الشيخ جمال العالق الحلبي

سماحة الشيخ جمال العالق الحلبي

* تجميل المشارقة، حلب – سوريا

* مواليد عام (1964م)

* اعتنق التشيع في (1994م)

السيرة الذاتية:

– من مواليد 1964م، تجميل المشارقة، حلب – سوريا.

– أكمل دراسته الدينية على يد الشيخ أديب حسون والد الشيخ أحمد حسون مفتي حلب.

– حضر مجالس الشيخ محمد نور المصري إمام مسجد عمر سالم بمنطقة تجميل المشارقة، ودروس الشيخ عبد الله سراج الدين، والشيخ نديم الشهابي إمام جامع الفتح قرب سوق الإنتاج حيث درس عليه (مراقي الفلاح).

– ارتقى المنبر خطيباً عام 1992م في مسجد عمر سالم ومسجد بنقوسة بمنطقة باب الحديد.

– طرد من قبل أهله وحورب في مجتمعه إثر إعلانه التشيع لأهل البيت الطاهرين (عليهم السلام) ، فاضطر للسفر إلى لبنان والعمل كناطور بناية في حارة حريك.

– التحق بحوزة الإمام الهادي (عليه السلام) في بيروت وهو الآن طالب للسنة الثالثة فيها.

القرارات لا تأتي فجأةً، والمواقف إنما تحتاج لصنعها عزيمة قوية وإرادة من فولاذ، ونور الشمس لا تحجبه الغيوم وإن طال تراكمها، والحق لابد من ظهوره ولو بعد حين.. كذلك حقيقة أهل البيت (عليهم السلام) وأحقيتهم لن تغيب طويلا،ً ولسوف تبوء بالفشل الذريع الفاضح، كل محاولات طمسها وتضييعها عبر سياسات التجهيل والتجاهل التي استنّها المخالفون منذ مؤتمر السقيفة الأول.

وسينبلج النور المحمدي الذي وعد الله بإتمامه ولو كره الكافرون، وقدم التشيع… سوف تمضي وتتقدم سريعاً لتدوس كل الخرافات والضلالات والزيف الذي استحكم فترة على العقول فشلّها عن التفكير والتدبر بآيات الله، وجعل النفوس العطشى لفرات الإيمان الصادق تلهث خلف السراب الجاهلي الخادع، ولكن… من مِن الناس سيُدرك الفتح أو يدركه؟!

هل كل القلوب على استعداد لتلقي الهداية؟ وهل كل أذن واعية؟!

كلا؛ فليس كل الناس يهدون سبلهم، وليس يوفق إلى الهدى إلا أولئك الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، الذين لا تأخذهم في الوصول إلى غاية الرشاد لومة لائم.

ولقد شاءت الأقدار الإلهية أن نلتقي واحداً من أولئك الاستثناء، هو فضيلة الشيخ جمال العالق الحلبي، إثر استبصاره الحق، واتخاذه القرار العظيم، وصنعه الموقف الجليل، فجرى بيننا وبينه الحوار الآتي:

ـ رحلة البحث عن الحقيقة من أين ومتى وكيف انطلقت ومن كان وراءها؟

بدأت من بيروت حيث اللقاء الأول بالأخ أسد حرفوش الذي فتح عيني على الحقيقة عبر حديث طال بيننا عن الدين الإسلامي وتاريخه والمسلمين وأحوالهم وما يعانونه من هموم ومشكلات ليس لها من حلٍّ حقيقي إلا بالإنابة إلى الله في تعاليمه وأحكامه التي تقضي بوحدتهم بينما هم متفرقون طرائق قدداً، مشتت شملهم، شتى سعيهم، كنهب صيح في حجراته، لا يلوون على شيء.

