حسينة حسن الدريب اليمنية

نبذة حياة عن المستبصرة اليمنية : حسينة حسن الدريب.

ولدَت في اليمن، ونشأت في أسرة متدينة تنتمي إلى المذهب الزيدي، لكنها بفعل الأجواء المناسبة التي توفّرت لها توجهت إلى البحث الجاد حول الأمور الدينية والمذهبية، فكانت النتيجة أن عرفت أنّ الحق مع المذهب الشيعي الامامي الاثني عشري، فتركت انتماءها السابق وتوجّهت بكل شوق إلى اعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
تقول الأخت حسينة: “إن اعتناقي للمذهب الجعفري كان بعد زواجي برجل كان قد اعتنق من قبل هذا المذهب، وقد يظن البعض أنني انتميت للمذهب الجعفري تقليداً لزوجي فحسب، ولكن يشهد الله أنني لم اختر هذا المذهب إلاّ بعد اقتناعي به وبعد معرفتي بالأدلة والبراهين الدالة على أحقّيته وصوابيته”.

لمحة مختصرة عن نشأتها:

تقول الأخت حسينة حول نشأتها: “نشأت في اسرة مديتنة والحمد لله تعالى، هي على المذهب الزيدي الشيعي، وكان والدي حفظه الله تعالى يحب هذا المذهب حباً شديداً، وكان دائماً ومنذ صغرنا يعلّمنا الصلاة والأحكام على ضوء المذهب الزيدي لكي لا نتأثر بالمعلومات والمجتمع الذي حولنا، والحمد لله وبفضل الله وجهود الوالد العظيمة لم نتأثر بأي فكر مخالف لأهل البيت (عليهم السلام) ـ حسب عقيدة الزيدية ـ وكنت أحب العلم والمتعلمين.
وكنت لا أجد فرقاً بين مذهب وآخر، وكان أكثر ما يهمني من الأشخاص حسن خلقهم وحسن تعاملهم وصدقهم وأمانتهم والتزامهم الأخلاق الفاضلة”.

موقفها من التيار الوهابي:

تقول الأخت حسينة: “ومرت الأيام وبدأ الوهابية ينتشرون بشكل كبير في منطقتنا، وكان والدي حفظه الله تعالى يحذّرنا دائماً منهم ويبيّن لنا حقائقهم، ويغرس في قلوبنا حب الخمسة من أهل الكساء (عليهم السلام) وأئمة الزيدية والإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) وثورته المباركة وخليفته (حفظه الله)، فنشأنا على ذلك، حتى دخلنا المدرسة فكنا فيها عندما يقول لنا الاستاذ: معاوية رضي الله عنه، فكنا نرفض الترضي عنه ونقول له: ان والدنا قال لنا انه حارب علياً (عليه السلام) وأنه لا يستحق الترضي.
ولشدة حبي للعلم وميلي لأهل العلم والأخلاق ومجالستهم كنت احضر لاستمع محاضرات استاذة وهابية بجوار منزلنا، وكنت ألاحظ في محاضراتها أشياء كثيرة وفق مذهب الوهابية، فكنت اقف ضدها ولكن للأسف لم يكن عندي علم اناقشها به، وكنت اعتمد على حبي لأهل البيت وكره أعدائهم الذي غرسه والدي (حفظه الله تعالى) في قلبي، ولم يكن عندي علم للرد على الشبهات ونحوها، لهذا قلت لنفسي: ان كنت واثقة من نفسي انني لا أتأثر بها، فسوف يتأثر بها غيري، فقررت البحث عن حل لهذه المشكلة، فجمعت معي مجموعة ثم طلبت بصورة غير مباشرة من الاستاذ علي الداهوق (حفظه الله تعالى) الذي كان معلم الدين في المذهب الزيدي في منطقتنا آنذاك أن يقوم بتدريسنا في مجال العلوم الدينية.
فاستجاب لدعوتنا وأتى إلى منزلنا وابدى استعداده لتدريسنا، فحدّدنا موعداً للدراسة وبالطبع بدأنا الدراسة بكل همه وجدية، ولقد احببت الدراسة من اعماق قلبي، ولشدة حبي لها صرت محل ثقة عند ذلك الاستاذ، فما مرت سنة كاملة حتى طلب مني ومن اختي واحدى زميلاتي أن نساعده في تدريس بعض المسائل العقائدية وغيرها كالطهارة والصلاة والتجويد..
ثم واصلت التدريس بكل جهد واخلاص لمدة أربع سنوات تقريباً، وكنا في دراستنا نتعلم النحو والفقه والقرآن ونبحث في التوحيد والعدل والامامة وغيرها، كما كنا نبحث حول التشبيه والقضاء والقدر في عقائد الوهابية والرد عليهم، أما الجعفرية فلم نتطرق إليهم وكذلك أهل السنة من غير الوهابية كنا نسمع عنهم ولكن لا نقرأ ادلتهم والرد عليها”.

جملة من نشاطاتها التبليغية:

تقول الأخت حسينة: “كان لنا بعض النشاطات التبليغة بالاضافة إلى التدريس، منها كنا نقوم ببعض المحاضرات والمجالس الدينية كمواليد الخمسة من أهل الكساء (عليهم السلام) والامام زيد وكذا وفاتهم، ولكن بطريقة تختلف عن أسلوب الشيعة الامامية، إذ لم يكن هناك فرق بين مجالس الولادة والعزاء إذ كان من كليهما يتم الحديث عن حياة ذلك الامام، وقصة ولادته أو وفاته، مع برامج اضافية اخرى كالحديث عن الوهابية وبطلان مذهبهم، لكن للاسف كنا لا نمتلك المعرفة الحقيقة بأهل البيت (عليهم السلام) .
وكذا قمنا بالتعاون لنشر مجلة اسميناها مجلة الزهراء، وكنت مديرة التحرير باشراف معلمنا القدير، ومعاونة السيد يحيى طالب مشاري (وكان أكثر اهتماماً من غيره بنشر وتوزيع المجلة) والاستاذ علي وحير وغيرهم ممن كانوا يوجّهوننا. وقبل تأسيس المجلة كنا آنذاك قد عملنا جمعية خيرية باسم (جمعية النساء الخيرية) شكلتها طالبات العلم الشريف في الجوف، وكنا نطبع المجلة على حساب الجمعية”.

