خيرة المستبصرين

خيرة المستبصرين

الداعية الشيعي الكبير الدكتور محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب ( ثم إهتديت) ترجم إلى عدة لغات وله مجموعة مؤلفات اخرى مطبوعة.
من خيرة المستبصرين في القرن العشرين ( الدكتور محمد التيجاني السماوي التونسي المالكي، يبلغ من العمر خمسين عاماً، داعية ومفكر إسلامي، ومن الذين أسسوا حركة الإخوان المسلمين في تونس خلال الستينات، أنهى دراسته في جامعة الزيتونة العريقة، عمل في سلك التدريس 17 عاماً، وحصل على شهادة الماجستير في المقارنة بين الأديان من جامعة باريس، وعلى شهادة الدكتورا في نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام، وهو الآن بصدد الحصول على الدكتورا الدولية حول أطروحته ( التفكير الإسلامي في نهج البلاغة)، له عدة مؤلفات حول نهج البلاغة، ومؤلفات أخرى منها :
( ثم اهتديت، لأكون مع الصادقين، فاسالوا أهل الذكر) وقال معرفاً نفسه في كتابه ( ثم اهتديت)(1) تحت عنوان ( لمحة وجيزة عن حياتي). لازلت أذكر كيف أخذني والدي معه إلى مسجد الحي الذي تقام فيه.
صلاة التراويح في شهر رمضان، وكان عمري عشر سنوات، وقدمني إلى المصلين الذين لم يخفوا إعجابهم بي.

كنت أعلم منذ أيام أن المؤدب رتب الأمور لكي أشفع بالجماعة ليلتين أو ثلاثاً، وجرت العادة أن أصلي خلف الجماعة مع مجموعة من أطفال الحي، وأنتظر وصول الإمام إلى النصف التالي من القرآن الكريم، أي إلى سورة مريم، وبما أن والدي حرص على تعليمنا القرآن في الكتاب، وفي البيت خلال حصص ليلة يقوم بها إمام الجامع، وهو من أقاربنا مكفوف البصر يحفظ القرآن الكريم، وبما أني حفظت النصف في تلك السن المبكرة، أراد المؤدب أن يظهر فضله واجتهاده من خلالي، فعلمني مواقع الركوع من التلاوة، وراجعني عدة مرات ليتأكد من فهمي.. بعد نجاحي في الامتحان، وإنهاء الصلاة والتلاوة بالجماعة على أحسن ما كان يتوقع والدي والمؤدب، انهال علي الجميع مقبلين ومعجبين وشاكرين المعلم الذي علمني، ومهنئين والدي، والكل يحمد الله على نعمة الإسلام وبركات الشيخ.

وعشت أياماً سوف لن تمحى من مخيلتي لما لقيته بعد ذلك الحدث من إعجاب وشهرة تعدت حارتنا إلى كل المدينة، وطبعت تلك الليالي الرمضانية في حياتي طابعاً دينياً بقيت آثاره حتى اليوم، ذلك أني كلما اختلطت علي السبل، أحسست بقوة خارقة تشدني وترجعني على الجادة، وكلما شعرت بضعف الشخصية وتفاهة الحياة، رفعتني تلك الذكريات إلى أعلى الدرجات الروحية، وأقدت في ضميري شعلة الإيمان لتحمل المسؤولية.
وكأن تلك المسؤولية التي حملنيها والدي، أو بالأحرى مؤدبي، لإمامة الجماعة في تلك السن المبكرة، جعلتني أشعر دائماً بأنني مقصر عن أن أكون في المستوى الذي أطمح إليه، أو على الأقل المستوى الذي طلب مني.
لذلك قضيت طفولتي وشبابي في استقامة نسبية لا تخلة من لهو وعبث، يسودهما في معظم الأحيان البراءة، وحب الإطلاع والتقليد، تحوطني العناية الإلهية لأكون متميزاً من بين أخوتي بالرصانة، والهدوء، وعدم الإنزلاق في المعاصي، والموبقات.

ولا يفوتني أن أذكر أن والدتي، رحمها الله، كان لها الأثر الكبير في حياتي، فقد فتحت عيني وهي تعلمني قصار السور من القرآن الكريم، كما تعلمني الصلاة والطهارة، وقد اعتنت بي عناية فائقة، لأني ابنها الأول، وهي ترى إلى جانبها في نفس البيت ضرتها التي سبقتها منذ سنوات عديدة، ولها من الأولاد من يقارب ستها، فكانت تتسلى بتربيتي وتعليمي، وكأنها تتبارى في سباق مع ضرتها، وأبناء زوجها. كما أن اسم التيجاني الذي سمتني به والدتي، له ميزة خاصة لدى عائلة السماوي كلها التي اعتنقت الطريقة التيجانية وتبنتها منذ أن زار أحد أبناء الشيخ سيدي أحمد التيجاني مدينة ( قفصة) قادماً من ( الجزائر)، ونزل في دار السماوي، فاعتنق كثير من أهالي المدينة، خصوصاً العائلات العلمية والثرية، هذه الطريقة الصوفية وروجوا لها، ومن أجل إسمي أصبحت محبوباً في دار السماوي التي يسكنها أكثر من عشرين عائلة، وكذلك خارجها ممن لهم صلة بالطريقة التيجانية، لذلك كان كثير من شيوخ المصلين الذين حضروا تلك الليالي الرمضانية التي ذكرتها، يقبلون راسي ويدي، مهنئين والدي قائلين له:

( هذا فيض من بركات سيدنا الشيخ أحمد التيجاني) والجدير بالذكر أن الطريقة التيجانية انتشرت بكثرة في ( المغرب ) والجزائر و تونس والسودان ومصر وأن معتنقي هذه الطريقة متعصبون نوعاً ما فهم لا يزورون مقامات الأولياء الآخرين ويعتقدون يأن كل الأولياء قد أخذوا عن بعضهم بالتسلسل ما عدا الشيخ أحمد التيجاني فقد أخذ علمه مباشرة عن رسول الله (ص) رغم تأخره عن زمن النبوة بثلاثة عشر قرنا ويروون بأن الشيخ أحمد التيجاني كان يحدث بأن رسول الله (ص) جاءه يقظة لا مناماً كما يقولون بأن الصلاة الكاملة التي ألفها شيخهم أفضل من أربعين ختمة من القرآن الكريم وحتى لا نخلرج عن الاختصار نقف عند هذا الحد من التعريف بالتيجانية ولنا عودة إليهم إن شاء الله في موضع آخر من هذا الكتاب ونشأت وترعرعت على هذا الاعتقاد كغيري من شبان البلد فكانا مسلمون بحمد الله من أهل السنة والجماعة وكلنا على مذهب الامام مالك بن أنس امام دار الهجرة غير أننا منقسمون في الطرق الصوفية التي كثرت في شمال إفريقية ففي مدينة قفصة وحدها هناك التيجانية والقادرية والرحمانية والسلامية والعيساوية ولكل من هذه الطرق أنصار أتباع يحفظون قصائدها وأذكارها وأورادها التي تقام في الحفلات والسهرات بمناسبة عقد القران أو الختان أو النجاح أو النذور ورغم بعض السلبيات فقد مثلت هذه الطرق دوراً كبيراً في الحفاظ على الشعائر الدينية واحترام الأولياء والصالحين