وهكذا توسع الحديث ليصل بنا إلى النقطة الجوهرية، والعلة المركزية وهي التولي لأولياء الله والتبري من أعدائهم، فمن هم الأولياء ومن أعداؤهم؟! كان هذا سؤالي الذي انتهى عنده المطاف، ووجدت الإجابة عليه لدى مطالعتي الصفحات الأولى من كتاب (المراجعات) للسيد شرف الدين العاملي (ره)، أي بالضبط كما أخبرني صديقي حين أهداني الكتاب.

ـ ما الكتب الشيعية الأخرى التي أثرت فيك وساهمت في وضع إصبعك على الحقيقة المغيبة؟

كتب كثيرة كنت قرأتها في تلك الفترة، وما زلت أقرأ وبنهم، فأنا أحب المطالعة بشكل غير طبيعي، والكتاب الأول الذي وضع قدمي على الطريق الصحيح هو (المراجعات) كما ذكرت لكم سابقا،ً ومن ثم كتاب (ليالي بيشاور) وبعض كتب الدكتور محمد السماوي التيجاني، وكتاب أصل الشيعة وأصولها للشيخ كاشف الغطاء (رض)، كذلك كتابكم (وقفة مع البوطي) الذي كان سبباً في تعرفي إليكم – سماحة الشيخ هشام – إذا تتذكرون يوم التقينا لأول مرة في مركز بقية الله ببيروت وجرت المناقشة الساخنة بيننا، حتى انتهت بإعلاني التشيع أمامكم بدايةً ومن ثم إعلانها على الملأ بعد حين.

ـ ما الأمر الخطير الذي دعاكم للمراجعة وإعادة النظر في الموروث العقيدي والفقهي؟

ما دعاني إلى المراجعة – حقيقة – هو حديث النبي (صلى الله عليه وآله) : (ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) عندما حدثني به صديقي الشيعي ارتعدت له مفاصلي، وكأني اسمعه للمرة الأولى رغم اشتهاره وتكراره على مسمعي عشرات المرات. إن مضمون الحديث يدل على قضية غاية في الخطورة، وهي داع كبير لأن يعيد الإنسان النظر ويعرف يقيناً أين يضع قدميه، إذ لا مجاملة في حديث النبي (صلى الله عليه وآله) ولا مكابرة ولا محاباة، في النار يعني في النار، وما من شرعية للافتراق والتعددية ما دام الدين واحد من لدن الواحد، ومحاولة الالتفاف على الحقيقة بأن يفسر واقع التجزؤ بـ‍(اختلاف أمتي رحمة، أو بأيهم اقتديتم اهتديتم)، محاولة فاشلة والدفاع عنها هزال فاضح.

فالمسألة أكبر من أن نجامل فيها أو نتعالى عليها أو نتناساها ونتجاهلها، إذ هي مسألة جنة ونار، هدى وضلال، نجاة وسقوط في الهاوية. والواجب أن أعرف من تكون الفرقة الناجية لأنخرط في صفوفها بلا تردد أو تفكير ولو للحظة واحدة..

ـ برأيكم ما هي النقطة الأكثر جدلاً في الخلاف السني – الشيعي؟

الإمامة هي النقطة الأكثر سخونة في المشهد العقائدي الإسلامي، وهي الركن الذي بإثباته يصبح كل شيء له تفسيره الواضح الذي لا خلاف عليه، والإمامة حسب الفهم السني ليست عهداً من الله أو نصاً من رسول الله، وإنما يفوض أمرها إلى الناس فهم يعينون إمامهم عن طريق الشورى، وهذا كلام – لو تأملته – غاية في السخف، فمن من الناس يتسنى له القيام بمقام الرسول (صلى الله عليه وآله) ومهام حفظ الرسالة إلا من أعدّ لهذا الدور إعداداً روحياً وتربوياً وتلقى تعليمه في مدرسة الوحي والعصمة، وهل غير أبي الحسن علي (عليه السلام) يصدق عليه هذا المفهوم الرباني؟!

