عدالة الصحابة من منظار المستبصرين

عدالة الصحابة من منظار المستبصرين:

*عدالة الصحابة عند المستبصر المحامي المرحوم أحمد حسين يعقوب (رحمه الله)

الصحابة والصحابي في اللغة:
الصَّحابة جمع الصَحابي، واللفظان من مشتقّات الكلمة الأصليّة «أصحب»، وتعني لغة: عاشر، أو رافق، أو جالس أو انقاد، أو شايع.
والقرآن الكريم، في وجه مِن وجوهه هو المرجع اليقيني الأوثق للُّغة، وقد تكرّرت هذه المشتقّات في القرآن الكريم 97 مرّة.(2)

نشوء نظرية عدالة كلّ الصحابة:
روى ابن عرفة المعروف بنفطوية ـ وهو من أكابر المحدّثين ـ أنّ أكثر الأحاديث في فضائل الصحابة افتعلت في أيّام بني أميّة تقرّباً إليهم بما يظنّون أنّهم يرغمون أنوف بني هاشم. وقد صفت هذه الأحاديث بأسلوب يجعل من كلّ صحابى قدوة صالحة. لأهل الأرض وتصبّ اللعنات على كلّ مَن سَبّ أحداً منهم أو أتّهمه بسوء.(3)
وقد أجمع الباحثون على أنّ نشأة الإختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله (ص) إنّما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التي أودت بحياته، ثمّ أتّسع الاختراع واستفاض بعد مبايعة علي (ع).
وإنّ عموم البلوى بالأكاذيب حقّ على الناس بلاؤه في دولة بني اُميّة، فكثر الناقلون وقَلّ الصادقون.
وأشار الإمام محمّد عبده إلى ما صنعه معاوية لنفسه، بأن وضع قوماً مِن الصحابة والتابعين على رواية أخبار قبيحة على علي (ع) تقضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلفوا على ما أرضاه، منهم أبوهريرة.(4)(5)
مع أنّ كل الصحابة وفق هذه النظرية عدول، فيفترض أنْ يكون آل محمّد (ص) بوصفهم صحابة عدولا، وأن يكفّ الأمويّون عن الإنتقاص منهم والإساءة اليهم.
إلاّ أنّ معاوية زعيم الفئة الباغية وقف مِن الإمام علي (ع) موقف أبي سفيان مِن النبىّ (ص) وجاء يزيد فوقف من الحسين (ع) موقف جدّه من النبيّ (ص) وموقف أبيه من علي (ع) وقد كان أوّل عمل لمعاوية بعد أن استولى على الحكم أن كتب إلى عمّاله في جميع الآفاق بأن يلعنوا علياً (ع) في صلواتهم وعلى منابرهم.(6)

مَن يستفيد مِن نظرية عدالة كلّ الصحابة؟:
نظرية عدالة كلّ الصحابة تستفيد منها الأكثرية الساحقة مِن أبناء الأمّة، فبموجب هذه النظرية التي اخترعها السُنّة، صار كلّ الشعب صحابة: الرّجال والنّساء والأطفال، والعرب والموالي، الأعمى والبصير، وأعلنت عدالة هؤلاء جميعهم بمختلف وسائل الاعلام.
فمِن المعروف أنّ جميع سُكّان الجزيرة ـ ما عدا جزء من اليهود ـ قد أسلموا أو تظاهروا بالإسلام، ولم يمت الرسول وفي الجزيرة شخص واحد يجهر بشركه، فالكل قد أسلم على يد الرّسول أو تظاهر بالإسلام، والكل قد شاهد الرسول أو سمع منه أو رآه، وهذه هي المعايير التي وضعتها للصُحبة بمعنى أنّ كلّ الشعب كان مسلماً وكلّ الشعب كان صحابة!(7)
يقول أولياء معاوية: «إذا رأيت الرّجل ينقص أحداً من أصحاب رسول الله، فاعلم أنّه زنديق، والذين ينقصون أحداً من الصّحابة على الإطلاق بمعنى الذي وضّحناه زنادقة، والجُرح أولى بهم ومَن عابهم أو انْتقص منهم، فلا تواكلوه، ولا تشاربوه، ولا تصلّوا عليه».(8)
ولكن أولياء معاوية لا يقولون لنا: لماذا قتل معاويةُ خيارَ الصحابة، ولماذا جعل مسبَّة بعضهم واجباً رسمياً على كلّ افراد رعيّته؟! ثمّ إنّ القرآن الكريم نعت بعض الصحابة ـ بمفهوم معاوية وأوليائه ـ بالفاسقين كحال الوليد بن عقبة، ونعت بعضهم بالمنافقين ـ كحال عبدالله بن أبَيْ، ومَرَدَة النفاق في المدينة ومَن حولها من الاعراب، واكتمل القرآن ومات الرّسول ولم تنسَخ هذه الاحكام، فهل نترك الوصف الإلهي بنفاق هذه الفئات وفسقها ونتبَّع وصف معاوية وأوليائه؟!

الغاية مِن نظرية عدالة كلّ الصحابة:
1 ـ التبرير:
تبرير غصب السلطة: معاوية طليق وابن طليق، ومن المؤلّفة قلوبهم، وقد وجد نفسه رئيسى لدولة الإسلام أو إنْ شئتَ فقل ملكاً عليهم، فلابدّ مِن مُبرّر يُبرّر هذا، وهو القول بعدالة كلّ الصحابة.

تبرير أفعال معاوية واتباعه:
لقد أنزل معاوية وشيعته أعظم النكبات بالإسلام والمسلمين، فقد قتل في وقعة الحَرّة كلّ البدريين، ولم يبق بعدها بدري واحد، وقتل من قريش ومن الانصار سبعمائة ومن سائر الناس مِن الموالي والعرب عشرة آلاف و…

2 ـ التحصّن ضدّ النقد والسبّ والشَتم والانتقاص:
لأنّه صحابي ومن العدول، ومَن ينتقص أو يسبّ أيّ صحابي عادي، فهو زنديق لا يؤاكل ولا يشارب ولا يصلّي عليه (كما يروي الذهبي في ميزانه).

3 ـ مُقارعة خصوم معاوية وشيعته:
نظرية عدالة كلّ الصحابة، تؤمن فوز معاوية في أيّ مقارعة بينه وبين خصومه أو تؤمن ـ على الأقل ـ المُساواة بينه وبين هؤلاء الخصوم.(9)
مَن الثقة عند الخلفاء؟:

حجر بن عَدي وأصحابه صحابة، وعمرو بن الحمق من الصحابة، ومِن المفترض حسب القواعد التي وضعها الخلفاء وأعوانهم أن يكونوا عدولا وثقة! وأن يروي الناس عنهم أحكام دينهم. وسعد بن عبادة سيّد الخزرج وحامل لواء الأنصار، في كلّ المواقع مِن سادات الصحابة، ومالك بن نويرة صحابي جليل وأحد الأمراء الذي عيَّنهم النبيّ (ص) ومات النبيّ وهو على ولايته ومع هذا لا أحد من شيعة الخلفاء يروي عن هؤلاء الصحابة الكرام.
لم يقتصر هذا الأمر على عهد الصحابة، فالإمام الشافعي كان يحبّ أهل بيت النبوّة، ويتستّر على هذا الحُبّ، وعندما اكتشف ذلك بعض أئّمة الجرح والتعديل قالوا: إنّ الشافعي ليس بثقة!
امّا إذا كان الرجل يوالي الخلفاء فهو ثقة، فالوليد بن عقبة ثقة مع أنّه الفاسق بنصّ القرآن، ومع أنّه شارب الخمر، وقد صلّى وهو سكران بإجماع المؤرخين! ومروان بن الحكم ثقة مع أنّه الملعون ابن الملعون كما ذكر رسول الله. وعمر بن سعد بن أبي وقاص ثقة مع أنّه قتل الحسين (ع) وأحفاد الرسول (ص) في كربلاء.(10)
بعض الصحابة يعذّبون يوم القيامة:
لقد أخبر الرسول الأعظم عن طوائف من الصحابة يعذّبون يوم القيامة، وهم يعرفون الرسول والرسول يعرفهم، وهم من أصحاب الرسول كما وصفهم الرسول بنفسه فيقول الرسول مشفقاً «يا ربّ أصحابي؟ فيقال له: «انك لا تدري ما أحدثوا بعدك».(11)
ويوضح الرسول هذا الخبر بصياغة اخرى فيقول: «قلت ما شأنهم؟ فيقال لي: «إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم مُنذ فارقتهم»(12)
ووضح الرسول الصورة بقوله: «فقيل لي أنّهم إرتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرىء فلا يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم».(13)
انّه ليس من المنطق أن يصف الرسول هذه الطوائف بالإرتداد، ثمّ يخبرنا عن بعض ما يصيبهم يوم القيامة، ثمّ نتجاهل ما قاله الرسول الذي لا ينطق عن الهوى ونصر على القول بأنّهم عدول ومن أهل الجنّة ولا يدخل أحد منهم النار!!(14)
ــــــــــــــــــــــــــــ

2) مساحة للحوار، المحامي أحمد حسين يعقوب: 129.
3) راجع آراء علماء المسلمين في التقيّة والصّحابة وصيانة القرآن الكريم: 85 للسيد مرتضي الرضوي.
4) مقدمة الإمام محمّد عبده على رسالة التوحيد: 7 ـ 8.
5) نفس المصدر: 104 (نظرية عدالة الصحابة).
6) نفس المصدر: 107 (نظرية عدالة الصحابة).
7) مساحة للحوار، أحمد حسين يعقوب: 152.
8) راجع كتاب الكبائر للذهبي: 238; مساحة للحوار، أحمد حسين يعقوب: 163.
9) نظرية عدالة الصّحابة، أحمد حسين يعقوب: 101.
10) مساحة للحوار، أحمد حسين يعقوب: 255.
11) صحيح البخاري كتاب الدعوات 1: 141 وصحيح مسلم كتاب الفضائل 5: 159 ورواه أحمد والبيهقي كما ذكر صاحب كنز العمال في 14: 418.
12) صحيح البخاري تفسير سورة الأنبياء 3: 64 وصحيح مسلم 17: 195.
13) صحيح البخاري 4: 142 كتاب الدعوات باب الصِّراط، وكتابنا الإجتهاد: 33 ـ 38.
14) مساحة للحوار: 129 وما فوق، نفس المؤلف هذا الكتاب: معالم أهل بيت النبوّة، أحمد حسين يعقوب: 380 ـ 381.