موقفها من المذهب الجعفري:

تقول الاخت حسينه: “طبعاً في خلال دراستي لم أكن اسب الجعفرية، وكنت لا أشعر بوجود فارق يفصل أحدنا عن الآخر. كنت احس ان المذهب الجعفري أخو المذهب الزيدي، ولا يصح أن نفرق بينهما (وهذا ما سأضل اعتقده لأن المذهبين كلاهما شيعي والتفاهم بينهما ممكن ومتحدان في الولاء لأصحاب الكساء).
وكانت ترد على ذهني بعض الاسئلة، ولم أكن أجد لها جواباً، بل لم يكن هناك من اتباحث معه في هذا المجال.
وتحدثت مع أحدهم مرة حول أهل البيت (عليهم السلام) ، وذكرت انني من شيعتهم فقال لي: أنتم أهل البيت، انتم سادة (اشراف) ونحن شيعتكم. فتعجبت وتساءلت أنحن الأمان لأهل الأرض؟ أنحن أهل السفينة؟ أنحن..؟؟؟ فسكت في حيرة، لكني لم اناقش حتى نفسي لاذهب هذه الحيرة، وكأن الله قد قدّر لي اني سأبحث في المستقبل كل ما اخزنه في نفسي، ولم أجد من اناقشه، أو على الأقل لم اجد شخصاً يقول لي ان كلامي هذا مستحيل وينهي الموضوع.
ومرة كنا في مجلس عزاء فتطرّقت للآية (فَسْـَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل: 43) فقالت إحدى الأخوات الداعيات من الحركة الزيدية: نعم اسألوا أهل الذكر هذه هي أهل الذكر (تقصدني)، لقد هزني ذلك إذ لم يكن العلماء أهلا لذلك فكيف بي؟؟؟ طبعاً انا لم أكن أشك في المذهب انما صرت متحيرة لا أدري من هم أهل البيت؟ وأهل السفينة؟ و…”.

زواجها من رجل جعفري:

تقول الأخت حسينة: “بعد أربع سنوات من درسي وتدريسي في تلك الفترة تقدم لخطبتي أحد أقاربي، وهو الأخ يحيى طالب قد شاع الخبر انه جعفري، وبعد فترة تزوجنا في 12 ذي الحجة سنة 1418هـ الموافق 6 / 4 / 1998م، وبعد خمسة أشهر تقريباً سافرنا إلى ايران الاسلامية تلك الدولة التي طالما حدثني والدي (حفظه الله) عنها، وطالما اشتقت ان اشم رائحة ترابها، وطالما استمعت إلى اذاعتها وراسلتها بالبريد وكنت انتظر جوابها فيأتيني فأرتاح لهديتهم البسيطه كمجله أو كتاب ونحوهما، وقد احببت ايران حباً شديداً لما كان يبث في اذاعتها من معارف وعلوم دينية لا توجد في أي دولة اسلامية اخرى وبرامجها كلها دينية وثقافية وعلمية.
جئت إلى ايران وأنا لا أصدق نفسي من الفرح صحيح اني حزنت لفراق أهلي ووطني، فالوطن عزيز ومحبوب، وتراب الوطن ذهب كما يقال ألا انني تغربت في بلاد الاهل من ناحية الدين والعقيدة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10).
وبعد وصولي إلى ايران عرفت بوجود فارق بين المذهب الزيدي والمذهب الجعفري، واستأت من زواجي من شخص جعفري، ولكن زوجي تعامل معي بكل صبر وتأن وحلم وعقل وهدوء مقابل انفعالي، وحلف لي يميناً انه لم يتبع المذهب الجعفري إلاّ لأدلة وجدها أقنعته، وحلف لي أنني إذا رددت عليه بأدلة ثابتة صحيحة فسيرجع إلى المذهب الزيدي فصرت على أمل أن أُرجعه إلى الزيدية لاني عرفت انه جاد في كلامه، وهو انسان مؤمن، وليس من أهل الدنيا، وهذا ما جعلني أصدقه، ولكن لا أجد ما أقول له إلاّ أن أوجه له اسئلة مثل: لماذا اتبعتهم وما ادلتهم؟؟ فقال: إن اشد الخلاف بين البشر هو الخلاف على الولاية أو العلو في الأرض، وهذا كلام ذكره بالتفصيل في كتابه (في ظلال الاسلام، حقيقة النزاع) وقال لي ان المسلمين مجمعون على ان من صحت اصوله يتبع في فروعه، والخلاف بين الزيدية والجعفرية أكثره واهمه في الامامة، الجعفرية تقول ان الائمة اثنا عشر اماماً. فقلت: وما دليلهم؟ قال: الحديث الموجود في كتب الزيدية والسنة والجعفرية. فقلت ائتني بمصدر واحد يذكر ذلك؟
فقال: بل آتيك بمصادر لا مصدر واحد. فأتى بصحيحي البخاري ومسلم وغيره من الصحاح الستة. وعندما قرأتها تحيرت فلأول مرة اعرف ان هذا الحديث موجود في صحاح أهل السنة، لكني كابرت في البداية وقلت اريد مصادر زيدية لا حاجة لي بمصادر أهل السنة، وما كان منه إلاّ أن أتى بكتب أئمة الزيدية وكبار علمائهم مثل: (التحف شرف الزلف) و(لوامع الانوار) للسيد مجدالدين المؤيدي وسير بعض ائمة الزيدية مثل (سيرة الامام المرتضى) وكتاب (الحدائق الوردية في مناقب ائمة الزيدية) و(الشافي) و(البحر الزخار) وغيرها”.