وكيف يتصور من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو الموصوف بنص القرآن > حريص عليه ما عنتم بالمسلمين رؤوف رحيم< وتشهد سنته وسيرته بأنه لم يترك المدينة في غزوة إلا واستخلف عليها من يحسن إدارتها و يرعى شؤونها في غيابه فكيف يجوز على من هذه سيرته أن يترك أمر الأمة وشؤون الرسالة ويذهب لملاقاة ربه في رحلة لا عودة منها دون أن يستخلف أو يوصي لأحد من بعده؟!

وهذه الشورى المزعومة متى طبقت؟! هذا تاريخ المسلمين منذ رحيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلى اليوم، هل حدث أن اختير خليفة أو حاكم أو أمير أو وال عن طريق الشورى إلا شورى عمر التي لا أحد يعلم لمَ حصرها في الستة أشخاص، سوى الشيعة التي عرفتها شورى تآمرية ما جعلت إلا لضمان إقصاء علي (عليه السلام) عن الأمر، أما أولئك الذين دأبوا على التبرير واختلاق المعاذير أو الذين يحاولون التوفيق بين الحقيقة والزيف وبين الواقع والوهم، فأقول لهم يكفي مهزلة، ولتنتبهوا من غفلتكم أو ترجعوا عن غيكم إن كنتم تعلمون وتكتمون.. لا تأخذنكم العزة في الإثم، ولا يغرنكم بالله الغرور، فليس بعد الهدى إلا الضلال، وبعد الحق إلا الباطل.. أفيقوا من رقدتكم وقوا أنفسكم إن النفس لأمارة بالسوء، ووالله لا أقول أكثر مما قاله الدكتور الشيخ الحسون مفتي حلب في إحدى خطبه الجمعوية مخاطباً أهل السنة :(لقد تركنا ذكر أهل البيت خوفاً من انتشار التشيع)، ولا أقسم إلا كما أقسم الشيخ محمود الحوت مدير المدرسة الشرعية الكلتاوية في حلب، عندما تعرض لذكر عاشوراء الإمام الحسين (عليه السلام) فقال:( أقسمً بالله العظيم لا يدخل الجنة إلا من يختم له علي بالجواز) كائناً من كان، خليفة أو غير خليفة، صحابياً أو غير صحابي، فالقانون بلا استثناء.

ـ الشورى التآمرية التي ذكرتموها ويسميها آخرون بالشورى الاستبدادية هلا حررتم المسألة فيها بإيجاز؟.

لا بأس.. فالشورى العمرية طريقة مبتكرة في تعيين رئيس الدولة وهي لا تمت بصلة لسيرة وسنة النبي (صلى الله عليه وآله) ولا تتوافق مع نظرية الانتخابات الديمقراطية سواء الحقيقية أو الصورية، وإنما هي حالة ثالثة وقد صدق من شبهها بالخنثى.

فكما يذكر المؤرخون أنه لما طعن عمر بن الخطاب جاءه بعض الناس وقالوا له: لو استخلفت؟ فقال: لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً استخلفته فإن سألني ربي قلت سمعت نبيك يقول: إنه أمين هذه الأمة. وتكرر من عمر قريب من هذا القول بحق سالم مولى أبي حذيفة، فخرج القوم من عنده ثم عادوا إليه فقالوا: لو عهدت عهداً؟ فقال: كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولي رجلاً أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحق وأشار إلى علي (عليه السلام) . ثم بعد ذلك غير رأيه فقال: عليكم بالرهط الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنهم من أهل الجنة: سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل ولست مدخله ولكن الستة: علي وعثمان وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص والزبير وطلحة فليختاروا منهم رجلاً.

ثم إنه عاب هؤلاء الستة الذين رشحهم للخلافة فقال لسعد بن أبي وقاص: إنما أنت صاحب مقنب (أي جماعة خيل) من هذه المقانب تقاتل به وصاحب قنص وقوس وأسهم وما زُهرة والخلافة وأمور الناس.

