صباح علي البياتي

نبذة عن حياة المستبصر العراقي صباح البياتي:

ولد عام 1953م في العراق بمدينة الموصل، واصل دراسته الاكاديمية حتى تخرّج من كلية التربية قسم اللغة العربية جامعة صلاح الدين اربيل، كان شافعي المذهب، ثم اعتنق مذهب أهل البيت عام 1995 في العراق بمدينة الموصل.

البداية; الشك بما جمعته كتب التاريخ:

يقول الاستاذ صباح: “اكتشفت عبر البحث التاريخي أن التلاعب السياسي لعب دوراً هاماً في سيطرته على نظام التاريخ وتصرفه في السيرة، وهذا ما استدعاني الى اثارة الشكوك حول الكثير مما جمعته كتب التاريخ.
ولكنني قلت في نفسي: إنّ التاريخ الذي بين أيدينا وإن كان متضمناً للكثير من التزييف والتشوية ولكنه لا يخلو من حقائق يطمئن اليها الباحث.
فعزمت من هذا المنطلق على البحث والتتبع حتى تبينت لي الكثير من الحقائق التي حاول حكام الجور طمس معالمها.
ثم قرأت كتاب (نهج البلاغة) بتمعن وطالعت شرح ابن أبي الحديد، فلما بلغت الخطبة الشقشقية استعرضت في نفسي الأحداث التي وقعت في أوساط الأمة الإسلامية بعد وفاة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، فتبين لي أهداف المؤامرة التي حيكت في السقيفة للاطاحة بأهل البيت وعزلهم عن الساحة الاسلامية. فتأثرت لذلك كثيراً واستغربت من الأمور التي قام بها بعض الصحابة”.

نتيجة البحث الذي استمر لسنتين:

يضيف الاستاذ صباح: “استغرق بحثي في هذا المضمار مدة عامين وأقمت نوعاً من الموازنة بين آراء الشيعة وأبناء العامة في المسائل الدينية ولا سيما مسألة الإمامة والخلافة، حتى تبيّن لي أن التشيع هو المذهب الوحيد الذي يمكنني الاعتماد عليه. لأنّه مذهب لم تتدخل أيادي السلطة في التلاعب به، بل بقي نقيّا في صدور عترة الرسول الذين كانوا ينشرونه في أوساط الأمة الإسلامية.
فلهذا اتخذت قراري النهائي واخترت الانتماء الى هذا المذهب الذي يستمد علومه من ينبوع معارف أهل البيت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فاعلنت تشيعي عام 1995 في الموصل، ثم حاولت تنظيم المعلومات التي حصلت عليها خلال البحث لانشرها بعد ذلك بشكل بعض المؤلفات لينتفع منها المتعطشون لاستماع كلمة الحق.

مؤلفاته:

1 ـ “لا تخونوا الله والرسول”:
صدر سنة 1421 هـ عن مركز الأبحاث العقائدية، ضمن سلسلة الرحلة الى الثقلين.
وهو دراسة نقدية لأراء محمد بن عبد الوهاب في كتابه: “رسالة في الردّ على الرافضة”.
جاء في مقدمة المؤلف للكتاب: “… ورسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تتألف من اثنين وثلاثين مطلباً وخاتمة. ويغلب على بعض مطالبها التكرار الممل في بعض الموارد، لذ ارتأيت أن أجمع بعض المطالب أو بعض فقراتها في مطلب واحد متصدياً لأدلته، ناقضاً ما فيها من افتراءات ومزاعم بحول الله وقوته، وسوف يلاحظ القاريء الكريم مدى تهافت هذه الرسالة وضعف أدلة الشيخ لقصر باعه في العلم، ممّا يدفعه إلى تغطية عجزه بسيل من الشتائم التي يطلقها كما هي عادة الضعفاء”.
وقد فهرس المؤلف مواضيع كتابة في ثلاثة عشر فصلاً وهي:
الخلافة، خلافة الخلفاء، الصحابة، أم المؤمنين عائشة، نقص القرآن، التقية، حرب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عصمة الأئمة، أحكام المخالفين، الرجعة، الشهادة الثالثة في الأذان، نكاح المتعة، القضاء والقدر.