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر السيد محمد التيجاني السماوي:

مَدى جواز نقد الصحابة:
إنّ كلّ الأحكام التشريعيّة والعقائد الاسلاميّة، جاءتنا عن طريق الصحابة فليس هناك أحد يدّعي أنّه يعبد الله مِن خلال الكتاب والسُنّة إلاّ وكان الصحابة مع الواسطة لإيصال هذين المصدرين الأساسيّين الى كلّ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. وبما أنّ الصحابة اختلفوا بعد الرسول (ص) وتفرّقوا، وتسابّوا وتلاعنوا، وتقاتلوا حتّى قتل بعضهم بعضاً فلا يمكن والحال هذه أنْ نأخذ عنهم الأحكام بدون نقاش ولا نقد ولا إعتراض ولا…
وأهل السُنّة عامّة، وبكلّ أسف لا يَسمحون بذلك ويمنعون بكلّ شدّة نقد الصحابة وتجريحهم ويترضّون عليهم جميعاً، بل ويصلّون عليهم كما يصلّون على محمّد وآل محمّد (ص) ولا يستثنون منهم أحداً.
والسؤال الذي يطرح على أهل السُنّة والجماعة هو: هل في نقد الصحابة وتجريحهم خروج عن الإسلام، أو مخالفةً للكتاب والسُنّة؟»(2)
القرآن الكريم هو الذي فتح لنا هذا الباب وأعلمنا بأنّ مِن الصحابة منافقين، ومنهم الفاسقين ومنهم الظالمين ومنهم المكذّبين ومنهم الذين يؤذون الله ورسوله (ص)، ومع ذلك يريد أهل السُنّه منع المسلمين من التكلّم والنّقاش في الصحابة؟!(3)
وأشار الدكتور التيجاني الى بعض الآيات القرآنية(4) وقال: «إنّ هذا القدر من الآيات البيّنات كاف لإقناع الباحثين بأنّ الصحابة ينقسمون الى قسمين:

أقسام الصحابة في القرآن:
الف ـ قسمٌ آمن بالله وبرسوله (ص) وأسلم أمره وقيادته لهما، فأطاع الله ورسوله (ص) وتفاني في حُبّهما وضحّى في سبيلهما وكان من الفائزين وهؤلاء يمثّلون الأقليّة وقد سمّاهم القرآن (الشاكرين).
ب ـ قسمٌ آمن الله وبرسوله (ص) ظاهرياً ولكن قلبه فيه مرض، فلم يسلم أمره الاّ لمصلحته الشخصيّة ومنافعه الدنيويّة فهو يعارض الرسول (ص) في أحكامه وأوامره، وهؤلاء يمثّلون الأكثريّة وقد عبّر عنهم القرآن: (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(5) وقد عرفنا أنّهم تآمروا على رسول الله (ص) وعلى وصيّه وعصوا رسول الله (ص) في أوامره التي أمرهم بها وهو على فراش الموت».(6)

رأي القرآن حول الصحابة:
آية الانقلاب
1 ـ (وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(7)

فهذه الآية صريحة في أنّ الصحابة سينقلبون على أعقابهم بعد وفاة الرسول (ص) مباشرة ولا يثبت منهم إلاّ القليل كما دلّت على ذلك الآية في تعبير الله عنهم: أي الثابتين الذين لا يتقلبون بالشاكرين.

آية الجهاد

2 ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الاَْرْضِ أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الاْخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الاْخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)(8)

هذه الآية صريحة في أنّ الصحابة تثاقلوا عن الجهاد واختاروا الركون الي الحياة الدنيا رغم علمهم بأنّها متاع قليل، حتّى استوجبوا توبيخ الله سبحانه وتهديده إيّاهم بالعذاب الأليم وباءستبدالهم بغيرهم من المؤمنين الصادقين.

آية الخشوع

3 ـ (أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الاَْمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)(9)

في الدرّ المنثور لجلال الدين السيوطي قال: لمّا قدم أصحاب رسول الله (ص) المدينه، فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعد ما كان بهم من الجهد. فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوقبوا فنزلت «أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا…» وفي رواية اخرى عن النبي (ص) إنّ الله استبطأ قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن، فأنزل الله (أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) وإذا كان هؤلاء الصحابة وهم خيرة الناس على ما يقوله أهل السُنّه والجماعة، لم تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ طيلة سبعة عشرة عاماً حتّى إستبطأهم الله وعاتبهم وخدّرهم من قسوة القلوب التي تجرّهم للفسوق.(10)

أقسام الصحابة عند الشيعة:
إنّ الصحابة في نظر الشيعة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الصحابة الأخيار الذي عرفوا الله ورسوله حقّ المعرفة وبايعوه على الموت وصاحبوه بصدق في القول وبإخلاص في العمل ولم ينقلبوا بعده… والشيعة يذكرونهم باحترام وتقديس ويترضّون عليهم كما يذكرهم أهل السُنّة باحترام وتقديس أيضاً.
2 ـ الصحابة الذين اعتنقوا الإسلام واتّبعوا رسول الله أمّا رغبة أو رهبة، وهؤلاء كانوا يؤذون رسول الله (ص) في بعض الأوقات ولا يمتثلون لأوامره ونواهيه…
3 ـ فهم المنافقون الذين صحبوا رسول الله (ص) للكيد به وقد أظهروا الإسلام، وانطوت سرائرهم على الكفر، وقد أنزل الله فيهم سورة كاملة… وهؤلاء يتّفق الشيعة والسُنّة على لعنهم والبراءة منهم.
وهناك قسمٌ خاص وإن كانوا من الصحابة، فهم يتميّزون عليهم بالقرابة وبفضائل خُلقيّة ونفسيّة، هؤلاء هم أهل البيت (ع) الذين
1) أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.(11)
2) أوجب لهم سهم من الخمس.(12)
3) فهم أولوالأمر الذين أمر بطاعتهم.(13)
و… والصحابة يعرفون قدر أهل البيت ويعظّمونهم ويحترمونهم: والشيعة يقتدون بهم ويقدّمونهم على كلّ الصحابة وامّا أهل السُنّة والجماعة مع احترامهم لأهل البيت (ع) الاّ أنّهم لا يعترفون بهذا التقسيم للصحابة ولا يعدّون المنافقين في الصحابة. بل الصحابة في نظرهم خير الخلق بعد رسول الله (ص).(14)

شهادة التاريخ في الصحابة:
عندما نقول لأحد أهل السُنّة بأنّ سورة عبس وتولّى لم يكن المقصود بها رسول الله (ص)، وإنّما المقصود بها أحد كبار الصحابه الذي عاتبه الله على تكبّره واشمئزازه عند رؤيته الأعمى الفقير، فتراه لا يقبل بهذا التفسير ويقول: ما محمّد إلاّ بشرٌ وقد غلط مرّات عديدة وعاتبه ربّه في أكثر من موقع وما هو بمعصوم الاّ في تبليغ القرآن.
ولكنّك عندما نقول بأنّ عمر بن الخطاب أخطأ في ابتداعه لصلاة التراويح التي نهى رسول الله (ص) عنها وأمر الناس بالصّلاة في بيوتهم فُرادى اذا كانت الصّلاة نافلة (أي غير المكتوبة) تراه يدافع عن عمر دفاعاً لا يقبل النّقاش ويقول: إنّها بِدعة حَسَنة!! لأنّهم يعرفون الحقّ من خلال عمر بن الخطاب وأفعاله، فهم عكسوا القاعدة وعرفوا الحقّ بالرّجال، والمفروض أن يعرفوا الرجالَ بالحقّ (أعرف الحقّ، تعرف أهلَه كما قال الإمام علي (ع).(15)

شهادة الصحابة على أنفسهم بتغيير سُنّة النبيّ (ص):
إنّ الأمويين وأغلبهم من صحابة النبيّ (ص) وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، كان يجبر الناس على سبّ علي بن أبي طالب (ع) ولعنه من فوق منابر المساجد،… ولمّا استاء لذلك بعض الصحابة واستنكر هذا الفعل، أمر معاوية بقتلهم وحرقهم.