وأقبل على عبد الرحمن فقال: لو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح.. ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك وما زهرة وهذا الأمر.

ثم أقبل على علي (عليه السلام) فقال: لله أنت لولا دعابة فيك ألا والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح والمحجة البيضاء.

ثم أقبل على عثمان فقال: هي إليك كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفيء. وأما طلحة فقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساخطاً عليك للكلمة التي قلتها يوم نزلت آية الحجاب حيث قال طلحة: ما الذي يغنيه حجابهن اليوم وسيموت غداً فننكحهن ولما وصل هذا الكلام لمسامع النبي تأثر تأثراً شديداً وغضب على طلحة إلى أن مات.

ثم قال عمر لأبي طلحة الأنصاري: يا أبا طلحة إن الله طالما أعز بكم الإسلام، فاختر خمسين رجلاً من الأنصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلاً منهم وقم على رؤوسهم فإن اجتمع خمسة وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما وإن رضي ثلاثة رجال فحكموا عبد الله بن عمر فإن لم يرضوا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع فيه الناس.

فهذه يا مولاي شورى عمر وهي مختزلة بكلمة واحدة: (اقبل أو تقتل)، فهل سمعت بحكم ديمقراطي أو ديكتاتوري كهذا الحكم العمري؟! وهل عرفت لماذا نسميه استبدادياً وهل سألت نفسك من أين جاء عمر بهذه الأحكام الدموية التي ما أنزل الله بها من سلطان وهذه الخطة الجهنمية التي لم ينطق بها قرآن ولا سنة نبي ولا لسان عاقل من البشر قبل عمر قط؟

وهل أدركت لماذا سميتها تآمرية انحيازية فإن لم تدرك بعد فاسأل عمر لماذا اشترط عمر أن تميل الكفة مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف دون غيره في حالة انقسام الستة؟! فإن أجابك وإلا أجبتك أنا: بأن من المعلوم لدى عمر ولدينا نحن أيضاً أن هوى عبد الرحمن كان مع عثمان لأنه صهره وهكذا كان مع سعد لأنه ابن عم عبد الرحمن وبالتالي فإن عمر يعلم سلفاً أن صوت عبد الرحمن وسعد إلى عثمان بناءً على العلاقة العائلية بين الثلاثة.. وبالفعل فقد سعى عبد الرحمن للتمويه قليلاً فجاء إلى علي (عليه السلام) وقال له: أبايعك على أن تعمل بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فقال علي (عليه السلام) : على كتاب الله وسنة رسوله فقط، فأعرض عنه عبد الرحمن وتوجه إلى عثمان وقال له نفس ما قاله لعلي (عليه السلام) فقبل عثمان فوراً.

وكيف لا يقبل!!؟

وهكذا أقصي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن حقه الذي فرضه الله له بالخلافة – كما تشهد النصوص المتواترة ومنها الغدير- وجرى على الأمة بعد ذلك ما جرى من الويلات جزاءً وفاقاً لما اقترفت من تقصير وسوء تدبير.

ـ هل خضتم حلبة الحوار مع علماء أهل السنة قبل التحول؟ وماذا كانت النتائج؟!.

نعم كثيراً ما فتحت باب الحوار معهم بمناسبة وبغيرها ولكن لم تفض إلى نتائج كالعادة وإنما كانوا يتهربون من المواجهة في أبسط المسائل ويتذرعون بذرائع واهية، وكثيرٌ منهم كان بدل أن يجيبني على أسئلتي وإشكالاتي على المذاهب السنية فإنه يغضب ويحمر وجهه حنقاً علي، ومنهم من يشتمني ويتهمني بشتى الاتهامات، ومنهم من كفرني لقولي في الصحابة أنهم ليسوا كلهم عدولاً، هذا بالنسبة للغرباء أما الأصدقاء والمعارف، فأغلبهم كان ينصحني بعدم الخوض في مثل هذه المواضيع زعماً منه بحرمة ذلك حتى إن أحدهم قال بأنه يشم في كلامي رائحة شيعية، وهؤلاء الشيعة لا دين عندهم إذ يتجرأون على أمهات المؤمنين وصحابة الرسول (صلى الله عليه وآله) وينعتونهم بأبشع النعوت فلا تسمع كلامهم ولا تجالسهم يا شيخ فإنهم فتنة وقانا الله وإياك شرها.. آمين..