أسباب الإستبصار :
أما الأسباب التي دعتني للإستبصار فكثيرة جداً ولا يمكن لي في هذه العجالة الا ذكر بعض الأمثلة منها :
1-النص على الخلافة : لقد آليت على نفسي عند الدخول في هذا البحث أن لا أعتمد إلا ما هو موثوق عند الفريقين وأن أطرح ما انفردت به فرقة دون أخرى وعلى ذلك أبحث في فكرة التفضيل بين أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأن الخلافة إنما كانت بالنص على علي كما يدعي الشيعة أو بالانتخاب والشورى كما يدعي أهل السنة والجماعة .
والباحث في هذا الموضوع إذا تجرد للحقيقة فأنه سيجد النص على علي بن أبي طالب واضحاً جلياً كقوله (ص): (( من كنت مولاه فهذا علي مولاه )) قال ذلك بعد ما انصرف من حجة الوداع فعقد لعلي موكب للتهنئة حتى أن أبا بكر نفسه وعمر كانا من جماعة المهنئين للأمام يقولان (( بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة )) (2).
وهذا النص مجمع عليه من الشيعة والسنة ولم أخرج أنا في البحث هذا إلا مصادر أهل السنة والجماعة ومع ذلك لم أذكر المصادر كلها فهي أكثر بكثير مما ذكرت وللإطلاع على مزيد من التفصيل أدعو القارئ مطالعة ( كتاب الغدير ) للعلامة الأميني وقد طبع منه أحد عشر مجلداً يحصي فيها المصنف رواة هذا الحديث من طريق أهل السنة والجماعة أما الإجماع المدعي على انتخاب أبي بكر يوم السقيفة ثم مبايعته
بعد ذلك في المسجد فإنه دعوى بدون دليل إذ كيف يكون الإجماع وقد تخلف عن البيعة علي والعباس وسائر بني هاشم كما تخلف أسامة بن زيد والزبير وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وخزيمة بن ثابت وأبو بريدة الأسلمي والبراء بن عازب وأبي بن كعب وسهل بن حنيف وسعد بن عبادة وقيس بن سعد وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وخالد بن سعيد وغير هؤلاء كثيرون .(3)
فأن الإجماع المزعوم يا عباد الله على أنه لو كان علي بن أبي طالب وحده تخلف عن البيعة لكان ذلك كافياً للطعن في ذلك الإجماع إذ أنه المرشح الوحيد للخلافة من قبل الرسول على فرض عدم وجود النص المباشر عليه .
وإنما كانت بيعة أبي بكر عن غير مشورة بل وقعت على حين غفلة من الناس وخصوصاً أولي الحل والعقد منهم كما يسميهم علماء المسلمين إذ كانوا مشغولين بتجهيز الرسول ودفنه وقد فوجئ سكان المدينة المنكوبة بموت نبيهم وحمل الناس على البيعة بعد ذلك قهراً(4). كما يشعرنا بذلك تهديدهم بحرق بيت فاطمة إن لم يخرج المتخلفون عن البيعة فكيف يجوز لنا هذا أن تقول بأن البيعة كانت بالمشورة وبالإجماع . وقد شهد عمر بن الخطاب نفسه بأن تلك البيعة كانت فلتة وقى الله
المسلمين شرها وقال فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه أو قال فمن دعا إلى مثلها فلا بيعة له ولا لمن بايعه.(5)
ويقول الإمام علي في حقها (( أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير)) .(6)
ويقول سعد بن عبادة الأنصار الذي هاجم أبا بكر وعمر يوم السقيفة وحاول بكل جهوده أن يمنعهم ويبعدهم عن الخلافة ولكنه عجز عن مقاومتهم لأنه كان مريضاً لا يقدر على الوقوف وبعدما بايع الأنصار أبا بكر قال سعد والله لا أبايعكم أبداً حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل وأخضب سناني ورمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي فكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع بجمعتهم ولا يفيض بافاضتهم ولو يجد عليهم أعواناً لطال بهم ولو بايعه أحد على قتالهم لقاتلهم ولم يزل كذلك حتى قتل بالشام في خلافة عمر .(7)
فاذا كانت هذه البيعة فلتة وقى الله المسلمين شرها على حد تعبير عمر الذي شيد أركانها وعرفت ما آلت إليه أمور المسلمين بسببها .
وإذا كانت هذه الخلافة تقمصاً – من قبل أبي بكر – كما وصفها الامام علي إذ قال هو صاحبها الشرعي .
وإذا كانت هذه البيعة ظلماً كما اعتبرها سعد بن عبادة سيد الأنصار الذي فارق الجماعة بسببها .
وإذا كانت هذه البيعة غير شرعية لتخلف أكابر الصحابة والعباس عم النبي عنها فما هي إذن الحجة في صحة خلافة أبي بكر والجواب لا حجة هناك عند أهل السنة والجماعة .
فقول الشيعة إذن هو الصحيح في هذا الموضوع لأنه ثبت وجود النص على خلافة علي عند السنة أنفسهم وقد تأولوه حفاظاً على كرامة الصحابة فالمنصف العادل لا يجد مناصاً من قبول النص وبالأخص إذا عرف ملابسات القضية.(8)