الصحابة غيّروا حتّى في الصلاة:
اوّل مَن غيّر سنّة الرسول (ص) في الصلاة، هو خليفة المسلمين نفسه عثمان بن عفّان وكذلك أمّ المؤمنين عائشة فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما: إنّ رسول الله (ص) صلّى بمنى ركعتين وأبوبكر بعده، وعمر بعده، وعثمان صلّى بعد أربعاً.(16)
كما اخرج مسلم في صحيحه، قال الزهري، قلت لعروة ما بال عائشة تتمّ الصلاة في السفر؟ قال أنّها تأوّلت كما تأوّل عثمان.(17)(18)
وكان عمر بن الخطاب يجتهد ويتأوّل مقابل النصوص الصريحه من السُنن النبويّة بل في مقابل النصوص الصريحه من القرآن فيحكم برأيه: كقوله: مُتعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما، ويقول لمن أجنب ولم يجد ماء: لا تُصَلّ. رغم قول الله في سورة المائدة: «فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صَعيداً طيّباً».
هل الشيعة أم أهل السُنة من الفرس؟!
فالشيعة ليس كما يدّعي بعض علمائنا، بأنّهم الفُرس والمجوس الذين حطّم عمر كبرياءهم ومجدهم وعظمتهم في حرب القادسيّة ولذلك يبغضونه ويكرهونه!
وأجبت هؤلاء الجاهلين بأنّ التشيّع لأهل البيت لا يختصّ بالفرس بل الشيعة في العراق وفي الحجاز وفي سوريا ولبنان وكلّ هؤلاء عرب… ولو اقتصرنا على شيعة ايران، فإنّ الحجّة تكون أبلغ اذْ إنّني وجدت الفرس يقولون بامامة الأئمة الاثنى عشر وكلّهم مِن العرب من قريش من بني هاشم عترة النبيّ (ص) فلو كان الفرس متعصّبين ويكرهون العرب كما يدّعي البعض، لاتّخذوا سلمان الفارسي إماماً لهم لأنّه منهم وهو صحابي جليل عرف قدره كلّ من الشيعة والسُنّة على حدٍّ سواء.
بينما وجدت أهل السُنّة والجماعة ينقطعون في الإمامة الى الفُرس فأغلب أئمّتهم من الفُرس. كأبي حنيفة والإمام النسائي والترمذي والبخاري ومسلم وابن ماجه والرازي والإمام الغزالي وابن سينا والفارابي وغيرهم…(19)

التيجاني:
الحمد لله والشكر له على أن دلّني على الفرقة الناجية التي كنت أبحث عنها بلهف ولم يبق عندي أيّ شك في أنّ المتمسّك بعلي (ع) وأهل البيت قد تمسّك بالعروة الوثقى لا أنفصام لها.
فعليّ (ع) كان أعلم الصحابة وأشجعهم على الاطلاق وذلك بإجماع الأمّة، وهذا وحده كاف للدّلالة على أحقيّته (ع) للخلافة دون غيره.

أفعال النبيّ (ص) وأقواله تجاه الصحابة:
إذا نظرنا إلى أفعال النبيّ (ص) وأقواله تجاه الصحابة، نجده قد أعطى كلّ ذي حقّ حقّه، فهو يغضب الله ويرضى لرضاه، وكلّ صحابي خالف أمر الله سبحانه تبرّأ منه الرسول (ص)، كما تبرّأ ممّا صنع خالد بن الوليد في قتله بني جذيمة، وكما غضب على اُسامة عندما جاءه ليشفع للمرأة الشريفة التي سرقت، فقال قولته المشهورة: «ويلك، أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟ والله لو سرقت فاطمة (س) بنت محمّد لقطعت يدها، انّما أهلك مَن كان قبلكم، لأنّهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الوضيع أقاموا عليه الحدّ».(20)
ونجده (ص) أحياناً يبارك ويترضّى على بعض أصحابه المخلصين، ويدعو لهم ويستغفر لهم، كما نجده يلعن البعض منهم الذين يعصون أوامره ولا يقيمون لها وزناً أحياناً أخرى، مثل قوله: «لعن الله مَن تخلّف عن جيش اُسامة»(21) وذلك عندما طعنوا في تأميره، ورفضوا الإلتحاق بجيشه بحُجّة أنّه صغير السنّ.
كما نجده (ص) يوضّح للناس ولا يتركهم يغترّوا ببعض الصحابة المزيّفين، فيقول في أحد المنافقين: «إنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون مِن الدين كما يمرق السهم من الرمية».
وقد يتوقّف فلا يصلّي على أحد الصحابة الذين استشهدوا في غزوة خيبر ضمن جيش المسلمين، ويكشف على حقيقته ويقول: «إنّه غلّ في سبيل الله»(22)ولمّا فتّشوا متاعه وجدوا فيه خرزاً مِن خرز اليهود.
ويحدّثنا المحدّثون(23) أنّ النبيّ (ص) عطش في غزوة تبوك، فقال المنافقون: إنّ محمّداً يخبر بأخبار السماء، ولا يعلم الطريق الي الماء، فنزل جبريل وأخبره بأسمائهم، وأخبر النبيّ (ص) بهم سعد بن عبادة، فقال له سعد: إن شئت ضربت أعناقهم، فقال النبيّ (ص): «لا يتحدّث الناس أنّ محمّداً يقتل أصحابه، ولكن نحسنُ صحبتهم ما أقاموا معنا».(24)

مثال واحد مِن أعمال بعض الصحابة المنافقين:
ويكفينا مثل واحد من أعمال بعض الصحابة المنافقين التي كشفها الله سبحانه وفضح أصحابها وكانوا اثني عشر رجلا من الصحابة تذرَّعوا ببُعد المسافة، وأنّ الوقت لا يسعهم للحضور مع النبيّ، فبنوا مسجداً لأداء الصلاة في وقتها، فهل ترى إخلاصاً ووفاءاً أكبر مِن هذا؟ أن يصرف العبد أموالا طائلة لبناء مسجد حرصاً منه على أداء فريضة الصلاة في وقتها، وفي جماعة يجمعهم مسجد واحد؟(25)
ولكن الله سبحانه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، علم سرائرهم وما تخفي صدورهم، فأوحى الى رسوله بأمرهم، وأطلعه على نفاقهم بقوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاّ الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ)(26)
وكما أنّ الله لا يستحي من الحقّ فكذلك رسوله (ص)، كان يقول لأصحابه صراحة بأنّهم سيتقاتلون على الدنيا، وأنّهم سيتّبعون في الضلالة سنن اليهود والنصارى شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، وأنّهم سينقلبون بعده على أدبارهم ويرتدّون، وأنّهم يوم القيامة سيدخلون الى النار، ولا ينجوا منهم إلاّ القليل الذي عبَّر عنه النبيّ (ص) بهمل النعم، وأنّهم وأنّهم…(27)

موقف الصحابة تجاه رسول الله غداة وفاته
كيف تركوه جُثّة ولم يشتغلوا بتجهيزه وتغسيله وتكفينه ودفنه، بل أسرعوا الى مؤتمرهم في سقيفة بني ساعدة يختصمون ويتنافسون على الخلافة، والتي عرفوا صاحبها الشرعي وبايعوه في حياة النبيّ (ص).
ممّا يؤكّد لنا بأنّهم اغتنموا فرصة غياب علي (ع) وبني هاشم الذين أبتْ اخلاقُهم أن يتركوا رسول الله (ص) مُسّجى ويتسابقوا للسقيفة، فأراد هؤلاء أن يُبرِموا الأمر بسرعة قبل فراغ اولئك من مهمّتهم الشريفة ويلزموهم بالأمر الواقع، فلا يقدرون بعده على الكلام والاحتجاج، لأنّ أصحاب السقيفة تعاقدوا على قتل كلّ مَن يحاول فسخ الأمر الذي أبرموه بدعوى مقاومة المخالفين وإخماد الفتنة. ويذكر المؤرّخون أشياء عجيبة وغريبة وقعت في تلك الأيّام من اولئك الصحابة الذين أصبحوا فيما بعد، هم
خلفاء الرسول (ص) واُمراء المؤمنين:
كحملهم الناس على البيعة بالضّرب والتهديد بالقوّة وكالهجوم على بيت فاطمة (س) وكشفه، وكعصر بطنها بالباب الذي كانت وراءه حتّى أسقطت جنينها وإخراج علي (ع) مكتّفاً وتهديده بالقتل إن رفض البيعة و…».(28)
«وكهتكهم للمحارم وتعدّي حدود الله في قتل الأبرياء من المسلمين والدخول بنسائهم من غير احترام للعدّة».(29)
وكتغييرهم أحكام الله ورسوله (ص) المبيّنة في الكتاب والسُنّة وإبدالها بأحكام اجتهادية تخدم مصالحهم الشخصيّة. (كتعطيل إرث الزهرا (س). وسهم ذي القُربى وسهم المؤلّفة قلوبهم ومتعة الزواج ومتعة الحجّ و…)
وكَسَبِّ ولعن أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطّهرهم تطهيراً وقتل مَن تشيّع لهم من الصّحابة الأبرار. (كما قتل معاوية بن أبي سفيان، حجر بن عُدي الصّحابي الجليل وأصحابه لأنّه امتنع عن لعن علي بن أبي طالب (ع).
و… وأهل السُنّة والجماعة يعرفون الكثير منها، ولذلك يحاولون جُهدهم صَدّ المسلمين عن قراءة التاريخ والبحث في حياة الصحابة.(30)

اوّل مَن رفض السُنّة:
اوّل مَن رفض السُنّة النبويّة بقوله: «حسبنا كتاب الله» هو عُمَر وإنّى لأعجب لمَن يقرأ هذه الحادثة ويمرّ بها وكأن شيئاً لم يكن… وعجبي أكبر من الذين يحاولون جهدهم الحفاظ على كرامة صحابي وتصحيح خطئه ولو كان ذلك على حساب كرامة رسول الله (ص) وعلى حساب الإسلام ومبادئه.
ولماذا لا نعترف بأنّ الصحابة بشرٌ مثلنا، لهم أهواء وميول وأغراض ويخطئون ويصيبون.