2 ـ الصحوة (رحلتي إلى الثقلين): ألّفه بطلب من مركز الأبحاث العقائدية.
وهي دراسة في التراث الإسلامي ونقد لبعض محطاته تتضمن مناقشة القاضي ابن العربي في كتابه (العواصم من القواصم) وعدد آخر من المؤلفين والعلماء القدماء والمعاصرين. وسيصدر الكتاب عن المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) .

3 ـ حقيقة التشيع:
من اصدارات المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) .
يتضمن الكتاب التعريف بالتشيع من حيث نشأته ومناقشة الآراء التي تبناها البعض بهدف التشنيع على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ورده إلى اصول يهودية أو فارسية.
كما يتضمن الكتاب مناقشة تهمة الغلو عند الشيعة وبيان موقف الشيعة وأئمتهم من الغلاة.
كما يتناول الكتاب مسيرة التشيع منذ البدء حتى تكامل المذهب.

4 ـ التبرك:
من اصدارات المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) .
يتناول موضوع التبرك عند المسلمين منذ عهد النبي(صلى الله عليه وآله) وعلى مر العصور مع مناقشة آراء بعض المخالفين بهذا الصدد.

5 ـ أهل الحديث:
تحت الطبع، وسيصدر عن المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) .
دراسة حول تكوين ونشأة فرقة أهل الحديث ومناقشة آرائها وأهم أقطابها والكتب التي ألفها بعضهم.

6 ـ عقائد السلفية: مخطوط.
وسيصدر عن المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) .
يتناول دراسة أهم عقائد السلفيّين وبداية نشأتهم وتكوين آرائهم وتطورها.

وقفة مع كتاب: “لا تخونوا الله والرسول”

الكتاب هو دراسة نقدية لآراء الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه “رسالة في الرد على الرافضة” التي يتهجم فيها بشدة على أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
وقد لفت مركز الأبحاث العقائدية نظر الاستاذ صباح على البياتي إلى هذه الرسالة ونبهه إلى أنها لا تزال متداولة ويعاد طبعها بين الحين والآخر، وأن هناك الكثير من المسلمين قد تتلبس عليهم بعض القضايا العقائدية نتيجة مطالعتهم لهذه الرسالة.
فتصدّى الأستاذ إلى الرد على ما جاء فيها من افتراءات وتهم ضد مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ليبين بذلك مدى تهافت هذه الرسالة.
وقد اختار الاستاذ من هذه الرسالة مقتطفات للرد عليها، وأوردها في ثلاثة عشر فصلاً، وذكر في مقام رده على ادعاءات الشيخ الكثير من الأدلة المؤيدة لمعتقدات الشيعي التي قد تهجم عليها الشيخ، وقد ارتأينا في هذه الوقفه مع كتاب الاستاذ أن ننتقى زبدة ما أورده من الأدلة حسب مجيئها في فصول الكتاب:

الفصل الأول: الخلافة
ادّعاء قعود الإمام علي (عليه السلام) عن حقه وعدم مطالبته ذلك:
إنّ الواقع يثبت بأن الإمام عليّ (عليه السلام) لم يقعد عن حقه في بداية الأمر، لأنّ في امتناعه عن مبايعة أبي بكر مدّة ستة أشهر دليلا على ذلك، وقد اتفق الشيخان على اثبات ذلك فيما أخرجاه(1).

سبب مبايعة الإمام عليّ (عليه السلام) لأبي بكر في نهاية الأمر:
إنّ الإمام عليّ (عليه السلام) نظر إلى مصلحة الإسلام العليا، فقدمها على حقه خوفاً من ذهاب الإسلام كله بحدوث فتنه لا تبقي ولا تذر، ففضل التضحية بشطر الأمر بدلاً من التضحية بكله.
فقعد في البداية في بيته ولم يبايع احتفاظاً بحقه، لأنه لو اسرع إلى البيعة، ما تمت له حجة ولا سطع له برهان، لكنه جمع فيها فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من إمرة المؤمنين.
ويصف الإمام عليّ (عليه السلام) هذه الفترة قائلا: “فنظرت فاذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي فضننت بهم عن الموت واغضيت على القذى وشربت على الشجا وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمّر من طعم العلقم”(2).