خلاف فاطمة مع أبي بكـــــر :
وهذا الموضوع أيضاً مجمع على صحته من الفريقين فلا يسع المنصف العاقل إلا أن يحكم بخطأ أبي بكر إن لم يعترف بظلمه وحيفه على سيدة النساء .
لأن من يتتبع هذه المأساة ويطلع على جوانبها يعلم علم اليقين أن أبا بكر تعمد إيذاء الزهراء وتكذيبها لئلا تحتج عليه بنصوص الغدير وغيرها على خلافة زوجها وابن عمها علي ونجد قرائن عديدة على ذلك منها ما أخرجه المؤرخون من أنها – سلام الله عليها خرجت تطوف على مجالس الأنصار وتطلب منهم النصرة والبيعة لابن عمها فكانوا يقولون /” يا ابنة رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به فيقول علي كرم الله وجهه أفكنت أدع رسول الله (ص) في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه فقالت فاطمة ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ولق صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم .(9)
ولو كان أبو بكر مخطئاً عن حسن نية أو على اشتباه لأقنعته فاطمة الزهراء ولكنها غضبت عليه ولم تكلمه حتى ماتت لأنه رد في كل مرة دعواها ولم يقبل شهادتها ولا شهادة زوجها ولكل هذا اشتد غضبها عليه حتى أنها لم تأذن له بحضور جنازتها حسب وصيتها لزوجها الذي دفنها في الليل سراً(10).
وعلى ذكر دفنها سلام الله عليها سراً في الليل فقد سافرت خلال سنوات البحث إلى المدينة المنورة لأطلع بنفس علي بعض الحقائق واكتشفت :

أولاً : إن قبر الزهراء مجهول لا يعرفه أحد فمن قائل بأنه في الحجرة النبوية ومن قائل بأنه في بيتها مقابل الحجرة النبوية وثالث يقول (( إنه في البقيع وسط قبور أهل البيت بدون تحديد )) هذه الحقيقة الأولى التي استنتجت منها أنها – سلام الله عليها – أرادت بهذا أن يتساءل المسلمون عبر الأجيال عن السبب الذي دعاها أن تطلب من زوجها أن يدفنها في الليل سراً ولا يحضر جنازتها منهم أحد !!! وبذلك يمكن لأي مسلم أن يصل إلى بعض الحقائق المثيرة من خلال مراجعة التاريخ .

ثانيا: اكتشفت أن الزائر الذي يريد زيارة قبر عثمان بن عفان يمشي مسافة طويلة حتى يصل إلى آخر البقيع فيجده تحت الحائط بينما يجد أغلب الصحابة مدفونين في بداية البقيع قرب المدخل وحتى مالك بن أنس صاحب المذهب وهو من تابعي التابعين مدفون قرب زوجات الرسول وتحقق لدى ما قاله المؤرخون من أنه دفن ( بحش كوكب ) وهي أرض يهودية لأن المسلمين منعوا دفنه في بقيع رسول الله ولما استولى معاوية بن أبي سفيان على الخلافة اشترى تلك الأرض من اليهود وأدخلها في البقيع ليدخل بذلك قبر ابن عمه عثمان فيها والذي يزور البقيع حتى اليوم سيرى هذه الحقيقة بأجلى ما تكون .
وإن عجبي لكبير حين أعلم أن فاطمة الزهراء – سلام الله عليها أول من لحق بأبيها فبينها وبينه ستة أشهر على أكثر الاحتمالات ثم لا تدفن إلى جانب أبيها .
وإذا كانت فاطمة الزهراء هي التي أوصت بدفنها سراً فلم تدفن بالقرب من قبر أبيها كما ذكرت فما بال ما حصل مع جثمان ولدها الحسن لم يدفن قرب قبر جده فقد منعت هذا ( أم المؤمنين ) عائشة وقد فعلت ذلك عندما جاء الحسين بأخيه الحسن ليدفنه إلى جانب جده رسول الله فركبت عائشة بغلة وخرجت تنادي وتقول لا تدفنوا في بيتي من لا أحب !!
واصطف بنو أمية وبنو هاشم للحرب ولكن الامام الحسين قال لها إنه سيطوف بأخيه على قبر جده ثم يدفنه في البقيع لأن الإمام الحسن أوصا أن يهرقوا من أجله ولو محجمة من دم !
وقال لها ابن عباس أبيتاً مشهورة :

تجملت(11) تبغلت(12) ***** ولـو عشــــت تفـــيـلت
لك الثـمن مــن التسع ***** وبالكـــل تصـــرفـــــت

وهذه حقيقة أخرى من الحقائق المخيفة فكيف ترث عائشة كل البيت من بين أزواج النبي المتعددات وهن تسع نساء حسب ما قاله ابن عباس ؟!
وإذا كان النبي لا يورث كما شهد بذلك أبو بكر نفسه ومنع ذلك ميراث الزهراء من أبيها فكيف ترث عائشة فهل هناك في كتاب الله آية تعطي الزوجة حق الميراث وتمنع البنت أم أن السياسة هي التي أبدلت كل شئ فحرمت البنت من كل شئ وأعطت الزوجة كل شئ ؟
وبمالمناسبة أذكر هنا قصة طريفة ذكرها بعض المؤرخين ولها علاقة بموضوع الارث .
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه ( لنهج البلاغة ) : جاءت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه أن يقسم لهما عتزلي في شرحه ( لنهج البلاغة ) : جاءت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه أن يقسم لهما رثهما من رسول الله (ص) .
وكان عثمان متكئاً فاستوى جالساً وقال لعائشة :
أنت وهذه الجالسة جئتما بأعرابي يتطهر ببوله وشهدتما أن رسول الله (ص) قال: (( نحن معشر الأنبياء لا نورث )) فاذا كان الرسول حقيقة لا يورث فماذا تطلبان بعد هذا وإذا كان الرسول يورث لماذا منعتم فاطمة حقها فخرجت من عنده غاضبة وقالت اقتلوا نعثلاً فقد كفر .(13)