ـ التيجاني:
علماء الشيعة قد أحصوا مئات الموارد التي خالف فيها الصحابة النصوص الصريحه ولم يستدلّوا إلاّ بما أخرجه علماء السُنّة في صحاحهم ومسَانيدهم. وأنا أبقى حائراً مدهوشاً لا من تصرّفات الصحابة فحسب ولكن مِن موقف علماء السُنّة والجماعة الذين يصوّرون لنا بأنّ الصحابة دوماً على الحقّ لا يمكن التعرّض لهم بأيّ نقد!؟
ـ عمر بن الخطّاب الذي اشتهر بمُحاسبة وُلاته وعزلهم لمجرّد شُبهة، نراه يلين مع معاوية بن أبي سُفيان ولا يحاسبه أبداً وقد ولاه أبوبكر وأقرّه عمر طيلة حياته ولم يعترض عليه حتّى بالعتاب واللّوم رغم كثرة الساعين الذين يشتكون من معاوية ويقولون له بأنّ معاوية يلبس الذهب والحرير الذين حرّمهما رسول الله (ص) على الرجال، فكان عمر يجيبهم: «دعوه فإنّه كسرى العرب».(31)

أبوبكر في حياة النبيّ (ص):
أخرج البخاري في صحيحه من الجزء السادس صفحة 46 في كتاب تفسير القرآن سورة الحجرات، قال: حدّثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: كاد أن يهلكا. أبابكر وعمر رفع أصواتُهما عند النبيّ (ص) حين قدم عليه ركبُ بني تميم. فأشار أحدُهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر.(32)
قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبوبكر لعمر: ما أردت الا خلافي، قال: ما أردتُ خلافك، فارتفعت أصواتُهما في ذلك، فأنزل الله: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ)(33)
قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسمِعُ رسول الله (ص) بعد هذه الآية حتّى يَسْتفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبابكر.(34)
والظاهر أنّ أبابكر وعمر لم يتأدّبا بحضرة الرسول (ص) بالآداب الإسلامية، وارتفعت أصواتهما أمامه مِن غير احترام ولا مبالاة بما تفرضه عليهما الأخلاق والآداب، التي لا يمكن لأيّ أحد من الصحابة أن يجهلها أو يتجاهلها، بعد ما قضى رسول الله (ص) حياته في تعليمهم وتربيتهم.
ـ وأضف بأنّ أبابكر لم يمتثل أمر رسول الله (ص) عندما أمّر عليه اُسامة بن زيد، وجعله مِن جملة عساكره، وشدّد النكير على مَن تخلّف عنه حتّى قال (ص): «لعن الله مَن تخلّف عن جيش اُسامة»، كما أنّه سارع الى السقيفة وشارك في إبعاد علي بن أبي طالب (ع) عن الخلافة وترك رسول الله (ص) مسّجى ولم يهتمّ بتغسيله وتكفينه وتجهيزه ودفنه!
ونحن نعيش اليوم في القرن العشرين الذي نقول عنه بأنّه أتعس القرون، وأنّ الأخلاق تدهورت، والقيم تبخّرتْ، ومع ذلك فإنّ المسلمين إذا ماتَ جار لهم أسرعوا اليه، وانشغلوا به حتّى يواروه في حفرته، ممتثلين قول الرسول (ص): «إكرام الميّت دفنه».(35)
أبوبكر يمنع مِن كتابة السُنّة النبويّة وكذلك يفعل بعده عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان: هم الذين منعوا مِن كتابة الحديث عندما نقرأ كتب التاريخ، بل منعوا حتّى التحدّث به نقله الى الناس، لأنّهم بلا شكّ علموا بأنّه لا يخدم مصالحهم.
وأبوبكر يخطب في الناس بعد وفاة النبيّ (ص) قائلا لهم: إنّكم تحدّثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله (ص) شيئاً، فَمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه. وهو في ذلك اليوم المشؤوم الذي سُمّى برزيّة يوم الخميس، يوافق ما قاله عمر عندما قال: إنّ رسول الله يهجر وحسبنا كتاب الله وهو يعترف صراحةً بأنّهم نبذوا سنّة نبيّهم وراء ظهورهم وكانت عندهم نسياً منسياً!!
ـ والسؤال هنا الى أهل السُنّة، إذا كانت صحاحكم كما تعتقدون تروي بأنّ رسول الله (ص) قال: «تركت فيكم خليفتين ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً: كتاب الله وسُنّتي» على فرض أنّنا سلّمنا بصّحة هذا الحديث فما بال أفضل الخلق عندكم، يرفضان السُنّة ولا يقيمان لها وزناً، بل ويمنعان الناس مِن كتابتها والتحدّث بها؟!(36)

النبيّ (ص) يُسّمي المنافقين بـ«أصحابي»:
نحن نَجد النبيّ (ص) يسمّى المنافقين ـ بـ«أصحابي» ـ وهو يعلم نفاقهم، واليك الدليل:
أخرج البخاري بأنّ عمر بن الخطّاب طلب من النبيّ (ص) أن يضرب عنق عبدالله بن اُبيّ المنافق فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق! فقال النبيّ (ص): «دَعه لا يتحدّث الناس بأنّ محمّداً يقتل أصحابه»(37)
وقد يحاول بعض العلماء من «أهل السُنّة والجماعة» إقناعنا بأنّ المنافقين كانوا معروفين فلا نخلطهم بالصحابة، وهذا أمر مستحيل لا سبيل إليه، بل المنافقون هم مِن جملة الصحابة الذين لا يعلم خفاياهم إلاّ الله سبحانه، وقد كانوا يصلّون(38) ويصومون ويعبدون الله، ويتقرّبون إلى النبيّ (ص) بكلّ الوسائل.
ولست مبالغاً إذا قلت بأنّ أكثريّة الصحابة لم يكونوا بعيدين عن النفاق بما قرّره كتاب الله في العديد من الآيات، وبما قرّره رسول الله في العديد من الأحاديث.(39)

فَمِن كتاب الله قوله تعالى:
(بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(40)
وقوله: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الاَْعْرابِ مُنافِقُونَ)(41)
وقوله: (الاَْعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً)(42)
وتجدر الإشارة بأنّ بعض العلماء من «أهل السُنّة والجماعة» يحاولون جُهدهم تغطية الحقائق، فيفسّرون «الأعراب» بأنّهم ليسوا من الصحابة، وإنّما هم سُكّان البادية من أطراف الجزيرة العربية.
ولكنّنا وجدنا عمر بن الخطّاب عندما أشرف على الموت أوصى الى الخليفة مِن بعده قائلا: واُوصيه بالأعراب خيراً فإنّهم أصل العرب ومادة الإسلام(43).
فإذا كان أهل العرب ومادة الاسلام هم أشدّ كفراً ونفاقاً، وأجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليهم حكيم، فلا قيمة لقول «أهل السُنّة والجماعة» بأنّ الصحابة كلّهم عدول!
ولمزيد البيان، وحتّى يتحقّق الباحث بأنّ الأعراب هم أنفسهم عامة الصحابة، فقد جاء في القرآن الكريم بعد ذكر الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً، قال سبحانه: (وَمِنَ الاَْعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُبات عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(44)
أمّا ما قرّره رسول الله (ص) في السُنّة النبوية الشريفة فقوله:
«يؤخذ بأصحابي إلى النار، فأقول: يا ربّ هؤلاء أصحابي! فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سُحقاً لمن بدل بعدي ولا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم»(45).
ليس هدفنا البحث في حياة الصحابة لكي نطعن بعد التهم. فالتاريخ كفانا مؤونة ذلك، وشهد على البعض منهم بالزنا. وشُرب الخمر، وشهادة الزور، والإرتداد، وإرتكاب الجرائم بحقّ الأبرياء، وخيانة الأمّة، ولكن نريد فقط أن نبرز بأنّ مقولة عدالة الصحابة كلّهم هي خرافة وهمية جاء بها «أهل السُنّة والجماعة» ليستروا على سادتهم وكبرائهم من الصحابة الذين أحدثوا في دين الله، وغيّروا أحكامه ببدع إبتدعوها، ولنكشف ثانية بأنّ «أهل السُنّة والجماعة» باعتناقهم عقيدة «عدالة الصحابة أجمعين» قد أظهروا هويّتهم الحقيقية، ألا وهي موّدة المنافقين، والإقتداء ببدعهم التي أحدثوها ليرجعوا بالناس الى الجاهلية.(46)

وخلاصة القول:
أنّ الشيعة أتباع أهل البيت (ع) ينزّلون الصحابة منازلهم التي يستحقّونها، فيَترضّون على المتّقين منهم، ويتبّرأون من المنافقين والفاسقين أعداء الله ورسوله (ص)، وبذلك فهم وحدهم أهل السُنّة الحقيقيّة; لأنّهم أحبّوا حبيب الله ورسوله من الصحابة، وتبرّأوا من أعداء الله ورسوله الذين كانوا السبب الرئيسي في ضلال الأغلبية الساحقة من المسلمين.(47)

الحوادث التي وقعت بعد وفاة الرسول (ص):
أوّل حادثة وقعت بعد وفاة الرسول (ص)، مباشرة وسجّلها أهل السُنّة والجماعة والمورّخون: هي مخاصمة فاطمة الزهراء (س) لأبي بكر الذي احتجّ بحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» هذا الحديث الذي كذّبته فاطمة الزهراء (س) وأبطلته بكتاب الله واحتجّت على أبي بكر بأنّ أباها رسول الله (ص) لا يمكنه أن يناقض كتاب الله:
(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْنِ)(48)
وهي عامّة تشتمل الأنبياء وغير الأنبياء واحتجّت عليه بقوله تعالى:
(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) وكلاهما نبيّ (ص).(49)(50)
امّا الحادثة الأخرى التي وقعت لأبي بكر في أوّل خلافته واختلف فيها عمر بن الخطاب وقد تأوّل فيها النصوص القرآنية والنبويّة، تلك هي قصّة خالد بن الوليد الذي قتل مالك بن نويره ونزا (الزنا مع الهجوم والتجاوز بالعنف) على زوجته فدخل بها في نفس الليلة، وكان عمر يقول لخالد: يا عدّو الله قتلت إمرءاً مسلماً ثمّ نزوتَ على إمرأته، والله لأرجمنّك بالأحجار.
ولكنّ أبابكر دافع عنه وقال: هبه يا عمر. تأوّل فأخطأ فأرفع لسانك عن خالد.(51)