قناعتها بأحقية المذهب الجعفري:

تقول الاخت حسينة: “واستمرت فترة بحثي وحيرتي مدة ثلاث سنوات حتى وصلت إلى القناعة التامة بأحقية المذهب الجعفري.
وخلال عدة مرات وانا اذهب وارجع إلى اليمن، التقيت باستاذي وخالي ووالدي وحاولت أن استفيد منهم، إلاّ أنّهم كانوا يتعصّبون ويتهمونني بأني جعفرية فالتزمت امامهم الصمت.
وسألت استاذي بعض الاسئلة حول الجعفرية، ولكنه للأسف لم يجبني بصورة علمية.
واذكر مرة في صنعاء دعينا للغداء من قبل أحد علماء الزيدية الكبار، وكان من خلف الباب يوصيني الا اتأثر بالجعفرية، فقلت له: ما هو عيبهم؟ قال: والله انهم احسن من الزيدية في كل شيء، الا انهم يقولون يا حسين ويا علي ويا فلان… وهذا شرك. فأجابه السيد وقال إنهم يعتقدون أن علي أو الحسين أو حتى رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا حول لهم ولا قوة إلاّ بإذن الله إنما هو يتوسلون بهم إلى الله، ولا تجد جعفري يقول أن أهل البيت لهم حول بدون اذن الله، ومن قال بهذا فهو مشرك بالله عندهم وليس بمسلم; فقال: جيد، هذا جيد ثم ذهب ولم يقل شيئاً، ثم سافرنا إلى ايران واستمريت في البحث في الكتب ولم استفد من شخصيات علمية في اليمن كنت أظن انها ستفيدني في البحث والنقاش ولم تحن الفرصة إلاّ لبضعة تساؤلات لم تجد لها جواباً مقنعاً والتساؤلات والبحث والتحقيق والمقارنة بين كل حديث وآخر استمر سنوات حتى اعلنت لزوجي حقيقة مذهبه وإيماني به رغم أنه لم يشدد علي بل كان يقول لي: ان كان عندك ما يفيدني فسأكون لك شاكراً. لكني صرت في حرب مع نفسي إذا انني لم أجد ما أفيد نفسي به إلاّ ان أصرح بالحق، ولا اخاف في الله لومة لائم رغم خوفي الشديد من والدي الكريم (حفظه الله) الذي أكن له جل الاحترام والتقدير، وهو يحترمني فوق ما استحق بكثير ولي في قلبه مكانة عالية ولله الحمد، وهذا يعود إلى أني حينما كنت أدرس المذهب الزيدي كنت أعمل بحركة وجدية وكان يشجعني ويحبني كثير وحتى قبل ذلك طبعاً.
وأيضاً كنت افكر في والدتي وبقية الاقارب والصديقات والزميلات وطالباتي الذين طالما حدثتهم عن الزيدية ـ ولو اني ما كنت اناقش المسائل مناقشة علمية انما كانت اطروحات، من قبيل ان عقيدتنا هي الحق لوجود الأحاديث الواردة في وجوب التمسك بأهل البيت ولكن من دون تطبيق الأحاديث أو مطابقتها على مصاديقها، ومن قبيل ان الوهابية مجسمة ومجبرة و…
لقد فكرت في هؤلاء جميعاً ماذا سيقولون عني، ولكن قلت لنفسي إن كنت انتقد الوهابية وغيرهم من أهل السنة إذ لم يتبعوا الحق ويبحثوا عنه، فها أنذا ارى الحق ولكني اخشى الناس وتذكرت الآية الكريمة (وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) (الاحزاب: 37).
نعم لابد ان أعلن الحق ولعل الله يهديهم فيصلوا للحق كما وصلت إليه، وكاتم الحق شيطان اخرس”.

مؤلفاتها:

(1) “وعرفت من هم أهل البيت (عليهم السلام) “: مخطوط.
سيصدر عن مركز الأبحاث العقائدية، ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين.
وهو كتاب يشمل على قصة استبصارها والأدلة التي دفعتها إلى اعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، ويحتوي هذا الكتاب على العديد من المواضيع العقائدية، منها: مصادر علوم أئمة الزيدية، بعض التهم ضد الشيعة، البكاء على مصائب أهل البيت، الشفاعة، التوسل، زيارة القبور، عدم القول بتحريف القرآن الكريم، علم الأئمة، البداء، التقية والرجعة.

وقفة مع كتابها: “وعرفت من هم أهل البيت (عليهم السلام) “

وهو كتاب تعرض فيه صاحبته قصة استبصارها، وانتقالها من المذهب الزيدي إلى المذهب الامامي الاثنا عشري، فهي كانت تعرف أهل البيت (عليهم السلام) على سبيل الاجمال، ودعوة النبي(صلى الله عليه وآله) إلى التمسّك بهم، ولكنها لم تكن تعرفهم على سبيل التفصيل والتحديد الاثنى عشري الذي ورد في حديث الائمة الاثنى عشر.
تقوله المؤلفة عن المطالب المهمة التي دعتها إلى الشك بالمذهب الزيدي بالطبع أكثر ما دعاني للشك والبحث هو التناقض بين ائمة الزيدية حول الامامة إذ البعض يقول بإمامة السجاد والبعض لا يقول بذلك وكذا الوصية والنص وغيرها.
ومن المهم ذكر الأحاديث الاخرى كحديث السفينة والثقلين والنجوم وغيرها الكثير، فإن الزيدية تؤمن بها وتعتقدها وتحتجّ بها على أهل السنة ولكن عندما فكرت في تطبيقها وجدت انه لا يمكن انطباقها إلاّ على اناس معصومين، وهذا ما جعلني اصمم على البحث والمناقشة.