علي أولى بالاتباع :
ومن الأسباب التي دعتني للإستبصار وترك سنة الآباء والأجداد الموازنة العقلية والنقلية بين علي بن أبي طالب وأبي بكر .
وكما ذكرت في الأبواب السابقة من هذا البحث إني أعتمد على الإجماع الذي يوافق عليه أهل السنة والشيعة .
وقد فتشت في كتب الفريقين فلم أجد إجماعاً إلا على علي بن أبي طالب فقد أجمع على إمامته الشيعة والسنة في ما ورد من نصوص ثبتتها مصادر الطرفين بينما لا يقول بامامة أبي بكر إلا فريق من المسلمين وقد كنا ذكرنا ما قاله عمر عن بيعة أبي بكر كما أن الكثير من الفضائل والمناقب التي يذكرها الشيعة في علي بن أبي طالب لها سند ووجود حقيقي ثابت في كتب السنة المعتمدة عندهم ومن عدة طرق لا يتطرق إليها الشك فقد روى الحديث في فضائل الإمام علي جمع غفير من الصحابة حتى قال أحمد بن حنبل :
(( ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (ص) من الفضائل كما جاء لعلي بن ابي طالب(14)
وقال القاضي إسماعيل والنسائي وأبو علي النيسابوري )) لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي /”(15)
هذا مع ملاحظة أن الأمويين حملوا الناس في مشارق الأرض ومغاربها على سبه ولعنه وعدم ذكر فضيلة له حتى منعوا أن يتسمى أحد باسمه ومع كل ذلك خرجت فضائله ومناقبه – سلام الله عليه رغم الجحود وفي ذلك يقول الامام الشافعي: (( عجبت لرجل كتم أعداؤه فضائل حساً وكتمها محبوه خوفاً وخرج ما بين ذبين ذين ما طبق الخافقين ))
أما بشأن أبي بكر فقد فتشت أيضاً في كتب الفريقين فلم أجد له في كتب أهل السنة والجماعة القائلين بتفضيله ما يوازي أو يعادل فضائل الإمام علي على أن فضائل أبي بكر المذكورة في الكتب التاريخية مروية إما عن ابنته عائشة وقد عرفنا موقفها من الامام علي هي تحاول بكل جهدها دعم أبيها ولو بأحاديث موضوعة أو عن عبد الله بن عمر وهو أيضاً من البعيدين عن الامام علي وقد رفض مبايعته بعدما أجمع الناس على ذلك وكان يحدث أن أفضل الناس بعد النبي أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم لا تفاضل والناس بعد ذلك سواسية .(16)
يعني هذا الحديث أن عبد الله بن عمر جعل الامام علي من سوقة الناس كأي شخص عادي ليس له فضل ولا فضيلة .
فأين عبد الله بن عمر من الحقائق التي ذكرها أعلام الأمة وأئمتها بأنه لم يرد في أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي بن أبي طالب هل أن عبد الله بن عمر لم يسمع بفضيلة واحدة لعلي بلى والله لقد سمع ووعى ولكن السياسة وما أدراك ما السياسة فهي تقلب الحقائق وتصنع الأعاجيب .
كذلك يروي فضائل أبي بكر كل من عمر بن العاص وأبو هريرة وعروت وعكرمة وهؤلاء كلهم يكشف التاريخ أنهم كانوا متحاملين على الإمام علي وحاربوه إما بالسلاح وإما بالدس واختلاق الفضائل لأعدائه وخصومه .
قال الإمام أحمد بن حنبل إن علياً كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه عن شئ يعيبونه به فلم يجدوا فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيداً منهم له.(17)
ولكن الله يقول :
(( إنهم يكيدون كيداً * وأكيد كيداً * فمهل الكافرين أمهلهم رويداً )) (18)
وإنه لمن معجزات الله سبحانه أن تخرج فضائل الإمام علي بعد ستة قرون من الحكم الجائر الظالم له ولأهل بيته إذ لم يكن العباسيون أقل بغضاً وحسداً ونكاية وتقتيلاً لأهل البيت النبوي من أسلافهم
الأمويين ,حتى قال أبو فراس الحمداني في ذلك :

مانال منهم بنو حرب وإن عظمت ***** تلك الـــجرائــر إلا دون نـيـلــكــم
كم غدرة لكم في الدين واضحة ***** وكم دم لرســـــول الله عنـــدكم
أنتم له شيعة في ما ترون وفي ***** أظفاركــم مـن بنيه الطاهرين دم

فإذا خلصت بعد كل ذلك تكلم الأحاديث وخرجت من تلكم الظلمات فلتكن لله الحجة البالغة ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد ذلك .
ورغم أن أبا بكر كان هو الخليفة الأول وله من النفوذ ما قد عرفنا ورغم أن الدولة الأموية كانت تجعل عطاء خاصاً ورشوة لكل من يروي في حق أبي بكر وعمر وعثمان ورغم أنها اختلقت لأبي بكر من الفضائل والمناقب الكثير مما سودت صفحات الكتب مع ذلك فلم يبلغ معاش عشر حقائق الامام علي وفضائله.
أضف إلى ذلك أنك إذا حللت الأحاديث المروية في فضائل أبي بكر وجدتها لا تتماش مع ما سجله له التاريخ من أعمال تناقض ما قيل فيه ولا يقبلها عقل ولا شرع وقد تقدم شرح ذلك في حديث لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أمتي لرجح إيمان أبي بكر ولو كان يعلم رسول الله أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان ما كان ليؤمر عليه أسامة بن زيد ولا ليمتنع من الشهادة له كما شهد على شهداء أحد وقال له أني لا أدري ماذا تحدث من بعدي حتى بكى أبو بكر(19), وما كان ليرسل خلفه علي بن أبي طالب ليأخذ منه سورة براءة فيمنعه من تبليغها(20).
تبليغها وما كان قال يوم إعطاء الراية في خيبر لأعطين رايتي غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كراراً ليس فراراً امتحن الله قلبه بالإيمان فأعطاها إلى علي ولم يعطها إليه(21).
ولو علم الله أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان وأن إيمانه يفوق إيمان أمه محمد بأسرها فلم يكن الله سبحانه ليهدده بإحباط عمله عندما رفع صوته صوت النبي(22).
ولو علم علي بن أبي طالب والصحابة الذين اتبعوه أن أبا بكر على هذه الدرجة من الايمان ما جاز لهم أن يتخلفوا عن بيعته .
ولو علمت فاطمة الزهراء سيدة النساء أن أبا بكر على هذه الدرجة من الايمان ما كانت لتغضب عليه وتمتنع عن الكلام معه وعن رد السلام عليه وتدعو الله عليه في كل صلاة(23). ثم لا تأذن له حسب ما ورد في صيتها – حتى بحضور جنازتها .
ولو علم أبو بكر أنه على هذه الدلرجة من الايمان ما كان ليتمنى عند احتضاره أنه لو لم يكن يكشف بيت فاطمة عليهم السلام .
وأنه لو لم يكن أحرق الفجاءة السلمي ولكان يوم السقيفة قذف الأمر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي عبيدة .
فالذي هو على هذه الدرجة من الإيمان ويرجح إيمانه على علي إيمان كل الأمة لا يندم في آخر لحظات حياته على ما فعله مع فاطمة وعلى حرقه الفجاءة السلمي وعلى توليه الخلافة كما لا يتمنى أن لا يكون من البشر ويكون شعرة أو بعرة أفيعادل مثل هذا الشخص إيمان الأمة الإسلامية بل يرجح عليها .
وإذا أخذنا حديث (( لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً )) .
فهو كسابقه إذ أين أبو بكر يوم المؤاخاة الصغرى في مكة قبل الهجرة ويوم المؤاخاة الكبرى في المدينة بعد الهجرة وفي كلتيها اتخذ رسول الله (ص) علياً أخاً له وقال له: (( أنت أخي في الدنيا والآخرة))(24) ولم يلتفت إلى أبي بكر فحرمه من مؤاخاة الآخرة كما حرمه من الخلة وأنا لا أريد الإطالة في هذا الموضوع وأكتفي بهذين المثلين اللذين أوردتهما من كتب أهل السنة والجماعة أما عند الشيعة فلا يعترفون بتلك الأحاديث مطلقاً ولديم الأدلة الواضحة على أنها وضعت في زمن متأخر عن زمن أبي بكر .
هذا وإذا تركنا الفضائل وبحثنا في المساوئ فإننا لا نحصي لعلي بن أبي طالب سيئة واحدة من كتب الفريقين بينما نجد لغيره مساوئ كثيرة في كتب أهل السنة كالصحاح وكتب السير والتاريخ .
وبهذا يكون الاجماع من الفريقين يختص بعلي وحده كما يؤكد التاريخ أن البيعة الصحيحة لم تكن إلا لعلي وحده .

