صلاح مهدي صالح العزاوي

صلاح مهدي صالح العزاوي (شافعي / العراق)

ولد عام ١٣٧٩هـ (١٩٦٠م) في مدينة «الخالص» شمال «بغداد»، ونشأ في عائلة سنية شافعيّة المذهب، اعتنق مذهب آل البيت(عليهم السلام) سنة ١٤٠٨هـ (١٩٨٨م) في إيران.

معرفة أهل البيت(عليهم السلام) وسيلة النجاة:

يقول «صلاح»: يواجه الإنسان في حياته مواقف مصيريّة، تدفعه لاتّخاذ قرارات حاسمة في فترة قصيرة من الوقت، وتجعله يراجع هويّته الثقافيّة والدينيّة عندما يجدها لا تقدّم العون اللازم والمطلوب.

ويتابع «صلاح» قائلاً: هكذا كان الأمر معي حيث كنت أعيش حياة عاديّة في عمر الشباب، وشاءت الظروف والأقدار أن أخوض غمار الحرب التي جرت بين العراق وإيران في الثمانينات من القرن الماضي بدون رغبة فيها، وعدم اقتناع بأسباب نشوبها واستمرارها.

وفي ظروف قاهرة كان عليّ أن أشارك بهجوم عسكريّ شرس على الطرف المقابل في جبهة مستعرة تصبّ بالقذائف والحمم، وهنا يتساءل الإنسان مع نفسه ماذا يجب أن يفعل؟ فالموت محيط به من كلّ جهة، وهو لا يجد في نفسه ما يقنعها على المشاركة في هذه الحرب المجنونة.

هنا لم أجد في نفسي سوى الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يخلّصني من هذه الورطة، والإلحاح في الدعاء عليه، ثُمّ التوسّل بالمقرّبين عنده الذين ضاعت أسماؤهم عليّ ولم أجدّ في نفسي العقيدة الصادقة في مثل هذا الموقف العصيب سوى حضرة الإمام علي(عليه السلام) فتوسّلت بأبي الحسن(عليه السلام) عند الله سبحانه للنجاة والخلاص.

وفعلاً نجوت من الموت المحقّق ووقعت في الأسر الذي قد يكون أسوأ من الموت في بعض الحروب، ولكن لم يكن الأمر معي هكذا، حيث كانت فترة الأسر بالنسبة لي فترة ذهبيّة من أيّام العمر، سنحت لي فيها لفرصة للتعرّف على أسباب الوجود البشري في الكون بمعرفة المعصومين من أهل البيت(عليهم السلام) الذين هم صفوة الله وخيرته، وقادة دينه، والذين لولاهم لما خلق الله الأفلاك، فلو فاز المرء بولايتهم عن معرفة صحيحة لما ساوت الدنيا وما فيها عنده عفطة عنز.

نعم، لقد وقعت في يدي كتباً تتحدّث عن سيرتهم، واستمعت إلى محاضرات تبيّن لي مواقفهم، بل مناقبهم التي لا نظير لها عند غيرهم، كما رأيت بأُمّ عيني مراسيم عزائهم عموماً، وعزاء الإمام الحسين(عليه السلام) خصوصاً الذي لم تشهد الدنيا على طول تاريخها شخصاً مثله، ضحّى بنفسه وعياله وأطفاله من أجل أن ينتصر الإسلام، ويقوم عمود الدين.

لقد قدّم أهل البيت(عليهم السلام) أمثلة رائعة في الفداء والتضحية، لا تجد لها مثيلاً ولو أتعبت نفسك، فقد نشأ الإمام الحسين في بيت النبوّة، ورضع من حليب الطهر والقداسة، فمن أبوه ومن أُمّه فضلاً عن جدّه سيّد الكونين، فلو لاحظت مثلاً سيرة أمير المؤمنين علي(عليه السلام) تجدها مليئة بالتضحية من اليوم الأوّل، فلقد دافع عن الرسول في المواقف الصعبة حتّى غبطته الملائكة على مثل مواساته(1)، وبات على فراش الرسول والأعداء محيطين به، فلم يرهبهم ولم يفكّر بنفسه، بل كان المهمّ عنده نجاة الرسول ولو ذهبت نفسه فداءً له.

نعم هؤلاء هم المعصومون، فمن آمن بهم نجى ووجد الوسيلة، وأمّا من جهلهم فقد ضلّ سبيله في الحياة، ومن عاداهم فقد اختار لنفسه الدرك الأسفل من النار، ولو عبد الليل والنهار، وقال: إنّي من المؤمنين الأخيار، فهو من أتباع الشيطان الذي سبقه في العبادة وادّعاء الخير ولكن العاقبة أنّه كان رجيماً كفوراً عصياً مريداً والعياذ بالله، قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً(2).

إنّ أهل البيت(عليهم السلام) هم وسيلة النجاة شاء من شاء وأبى من أبى، فمن يريد النجاة فليتّبعهم وإلاّ كان من أهل النار، وهو مخزيٌ في الدنيا والآخرة، مدحوضةٌ حجّته، مقموعٌ دليله، ضنكةٌ معيشته، فالتمسّك بهم دون غيرهم يؤدّي إلى الصراط المستقم.

فأتباع أهل البيت(عليهم السلام) هم أهل الجنّة، ولو عاداهم كلّ الناس، وأشاعوا عليهم الإشاعات، ثُمّ صدّقوا إشاعاتهم وأقسموا أنّ شيعة أهل البيت ليسوا على الحقّ، ولكن الله سبحانه يقول ﴿أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَة ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ(3).

____________

1- في يوم أحد حيث تعجّب جبرائيل من مواساته للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، انظر أمالي الشيخ الطوسي: ٥٤٧.

2- النساء (٤) : ٨٣.

3- الأعراف (٧) : ٤٩.