حديث الأئمة الاثنى عشر في كتب الزيدية:
تنقل المؤلفة بعض ما ورد في كتب الزيدية من روايات حديث الأئمة الاثنى عشر، فتقول:
في (التحف شرح الزلف) قال: (واعلم ان الله عزوجل جعل خلف النبوة من ابناء نبيه في اثنى عشر سبطاً، قال الإمام الرضا (عليه السلام) : ان الله عزوجل اخرج من بني إسرائيل يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم اثنى عشر سبطاً، ثم عد الاثنى عشر من ولد إسرائيل، وكذلك اخرج من ولد الحسن والحسين اثنى عشر سبطاً… لا ينقطع عقبهم إلى انقطاع التكليف، وهم بمنزلة اسباط بني اسرائيل حجة الله على خلقه وأمان أهل الأرض من استيصال عذابه)(1) انتهى.
فتأمل في قوله (حجة الله على خلقه وأمان أهل الأرض).
وفي تتمة الاعتصام يذكر حديث اثني عشر خليفة(2)، ولكنه يفسّر الاثنى عشر من ولد الحسين بأنهم ستة من ولد الحسين (عليه السلام) ولكن لو تأملنا في الرواية لوجدنا عبارة (من أبناء نبيه) فأين ذهب الحسنان (عليهم السلام) اذن؟ وكيف خرجا من الحديث بل كيف خرج منه السجاد (عليه السلام) والباقر (عليه السلام) وغيرهم وبأي دليل؟ ان هذا الحديث له قرائن توضّحه وتفسّره، فرسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول انه يأتي من بعده اثنا عشر خليفة منهم الامام علي (عليه السلام) والحسنان(عليهما السلام) فلو اضفناهم إلى العدد السابق لصار (3 + 12 = 15).
والحديث في أكثر الروايات اثنا عشر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولم يقل بعد الحسين (عليه السلام) ، والحديث كالقرآن يفسّر بعضه بعضاً، ونفس المصدر المذكور أشار إلى حديث (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان)(3).
وفي المجموعة الفاخرة للإمام الهادي ص221 (والاخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي ثم الائمة فيما بينهما)(4) وذكر الاثنى عشر امام بأسمائهم مبتدئاً بالإمام علي (عليه السلام) ومنتهياً إلى الامام المهدي (عليه السلام) وهو ما عليه الامامية (الجعفرية) حالياً.
كذلك في الينابيع الصحيحة ان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال (يولد للحسين (عليه السلام) ولد يقال له علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين)، كذا أورد رواية سلام النبي(صلى الله عليه وآله) على الامام الباقر (عليه السلام) في كتابه والرواية طويلة فراجع(5).
وحديث الاثنى عشر في الاعتصام بحبل الله المتين المجلد الخامس باب السير والشافي للإمام عبدالله بن الحمزة الجزء الأول الصفحة 140 وفي لوامع الأنوار المجلد الثاني الصفحة 493.
وفي الحدائق الوردية: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان)(6)، وللسائل أن يسأل ما هو هذا الامر يا ترى، إذ لم نر له تطبيقاً في الواقع عند غير الشيعة الامامية.
هذا ما وصل إلي من كتب الزيدية وكان ما وصلني فيه الكفاية لإيجاد الشك في صحة الزيدية، فقد فكرت كثيراً في معاني هذه الأحاديث، وقارنت بعضها ببعض، وقارنتها مع الأحاديث الموجودة في كتب أهل السنة، وإذا هي تصب في مصب واحد (الائمة الاثنا عشر)، ولكن الاختلاف في تفسير من هم هؤلاء الاثنا عشر فالزيدية تفسيرها مخالف للفظ الحديث إذ أن الحديث يقول (من بعدي) فمنهم الإمام علي والحسنين (عليهم السلام) والباقي تسعة ولكن الزيدية تقول: (ستة من أولاد الحسن وستة من أولاد الحسين) فنقول لهم بهذا التقسيم صار العدد اثنى عشر من أولاد الحسنين، فأين ذهبوا بالإمام علي والحسن والحسين (عليهم السلام) فلو ضميناهم إلى هذا العدد لصاروا خمسة عشر والحديث ينصّ على اثنى عشر بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) بلا فصل.

