون الصلاة ويصومون رمضان؟.

وهذا الكتاب أيضاً يسب الصحابة ويقول إن بعض هؤلاء مثل عمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبو حذيفة قد لعب فيهم ابن اليهودية (عبد الله بن سبأ) فكادوا لدولة الإسلام وأججوا الفتنة التي أدت لمقتل عثمان بن عفان.

فقاطعني هنا الشيخ وقال تفضل لنتكلم في الداخل.

فقلت له: أنت قلت أسأل هنا أمام الإخوة.

وقد كان المصلون قد تجمعوا حولنا فقادني إلى غرفة بجانب المصلى وقد دخل معنا جمع غفير من المصلين فالتفت إليّ قائلاً أنا لم أقرأ الكتاب ولعل ما فيه مدسوس فقلت له هذا الكتاب وقد فتحت له على الصفحة التي فيها بقتل الشيعة وقد قال كاتب الكتاب في الصفحة (227):

(واكثر الملحدة على التعلق بأهل البيت، وتقدمة علي على جميع الخلق، حتى أن الرافضة انقسمت إلى عشرين فرقة أعظمهم بأساً من يقول أن علياً هو الله والغرابية يقولون أنه رسول الله لكن جبريل عدل بالرسالة عنه إلى محمد حميه منه معه في كفر بارد لا تسخنه إلى حرارة السيف أما دفء المناظرة فلا يؤثر فيه).

وأريته في صفحة أخرى كيف حاول المؤلف تبرئة من غضب عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمر بقتله حتى ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة وطعن بغيره فقد قال الكاتب:

اجمع المؤرخون وأئمة اللغة والتفسير عن أن آية النبأ ( إن جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في الوليد بن عقبة وقال في الهامش:

أنه كان يستغرب كيف أن هذه الآية قد نزلت به وإن الشيخين قد وثقاه (وقال) وقيل أنها نزلت في علي والوليد بقصة أخرى..

وكأنه يوحي بأن هذه الآية نزلت في (علي) (عليه السلام) معاذ الله.

وهنا قلت له: كيف تأمر الناس بقراءة الكتاب وأنت لا تعرف ما فيه ونصحت الناس بعدم قراءة كتب الشيعة وكتب أخرى تزعم أنها تسب الصحابة وأنت لم تقرأها أيضاً.

وعلى كل أقول لك قول الإمام علي (عليه السلام) : فقاطعني قائلاً: ماذا تعمل أنت قلت له ليس هذا محل الموضوع.

يقول الإمام علي (عليه السلام) : (الناس أعداء ما جهلوا)..

وأنت تجهل كل شيء عن الشيعة إلا ما يقوله الواشون المغرضون والمشنعون وقد أتيتك بكتاب يشرح منشآهم وأصول المذهب عندهم وأتمنى منك أن تقرأ بعين المنصف وسوف آتي إليك في الأسبوع المقبل لأعرف رأيك وهذا رقم هاتفي واسمي وعنواني فبان الاستغراب عند سماع اسمي فعرفت ما يدور بذهنه فقلت له إني كنت حنفي المذهب والآن اتبع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .

وقد أعطيته كتاب التشيع (للسيد عبد الله الغريفي حفظه الله) وطلبت منه أن يتصل بي إن أشكل عليه أمر ما وودعته على أمل اللقاء بعد أسبوع.

وعندما أتى الموعد ذهبت إلى المسجد ولم يكن قد اتصل بي خلال هذا الأسبوع وعندما قابلته بعد الصلاة اعتذر وقال أنه لم يقرأ الكتاب لأنه مشغول وعنده دورة لتحفيظ القرآن وواعدته في الأسبوع الذي يليه ولكنه للأسف خرج من المسجد عندما رآني وأنا أصلي، ولم يلتفت إلي..

فعرفت أنه لم ولن يقرأ الكتاب فلم أعد له ولم يتصل بي، ولكني عرفت رأيه من نظرة بعض الأصدقاء لي ونفورهم وكلامهم لي لماذا تركت مذهبي واعتقادي وكنت دائماً اشرح لهم وأعرفهم الحق وقد اهتدى البعض، واستنكف آخرون لأنهم كانوا يأخذون بكلام مشايخهم وإن كان بلا دليل، ويرفضون كلامي وإن أتيت عليه بألف دليل من الكتاب والسنة، وقد نسبوا قول الله تعالى: ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) .

ومن المعلوم أن النصارى لا يعبدون أحبارهم ولا رهبانهم بل يطيعونهم فيما يقولون ويصدقونهم ويسلموا لهم دون دليل ودون تعقل أو تفهم لذلك وصفهم الله بأنهم يعبدونهم من دون الله.

فهل يريد منا هؤلاء أن نكون مثلهم وقد أمرنا الله أن نحكم عقلنا من بعد الكتاب وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

قال تعالى: ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) .

لذلك فقد حررت عقلي ومضيت في سبيل الله لا أخشى لومة لائم وبذلك قد نزعت التعصب الأعمى وما أورثه لي أسلافي فانكشف لي ما حاولوا تغطيته والتعميم عليه عبر العصور.

وما أحوجنا الآن إلى أن ندرس هذا التاريخ الذي اختفى من ورائه النزاع السياسي والصراع الطائفي دراسة واقعية على ضوء التحقيق العلمي المجرد عن التعصب والتحيز ليظهر الحق والحق أحق أن يتبع.

والحمد لله على ما هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

سوف أحاول في هذا الكتاب واعتماداً على عدة أبواب أن أميط اللثام عن الكثير من الحوادث التاريخية التي حصلت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أمور الخلافة وما تبعها من حوادث وحروب وفتن ومؤامرات.

وقد وضعت هذه الأبواب على طريقة إفادات أي أن نحضر الشخصيات التي لعبت دور في هذا التاريخ وكان لهم الأثر الكبير فيما حدث حتى الآن ونسألهم عما حصل ونتأمل أقوالهم وأعمالهم ونكتب الرد على لسانهم واعتماداً على كتب التاريخ والحديث والتفسير عند أهل السنة.

وقد اعتمدت في هذا الكتاب على عدة كتب وقد سجلت أسماءها وأين يوجد كل جواب أو مسألة في الهامش.

ولم أعتمد إلا على الروايات التي يتفق عليها الطرفان سنة وشيعة وطرحت الآراء التي يتبناها الشيعة مع صحتها وثقتي بها ولكن أن تحتج بما ألزم أهل السنة أنفسهم به أجدى وانفع وأقوى.

اعتماداً على المقولة: (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم). و (من فمك أدينك).

وقد يكون للحادثة التاريخية عدة ألفاظ وعدة رواة وعدة معاني ولكني لن أنفي ما يؤكد ما أرمي إليه في رأيي وأطرح الباقي كما يفعل الكثيرين من الكتاب من أهل الخلاف.

إذ انهم يأخذون ما يوافق منهجهم ويتركون ما يناقضه بل اعتمدت في أخذي للأحاديث والروايات ما أجمع عليه الفريقان من صحته وهذا أكثر أمانة للحجة وتطبيق لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (لا تجتمع أمتي على ضلالة).

ومن أراد التوسع فليرجع إلى كتابه (كيف كانت البداية). و (إفادات من ملفات التاريخ).