فقد امتنع هو وأصر عليها المهاجرون والانصار وقعد عن بيعة نفر فلم يجبرهم عليها بينما كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها – كما يقول عمر بن الخطاب – وكانت خلافة عمر عهده إليه أبو بكر وكانت خلافة عثمان مهزلة تاريخية ذلك أن عمر رشح ستة للخلافة وألزمهم أن يختاروا من بينهم واحداً
وقال: إذا اتفق أربعة وخالف اثنان فاقتلوهما وإذا انقسم الستة الى فريقين ثلاثة في كل جهة فخذوا برأي الثلاثة الذين يقف معهم عبد الرحمن بن عوف وإذا مضى وقت ولم يتفق الستة فاقتلوهم والقصة طويلة وعجيبة,والمهم أن عبد الرحمن بن عوف اختار علياً واشترط عليه أن يحكم فيهم بكتاب الله وسنة رسوله وسنة الشيخين أبي بكر وعمر فرفض علي هذا الشرط وقبله عثمان فكان هو الخليفة وخرج علي من البيعة وهو يعلم مسبقاً النتيجة وقد تحدث عن ذلك في خطبته المعروفة بالشقشقية .
وبعد علي استولى معاوية على الخلافة فأبدلها قيصرية ملكية يتداولها بنو أمية ومن بعده بنو العباس ابناً عن أب ولم يكن هناك خليفة إلا بنص السابق على اللاحق أو بقوة السيف والسلاح والاستيلاء فلم تكن هناك بيعة صحيحة(25) في التاريخ الاسلامي من عهد الخلفاء وحتى عهد كمال أتاتورك الذي قضى على الخلافة الاسلامية إلا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب .

الأحاديث الواردة في علي توجب اتباعه :
من الأحاديث التي أخذت بها ودفعني للاقتداء بالإمام علي تلك التي أخرجتها صحاح أهل السنة والجماعة وأكدت صحتها والشيعة عندهم أضعافها ولكن – وكالعادة – سوف لا أستدل ولا أعتمد إلا الأحاديث المتفق عليها من الفريقين ومن هذه الأحاديث

أ- حديث (( أنا مدينة العلم وعلي بابها ))(26) وهذا الحديث وحده كاف لتشخيص القدوة الذي ينبغي اتباعه بعد الرسول
( ص ) لأن العالم أولى بالاتباع أي أولى أن يقتدى به من الجاهل .
قال تعالى : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )(27)
وقال أيضاً ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) (28), ومن المعلوم أن العالم هو الذي يهدي والجاهل يستحق الهداية وهو أحوج إليها من أي أحد
وفي هذا الصدد سجل لنا التاريخ أن الامام علياً هو أعلم الصحابة على الاطلاق وكانوا يرجعون إليه في أمهات المسائل ولم نعلم أنه عليه السلام رجع الى واحد منهم قط فهذا أبو بكر يقول لولا علي لهلك عمر .(29)
وهذا ابن عباس يقول ما علمي وعلم أصحاب محمد في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر .(30)
وهذا الامام علي نفسه يقول (( سلوني قبل أن تفقوني والله لا تسألونني عن شئ يكون الى يوم القيامة إلا أخبرتكم به وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل)) (31).
بينما يقول أبو بكر عندما سئل عن معنى الأب في قوله تعالى ( وفاكهة وأبا متاعاً لكم ولأنعامكم ) قال أبو بكر أي سماء تظلني وأي أرض تقلني أن أقول في كتاب الله بما لاأعلم !
وهذا عمر بن الخطاب يقول (( كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال )) ويسأل عن آية من كتاب الله فينتهر السائل ويضربه بالدرة حتى يدميه ويقول (( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ))(32) وقد سئل عن الكلالة فلم يعلمها .
أخرج الطبري في تفسيره عن عمر أنه قال لئن أكون أعلم الكلال أحب إلي من أن يكون لي مثل قصور الشام .
كما أخرج ابن ماجة في سننه عن عمر بن الخطاب قال ثلاث لئن يكون رسول الله بينهن أحب الي من الدنيا وما فيها الكلالة والربا والخلافة .
سبحان الله حاش لرسول الله أن يكون سكت عن هذه الأشياء ولم يبينها .

ب – حديث: (( يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ))
وهذا الحديث كما لا يخفى على أهل العقول فيه ما فيه من اختصاص أمير المؤمنين علي بالوزارة والوصاية والخلافة .
فكما كان هارون وزيراً ووصياً وخليفة موسى في غيابه عندما ذهب لميقات ربه كذلك أيضاً منزلة الامام علي عليه السلام فهو كهارون عليه وعلى نبينا السلام وصورة طبق الأصل عنه ما عدا النبوة التي استثناها نفس الحديث .
وفيه أيضاً أن الامام علياً هو أفضل الصحابة والحديث كما هو معلوم مجمع عليه عند عامة المسلمين .