من هم أهل البيت (عليهم السلام) ؟!:
تقول المؤلفة في ذلك:
هذا السؤال له دور كبير في ايصالي إلى الحقيقة التي عرفت بها من هم أهل البيت (عليهم السلام) إذ كل من يقرأ روايات الزيدية بيقظة وتفكّر لابدّ أن يتسائل مع نفسه أو مع أحد لانه لا يرى من تنطبق عليه هذه الروايات، لذا يلجأ إلى البحث وحتماً سوف يصل للنتيجة التي وصلت إليها.
والآن لنقرأ معاً ما قال الزيدية في ذلك، قال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين… قال الإمام الناصر: (فلو كان أهل البيت أربعة فقط لكان قد ذهب أهل الأرض) قلت: اخبار النجوم والأمان شهيرة رواها الإمام أبو طالب، والمرشد بالله، والإمام المنصور بأسانيدهم، قلت هذا الخبر يفيد على ان متابعتهم أمان من الاختلاف كما ان وجودهم أمان من الذهاب والهلاك)(7). روى في الشافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (مثل أهل بيتي مثل النجوم كلما مر نجم طلع نجم ومثله في نهج البلاغة مثل آل محمد… الحديث، ومثله في الأمالي. وفي صفحة 72 لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهلي أحب إليه من أهله وعترتي أحب إليه من عترته… رواه الامام الناصر إلى الحق في البساط ورواه المرشد بالله.
(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع… وعن حبنا أهل البيت) اخرجه الامام أبو طالب عن علي (عليه السلام) وقال (فخذوا بكتاب الله واستمسكوا بأهل بيتي)(8) اخرجه أحمد وغيره.
وقال(صلى الله عليه وآله) (لا يبغضنا أهل البيت إلاّ ثلاثة من يؤتى من دبره…) وقال(صلى الله عليه وآله) (ليس أحد من الخلائق يفضل أهل بيتي غيري) وفي التحف شرح الزلف قال: (ان الذرية يدخلون في لفظ أهل البيت (عليهم السلام) وان ذريتهم باقية إلى يوم القيامة، وانهم الحجة على الأمة بدليل حديث السفينة والأمان و..).
لاحظوا هنا يثبت ان الذرية باقية إلى يوم القيامة بدليل حديثي الامان والسفينة، وأنهم حجة الله على الأمة، والسؤال يوجّه إلى (المؤلف) مع جل احترامي وتقديري لمقامه العالي من هم الذرية الحجة والسفينة المنجية والأمان من الاختلاف؟؟ هل كل سيد كما يدّعي أكثر الزيدية؟؟ أم الصالحين منهم، والصالحون مختلفون إلى فرق ومذاهب؟؟ وحتى لو قيل انهم أهل العدل والتوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا التعريف يشمل الجعفرية والزيدية بفرقها.
وفي صفحة 449 من التحف يبين من هم أهل البيت فيقول (هم أهل التوحيد والعدل والامامة) اذن ثبت دخول الجعفرية، وكل من قال بذلك وليس هذا التعريف خاصاً بالزيدية فقط وحتى لو قلنا الصالحين من الزيدية، فهل هؤلاء هم أمان أهل الأرض؟؟ وهل هم سفينة النجاة؟ وهل هم الذين قال عنهم النبي(صلى الله عليه وآله)(لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ولا تقدموهم فتهلكوا ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا)؟ و(لا يؤمن عبد حتى… وأهلي أحب إليه من أهله) وغيره من الروايات الواردة في حق أهل البيت.
وقال صاحب التحف أيضاً ص450 (فلو لم يعتد بهؤلاء الذين هم من طائفة الحق، لبطلت الادلة على وجود الحجة والخليفة والسفينة المنجية والأمان).
وعن حديث الثقلين والنجوم والكساء والغدير وغيره تجد ان تطبيق لفظ أهل البيت لا يصح إلاّ على المعصومين، وهذه الآيات والأحاديث لا تطبق إلاّ فيهم دون سواهم فلا يمكن أن يقصد بها اناس عاديون بدعوى انهم من ذرية أهل البيت (عليهم السلام) أو ان السادة هم أهل البيت، فقد صار هناك خلط بين مفهومي السيد وأهل البيت (عليهم السلام) كما نرى ونسمع ذلك كثير. فكانوا يعلمون الطلاب في مدارس الزيدية انه لا يجوز لك ان تمشي وخلفك سيد، وغيره من القوانين المستنبطة من الروايات، فقد ارادوا تطبيق الروايات في السادة ومنهم من خصها بالصالحين منهم، ومنهم من قال الخمسة أهل الكساء فقط، أما المذهب الزيدي فمنهج أهل البيت، لكن نقول لصاحب هذا الرأي الأخير ألاترى في أحاديث السفينة والأمان وحديث الثقلين خير دليل على دوام وجود أهل البيت ووجوب التمسك بهم مدى الحياة؟ فماذا تقول؟؟؟
وأما من يقول ان السادة كلهم هم أهل البيت (عليهم السلام) لا يستطيع ان يطبق ما يقوله، بل لا يكاد يقبل رأيه هو بنفسه كما كنت اسمع من بعض زميلاتي في المعهد تقول لي: انتم أهل البيت. ولكنها في وقت آخر تقول: والله ان الله يغضب من انكم تدعون انكم أهل البيت وفيكم فاسق وفاجر و… وأنا أقول الحق معهم إذ كيف يصدقون ذلك؟!!! نعم السادة لهم حق الاحترام لنسبهم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولكن لا يجب طاعتهم وتطبيق الآيات والروايات إلاّ في أناس مخصوصين في كل عصر لا تخلو الأرض من حجة منهم.