رفض النصّ النبوي بسبب اجتهادات الصحابة:
أصبح العلماء السُنّة والأئمّة بعد الصحابة، يقيسون على اجتهادات الصحابة ويرفضون بعض الأحيان النصّ النبوي إذا تعارض مع ما فعله أحد الصحابة، أو حتّى النصّ القرآني فقالو بترك الصلاة مع فقد الماء رغم وجود النصّ على التيمّم في كتاب الله وسنّة الرسول الثابتة ومع ذلك كلّه، إجتهدوا!
ومن الصحابة الذين فتحوا هذا الباب، هو خليفة الثاني الذي استعمل رأيه مقابل النصوص القرآنيّة بعد وفاة الرسول (ص)، فعطّل سهم المؤلّفة قلوبهم الذين فرض الله لهم سهماً من الزكاة وقال: لا حاجة لنا فيكم.(52)
ومن مواقف عمر المتعدّدة تجاه النبيّ (ص) وسُنّته، نفهم بأنّه ما كان يعتقد يوماً بعصمة الرسول (ص) بل كان يرى أنّه بشر يخطىء ويصيب.
ومن هنا جاءت الفكرة لعلماء أهل السُنّة والجماعة بأنّ رسول الله معصوم في تبليغ القرآن فقط وما عدا ذلك فهو يخطىء كغيره من البشر.
ولمّا اقتدوا بالصّحابة المجتهدين الذين منعوا كتابة السُنّة النبويّة، وجدوا أنفسهم مضطرّين أمام غياب النصوص للإجتهاد بالرأي والقياس والإستصحاب وسدّ باب الذرائع والى غير ذلك…(53)

اجتهاد عمر بن الخطاب مقابل نصوص:
إنّ للخليفة الثاني عمر تاريخاً حافلا من اجتهاده مقابل النصوص الصريحة من القرآن الكريم والسُنّة النبويّة الشريفة، وأهل السُنّة يجعلون ذلك مِن مفاخره ومناقبه التي يمدحونه لأجلها، والمُنصِفون منهم، يلتمسون لذلك أعذاراً وتأويلات باردة لا يقبلُها عقل ولا منطق وإلاّ كيف يكون مَن يعارض كتاب الله وسنّة نبيّه من المجتهدين، والله يقول: (وَما كانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(54)
وأخرج البخاري في صحيحه كتاب الإعتصام بالكتاب والسُنّة، في باب ما يذكرُ مِن ذمِّ الرأي وتكلّف القياس ولا تقفُ ولا تقل ما ليس لك به علم، قال النبيّ (ص): إنّ الله لا ينزعُ العلم بعد أن أعطاهُموه انتزاعاً، ولكن ينتزعُه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناسٌ جُهّالٌ يُسْتَفتونَ فَيُفتُون برأيهم فيُضِلّون ويَضِلّون.(55)

اجتهادات معاوية:
كيف يحكم العقل السليم باجتهاد معاوية ويُعطيه أجراً على:
1) حَربه إمام المسلمين وقتله المؤمنين الأبرياء وإرتكابه الجرائم.
2) وقد كان إمام الفئة الباغية ففي الحديث المشهور: وَيح عمار تقتله الفئة الباغية/ وقد قتله معاوية.
3) وقد دسَ السمّ للحسن بن علي (ع) سيّد شباب أهل الجنّة وقتله.
4) وقد أخذ البيعة من الأمة بالقوّة والقهر لنفسه أولا ثمّ لأبنه الفاسق يزيد من بعده.
5) وقد حمل الناس على لعن علي (ع) وأهل البيت ذريّة المصطفى مِن فوق المنابر.(56)

باب الاجتهاد عند الشيعة:
وأمّا عند الشيعة باب الاجتهاد مفتوحاً ما دامت النصوص قائمة ولا يمكن لأىّ أحد تبديلها، وأعانهم على ذلك وجود الأئمّة الإثنى عشر الذين ورثوا علم جدّهم، فكانوا يقولون ليس هناك مسألة إلاّ ولله حكم فيها وقد بَيّنه رسول الله (ص).(57)
(أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(58)

الإمام علي (ع) أعلم من كلّ الصحابة
سجّل لنا التاريخ أنّ الامام علي (ع) هو أعلم الصحابة على الاطلاق وكانوا يرجعون إليه في أمّهات المسائل ولم نعلم أنّه (ع) رجع الى واحد منهم أبداً.
فهذا أبوبكر يقول: لا أبقاني الله لمعضلته ليس لها أبوالحسن.
وهذا عمر يقول: لو لا علي (ع) لهلك عمر.(59)

باب الاجتهاد عند أهل السُنّة:
أهل السُنّة والجماعة لمّا اقتدوا بالصحابة المجتهدين الذين منعوا كتابة السُنّة النبويّة وجدوا أنفسهم مضطرّين أمام غياب النصوص للإجتهاد بالرأي والقياس والإستصحاب وسدّ باب الذرائع الى غير ذلك…
الشيعة إلتفوا حول الامام علي (ع) وهو باب مدينة العلم والذي كان يقول لهم: سلوني عن كلّ شيء فقد علّمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لكلّ باب ألف باب.(60) وغير الشيعة إلتفوا حول معاوية بن أبي سفيان الذي لم يكن يعرف مِن سُنّة النبيّ (ص) الا قليلا(61).

هل عمر بن الخطاب أشجع الصحابة:
عجيبٌ والله أمر عمر بن الخطاب الذي هو معدود عند أهل السُنّة من أشجع الصحابة إذا لم يكن أشجعهم على الاطلاق، لأنّهم يروون بأنّ الله أعزّ به الإسلام، وأنّ المسلمين لم يجهروا بالدعوة الا بعد إسلامه!! وقد أوقفنا التاريخ على الصحيح والواقع، كيف أنّه ولّى دُبره وهرب من المعركة يوم أحد، كما ولّى دُبره وفرّ هارباً يوم خيبر عندما أرسله(62) رسول الله (ص) الى مدينة خيبر ليفتحها، وأرسل معه جيشاً فأنهزم هو وأصحابه ورجعوا يجبّنونه ويُجبّبنهم، كما ولّى دُبره وهرب يوم حنين مع الهاربين، أو لعلّه كان أوّل الهاربين، وتبعه الناس، إذ كان هو أشجعهم!
فقد قال له ولأصحابه الله سبحانه وتعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الاَْدْبارَ)(63)، كما أخذ الله عليه وعلى أصحابه عهداً بذلك، فقد جاء في الذكّر الحكيم: (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الاَْدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً)(64) فكيف يُولّى أبو حفص الدّبر من الزّحف ويدّعي أنّ ذلك أمر الله؟؟
شهادة البخاري بأنّ الصحابة على كثرة عددهم ولّوا مُدبرين يوم حنين.
وإذا كان أمر الله لا يطاع من أكثر الصحابة، فلا يُستغرب منهم الإعراض عن أوامر الرسول (ص) وهو حيّ معهم.(65)

خلاف فاطمة (س) مع أبي بكر:
إنّ أبابكر تعمّد إيذاء الزهراء (س) وتكذيبها لئلاّ تحتجّ عليه بنصوص الغدير وغيرها على خلافة زوجها وابن عمّها علي (ع) ونجد قرائن عديدة على ذلك.
ولو كان أبوبكر مُخطئاً عن حُسن نيّة أو على اشتباه، لأقنعته فاطمه (س) ولكنّها غضبت عليه ولم تكلّمه حتّى ماتت، لأنّه ردّ في كلّ مرّة دعوتها ولم يقبل شهادتها ولا شهادة زوجها ولكلّ هذا اشتدّ غضبها عليه حتّى أنّها لم تأذن له بحضور جنازتها حسب وصيّتها لزوجها الذي دفنها في الليل سرّاً.(66)
الخصومة بين أبي بكر وفاطمة (س):
كثيراً من المؤرخين ومن علمائنا يعترفون بأنّ فاطمه (س) خاصمت أبابكر في قضيّة النِّحلة والإرث وسهم ذي القُربى فُرّدت دعواها حتّى ماتت وهي غاضبة عليه، ألا أنّهم يمرّون بهذه الأحداث مرور الكرام ولا يريدون التكلّم فيها حفاظاً على كرامة أبي بكر كما هي عادتهم في كلّ ما يمسّه من قريب أو بعيد.
والحال يقتضي أنّ فاطمه (س) أدّعت وأبابكر رفض دعواها، فأمّا أن تكون كاذبة و«العياذ بالله» حاشاها، أو أن يكون أبابكر ظالماً لها وليس هناك حَلا ثالثاً للقضيّة كما يريدها بعض علمائنا.