ج – حديث : (( من كنت مولاه فهذا علي مولاه , اللهم وال من والاه , وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار )).
وهذا الحديث وحده كاف لرد مزاعم تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على من نصبه رسول الله (ص) ولياً للمؤمنين من بعده ولا عبرة بمن أول الحديث إلى معنى المجب والنصير لصرفه عن معناه الأصلي الذي قصده الرسول وذلك حفاظاً على كرامة الصحابة لأن رسول اله (ص) عندما قام خطيباً في ذلك الحر الشديد , قال: ألستم تشهدون بأني أولى المؤمنين من أنفسهم ؟
قالوا: بلى يا رسول الله
فقال عندئذ: (( فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه )) وهذا نص صريح في استخلافه على أمته ولا يمكن للعاقل المنصف العادل إلا قبول هذا المعنى ورفض تأويل البعض المتكلف والحفاظ على كرامة الرسول قبل الحفاظ على كرامة الصحابة لأن في تأويلهم هذا استخفافاً واستهزاء بحكمة الرسول الذي يجمع حشود الناس في الحر والهجير الذي لا يطاق ليقول لهم بأن علي هو محب المؤمنين وناصرهم .
وبما ذا يفسر هؤلاء الذين يؤولون النصوص حفاظا على كرامة كبرائهم وساداتهم موكب التهنئة الذي عقده له رسول الله (ص)
وبدأ بزوجاته أمهات المؤمنين وجاء أبو بكر وعمر يقولان بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة والواقع والتاريخ يشهدان أن المتأولين لكاذبون فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكتبون قال تعالى (وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون )(33)

د – حديث: (( علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي ))(34)
وهذا الحديث الشريف هو الآخر صريح في أن الإمام علياً هو الشخص الوحيد الذي أهله صاحب الرسالة ليؤدي عنه وقد قاله عندما بعثه بسورة براءة يوم الحج الأكبر عوضاً عن أبي بكر ورجع أبو بكر يبكي ويقول يا رسول الله أنزل في شيئ فقال إن الله أمرني أن لا يؤدي عني إلا أنا أو علي .
وهذا ظهير ما قاله رسول الله (ص) لعلي في مناسبة أخرى عندما قال له (( أنت يا علي تبين لأمتي ما اختلفا فيه بعدي ))(35)
فإذا كان لا يؤدي عن رسول الله إلا علي وهو الذي يبين للأمة ما اختلفوا فيه بعده فكيف يتقدم عليه من لا يعرف معنى (الأب ) ومن لا يعرف معنى
(الكلالة ), وهذا لعمري من المصائب التي أصابت هذه الأمة وأعاقتها عن أداء المهمة التي رشحها الله لها وليست الحجة على الله ولا على رسول الله ولا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وإنما الحجة البالغة على الذين عصوا وبدلوا قال تعالى ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون )(36).

هـ – حديث الدار يوم الإنذار
قال رسول الله (ص) مشيراً إلى علي :
(( إن هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا ))(37).
وهذا الحديث هو أيضاً من الأحاديث الصحيحة التي نقلها المؤرخون لبداية البعثة النبوية وعدوها من معجزات النبي ولكن السياسة التي أبدلت وزيفت الحقائق والوقائع ولا عجب من ذلك لأن ما وقع ذلك الزمان المظلم يتكرر اليوم في عصر النور فهذا محمد حسين هيكل أخرج الحديث بكامله في كتاب.
( حياة محمد ) في صفحة 101 من الطبعة الأولى سنة 1354 هجرية وفي الطبعة الثانية وما بعدها حذف من الحديث قوله (ص) ( وصيي وخليفتي من بعدي ) كذلك حذفوا من ( تفسير الطبري : الجزء 19 صفحة 121 قوله (( وصيي وخليفتي )) وأبدلوها بقوله إن هذا أخي وكذا وكذا … !! صفحة 319 )
أنظر كيف يحرفوا الكلم عن مواضعه ويقلبون الأمور يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره .
وخلال البحث الذي قمت به أردتالوقوف على جلية الحال فبحثت عن الطبعة الأولى لكتاب (( حياة محمد )) وتحصلت عليها بحمد الله بعد عناء ومشقة وقد كلفني ذلك كثيراً والمهم أنني اطلعت على ذلك التحريف وزادني ذلك يقيناً بأن أهل السوء يحاولون جهدهم أن يمحوا الحقائق الثابتة لأنها حجة قوية (خصومهم) ولكن الباحث المنصف عند ما يقف على شئ من هذا التحريف والتزييف يزداد عنهم بعداً ويعرف بلاشك أنهم لا حجة لديهم غير التضليل والدس وقلب الحقائق بأي ثمن ولقد استأجروا كتاباً كثيرين وأغدقوا عليهم الأموال كما أغدقوا عليهم الألقاب والشهادات الجامعية المزيفة ليكتبوا لهم ما يريدون من الكتب والمقالات التي تشتم الشيعة وتكفرهم وتدافع بكل جهد وإن كان باطلاً عن كرامة بعض الصحابة المنقلبين على أعقابهم والذين بدلوا بعد رسول الله الحق بالباطل
(( كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون))(39)
صدق الله العلي العظيم .

حوار مع الدكتور التيجاني:
● ما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به علماء ومفكروا الآمة الإسلامية إزاء ما يواجهه المسلمون من تحديات مختلفة ومتنوعة ؟

– الدور هو كما علمنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هو قبل كل شئ ما يدعو إليه العقل والمنطق وهو توحيد الصفوف (( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا قفرقوا )) لأن في التفرق ضعفاً وذهاب ذات الريح وتكسر الشوكة وفي الوحدة عصمة وقوة ولكن السؤال المطروح هو كيف نوحد هذه الأمة وأنا في اعتقادي أنه لا يمكن لهذه الأمة أن تتوحد إلا تحت الشعار الذي رسمه رسول الله (ص) وهو يقول: تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بها لن تضلوا بعدي أبداً هذا هو شعار الوحدة الذي يجب أن يسعى كل مسلم للإلتزام والعمل به وإذا ما آمنا بأن الهداية أساس العقيدة فيعني ذلك أن الهداية هي أساس الوحدة أما أن نتوحد لهدف سياسي ومصلحة مؤقتة فسوف نجد هذه الوحدة تتجخر في زمن قصير جداً وهذا ما أظهرته التجارب التاريخية في حياة الأمموالشعوب لذلك فأنا أدعو لأن تتكاتف جهود المسلمين لتتوحد وإذا ما توحدنا فسوف لن يستبدبنا العدو ولن نمكن المستعمر منا من جديد .

● وهل تعتقدون أن الوضع الإسلامي الحالي قد أصبح مهيئاً لتحقيق الوحدة التي ينشدها المسلمون ؟

– حسب اعتقادي فإنه قد حان الوقت لرفع هذه المظلمة التاريخية عن أهل البيت سلام الله عليهم فالرجوع للحق فضيلة وأنا مستبشر بأن كثيراً في المسلمين الآن بدأوا يفكرون بجدية بالرجوع إلى الحق .