الامامة:
تناقش الكاتبة هذه المسألة، فتقول:
قال الإمام الهادي يحيى بن الحسين في رده على سؤال ابنه بشأن الامامة: سألت يا بني احاطك الله وهداك رشدك ووفقك عن مسألة هلك فيها خلق من المتكلمين وحار عن فهمها كثير من المتكلمين… وكذلك الأوصياء)(9) لا تثبت الامامة لأحد إلاّ بدليل شرعي اجماعاً، وذلك لما كانت الامامة تابعة للنبوة، لان ثمرتها هي حفظ الشريعة وتقويمها… لم تكن إلاّ لمن اختاره الله واصطفاه وعلم طهارته وقيامه..)(10) وقال الإمام أحمد بن سليمان في كتاب (حقائق المعرفة) (فقال أبو الجارود ومن قال بقوله من الزيدية علي وصي رسول الله(صلى الله عليه وآله) والامام بعده وان الامة كفرت وظلت في تركها بيعته ثم بعده الحسنان بالنص ثم هي بينهم شورى فمن خرج من أولادهما جامع الشروط للإمامة فهو امام…)(11) ولدينا ملاحظات على هذا النص:
1 ـ قوله دليل شرعي ولم يقل الشروط.
2 ـ قال لمن اختاره الله ولم يقل لمن قام.
3 ـ قوله من علم الله طهارته يعني العصمة لا كل من ادعى الامامة.
4 ـ قوله الإمام علي (عليه السلام) وصي سول الله(صلى الله عليه وآله) والامة كفرت وظلت في تركها بيعته يعني ان كل من لم يقل بإمامته كافر.
5 ـ التناقض الموجود في العبارة الأولى القائلة بالنص والاختيار الالهي والثانية القائلة بالقيام والشروط.
وقال الإمام المهدي المرتضى (إن الإمامة نص خفي)(12)، وقد عرفوا الامامة بانها: رئاسة شرعية كشخص واحد ليس فوقها يد والعلم بها جملة من فروض الاعيان)(13) وقال (ان الزيدية اختلفوا في ان فرض الامامة جملة معلومة بالعقل والوجوب العقلي والسمعي وان الامام المهدي المرتضى لا يرى ذلك وانما يرى الامامة تثبت شرعاً لا عقلا)(14).
وقال ان المعتزلة وبعض الزيدية وهم الجريرية والبترية أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لم يعين أحداً بعده باسمه وصفته، فالواجب ثابت واليقين مجهول، وباقي الزيدية قالوا انه نص خفي(15) وقال: يقول الامام المهدي المرتضى ان المفضول إذا كان اصلح من الافضل للقيام بمصالح الناس جاز كالاعمى، فأن تقديم المفضول المبصر أصلح للأمة من الأفضل الأعمى(16). أقول: ان الإمام الهادي إلى الحق صرح ان الامامة ليست شورى وانتخاب بل وصية وامر إلهي قائلا: فكل من قال بامامة أمير المؤمنين ووصيه فهو يقول بالوصية على ان الله عزوجل اوصى بخلقه على لسان النبي إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين وإلى الاخيار من ذرية الحسن والحسين أولهم علي بن الحسين واخرهم المهدي ثم الائمة فيما بينهما.
وفي التحف للسيد مجد الدين المؤيدي (إذا اجتمع امامان في زمان واحد يقتل الثاني منهما)(17).
وقال (من دعا إلى نفسه أو إلى غيره وهناك إمام فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين)(18).
وقال صاحب كتاب (الزيدية نظرية وتطبيق): (يجب طاعة الامام مالم يأمر بمعصية أو يشرب خمر.. وكل ما ذكر عمر وأبا بكر ترحم عليهم وقال عمر مات شهيداً). اقول: هل من فعل ذلك يسمى امام؟؟؟!!! ثم ان الامام عند الزيدية مجتهد لا تجب طاعته ولكن معه حق، إذ الروايات تقول بوجوب طاعة الامام، ولكن لابد من معرفة الامام الذي تنطبق عليه الروايات، وأما من اغتصب الخلافة فقد لعنهم الامام الهادي وغيره من أئمة الزيدية فهل يبقى واقفية؟؟؟!!!
وفي كتب الزيدية كلاماً طويلا مضمونه ذكر الحروب بين ائمة الزيدية كالمنصور علي بن صلاح، والداعي، والامام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، وغيرهم وانقسام الناس بينهما والاشعار والسب بين المهدي وابن الوزير(19)، وقال: إنه ظهر ثلاثة ائمة في وقت واحد في بلد واحد وهم المهدي والمنصور علي بن صلاح والهادي علي المؤيد(20). وقال: ان الصراع بين الأئمة انفسهم كالهادي وآلحمزة(21) وقد وقع إمامين في مكان واحد ووقت واحد(22).
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للإمام علي (عليه السلام) (لا يتقدمك بعدي إلاّ كافر ولا يتخلفك بعدي إلاّ كافر) لوامع الانوار السيد مجد الدين المؤيدي(23) وقال: رواه الامام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بسنده إلى الشيخ الامام صاحب كتاب المحيط علي ابن الحسين الزيدي، واخرجه الشافي بطريق آخر.
أقول: من هذه الرواية نفهم ان من تقدم أو تأخر عن امير المؤمنين ولو كان صحابياً فهو كافر حسب هذه الرواية فكيف يتوقف بعض الزيدية عن التبرؤ ممن غصب خلافة أمير المؤمنين؟؟ بالاضافة إلى الرواية الواردة في لوامع الانوار ص201 وغيرها قال (بالاتفاق ان فاطمة ماتت وهي غاضبة على أبي بكر هاجرة له وإنها اوصت بدفنها ليلا، والروايات عندهم ان الله يغضب لغضب فاطمة).
قال صاحب الينابيع الصحيحة (فكان النص على امامتهما (الحسن والحسين(عليهما السلام)) نصاً جلياً)(24) وفي كتاب الزيدية والامامية وجهاً لوجه قال (ان الامام عند الزيدية ليس معصوماً، والامامة لها شروط، ومن اكتملت الشروط فيه، وادعى الامامة وقام إمام آخر لحربه استحق غضب الله تعالى)(25).
اقول: الملفت للنظر ان صاحب هذا الكتاب نفسه يثبت الامامة للسيد مجد الدين المؤيدي في حال ان السيد مجدالدين لا يدعي الامامة لنفسه (هذا وقد الف السيد مجدالدين كتاباً عدد فيه ائمة الزيدية منذ نشأتها إلى عصرنا الحاضر ولم يذكر نفسه كإمام لعصره اصلا، ولا يمكن أن تقول ان عدم ذكره لنفسه كان من باب التواضع لانه لا تواضع في امر الامامة) ولم يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر بمعنى القيام والثورة، ولم تكتمل فيه الشروط عند الزيدية وقال: من قام لحرب إمام آخر استحق غضب الله بينما قد اثبتنا في كتبهم قيام امامين وحربهما مع بعضهما كلهم أئمة مقدّسون عند الزيدية!!!
نعم قد سألت مرة زوجة أحد الزيدية عن امامة السيد مجد الدين فقالت: لقد دعا إلى نفسه قبل الثورة في اليمن، ولكني تبادر إلى ذهني ان قبل الثورة كان هناك أئمة زيدية هم آل حميد الدين، وقد اعترف السيد مجدالدين بهم كأئمة في كتابه (التحف). فهل يصح أن يدعو إلى نفسه في حال وجود أئمة مع انه ذكر في كتابه التحف أن يحيى حميد الدين وابنه أحمد أئمة؟!!
وفي الينابيع الصحيحة ص186 قال (ان الامامة بالنص وهي قول جميع الزيدية).