حرب عائشة مع الإمام علي(ع):
نتسائل عن حرب الجمل التي أشعلت نارها أمّ المؤمنين عائشة اذْ كانت هي التي قادتها بنفسها فكيف تخرج أمّ المؤمنين عائشة مِن بيتها التي أمرها الله بالإستقرار فيه بقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الاُْولى)(67)
ونسأل بأىّ حقّ استباحت أم المؤمنين قتال خليفة المسلمين علي بن أبي طالب (ع) وهو وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة؟ وكالعادة وبكلّ بساطة يُجيبنا علماؤنا (أهل السنّة) بأنّها لا تحبّ الامام علي (ع) لأنّه أشار على رسول الله بتطليقها في حادثة الإفك!؟(68)
ــــــــــــــــــــــــــــ
2) فسألوا أهل الذكر/ التيجاني: 113/ أ/ 29 ـ 2 ـ 14.
3) فسألوا أهل الذكر/ التيجاني: 114.
4) التوبة: 39 ; المائدة: 28; الأنفال: 25; الأحزاب: 12; الصف: 3; الحديد: 16; الحجرات:17; التوبة: 24; محمّد: 30.
5) الزخرف: 78.
6) فسألوا أهل الذكر، التيجاني: 123 الى 125.
7) آل عمران: 144.
8) التوبة: 38 و 39.
9) الحديد: 16.
10) ثمّ اهتديت: 98.
11) الأحزاب: 33.
12) الأنفال: 41.
13) النساء: 59.
14) ثمّ اهتديت، التيجاني: 78 ـ 79.
15) فسألوا أهل الذكر (التيجاني): 157 و 158.
16) صحيح البخاري 2: 154; صحيح مسلم 1: 260.
17) ثمّ اهتديت، التيجاني: 106.
18) صحيح مسلم 2: 143 كتاب صلاة المسافرين.
19) ثمّ اهتديت، التيجاني: 132.
20) سنن النسائي 8: 74، وكذلك في السُنن الكبرى 4: 334 ح 7388.
21) الملل والنحل للشهرستاني: 1، 23.
22) مسند أحمد 4: 114، سنن ابن ماجه 2: 950 ح 2848، سنن أبي داود 1: 614 ح 2710.
23) سعد بن عبادة: 16.
24) قوله (ص): «لا يتحدّث الناس… فيه دليل واضح على أنّ المنافقين هم من الصحابة، فقول: «أهل السنّة والجماعة» بأنّ المنافقين ليسوا من الصحابة مردود عليهم; لأنّه ردُّ على رسول الله الذي يُسمّيهم أصحابه (المؤلف: التيجاني).
25) الشيعة هم أهل السُنّة، التيجاني: 467.
26) التوبة: 107.
27) الشيعة هم أهل السُنّة، محمّد التيجاني: 467.
28) فسألوا أهل الذكر (التيجاني): 159.
29) قضيه خالد بن الوليد ودخوله بليلى بنت المنهال بعد قتل زوجها/ التيجاني نفس المصدر.
30) فسألوا أهل الذكر (التيجاني): 160.
31) ثمّ اهتديت، التيجاني: 93 ـ 86.
32) فاسألوا أهل الذكر، التيجاني: 252.
33) الحجرات: 2.
34) فاسألوا أهل الذكر، التيجاني: 252/ أ/ 29 ـ 6 ـ 49.
35) نفس المصدر: 258.
36) فاسألوا أهل الذكر، التيجاني: 285.
37) صحيح البخاري 6: 65. (كتاب فضائل القرآن، سورة المنافقين).
38) الشيعة هم أهل السُنّة، التيجاني: 452.
39) الشيعة هم أهل السُنّة، التيجاني: 453.
40) المؤمنون: 70.
41) التوبة: 101.
42) التوبة: 97.
43) صحيح البخاري 4: 206 (كتاب المناقب، باب مناقب المهاجرين).
44) التوبة: 99.
45) صحيح البخاري 7: 209 (كتاب الرقاق، باب الحوض) بألفاظ مختلفة.
46) الشيعة هم أهل السُنّة، محمّد التيجاني: 454.
47) الشيعة هم أهل السُنّة، محمّد التيجاني: 455.
48) النساء: 11.
49) النمل: 16.
50) ثمّ اهتديت، التيجاني: 153.
51) ثمّ اهتديت، التيجاني: /155 الهامش 1.
52) ثمّ اهتديت، التيجاني: 165.
53) ثمّ اهتديت، التيجاني: 165.
54) الأحزاب: 36.
55) فاسألوا أهل الذكر، التيجاني: 309.
56) ثمّ اهتديت، التيجاني: 121.
57) ثمّ اهتديت، التيجاني: 166 و 169.
58) اليونس: 35.
59) ثمّ اهتديت، التيجاني: 146، الهامش 1.
60) تاريخ دمشق لابن عساكر 2: 484 ترجمة الامام علي بن أبي طالب (ع). مقتل الحسين للخوارزمي 1: 38; الغدير للأميني 3: 120.
61) ثمّ اهتديت، التيجاني: 169.
62) فاسألوا أهل الذكر، التيجاني: 206.
63) الأنفال: 15.
64) الأحزاب: 15.
65) فاسألوا أهل الذكر، التيجاني: 199 الى 207.
66) ثمّ اهتديت، التيجاني: 138، الهامش 3.
67) أحزاب: 33.
68) ثمّ اهتديت، التيجاني: 117 الى 119

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر الأستاذ صالح الورداني:

مَن هو «الصحابي» عند السنّة، وما هو المقصود مِن العدالة:
يقول البخاري (البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله): مَن صحب النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو رآه من المسلمين فهو مِن أصحابه.
ويقول ابن تيميّة: ومن أصول أهل السُنّة والجماعة، سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله). ويقبلون ما جاء في الكتاب والسُنّة والاجماع مِن فضائلهم ومراتبهم.(1)
ويفسّر أهل السُنّة، المقصود بالعدالة: تفصيله أن يكون مسلماً بالغاً عاقلا سالماً من أسباب الفسق.
ومثل ما يقال حول الصحابة عند أهل السُنّة، يقال مثله عن أمّهات المؤمنين زوجات النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومثلما جعلوا أفضل الصحابة أبوبكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ عليّ، جعلوا عائشة أفضل زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله) واعتبروها حاملة علم الرسول (صلى الله عليه وآله).(2)
وامّا فكرة عدالة الصحابة مرفوضة عند الشيعة بصورتها العموميّة التي يتبناها أهل السُنّة إنّ مفهوم العدالة إنّما يتحقّق في آل البيت وحدهم وهم مصدر تلقّي الكتاب والسُنّة.
ــــــــــــــــــــــــــــ

1) عقائد السُنة وعقائد الشيعة، صالح الورداني: 191، الهامش 4، 189.
2) عقائد السُنّة وعقائد الشيعة، صالح الورداني: 194.

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر د. عبد الباقي قرنه الجزائري:

هل الصحابة اختاروا زَمن ولادتهم؟:
إنّ الصحابة لم يختاروا زمن ولادتهم حتّى يكون لهم في ذاك فضيلة بل إنّ ذلك محسوبٌ عليهم لا لهم، لأنّ الحجّة عليهم أشدّ وأبقى، فقد شهدوا الوحي والمعجزات، وأخذ عليهم الميثاق أن يسمعوا ويطيعوا، وألاّ ينقلبوا بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وثبت أنّهم لم يفوا بما عاهدوا الله عليه إلاّ قليلا منهم، وقليلٌ مِن عبادي الشكور.(1)
وقد ثبت أنّ الصحابة اتفقت مواقفهم على مخالفة النبيّ (صلى الله عليه وآله) في مواطن عديدة، من بينها ما ذُكر في صحيح مسلم ـ مسلم النيسابوري 3: 141:
(حدثنى) محمّد بن المثنى حدثنا عبدالوهاب يعني ابن عبدالمجيد حدثنا جعفر عن أبيه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج عام الفتح إلى مكّة في رمضان فصام حتّى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثمّ دعا بقدح من ماء فرفعه حتّى نظر الناس إليه ثمّ شرب فقيل له بعد ذلك إنّ بعض النّاس قد صام فقال أولئك العُصاة أولئك العصاة. ولا أدري لِمَ لا ينطبق على العصاة قوله تعالى: ومَن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مُبيناً.(2)

قضيّة المبشّرين بالجنّة:
إنّ الذين يريدون إثبات (عدالة جميع الصحابة) لا يمتلكون دليلا يرفع هامة صاحبه، لذلك فهم يتمسّكون بشُبهات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تعدوا أن تنبىء عن سخافة عقل قائلها متعمّداً.
ههنا إشكالا في قضيّة المبشّرين بالجنّة، فإنّ المفروض أنّ المبشّر بالجنّة لا يفكّر إلاّ في ساعة الرحيل التي يتخلص فيها نهائياً مِن دار الغرور ليلتحق بربّ غفور، وليست الحال كذلك بالنسبة للصحابة المعنيين، وهذه كلماتهم، وعلى وجه الخصوص ما كان منها على فراش الموت تشهد عليهم، وإقرار العاقل حُجّة عليه.
أهكذا يتكلّم المبشّر بالجنّة حينما يدنو موعد لقاء الحبيب؟
في تاريخ الخلفاء للسيوطي، 1: 142 (مطبعة السعادة ـ مصر ـ 1952): وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الضحاك قال، قال أبوبكر والله لوددت أنّي كنت شجرة الى جنب الطريق فمرّ عَلَيّ بعير فأخذني فأدخلني فاه. فلاكني ثمّ أزدردني ثمّ أخرجنى بعراً ولم أكن بشراً فقال عمر، يا ليتني كنت كبش أهلي سّمنوني ما بدا لهم حتّى إذا كنت كأسمن ما يكون زارهم من يحبّون فذبحوني لهم فجعلوا بعضى شواءً وبعضى قديداً ثمّ أكلوني ولم أكن بشراً!
عجيب مثل هذا الكلام مِن رجلين أحدهما لو وضع ايمان الأمة في كفّة وايمانه في كفّة، لرجحت كفّته! والثاني ينطق روح القُدس على لسانه!
أليس الرجلان مُبشّرين بالجنّة؟
أهكذا يتكلّم المبشّر بالجنّة حينما يَدنو موعد لقاء الحبيب؟
إنّ هذا الكلام أشبه ما يكون بكلام يائس مِن رحمة الله، ولا يشتّم منه رائحة استبشار نعم القول ما قال علي بن ابي طالب (ع): فزت وربّ الكعبة.
والقول ما قال بلال وهو على فراش الموت: غداً ألقى الأحبّة محمّداً وحزبه.(3)

موقف الخلفاء إزاء أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) يوم حرق الدار
الذين يقولون إنّ أبابكر أولى الناس بها ]الخلافة[، هم أنفسهم يروون أنّه كان في شك من أمرها! وهم أنفسهم يشهدون للصحابة بالتقوى والاخلاص والرحمة بالمؤمنين وفي نفس الوقت ينسبون اليهم أعمالا لا يرتكبها مَن في قلبه ذرّة من الإنسانيّة فما بالك بالتقوى.(4)
لقد جرت العادة والعُرف أن يتعامل الناس مع العائلة التي فقدت بعض أفرادها برحمة ولين فيتوجّهون إليها للتعزية ويظهرون المشاركة في الحزن، ويتأدبون في المواساة و…
لكن جماعة السقيفة خرموا هذا العرف، وأقبلوا على أفضل أهل بيت أقلّتهم الغبراء وأظلّتهم الخضراء يحملون النّار. سادة أهل الجنّة يُهدّدون بالنّار لأنّهم قالوا لا نرضى بالتحريف وتغيير الحقائق وطمس معالم الدين. أيكون مؤمناً حقّاً من يقع في علمه أنّ بيتا كان يجلس فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجبريل هُجم عليه بالنار ولا يتحرّك في قلبه شيء؟
وبقي الأنصار يتفرّجون لأنّ القضية بالنسبة إليهم نزاع بين رجال قريش حول الزعامة! ولفاطمة (عليها السلام) حُرمات:

حُرمة فاطمة (سلام الله عليها):
منها حُرمة المطهّرة بنصّ الكتاب العزيز، وحُرمة سيّدة نساء العالمين، وحُرمة سيّدة نساء أهل الجنّة، وحُرمة بنت النبيّ المصطفى (عليهما السلام)، وحُرمة المؤمنة المهاجرة في سبيل الله، وحُرمة أم سيّدي شباب أهل الجنّة… ولم يكن أحد يجهل ذلك، فكيف حصل ما حصل؟ كيف ضيّعت كلّ هذه الحُرمات دفعة واحدة؟
في الملل والنحل للشهرستاني المتوفّي سنة 548 (ص 83 طبع مصر تحت اشراف محمّد فتح الله بدران) وأيضاً ( 1: 77 مطبعة حجازي 1368 هـ القاهرة) نقلا عن النظام ما لفظه فقال ـ أي النظام ـ إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين مِن بطنها وكان يصيح أحرقوا دارها بمَن فيها وما كان في الدار غير علي، وفاطمة والحسن والحسين، انتهى وفي ذيل الصفحة زيادة هذه الكلمة (ألقت المحسن مِن بطنها).
أمّا الذين يلبسون على أنفسهم فإنّهم لا يبالون أن يعتبروها إمرأة كسائر النّساء، مهما قال النبيّ (ص) ومهما نزل من القرآن، لأنّ هدفهم الإبقاء على الأمور كما هي، صوناً لبعض المقامات المقدّسة بغير حقّ.(5)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) قراءة في سلوك الصحابة، عبدالباقي قرنَه: 76.
2) قراءة في سلوك الصحابة، عبدالباقي قرنه: 91.
3) قراءة في سلوك الصحابة، عبدالباقي قرنه: 37.
4) قراءة في سلوك الصحابة، عبدالباقي قرنه: 110.
5) قراءة في سلوك الصحابة، الأستاذ عبدالباقي قرنه: 110 ـ 111.

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر عبد المنعم حسن السوداني:

الصحابة في القرآن:
والمتتبع لآيات الذّكر الحكيم بعيداً عن التعصّب والإلتفات إعراضاً عن الحقيقة يدرك أنّ في الصحابة منافقين مردوا على النفاق، وحاولوا إغتيال الرسول (ص) وفيهم المرتابون وأنّ القلّة منهم مؤمنة بحقّ وقد أطلق عليهم القرآن صفة الشاكرين:(2)
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(3)
وممّا لا شكّ فيه أنّ المنافقين والمُرتابين والذين سينقلبون على أعقابهم، عاشوا مع النبيّ (ص) وصلّوا خلفه وصحبوه في حلّة، وهذه بعض الآيات التي تتحدّث عن حال بعضهم وهم حول النبىّ (ص): (قالَتِ الاَْعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاِْيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ)(4)
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ)(5)
(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْر لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(6)
(أهل السُنّة جعلوا الصحابة اصلا من أصول الدين) لا يجوز النقاش فيه أو السؤال عنه أو الطعن فيه بينما يمكنك الحديث عن رسول الله (ص) بكلّ ارتياح، وأصبح عندهم الأمر عكسياً الأصل (النبوّة) صار فرعاً والفرع (الصحابة) أصبح أصلا، (وعند نقدك لأحد الصحابة تتّهم بالزندقة وعندما تدافع عن عصمة الرسول (ص) يثبتون بشتّى الطرق أنّه يخطىء ويسهو ويصيبه السحر وأنّ عمر بن الخطاب يفكّر ويقدّر أفضل منه)!!(7)

والمسلمون منقادون لعلمائهم بدون تعقّل ودراية:
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ)(8)
فخاضوا بهم في متاهات لا يعلم مداها إلاّ الله سبحانه وتعالى، وكثيراً ما يشتبه القوم في استدلالهم على عدالة جميع الصحابة بقوله تعالى:
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)(9)
مع أنّ الآية تتحدّث عن المؤمنين فقط وتحصر رضي الله سبحانه وتعالى فيهم. والاستدلال بقوله تعالى (المؤمنين) على أنّهم جميع الصحابة محلّ نظر يضاف الى ذلك أنّ هنالك منافقين قد بايعوا رسول الله (ص) على هذه الواقعة ومِن ضمنهم كما ذكر المؤرخون عبدالله بن سلول المنافق المعروف، فهل يا ترى تشمله هذه الآية إذا قلنا بالنفي، فالمعنى الواضح أنّ الآية لا تشمل كلّ مَن بايع وإنّما المؤمنين منهم وبالتالي فهي مُخصّصة ولا يصح أصلا الإحتجاج بها، لأنّها أخصّ من المدّعى، وإثبات إيمان كلّ الصحابة يحتاج إلى دليل سابق على ذلك. ثمّ إنّ الله تعالى يقول في آية أخرى:
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ)(10)
والآية صريحة بإخبارها أنّ هنالك مَن ينكث وبهذا يكون رضا الله تعالى مادام الايمان والاستقامة وعدم الانتكاث وحديث البراء المتقدّم يؤكد على ذلك.(11)

المُصيبة التي مُنيت بها هذه الأمّة:
والمصيبة التي منيت بها هذه الأمّة هي عدم كتابتها للحديث وذلك من جانب أبي بكر وعمر اللذين شدّدا في منع نشر كلمات النبيّ (ص) فتأخّر زمان التدوين لينتهز معاوية الفرصة ويغدق في العطاء للوضّاعين للحديث ويوسّع عليهم لضرب خصومه السياسيين وعلى رأسهم علي (ع) الذي أمر معاوية بسبّه على المنابر، استفاد معاوية من هذا المنع وأجزل في الدفع. لوعّاظ السلاطين لكي يختلقوا له مجموعة من الفضائل والمناقب للخلفاء الثلاثة في مقابل فضائل لعلي (ع)، وعلى امتداد التاريخ لم يبق حديث في فضائل أهل البيت (ع) إلاّ وألّفوا في مقابله فضيلة لأعدائهم، ومثال ذلك حديث «أصحابي كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» والذي كان في مقابل حديث «النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض».(12)

ــــــــــــــــــــــــــــ
2) بنور فاطمة (س) اهتديت، عبدالمنعم حسن: 169.
3) الزخرف: 78.
4) الحجرات: 14.
5) التوبة: 81.
6) التوبة: 61.
7) بنور فاطمة اهتديت، عبدالمنعم حسن: 175 ـ 169 ـ 170 ـ 171.
8) التوبة: 31.
9) الفتح: 18.
10) الفتح: 10.
11) بنور فاطمة اهتديت، عبدالمنعم حسن: 175 ـ 176.
12) بنور فاطمة (س) اهتديت، عبدالمُنعم حسن: 178.

 

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر محمد علي المتوكل:

دليل القائلين بعدالة كل الصحابة
لا دليل للقائلين بعدالة كلّ الصحابة إلاّ:
1 ـ التأويل الخاطىء لبعض آيات القرآن وتجاهل البعض الآخر، والإعتماد على المفتريات من الروايات، وتخصيص الأحاديث التي تذكر الصفات السلبيّة لبعضهم والتي تتنبّأ بردة بعض وإنقلابهم وإنحرافهم عن الخط.
2 ـ دليل آخر هو الذي يقوم على الدور المفترض للصحابة بعد النبيّ (ص)، كرواة لحديثه، ونقله لأحكام الدين عنه، وبتعبير السلف هم الشهود على ذلك، غير أنّ هذا الإفتراض إنّما يرد إذا تحقّق إفتراض آخر، هو وفاة النبيّ (ص) دون وصيّه ودون تعيين لمَن يشغل مكانه بعد رحيله، وهو افتراض يقوم بدوره على القول بعدالة الصحابة واستبعاد مخالفتهم لوصية نبيّهم، والإجتهاد في مقابل كلامه، وتمردهم على الوصىّ.
أمّا الصحابة فواجبهم بعد النبيّ (ص) هو اتباع مَن نصبه النبيّ لهم وأمرهم بطاعته فإن فعلوا ذلك، ثبتت عدالتهم وتوثقت روايتهم، وإنْ لم يفعلوا فقد أخلو بأهمّ شروط العدالة وهكذا لا يمكن الإعتماد على نقلهم أو آرائهم الشخصيّة التي يراها البعض جزءاً من التشريع.
مجرّد الصحبة أو الرؤية لا يترتّب عليها عدالة، ولذا نجد أنّ القرآن قد سلّط الضوء بصورة مركّزة على أصحاب الأنبياء السابقين وكشف عن نقاط القوة والضعف فيهم، وبين مدى المعاناة التي عاناها الرُسل والأنبياء مع أتباعهم الذين لم يَستقم منهم ـ في الغالب ـ إلاّ القليل.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) ودخلنا التشيّع سُجّداً، محمّد علي المتوكل: 120.