الفصل الثاني: خلافة الخلفاء
كيفية بيعة أبي بكر:
قال ابن أبي الحديد المعتزلي، وعمر هو الذي شد بيعة أبي بكر وقمع المخالفين فيها، فكسر سيف الزبير لما جرده ودفع في صدر المقداد ووطىء في السقيفة سعد بن عبادة وقال: اقتلوا سعداً قتل الله سعداً، وحطّم أنف الحباب بن المنذر…، وتوعد من لجا إلى دار فاطمة من الهاشميين واخرجهم منها، ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر ولا قامت له قائمة(3).
رواية عائشة عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) حول الخلافة: “يأبى الله والمؤمنون إلاّ أبا بكر”:
إذا كان يأبى الله والمؤمنون إلا أبابكر، فإن هذا الحديث يخرج من يأبى خلافة أبي بكر عن المؤمنين، فهذا يعني إخراج جملة من خيرة الصحابة من السابقين الأولين وخيار الأنصار من دائرة الايمان وفي طليعتهم أمير المؤمنين الإمام عليّ (عليه السلام) وجميع بني هاشم ايضاً، لأن الزهري أكد أن أحداً من بني هاشم لم يبايع أبابكر الاّ بعد ستة أشهر(4).
كما امتنع الزبير بن العوام عن مبايعة أبي بكر، وامتنع عمار بن ياسر وغيره من السابقين الأولين، واذا كان هؤلاء قد بايعوا فيما بعد، فان الصحابي المعروف سعد بن عبادة لم يبايع حتى توفى(5).

الفصل الثالث: الصحابة
الصحابة في السنة النبوية:
لقد أكد النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّ أصحابه سوف ينقلبون على أعقابهم ويحدثون في دين الله ما ليس منه، ولعل أشهر الاحاديث المؤشرة إلى هذه الحقيقة هو حديث الحوض المذكور في الصحيحين ـ واللفظ لمسلم ـ عن عقبة بن عامر، قال: صلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)على قتلى أحد، ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء والاموات، فقال: “إني فرطكم على الحوض، وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة، إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا، كما هلك ممن كان قبلكم”(6).
وعن أنس عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) قال: “ليردن علي ناس من اصحابي الحوض حتى اذا عرفتهم اختلجوا دوني، فاقول: أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك”(7).

بغض بعض الصحابة لعليّ (عليه السلام) :
قد أورد كبار المحدثين من أهل السنة روايات فيها اعترافات صريحة من بعض الصحابة ببغضهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) منها.
1 ـ عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: بينا رسول الله(صلى الله عليه وآله) آخذ بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة… فلما خلالي الطريق اعتنقني ثم أجهش باكياً، قلت: يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال: “ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلاّ من بعدي” قال: قلت: يا رسول الله، في سلامة من ديني؟ قال: “في سلامة من دينك”(8).
2 ـ عن حيان الأسدي، سمعت عليّاً يقول: قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): “إنّ الأمة ستغدر بك بعدي…”(9).
3 ـ عن ابن بريدة عن أبيه… قال (رسول الله): “ما بال أقوام ينتقصون عليّاً، من ينتقص عليّاً فقد انتقصني ومن فارق علياً فقد فارقني، إنّ عليّاً مني وأنا منه…”(10).

الشيعة والصحابة:
إنّ الشيعة لا تقول بعدالة جميع الصحابة، بل تجري عليهم قواعد الجرح والتعديل عليهم وتبحث أحوالاتهم ومن ثمّ تميّز الصحيح من السقيم منهم، كما أن هناك فرقاً بين القول بسب الصحابة وبين تفصيل أحوالهم وبيان اتجاهاتهم وولاءاتهم المختلفة، فالخلط بين المفهومين مغالطة كبيرة، وأما القول بارتداد بعض الصحابة، فليس هو كلاماً اخترعته الشيعة، بل هو مما أخبر به النبيّ(صلى الله عليه وآله) كما مرّ.

الفصل الرابع: أم المؤمنين عائشة
حول حديث الإفك:
إنّ إتهام الشيعة بنسبة الفاحشة إلى زوج النبيّ الكريم(صلى الله عليه وآله) هي محض افتراء لم يقل به أحد من الشيعة لا من السابقين ولا من اللاحقين، بل أنّ الشيعة أكثر تنزيها وتقديساً للنبيّ(صلى الله عليه وآله) ولكل الأنبياء (عليهم السلام) من جميع الطوائف المنضوية تحت اسم الإسلام، فعلماء الشيعة قد صنفوا كتباً لاثبات قدسية ساحة الأنبياء وبراءة عرضهم من كل ما يشين.