وفي التحف شرح الزلف ص52 قال قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (… فليتول علي بن أبي طالب وأوصيائه فهم الأولياء والأئمة من بعدي اعطاهم الله علمي وفهمي… والله لتقتلنهم امتي).
أقول: نفهم من هذا النص ان لعلي بن أبي طالب أوصياء، وهؤلاء الأوصياء هم الأئمة، وهؤلاء الأئمة اعطاهم الله علم الرسول وفهمه، وسوف تقتلهم الأمة يعني لا يموتون إلاّ بالقتل بينما نلاحظ ان الكثير من أئمة الزيدية ماتوا موتاً طبيعاً، ولَم يدع أحد منهم علم أو فهم النبي(صلى الله عليه وآله)، وإنما هم مجتهدون يصيبون ويخطئون ولا يدّعون الوصية فبالله عليك تأمل.
وفي ص52 قال (قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للحسين (عليه السلام) وإن حبيبي جبرائيل أتاني فاخبرني انكم قتلى ومصارعكم شتى… (وذكر ما لمن يزورهم من الأجر))، وفي ص53 قال ما نصه (قال الوصي (عليه السلام) في نعتهم ونعت أئمتهم: اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة كيلا تبطل حجج الله وبيناته… اولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه).
(اذن فهم يقتلون ولمن زارهم أجر عظيم والأرض لا تخلو من حجة منهم ليكونوا حجة الله على الناس وهم خلفاء الله والدعاة إلى دينه).
وفي التحف شرح الزلف قال (ان الامام واحد لقيام الادلة عقلا ونقلا فأما العقل، فان قيام امامين موجب للاضطراب والفساد… وأما نقلا فلو لم يكن إلاّ الاجماع حول الامام الواحد والخلاف في غيره) ثم أورد الحديثين (من دعا إلى نفسه أو إلى غيره وهناك إمام فعليه لعنة الله…) وقول المنصور بالله (إذا بويع الخليفتان قتل الآخر منهما) وفي ص78 ان الامام الاطروش قام في زمن الامام الهادي!!!! (اليس هذا تناقض؟؟!! مع شديد احترامي للامامين الهادي والاطروش وكذا للعلامة مجدالدين، فان من حقي ان ابين نظري لعله يفتح عيوناً مغمضة وليس مني حقداً أو جحوداً، بل ليفهم الجميع انهم انما كانوا أئمة جهاد، أفاضل، علماء ومجتهدين وليسوا الأئمة المشار إليهم في الروايات والأحاديث النبوية لانها لا تنطبق إلاّ على معصومين لا يختلفون في الحق ولا يخالفونه) وفي التحف شرح الزلف ص73 (قال زيد بن علي: ما فينا امام مفترض طاعته بعد الحسين…).
وقال: (فوالله ما ادعاها علي بن الحسين (عليه السلام) ) وهذا مناقض للقول بإمامة علي ابن الحسين كما في التحف وغيرها (الاخيار من ذرية… أولهم علي بن الحسين..) وقد أشرنا إلى من قال من الزيدية بإمامته (عليه السلام) في محله.
وقال (ان الامام منا أهل البيت المفروض علينا وعلى المسلمين من شهر سيفه) ولكن هل الامام الحسن السبط (عليه السلام) أو الإمام زين العابدين (عليه السلام) أو الإمام الرضا (عليه السلام) وغيرهم هل شهروا سيوفهم؟؟؟
وقال (إنه كان عند محمد بن عبدالله الكامل سيف الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (ذو الفقار)(26) وكذا غيره من الائمة يتوارثون ذو الفقار والجفر و…).
لكن السؤال الملفت للانتباه هو: من الذي يعطيهم هذا السيف وليست عندهم وصية أي انه عندما يموت امام فهو يوصي بالجفر والسلاح لفلان؟ وعندما يبقون لسنوات بدون امام فعند من يبقى الجفر والسلاح؟؟ وعندما يقوم امامان في قطر من الاقطار فأيهما يأخذهما؟؟
وفي التحف أيضاً قال: ان الامام علي بن المؤيد بن جبرائيل دعا إلى الله بعد اياسه من خروج الامام المهدي من الحبس وبعد خروجه سلمها له(27). وقال أيضاً: ان الإمام شرف الدين بن محمد دعا إلى نفسه حال غياب المهدي في السجن وذلك مع بقاء الامام محمد الوزير على دعوته… إذ كان كل منهم لا غرض له إلاّ اصلاح الامة واقامة الكتاب والسنة(28).
أقول هل الامامة رئاسة يأخذها وينزعها متى ما شاء!!!
وفي كتاب الزيدية والإمامية وجهاً لوجه: ان الامة اجمعت على أن المنصب في قريش… وذلك المنصب هو قريش لما ورد من الاخبار النبوية (ان الائمة من قريش)(29) وفي ترجمة السيد مجد الدين جاء في آخر كتاب التحف: (اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم لله بحجه والمؤلف (يعني مجد الدين) من مصاديق واقع هذه الادلة الصادقة في عصرنا…(30) اقول: هذا اعتراف بحديث الأئمة من قريش بل ويستحج به على الغير، ولكن لو دقق النظر في ذلك لعرف منهم الأئمة المقصودين بهذه الروايات ولي تعليق على قوله ان السيد مجد الدين (مع احترامي الشديد له) من مصاديق ذلك يعني انه حجة الله. فهل هو حجة على أهل اليمن فقط أم على الزيدية فقط أم على الخلق كافة؟؟!! حيث والظاهر من الروايات ان الامام حجة على جميع الخلق، فإذا كان ذلك فانه يجب ان يدعو الناس ويخبرهم بأمره، ولكني ما أظن السيد مجد الدين يدعي ذلك ولم يدعيه غيره قبله إلاّ المعصومين فقط يدعوا انهم حجج الله على جميع الخلق فهل من متفكر في معاني الروايات يا أولي الأباب؟؟
وفي كفاية الأثر(31) عن أبي بكير انه قال لزيد: يا بن رسول الله هل عهد إليكم رسول الله متى يقوم قائمكم؟ قا: (يا أبا بكير انك لن تلحقه وان هذا الأمر يليه ستة أوصياء من بعد هذا وأشار إلى الباقر ثم يجعل الله خروج قائمنا فيملأها قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً قلت يا ابن رسول الله الست صاحب هذا الأمر؟ فقال: انا من العترة…). وهذا الكلام واضح لا يحتاج تعليق.
وروى ابن شهر آشوب في المناقب ان الامام زيد (عليه السلام) اشار إلى الإمام الباقر بأبيات وقال:

ثوى باقر العلم ملحد ***** امام الورى طيب المولد
فمن لي سوى جعفر بعده ***** امام الورى الاوحد الامجد
أبا جعفر الخير انت الامام ***** وانت المرجى لبلوى غد(32)