 

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر سماحة السيد حسين الرجا:

هل كلّ الصحابة مؤمنون؟:
ليس كلّ الصحابة مؤمنين يبتغون فضلا من الله ورضواناً وإن كانوا رُكّعاً سجّداً وذلك باجماع الأمّة حيث يوجد فيهم المنافقون والشكّاكون والمؤلّفة قلوبهم وضعفاء الايمان وهؤلاء كلّهم كانوا يصلون في الظاهر مثل المؤمنين حقاً حفاظاً منهم على أنفسهم من خطر الافتضاح لا ايماناً بنبوّة محمّد (ص) ولا ابتغاء لرضوان الله، ولا أفضل من الأدلّة التالية:
1 ـ قال تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الاَْعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(2) وكانوا إذا خلوا بأنفسهم عضوا على رسول الله (ص) والمؤمنين الأنامل من الغيظ على رغم أنّ مسجد رسول الله (ص) يضيق بهم والكثير منهم غزاة في الكثير من المشاهد.
2 ـ يشهد لكثرة المنافقين وأنّهم نصف الصحابة أو يزيدون، ارتداد العرب بعد موت رسول الله (ص) الا المدينة المنوّرة وكذا مكّة المكرّمة بسبب سهيل بن عمرو وقليل من الناس، وعلى هذا الأساس نشأت الحروب في عهد أبي بكر.(3)

هل كلّ الصحابة موصوفون في التوراة والإنجيل؟
ليس كلّ الصحابة موصوفين في التوراة والإنجيل، بل الموصوفون فيها هم الأشداء على الكفّار بأسيافهم ورحماء بينهم بالعدل في شتّى مناحي الحياة، وركعٌ سجّدٌ يبتغون رضوان الله بشرط الايمان، والا فالكثير منهم منافقون، ومنهم مَن لم يَقْتُل في سبيل الله ولم ينزل الى الميدان ولم يغزُ في سبيل الله ومنهم مَن إذا غزا يفرّ من الزحف، ومِن أبرزهم عثمان بن عفان، ومنهم مَن هو أجبن مِن اليربوع مثل حسّان بن ثابت شاعر رسول الله (ص) ومنهم مَن لا يحفر غاراً ولا يبيت الا بغار مثل أبي هريرة، ومنهم مَن توفي رسول الله وهو غاضب عليه مثل وحشي قاتل حمزة، والوليد بن عقبة بن أبي معيط الفاسق وعبدالله بن سعد بن أبي سرح مزوّر القرآن الكريم. فكلّ هؤلاء المذكورين أوصافهم سيّئة، وامّا الموصوفون في التوراة والإنجيل قبل التحريف هم أصحاب الصفات الحميدة.(4)
نقل السيوطي عن البغوي وأبي بكر الشافعي وابن عساكر من حديث عائشة قولها:
(لما توفي رسول الله (ص) أشرأب النفاق وأرتدت العرب وأنحازت الأنصار)(5)
وقال ابن الأثير: (وأرتدت كلّ قبيلة عامة أو خاصة إلاّ قريشاً وثقيفا).(6)
وقال المسعودي: (ولمّا أرتدت العرب إلاّ أهل المسجدين وما بينهما وأناس من العرب).(7)
بدأ هذا الحدث المستطير بعد إستلام أبي بكر للخلافة بعشرة أيّام ويسمّى أصحابه (أهل الردة) فانظر في شأن أصحاب رسول الله (ص) الذين بلغت أعدادهم «124» ألف صحابي حسب احصائيات أبي زرعة الرازي، تجد أنّهم أرتدّوا عن الإسلام بمجرد أنْ مات رسول الله (ص) إلاّ قليلا وبعضهم كفر بالله وبعضهم آمن بنبوّة سجاح بنت الحارث التميمية وبعضهم آمن بنبوّة طليحة بن خويلد الأسدي وبعضهم آمن بنبوّة مُسيلمة الكذّاب وبعد أن قام أبوبكر بحروب الردة وخضعت العرب لحرّ الحديد أصبحوا على بكرة أبيهم مسلمين وصحابة!(8)
ــــــــــــــــــــــــــــ
2) التوبة: 101.
3) دفاع مِن وحي الشريعة، سيّد حسين الرّجا: 159.
4) دفاع مِن وحي الشريعة…، سيّد حسين الرّجا: 161.
5) تاريخ الخلفاء للسيوطي: 68.
6) الكامل لأبن الأثير 2: 342.
7) مروج الذهب، 1 الجزء 2: 308.
8) دفاع مِن وحي الشريعة… السيّد حسين الرّجا: 287.

 

 

*عدالة الصحابة عند المستبصر سماحة السيد ياسين معيوف البدراني:

مَن هم الصحابة المنافقون ومَن هم الصحابة العدول؟
(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)(2)
(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا)(3)
لقد همّ أدعياء الايمان هؤلاء لقتل الرسول (ص)، مرّات ومرّات ومَن قرأ السير، سيجد سيرة أولئك المنافقين الذين يسميهم بعض المؤرخين: أصحاب عدول: كيف يكونون عدولا وفيهم المنافق والمرائي وعدوّ الرسول (ص) وضعيف الإيمان وإذا كان القرآن الكريم قد وصفهم بما يستحقّون فكيف يمكن وكيف نستطيع أن نخالف القرآن الكريم وأن نقول في كتاب الله ما ليس فيه وأن نصف مثل هؤلاء بأنّهم عدول وبأنّهم كلّهم من أهل الجنّة.(4)
قال تعالى: (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ)(5)
ممّا تقدم نرى ونشهد أن ايمان الكثير من الصحابة ما كان إلاّ وقاية وذريعة وهم الذين أغضبوا ربّ السماء فأنزل بحقّهم آيات كثيرة، لكن أصحاب المصالح المرتبطة مع مصالح اولئك المنافقين، أصحاب المصالح من السلاطين والحكّام يدوّنون لهم المناقب الكثيرة والفضائل الجمه ويروون عنهم أحاديث شريفة غير صحيحة تقول: (أصحابي كالنجوم بأيّهم اهتديتم اقتديتم) رواه كتاب آراء علماء المسلمين في التقيّة والصُحبة وصيانة القرآن: 81 ـ 82.
ثمّ جاءت بعض الكتب المفروضة المدسوسة لتقول: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله فاعلم أنّه زنديق والذين ينتقصون أحداً على الإطلاق من أصحاب الرسول (ص) هم زنادقة والجُرح أولى بهم ومَن عابهم أو انتقصهم فلا تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تصلوا عليه).
ورد الاصابة في تمييز الصحابة (العسقلاني): 17 ـ 18.
بينما يقول الله فيهم سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين:
(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً)(6)
وهم ضعيفوا الايمان إذا سمعوا أيّ نبأ دنيوي عن تجارة أو غير ذلك يسارعون إلى الخروج من المسجد والرسول الكريم قائمٌ خطيباً على المنبر.(7)

هل في آية الغار، مَنقبة لأبي بكر؟:
(إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُود لَمْ تَرَوْها)(8)
أراد بعض المفسّرين لهذه الآية الكريمة أن ينسّبوا لأبي بكر منقبةً كبيرة وفضلا كثيراً محتجّين بصحبته للنبيّ (ص) قائلين أو ليس هو صاحب الرسول في الغار ونحن نقول لهم بلي لقد صحب الرسول (ص) في الغار لكن هذه التسمية تعبر عن كلّ رفقة ومصاحبة حتّي أنّها وردت في أمكنة كثيرة من القرآن الكريم بحقّ غير الصالحين مثلا
يقول سبحانه وتعالى:
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً)(9)
ويقول تعالى: (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ)(10)
ويقول سبحانه: (فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)(11)
ويقول سبحانه: (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(12)
إنّ لفظة صحب ـ صاحب ـ صحبة ـ لا تعني المُساواة في الفضل وإنّما تعني أيّ صحبة عادية أخرى ولو كانت صحبة الطريق فلماذا نخالف منطق القرآن.(13)
فإنّ الآية الكريمة ليس لها أيّة علاقة في ماهيّة الشخصية الإسلاميّة واِعطائها ما تستحقّ من ثناء.
إنّ الصُحبة المذكورة بالقرآن لها مفخرة إجتماعية وتقدير عند الناس أمّا بالنسبة للقرآن فلمنطقه معنى آخر لا ينسجم مع المفاخر والمقاصد الإجتماعية الوضعية.(14)

هل كان لمعاوية فضائل؟!:
يقول الشوكاني في كتابه الفرائد المجموعة من الأحاديث الموضوعة: إنّه لا يصح في فضائل معاوية حديث واحد.
ويروي الطبري أنّ الحسن البصري كان يقول ويكرّر القول: (أربع خصال كنَّ في معاوية ولو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت موبقة):
1 ـ إنتزائه على هذه الأمّة بالسفهاء حتّى ابتزوها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة.
2 ـ إستخلافه إبنه بعده على رقاب المسلمين وهو سكير خمير يلبس الحرير ويضرب بالطنابير.
3 ـ قتله حجر بن عدي وأصحابه، ويل له من حجر وأصحابه ويل له من حجر وأصحابه.
4 ـ ونذكر قول الرسول الكريم (ص) لعمار بن ياسر: (تقتلك الفئة الباغية يا عمار) ومَن هو قائد هذه الفئة الباغية غير معاوية؟!
إنّ الكثير من الأحاديث وضعت لكي ترفع مكانة شخصيّات خسيسة منحطة ولكي تطمس معالم شخصيّات أخرى خصّها الله بالفضل والهدى والعلم والحلم والفصاحة والتّقى. فكانوا للعباد مناراً وهدى، لكن الحكّام المتسلطين من بني أميّة وبني العباس جاؤوا بما لا يرضى الله وافتعلوا الأكاذيب والأباطيل.(15)
ــــــــــــــــــــــــــــ
2) التوبة: 101.
3) التوبة: 74.
4) يا ليت قومي يعلمون، سيّد ياسين المعيوف البدراني: 60.
5) المنافقون: 1 ـ 2.
6) الجمعة: 11.
7) يا ليت قومي يعلمون، سيّد ياسين المعيوف البدراني: 61.
8) التوبة: 40.
9) الكهف: 37.
10) القمر: 29.
11) لقمان: 15.
12) النساء: 36.
13) يا ليت قومي يعلمون، السيّد ياسين المعيوف البدراني: 65.
14) يا ليت قومي يعلمون، سيّد ياسين المعيوف البدراني: 67.
15) يا ليت قومي يعلمون، السيّد ياسين المعيوف البدراني: 64 ـ 63.

 

 

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وآله أجمعين وصحبه المنتجبين الذين ساروا على منهج أهل البيت (عليهم السلام) وما بدلوا تبديلا.