الفصل الخامس: نقص القرآن
موضوع تحريف القرآن:
إنّ إتهام المسلمين بعضهم لبعض القول بتحريف القرآن لا يخدم إلاّ أعداء الإسلام، وأن بحث بعض علماء أبناء العامة في بطون الكتب عن أية رواية ضعيفة أو موضوعة أو قابلة للتأويل في كتب الشيعة توحي بأنّ في القرآن تحريفاً أو زيادة أو نقصان ليس إلاّ سبيل لافراغ كل ما في الصدور من حقد وضغينة على مذهب أهل البيت واتباعهم.
لأن اذا كانت الحجة التي يتذرع بها أولئك المتعصبون هي وجود مثل هذه الروايات في بعض كتب الشيعة، فإن مثل هذه الروايات موجودة أيضاً في كتب أهل السنة، بل وفي أوثق كتبهم من قبيل صحيحي البخاري ومسلم، ومع ذلك فإنّ الشيعة لا يتهمون أخوانهم من أهل السنة بالقول بتحريف القرآن لمجرد وجود هذه الروايات في كتبهم وصحاحهم، لأنّ ذلك لا يخدم سوى أعداء الدين.

الفصل السادس: التقية
أقوال جملة من علماء أهل السنة حول التقية:
احمد مصطفى المراغي: “…. من نطق بكلمة الكفر مكرهاً وقاية لنفسه من الهلاك وقلبه مطئمن بالايمان لا يكون كافراً بل يعذر، كما فعل عمار بن ياسر حين اكرهته قريش على الكفر، فوافقها مكرهاً وقلبه ملي بالايمان(11).
أبو حيان: “تصح التقية حالة الخوف على الجوارح والضرب بالسوط والوعيد وعداوة أهل الجاه والجورة”(12).
فخر الدين الرازي: “التقية جائزه لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله(صلى الله عليه وآله): “حرمة مال المسلم كحرمة دمه””(13).
الآلوسي: قال حول قوله تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِى شَىْء إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ) (آل عمران: 28).
“وفي هذه الآية دليل على مشروعية التقية، وعرفوها لمحافظة النفس أو العرض أو المال من شر الاعداء”(14).
السرخسي: “والتقية أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر خلافه، وقد كان بعض الناس يأبى ويقول إنه من النفاق، والصحيح أن ذلك جائز، لقوله تعالى: (إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً)(15)“.

الفصل السابع: حرب أمير المؤمنين (عليه السلام)
إنّ الشيعة حين يكفّرون من حارب أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنّما يقولون ذلك تصديقاً لله ورسوله، إذ حكم الله ورسوله بكفر من حارب عليّاً، ويشهد على ذلك مجموعة من الأحاديث الشريفة التي أخرجها الأئمة الحفاظ والمحدثون من أهل السنة.
فمن ذلك: قوله(صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) : “من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني”(16).
وعن أبي هريرة قال: نظر النبيّ إلى عليّ والحسن والحسين وفاطمة فقال: “أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم”(17).
وقد خرجت عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير ومن معهم على جماعة المسلمين وإمامهم الشرعي، فوقعوا تحت حكم المفارقين للجماعة المفرقين لشمل المسلمين، الذين وصفهم النبيّ(صلى الله عليه وآله) في عدد من الأحاديث الشريفة التي يرويها أهل السنة، منها:
عن اسامة بن شريك قال: قال رسول الله: “من فرّق بين أمتي وهم جميع فاضربوا رأسه كائناً من كان”(18).
فهؤلاء قد خرجوا على إمامهم بحجج واهية، وأما القول بأن بعض هؤلاء مبشر بالجنة فذلك يناقض الأحاديث الصحيحة التي وردت في بيان مآلهم، إذ أن الأحاديث الواردة في فضل هؤلاء موضوعة، اختلقتها أجهزة معاوية الدعائية لتضليل المسلمين، وقد حققت في ذلك نجاحاً كبيراً.

