عبد القادر الإدريسي

السيد عبد القادر الإدريسي (سنّي / السودان)

ولد ونشأ في السودان، وتخرّج بعد الثانوية من معهد المعلّمين العام، ومارس التدريس في المرحلة المتوسطة لمدّة خمس سنوات في مادّتي التاريخ والتربية بالإضافة إلى اللغة العربية، كما انتمى للحوزة العلمية في دمشق بعد استبصاره، حيث أنهى مرحلة السطوح وواصلَ البحث الخارج. ولديه بعض المؤلّفات التي لم ترَ النور بعد. منها: ١) التشيّع في السودان. ٢) الخمس تشريع إلهي وعمق استراتيجي. ٣) كربلاء ينبوع الإرادة وإشعاع القيم.

التناقض بين الخطاب الديني والواقع التاريخي:

يقول ﴿عبد القادر: كان تشيّعي على يديّ أخي الأكبر في مطلع التسعينات من القرن الماضي عندما قدم من إيران حيث كان يدرس هناك، حيث تأثّرت بأفكاره واتّبعت خطاه في ترك تقليد دين الآباء، والالتزام بالدين الحقّ القائم على الاجتهاد وترك الأُمور التي لا دليل عليها، والتمسّك بالأمور المهمّة التي وصّى بها النبيّ أمته، والتمسّك بتحكيم العقل فيما يمكنه أن يحكم فيه، وترك كلّ المتناقضات التي لا يقبلها الإنسان البسيط فضلاً عن العلماء. هذا وقد لفت انتباهي الكثير من التناقضات الموجودة في الخطاب الديني لشيوخنا من أهل السنّة وبين التاريخ الصحيح لوقائع الأحداث التي مرّت على المسلمين على طول تاريخهم، وخصوصاً في عهد الخلفاء بعد وفاة النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم . إنّ المتأمل في الواقع التاريخي للمسلمين يرى التصرّفات العجيبة لخلفائهم ووجهائهم التي تخالف أحكام الدين، وأخلاق المسلمين، فضلاً عن أعراف العرب، وسنن المجتمع الإنساني بصورة عامة. هذا وكان لتدريس مادّتي التربية الإسلاميّة والتاريخ في حقبة واحدة الأثر الكبير في اكتشاف تناقضات واضحة بين ما نعلّمه للأجيال في أُمور الدين، وبين الأحداث التاريخية التي مرّت على أرض الواقع.

قداسة الصحابة في الخطاب الديني:

من أوّليات العقائد التي تدرّس في كتب التربية الإسلاميّة في مدارسنا هي عدالة الصحابة جميعهم، وأنّهم هم الرواة الأمناء لحديث رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله و سلم وسنّته وسيرته، فمنهم يؤخذ الدين، ولهم القول الفصل في المسائل التي يختلف فيها المسلمون، لكنّنا عندما نلاحظ سيرة الصحابة نجد فيهم المنافقين الذين صرّح القرآن بوجودهم بين الصحابة، ولا يكفي القول أنّ المنافقين ليسوا من الصحابة، فهم غير متميّزين عن باقي الصحابة، بل أنّ بعض المنافقين لا يعلم بهم حتّى رسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله و سلم ولا يعلمهم إلاّ اللّه‏ سبحانه(1) جميعاً؟! كما إنّ من الصحابة من ثبت فسقه أو ارتداده أو لعنُ النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم له أو الحكم عليه بالنار(2). وتقييد الصحابي بأنّه من مات على الإيمان يخرج أكثرهم، فكيف يمكن القول بعدالة الجميع؟! ثُمّ إنّ الصحابة تقاتلوا فسالت فيما بينهم الدماء، وفسّق أو كفّر بعضهم بعضاً، فكيف يصح الحكم بعدالة الجميع؟! إنّ القول بعدالة جميع الصحابة وغضّ النظر عن جميع الإشكالات الواردة على هذه العقيدة لا يحلّ المشكلة، فهذا الإهمال المتعمّد بدفن الرأس في الرمال كما تفعل النعامة، يورّث الأجيال التعبّد بمثل هذا الدين أو المذهب الذي يقدّس الصحابة ولو كانوا منافقين أو فسّاقاً أو ملعونين أو من أهل النار.

____________

1- وهو قوله تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ . . . التوبة ٩ : ١٠١.

1- الوقائع كثيرة، ونذكر على سبيل المثال حديث رسول اللّه‏ قاتل عمّار وسالبه في النار ، وكان قاتله أبو الغادية من الصحابة. انظر المستدرك على الصحيحين ٣: ٣٨٧.