● بعد سقوط النظرية الشيوعية هل تعتقدون أن الصراع بين المعسكر المادي والمعسكر الإسلامي قد أخذ أبعاداً وصوراً جديدة أخرى ؟

– لا شك في ذلك والإسلام منذ أن بعث النبي محمد (ص) وهو في معركة مستمرة وهي معركة الحق مع الباطل وبعد سقوط النظام الشيوعي الذي كان يحارب الإسلام ويحارب العقيدة الدينية بشكل عام يبدو أن الصراع قد فتح بين المستكبرين والمستضعفين الذين يقف في مقدمتهم المسلمون مواليوم الكل يشهد الظلم والتعسف والوحشية التي يتعامل بها هؤلاء المستكبرون مع المسلمين أين كانوا في حين أننا نعيش في زمن يدعي فيه الغرب التقدم ويرفع شعارات حرية الإنسان وحقوقه الدينية والفكرية وفي الحقيقة فإن الغرب اليوم هو أبعد ما يكون عن تطبيق هذه الشعارات لا سيما إذا ما مست مصالحه بضرر ما .

● بم تفسرون المواجهة الساخنة القائمة بين التيار الأسلامي العربي وعدد من الأنظمة العربية لا سيما في مصر والجزائر والعراق .؟

– إن هذه المواجهة قائمة حسب اعتقادي لسببين :
الأول : إن النظم السائدة في العالم العربي وإن كانت تدعي الاسلام إلا انها علمانية في شكلها زمفهومها وهي بلأحرى تتعارض في كثير من مبادئها مع الدين الاسلامي الحنيف .
والسبب الآخر هو إن بعض الحركات الإسلامية في تلك الأقطار لم تختر الأسلوب الأفضل لمواجهة هذه الأنظمة العلمانية فتسبب البعض وللإسف ونتيجة بعض الأخطاء إلى حرق الأخضر واليابس بينما يدعونا القرآن إلى توخي الحذر والحيطة في التعامل مع الغير من أجل دعوته للإسلام فهو يقول
(( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ))
إن الحركات الاسلامية مطالبة بحسن اختيار الزمان والمكان المناسب للمواجهة كما أنها مطالبة أن تكون قوية قبل أن تعلن مواجهتها لأي نظام معاد للإسلام فالله تعالى يقول (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله )) وإلا فان إعلان المواجهة من دون تهيئة الظروف لها يمكن أن تتسبب في مخاطر ومضار كبيرة وبالنسبة لي فإنا أعتقد أن الاسلاميين إذا كانوا يريدون أنفسم ليسوا بمستوى المواجهة فإن عليهم أن يعملوا من خلال أسلوب النصح والإقناع للآلتزام بمفاهيم الإسلام والدعوة إليه كما أننا كإسلاميين لا بد من مواجهة خصومنا بالدليل العلمي والمنطق والنصح لا سيما في ظل الظروف الراهن وأن نصبر ولا نستعجل الأمور ولا أعتقد أن من الصحيح بمكان التفكير بإمكانية تغيير واقعنا بين عشية وضحاها فالتغيير يحتاج إلى مراحل عديدة حتى يتحقق ومن خلال الأسلوب القرآتي الذي أمرنا به .

● هل يفهم من كلامكم هذا أنكم تدعون الحركات الإسلامية للتراجع وإعادة الحسابات في تعاملها مع الأنظمة الحاكمة أم إنها دعوة للصلح مع هذه الأنظمة وهل هناك إمكانية للصلح بين الطرفين ؟

– أنا لا أدعو إلى التراجع وأقول فقط إن تجربتي الخاصة كإنسان كنت ضمن الحركة الإسلامية أنه لا بد لنا من تقصي الحقائق قبل اتخاذ القرار والنا في رسول الله أسوة حسنة كما فعل الرسول (ص) وأهل البيت عليهم السلام نفعل نحن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) المؤيد بروح القدس ومع ذلك اختبأ في الغار وأمر أصحابه بالهجرة ومع ذلك هاجر من مكة كل هذه الأساليب لا بد أن نستفيد منها كأسلوب لنا في التعامل مع الذين لم يفهموا الاسلام ولم يستوعبو وأنا أتصور أنه حتى لو سالت الدماء بين الطرفين فإنه يبقى هناك مجال ومنفذ للصلح ولكن نتصالح على أسس تنفع البلاد والعباد وإذا ما توفرت النوايا الحسنة فعند ذلك يمكن أن نقول لحكام البلاد العربية هذا هو رأي الله في هذه القضية وإذا كنتم تدعون حكم الإسلام أن تعملوا بالإسلام الصحيح دون عنف أو تكفير فالذين يحكموننا من بني جنسنا ومن أبناء أوطاننا ولكنهم لم يفهموا معاني الإسلام الحقيقية ولا بد لنا أن نوضح لهم مقاصد القرآن والسنة النبوية حتى يعملوا بها .

● هل ما تدعو إليه من دعوات صلح بين الإسلاميين والسلطات الحاكمة ينطبق على جميع الحالات العربية ؟

– أنالا أتكلم إلا عن تجربتي في ( تونس ) والحالة التونسية أما الحالات الأخرى التي تعيشها الحركات الإسلامية في العراق و مصر والجزائر وغيرها فلا يحق لي التكلم باسمها وأهل مكة أدرى بشعابها فالعراقيون أعلم بما يناسبهم في مواجهتهم للنظام العراقي ولا يمكن أن أتطفل عليهم وعلى طريقة عملهم وكذلك الحال في مصر والجزائر فكل تجربة وحالة وضعها الخاص بها ولكن بشكل عام فأنا لا أدعو لمهادنة الأنظمة وإنما أدعو لاختيار السبيل الأفضل في تحديد العلاقات مع هذه الأنظمة .

● يبدو أنكم من أنصار العمل بمفهوم التقية في الوقت الراهن والتي عمل بها عدد من أئمة أهل البيت عليهم السلام ولستم من الذين يدعون إلى النهج الذي اتبعه الإمام الحسين عليه السلام في تعامله ؟