الفصل الثامن: عصمة الأئمة
إنّ الناس من الرعية ليسوا بمعصومين، فيحتاجون إلى المعصوم لتسديدهم، فإذا لم يكن الإمام معصوماً، فسوف يحتاج إلى من يسدده، والآخر يحتاج إلى من يسدده، فيحدث التسلسل الذي لا نهاية له.
ولأن الإمام حافظ للشرع بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) فلابد وأن يكون معصوماً، لأن الكتاب والسنة لم يحيطا بكل الدقائق والتفاصيل، والإمام المعصوم هو الذي يستطيع أن يتكفل تبين أمور الشريعة.
ولقد اثبت النبيّ(صلى الله عليه وآله) عصمة أهل البيت (عليهم السلام) عندما قرنهم بكتاب الله وجعلهم اعداله الذين لا يفترقون عنه حتى يردوا عليه الحوض جميعاً، كما هو واضح في حديث الثقلين.

الفصل التاسع: أحكام المخالفين
قد اختلفت أقول علماء الشيعة حول حكم مخالفي الإمام عليّ (عليه السلام) في الإمامة، والأقوى أنهم فسقة.
وإنّ ما جاء في روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يثبت أن الشيعة لا يكفّرون أحداً من أهل القبلة، منها: عن الإمام الصادق (عليه السلام) : “الاسلام يحقن به الدم وتؤدي به الامانة وتستحل به الفروج والثواب على الايمان”(19).
وأما في خصوص إدعاء محمد بن عبد الوهاب بأن الشيعة جعلوا مخالفة أهل السنة أصلا للنجاة، يقول الاستاذ صباح علي البياتي:
إنّ ادعاء الشيخ بالمخالفة لا أساس له من الصحة، لكن الحقيقة المؤسفة هي أن أهل السنة هم الذين خالفوا سنة النبيّ(صلى الله عليه وآله) في أكثر من مورد منها:

قال ابن تيمية: ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعاراً لهم ـ يعني الشيعة ـ فانه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميز السني من الرافضي، ومصلحة التميّز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب(20).

وقال الشعراني: والسنة في القبر التسطيح، وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى، لأن التسطيح صار شعاراً للشيعة(21).
فهذه الأمثلة تثبت أن أهل السنة هم الذين يخالفون الشيعة رغم أن الشيعة متمسكون بالسنة النبوية المطهرة.

الفصل العاشر: الرجعة
في القرآن الكريم أمثلة وشواهد على أن رجعة الأموات قد حدثت في الأمم السابقة لحكمة اقتضتها العناية الالهية، ومن تلك الشواهد القرآنية:
1 ـ قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ) (البقرة: 243).
2 ـ قوله تعالى حكاية عن عزير (عليه السلام) : (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِاْئَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ) (البقرة: 259).
وأما من أدلة القرآن عن امكانية الرجعة مرّة اخرى قبل قيام الساعة قوله تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِـَايَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا جَآءُ قَالَ أَكَذَّبْتُم بَِايَاتِى وَ لَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (النمل: 83 ـ 84).
وقوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة: 288)، قال ابن شهر آشوب: هذه الآية تدل على أن بين رجعة الآخرة والموت حياة أخرى(22).

الفصل الحادي عشر:
الشهادة الثالثة في الأذان:
إنّ الشيعة تعتبر الفاظ الأذان مسألة توقيفية من الله سبحانه وتعالى: أما أهل السنة، فيدعون أن الأذان ليس توقيفيا، وأن النبيّ(صلى الله عليه وآله) قد أراد أن يتخذ البوق أو النار أو الناقوس، ثم أخبره أحد الصحابة برؤياه في الأذان فأقره النبيّ(صلى الله عليه وآله).
وتبعاً لذلك فقد خضع الأذان عند أهل السنة للاجتهاد والرأى، فزادوا فيه التثويب وهو قول المؤذن: “الصلاة خير من النوم” في أذان صلاة الفجر، وأسقطوا منه “حي على خير العمل”.
وأما النداء الثالث عند الشيعة ليس من أجزاء الأذان، بل أن اعتباره جزءاً من الأذان يبطله عندهم. وإنما يأتون به من باب الاستحباب.

الجمع بين الصلاتين:
هنالك جملة من الروايات التي وردت في كتب أهل السنة وصحاحهم فيها تصريح على جواز الجميع بين الصلاتين، منها:
عن ابن عباس قال صلى رسول الله الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً، في غير خوف ولا سفر(23).