ـ لابد من صعوبات واجهتكم في بداية الطريق إلى التشيع بماذا تمثلت وكيف تغلبتم عليها؟!.

لم تكن صعوبات بالمعنى المتبادر إلى الذهن، وإنما كانت إرهاصات أولى في طريق النجاة، ولقد تمثلت من جهة شخصية، بالألم النفسي الحاد الذي تركه اكتشافي الخدعة التي عشت في غمرتها سنين طوال من عمري حتى كأني كنت في سبات طويل ثم انتفضت على حين غرة فالحمد لله على نعمة الهداية، والحق أن أمرّ شيء على الإنسان هو أنه يشعر بعد مضي زمان، بأنه مخدوع وأن كل توجهاته وأفكاره وأعماله كانت رهن الضياع وكل أتعابه وإنجازاته التي طالما فخر بها ما هي إلا هباء منثورا.

ـ والآن.. بعد أن استبصرتم الحق؟.

أحمد الله سبحانه وأشكره غاية الحمد ومنتهى الشكر وأنى لي بوفاء حق شكره والثناء عليه؟!!

الآن، وبعد أن عرفت صدق الهداية المحمدية وتنسمت عطر الولاية العلوية، أشعر بثبات لم أعهده في السابق فالأرضية التي أقف عليها صلبة لا تتزعزع، صدقوني.. الإحساس بأنك موالٍ لأهل البيت (عليهم السلام) وحده، أي مجرد الإحساس، يجعل حياتك أكثر روعة وقيمة وأهمية، وإني والله لأغبط نفسي أن هداني الله إلى صراطه المستقيم ونهجه القويم الذي لا يمكن أن يُبلغ إلا بمحبة وولاية أهل بيت العصمة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

ـ كيف واجهتم انتقادات الناس واتهاماتهم لكم على إثر التحول؟.

بالحوار تارة وبالرد الجميل أخرى، وبالتجاهل واللامبالاة في أحيان كثيرة، على أني أرثي لحال هؤلاء الناس، فهم مساكين في الغالب ولا أنسى أنني كنت منهم ومثلهم منذ عهد قريب. هؤلاء انطلت عليهم الدعاية الأموية ووقعوا ضحية السياسة العباسية والضلالة العثمانية والاستبداد الفكري الذي مارسته حكومات التبعية الاستعمارية في العصور المتأخرة.

ـ وكيف كان رد الفعل داخل الأسرة حين إعلانكم التشيع؟.

أحدث إعلاني التشيع لأهل البيت (عليهم السلام) هزة عنيفة داخل أسرتنا ولم أكن أتوقع ما حدث فعلاً، إذ جوبهت بقوة وعنف لا مثيل لهما، وحوربت أشد محاربة من قبل الأهل ولقد فتحت بوجهي كل الجبهات كما يقال، فأسفرت الحرب عن طردي من البيت ومقاطعة الأصحاب والأقارب وحتى الجيران والمعارف، مما اضطرني أخيراً لمغادرة بلدتي والسفر إلى لبنان وتحت وطأة الظروف الصعبة والأزمة المالية الكبيرة اضطررت للعمل كناطور بناية تقع في حارة حريك بمرتب بسيط بالكاد يسد الرمق ويوفر بعض المستلزمات….

بقيت على هذه الحال مدة غير قصيرة إلى أن وفقني الله بالالتحاق بحوزة الإمام الهادي (عليه السلام) لمواصلة الدرس ومواكبة العمل التبليغي بشكل مباشر.