– أنا أريد أن أقول بصراحة إن الأئمة عليهم السلام سلسلة تكمل بعضها البعض الإمام الحسن عليه السلام قاوم بقدر المستطاع ولكنه لما رأى أنه يحارب قوة أقوى منه بكثير قبل بالصلح رغم أن أصحابه اتهموه بالعديد من التهم الباطلة .
أما الإمام الحسين فقضيته قضية أخرى فالامام الحسين كانت مسألة استشهاده مفروغ منها وهو يعلم بها وقد أعلمه الرسول بأنه سيقتل منذ كان عمره عدة سنوات وتحركه كان يستهدف تحريك واستنهاض ضمير الأمة .
فثورة الإمام الحسين ليست كما يفهمها بعض الناس بأنها كانت ثورة مسلحة ضد نظام ظالم إن الأمام الحسين عليه السلام كان يعلم أن رأسه مطلوب حتى ولو تعلق بأستار الكعبة لذلك خرج من المدينة إلى الكوفة وفي الطريق يحلم أنه مقتول لا محال ومع ذلك لم يتراجع أو يتردد في قتال يزيد لأنه كان يعلم أن يزيد يريد أن يذله لذلك قال قولته المشهورة (( يخيرني ابن سمية بين السلة والذلة فهيهات منا الذلة يأبى ذلك الله ورسوله والمؤمنين )) فقرر أن يموت عزيزاً وشهيداً في سبيل الله والإسلام .
فالأئمة كلهم عليهم السلام نصحوا أئمة الزور وهكذا كان دور الإمام علي عليه السلام مع الخلفاء ومع ذلك فإن كل أئمة أهل البيت كانوا ثوريين ولكن لكل وقت وظروف أسلوبه الخاص ولا بد أن نواجه الحكام والطغاة بالأساليب التي واجههم بها أئمتنا عليهم السلام .

وأخيراً فلا بد من التأكيد بأني لست من الذين يميلون ويدعون إلى التقية في كل الأحوال والظروف أنا أقول إننا كمسلمين علينا أن نكون مجاهدين وقت الجهاد ومتقين في وقت التقية أن نضحي بالغالي والنفس في وقت ينغع الإسلام وأن نكون من الصابرين في وقت ينفع الصبر … (جريدة كيهان العربي . العدد 2351 – السنة الثالثة عشر السبت 5 محرم سنة 1414 هـ / 26).

محمد التيجاني السماوي – تونس – 1 رجب 1424 – خيرة المستبصرين


1 – وهو أول كتاب له بعد الاستبصار.
2 – مسند الامام أحمد بن حنبل 4/281 سر العالمين للامام الغزالي ص 12 تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 29 الرياض النضرة للطبري : 2/169 كنز العمال :6/397 البداية والنهاية لابن كثير 5/212 تاريخ ابن عساكر 2/50 تفسير الرازي 3/63 الحاوي للفتاوي للسيوطي 1/112
3 – تاريخ الطبري , تاريخ ابن الأثير تاريخ الخلفاء , تاريخ الخميس , الاستيعاب , وكل من ذكر بيعة أبي بكر .
4 – تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج1 ص 18
5 – صحيح البخاري ج4 ص 127
6 – شرح نهج البلاغة لمحمد عبده ج 1 ص 34 الخطبة الشقشقية
7 – تاريخ الخلفاء ج 1 ص 17
8 – راجع /” السقيفة والخلافة /” لعبد الفتاح عبد المقصود والسقيفة للشيخ محمد رضا المظفر
9 – تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج 1 ص 19 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ( بيعة أبي بكر )
10 – صحيح البخاري ج 3 ص 36 صحيح مسلم ج 2 ص 72 باب ( لا نورث ما تركناه صدقة )
11 – إشارة إلى ركوبها في حرب الجمل المشهورة .
12- إشارة إلى ركوبها البغلة يوم منعت دفن الحسن بجانب جده (ص)
13 – شرح نهج البلاغ لابن أبي الحديد ج16 ص 220 – 223
14 – المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 107 المناقب للخوارزمي ص 3 و 19 تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 168 الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ص 73 تاريخ ابن عساكر ج 2 ص 63 شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : ص 19
15 – الرياض النضرة للطبري ج 2 ص 282 الصواعق المحرقة لابن حجر ص 118 و 72
16 – صحيح البخاري ج2 ص 202
17 – فتح الباري في شرح البخاري ج7ص83 تاريخ الخلفاء للسيوطي 199 الصواعق المحرقة لابن حجر : ص 125
18 – سورة الطارق الآيات 17,16,15
19 – موطأ الامام مالك ج 1 ص 307 مغازي الواقدي ص 310
20 – صحيح الترمذي ج 4 ص 339 مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 319 مستدرك الحاكم : ج 3 ص 51
21 – صحيح مسلم باب فضائل علي بن أبي طالب
22 – الامامة والسياسةج 1 ص 14 رسائل الجاحظ 301 أعلام النساء ج 3 ص 1215
23 – تاريخ الطبري ج 4 ص 52 الامام والسياسة ج 1 ص 18 تاريخ المسعودي ج 1 ص 414 .
24 – تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزي ص 23 تاريخ دمشق لبن عساكر ج 1 ص 107 المناقب للخوارزمي ص 7 الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 21 .
25 – أي باجماع المسلمين لم يفرضها عليهم أحد ولم تكن (( فتنة ))
26 – مستدرك الحاكم : ج 3 ص 127 تاريخ ابن كثير ج 7 ص 358 أحمد بن حنبل في المناقب .
27 – سورة الزمر الاية 9
28 – سورة يونس الاية 35
29 – الاستيعاب ج 3 ص 39 مناقب الخوارزمي ص 48 الرياض النضرة ج 2 ص 194
30 – لقد أجمعت صحاح أهل السنة وكتبهم على أفضلية علي وتقدمه في العلم على كل الصحابة راجع على سبيل المثال ما جاء في الاستيعاب ج 3 ص 38 , 45 من أقوال الصحابة فيه وتقديمهم له عليهم .
31 – المحب الطبري في الرياض النضرة ج 2 ص 198 تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 124 الاتقان ج 2 ص 319 فتح الباري ج 8 ص 485 تهذيب التهذيب ج 7 ص 338
32 – سنن الدارمي ج 1 ص 54 تفسير ابن كثير ج 4 ص 232 الدر المنثور ج 6 ص 111
33 – سورة البقرة الآية 146
34 – سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 خصائص النسائي ص 20 صحيح الترمذي ج 5 ص 300 جامع الأصول لابن كثير ج 9 ص 471 الجامع الصغير للسيوطي:ج 2 ,ص 56.الرياض الضرة :ج2,ص229
35 – تاريخ دمشق لابن عساكر : ج 2 ص 488 كنوز الحقائق للمناوي ص 203 كنز العمال ج 5 ص 33 .
36 – سورة المائدة الآية : 104 .
37 – تاريخ الطبري ج 2 ص 319 تاريخ ابن الأثير ج 2 ص 62 السيرة الحلبية ج 1 ص 311 شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 ص 371 كنز العمال ج 15 ص 15 تاريخ ابن عساكر ج 1 ص 85 تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ج 3 ص 371 حياة محمد لحسين هيكل تفسير الطبعة الأولى باب (وانذر عشيرتك الأقربين).
38 – سـورة البقرة الآية 118 .