مسح الرجلين في الوضوء:
هذه المسألة هي واحدة من المسائل الفقهية، وهي مسألة خلافية في الفروع ولا ينبغي التشنيع فيها، لأنّها مسألة اجتهادية، والاجتهاد في الفروع والخلاف بين أئمة أهل السنة أنفسهم معروف.
وعندما نستعرض الروايات التي تقول بغسل القدمين، نلاحظ انّها في معظمها تنتهي أسانيدها إلى بعض الصحابة والتابعين المعروفين بولائهم لبني أمية، مما يؤكد أن بدعة غسل الرجلين هي من اختراع بني أمية وولاتهم الذين كانوا يشجعونها ويحملون الناس عليها في محاولة لمحق السنة النبوية الشريفة وتغيير أحكام القرآن.

الفصل الثاني عشر: نكاح المتعة
إن موضوع نكاح المتعة قد أصبح هو الآخر من الأمور التي يشنع بها على الشيعة دائماً، رغم أن هذا الموضوع من الأمور الخلافية الفقهية بين الطائفتين، لكن من المؤسف حقاً أن يستغل خصوم الشيعة هذه المسألة لتشويه صورة الشيعة أمام المسلمين متهمين إياهم باباحة الزنا بالقول بحلية المتعة.
ولو أنصف هؤلاء الخصوم ونظروا إلى المسألة بموضوعية وتجرد بعيداً عن النظرة المتعصبة الضيقة، لأدركوا أن الشيعة يستندون إلى أدلة قاطعة في قولهم بحليّة المتعة، وأنّهم لا يخالفون الكتاب ولا السنة النبوية الشريفة مطلقاً.

الفصل الثالث عشر: القضاء والقدر
إنّ موضوع القدر من المواضيع الشائكة التي اختلفت فيها أقوال الفلاسفة والمتكلمين، ولقد انقسمت آراء المسلمين في القدر إلى ثلاثة مذاهب: الجبر المطلق، والتفويض المطلق، والأمر بين الامرين، ولو أننا بحثنا هذا الموضوع باسلوب علمي محايد لاكتشفنا أن السياسة قد لعبت دوراً مهماً في نشوء الاتجاهين الأولين: الجبر والتفويض، فاخترعوا نظرية الجبر ليرفعوا الأوزار عن كاهل أولئك الصحابة والتابعين الذين صدرت منهم تصرفات منافية للشرع، وليعطوا الفئة الباغية غطاءاً شرعياً يبرر كل تصرفاتها اللاحقة.
وأمام هذه الموجه كان لابد وأن يظهر اتجاه معاكس كرد فعل لهذه النظرية، تزعمها بعض التابعين فظهرت نظرية التفويض.
وكان مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هو مذهب وسط يقول بلا جبر ولا تفويض بل هو أمر بين أمرين حيث لا افراط ولا تفريط.

(1) صحيح البخاري: 5 / 177 ـ 178، باب غزوة خيبر، صحيح مسلم: 3 / 1380 كتاب الجهاد والسير.
(2) نهج البلاغة، صبحي الصالح: 56، الخطبة: 26.
(3) شرح نهج البلاغة: 1 / 174.
(4) تاريخ الطبري: 3 / 208، الكامل في التاريخ: 2 / 331.
(5) منهاج السنة النبوية: 4 / 121.
(6) صحيح مسلم: 4 / 1794، صحيح البخاري: 8 / 112.
(7) صحيح البخاري: 9 / 58 باب الفتن.
(8) مجمع الزوائد: 9 / 118.
(9) المستدرك: 3 / 142 وصححه ووافقه الذهبي.
(10) المعجم الاوسط: 6 / 232.
(11) تفسير المراغي: 3 / 136 ـ 137.
(12) البحر المحيط: 2 / 424.
(13) التفسير الكبير: 8 / 14.
(14) روح المعاني: 3 / 121.
(15) المبسوط: 24 / 45.
(16) المستدرك: 3 / 123، تاريخ دمشق: 42 / 307.
(17) مسند أحمد: 2 / 442، المستدرك 3 / 149، المعجم الكبير: 3 / 30، مجمع الزوائد: 9 / 169.
(18) سنن النسائي: 2 / 166، كتاب السنة لابن أبي عاصم: 512، وصححه الألباني.
(19) اصول الكافي: 2 / 20.
(20) منهاج السنة النبوية: 2 / 147.
(21) رحمة الأمة بهامش الميزان: 1 / 101 ـ 102.
(22) متشابه القرآن: 2 / 97.
(23) صحيح مسلم: 1 / 489 ـ 490.