العصمة:
تقول الكاتبة عنها:
“موضوع مهم ومحل نقاش الكثيرين لنرى أي الفريقين اقوى دليلا وأقطع حجة لنضم صوتنا معه لأن هدفنا هو إتباع الحق مع من كان واينما كان، نبدأ كالمعتاد بكتب الزيدية لأننا والله نحبهم ونحب ان تتبين لهم الحقيقة لذا نحاججهم من كتب أئمتهم وكبار علمائهم، قال الامام عبدالله بن حمزة: (أهل البيت معصومون منقّبون من الخطاء)، وقال أيضاً: (يقول الرسول(صلى الله عليه وآله): يمنع الخطأ منهم عاجلا وآجلا)(33).
أقول: قول عبدالله بن حمزة مطلق ولم يقيده في الخمسة يعني كل من يصدق عليه لفظ (أهل البيت) فهل كل من يسمى أهل البيت في عقيدة الزيدية منقب عن الخطاء؟؟! انهم لا يقولون بعصمة كل من يسموه أهل البيت، بل أضاف انهم معصومون عاجلا وآجلا أي قديماً وحاضراً وإلى قيام الساعة، فهل هذه العصمة تنطبق وتطبق في أي مذهب غير المذهب الامامي الذي يخص العصمة بذرية الرسول الاثني عشر، وهي في نظري العقيدة الوحيدة التي تقول بما ورد في أهل البيت وتطبقة في الواقع أي لهم أئمة يأخذوا عنهم كل دينهم وما عمل العلماء ومراجع التقليد إلاّ البحث عن الروايات هل هي ثابته عنهم أم لا؟ فاذا ثبتت له فهي نص لا يجوز الاجتهاد في مقابلها، أما المذاهب الاخرى فكل مجتهد يقول برأيه لهذا تشعّبت الفرق والمذاهب إلى ما نحن فيه الآن.
وقال السيد أبو الحسن: (الامام لابد أن يكون معصوماً)(34). وقال الإمام المؤيد بالله: (يجوز أن يخطي الامام بلا خلاف في ذلك…)(35).
أقول هذا مناقض لكلام الامام عبدالله بن حمزة فتأمل، ولي ان أسأل كيف يكون الأئمة حجج الله في الأرض إذا كانوا يختلفوا فيما بينهم؟ بل قد حصلت هناك حروب بين امامين من أئمة الزيدية كما ذكرنا مصدر ذلك فراجع، فهل يصدق عليهم سفينة النجاة وباب حطة وأمام أهل الأرض وقرناء القرآن؟
والكلام قد يطول لو بحثنا كل ما جاء في كتبهم من تناقضات، نكتفي بهذا القدر منها وفيها الكفاية للوصول إلى شاطىء الأمان”.

(1) التحف: 138، ط3 مكتبة بدر العلمي سنة 1997 ـ 1414 للسيد مجدالدين المؤيدي (يعتبر من أكبر علماء الزيدية بل يعتبره بعضهم امام عصره).
(2) تتمة الاعتصام: 5 / 400 ـ 402 (زيدي).
(3) التحف: 179، ينقله عن كتب أهل السنة.
(4) في التحف شرح الزلف للسيد مجد الدين ايضاً: 3 نقله عن شرح الاساس.
(5) الينابيع الصحيحة: 272، بقلم السيد العلامة أحمد محمد حجر، مخطوط.
(6) الحدائق الوردية في مناقب ائمة الزيدية: 222 تصنيف الفقيه أبي الحسن حسام الدين حميد بن أحمد المحامي مخطوط، وما انقله عنها الجزء الأول والثاني وهذا الكتاب من أهم كتب تاريخ ائمة الزيدية وأكثرها اعتماداً عندهم.
(7) لوامع الانوار للسيد مجد الدين المؤيدي.
(8) لوامع الأنوار: 72.
(9) المجموعة الفاخرة، مخطوط ص46.
الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (الامام الزيدي الذي أسس المذهب الزيدي في اليمن ويقال لاتباعه في الفقه هادوية ويقال زيدية لانه دعا إلى الزيدية وتنطبق عليه شروط الزيدية وهي التوحيد والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (القيام).
(10) عدة الاكياس في شرح معاني الاساس: 2 / 136.
(11) المصدر السابق: 138.
(12) نقلا عن كتاب: الامام المهدي المرتضى واثره في الفكر الاسلامي تأليف الدكتور محمد الحاج الكمالي ط1، دار الحكمة اليمانية وهو ينقل مصادره من كتب زيدية.
(13) الامام المهدي واثره: 441 ينقله عن النجري: في شرح القلائد.
(14) المصدر السابق ينقله من مصادر زيدية فراجع.
(15) المصدر السابق: 444.
(16) المصدر السابق: 451.
(17) التحف: 309 وقال (قال الامام المنصور بالله ـ إمام زيدي ـ في الشافي روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): إذا بويع الخليفتان قتل الآخر منهما).
(18) التحف شرح الزلف: 309.
(19) راجع كتاب ائمة اليمن للعلامة زبارة وسترى فيه العجب وهذا الكتاب طبع في عهد الدولة المتوكلية.
(20) المصدر السابق.
(21) المصدر السابق.
(22) المصدر السابق.
(23) لوامع الانوار: 132.
(24) الينابيع الصحيحة: 3.
(25) الزيدية والامامية وجهاً لوجه: 103 تأليف محمد بن ابراهيم بن الحسن المرتضى ط1، 1418، مركز الهدى صعده وفيه تقريض العلامة مجد الدين وغيره.
(26) التحف شرح الزلف: 361.
(27) التحف شرح الزلف: 285.
(28) المصدر السابق: 376.
(29) الزيدية: 451 و453.
(30) التحف: 461 ونحوه في ص478.
(31) ص296 ـ 297.
(32) ابن شهر آشوب، المناقب: 197، ط دار الأضواء، بيروت.
(33) الشافي: 1 / 157، وص90. وعبدالله بن حمزة من أئمة الزيدية وكتابه هذا من أهم مصادرهم كيف لا وهو كتاب امامهم.
(34) عدّة الأكياس: 2 / 134.
(35) عن مجمع الفوائد للسيد مجدالدين: 215 دار الحكمة اليمانية يرويه عن الامام القاسم بن محمد في الارشاد.