يوري كابيسوف (يوسف رمضان)

يوري كابيسوف (يوسف رمضان) (حنفي / تركمنستان)

ولد عام 1373هـ (1954م) بمدينة مرو في جمهورية تركمنستان درس في معهد هندسة الكهرباء، كما درس في جامعة الإمام الشافعي الإسلامية بمدينة بنج قلعة في داغستان لمدّة سنة واحدة، وعمل نائباً لمفتي المسلمين في جمهورية استياي الشمالية في روسيا، وكان عضواً في مجلس تنسيق الدوائر الدينية للمسلمين في روسيا.

ترجم بعض الكتب من اللغة الفارسية إلى اللغة الروسية وبالعكس، دوّن بعض المقالات الإسلامية.

في مدينة قم المقدّسة:

حصل “يوري كابيسوف” على منحه للدراسة الدينية في إيران، فسافر إلى مدينة قم، وانتسب إلى حوزتها العريقة، وفيها جرت له حوارات مفصّلة وعميقة مع الأساتذة والطلبة وخاصة الذين سبقوه في الاستبصار، كما قرأ بعض الكتب العقائدية المبيّنة للمسائل الخلافية، فعرف من خلال ذلك أحقية مذهب آل البيت(عليهم السلام)ووجوب اتّباعه والتمسّك به لدعوته إلى التمسّك بالقرآن والعترة، كما أمر الرسول الأعظم في حديث الثقلين بحيث تكون المرجعية والإمامة لهم بعد وفاة الرسول الكريم فأعلن استبصاره سنة 1998م، ثمّ قام بتبليغ العقائد الحقة بعد مراحل متعددة من البحث العميق، فاهتدى على يديه الكثيرون من أبناء اُسرته وأصدقائه الذي أعلنوا ولاءهم للأئمة الأطهار.

امامة أهل البيت(عليهم السلام) :

بلّغ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رسالت ربّه بأكملها، ولم يقصّر في أدائها، وكانت مسألة الولاية من بعده من المسائل المهمّة التي لا يعقل أن يتركها عاقل فضلاً عن النبي المعصوم المرسل من قبل ربّ العالمين.

اختار الله سبحانه وتعالى الإمام علي بن أبي طالب وليّاً للمسلمين، وكلّف الرسول العظيم بأداء هذه الرسالة إلى المسلمين، وخشى الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من إبلاغ هذا الأمر للناس من دون تمهيد مسبق لها ; لأنّه توقّع مخالفة العرب ـ وخاصة قريش ـ لهذا الأمر ـ وهو الخبير بهم إذ مارس معهم التبليغ المستمر لمدة 23 سنة متواصلة ـ فخاف أن يتّهمه الناس بمحاباة ابن عمه، واحتمل أن يستغل الكفّار والمنافقون هذا الأمر فيرجفون بالناس ويهيجونهم ضدّ الرسول العظيم، وفي هذه الظروف الصعبة جاء النداء الإلهي: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(1)، فما كان من الرسول الأكرم إلاّ أن يجمع المسلمين وهم عائدون من الحجّ ـ في غدير خمّ ويبلّغهم الأمر الإلهي بولاية علي بن أبي طالب فقال لهم: “من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه”(2)، فأعلن بصراحة وبشكل رسمي ولاية علي(عليه السلام)، ثمّ قال: “اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه”(3)، وطلب الرسول بذلك نصرة المسلمين للإمام علي وطاعته، ثمّ قام المسلمون بمبايعة علي(عليه السلام) على ولايته، وهنؤوه بالأمر.

لكن الذي تخوّف منه الرسول ظهر جزء منه في يوم الغدير نفسه، إذ جاء أحد الصحابة وأتهم الرسول بتولية ابن عمّه من تلقاء نفسه ومن دون أن يأتي أمر الهي بذلك فتدخلت اليد الإلهية على نحو الإعجاز، وامطرت هذا المتمرّد بالحجر من السماء فقتلته في مكانه(1)، فخمدت الفتنة التي أراد أن يثيرها هذا الصحابي.

وبعد وفاة الرسول ـ بحوالي سبعون يوماً ـ قرّر بعض الصحابة الاستيلاء على خلافة رسول الله، ومنع علي(عليه السلام) من تصدّيه لولاية المسلمين، وزعم هؤلاء أنّهم يخافون الفتنة، فاجابتهم فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): “ألاّ في الفتنة سقطوا”(2).

وصدقت نبوءتها ـ وهي الصادقة المصدّقة ـ فكانت فتنة كبرى، ضيّع المسلمون فيها ولاية آل البيت(عليهم السلام)، واستبدلوها بولاية علماء السوء، وهكذا بيع الدين بثمن بخس، وساد الناس أراذلهم وتتابعت الفتن كقطع الليل المظلم، واحتلب المسلمون عاقبة أعمالهم دماً عبيطاً لم تنقطع إلى يوم الناس هذا.

كانت إمامة آل البيت(عليهم السلام) نعمة عظيمة ورحمة مهداة وأمان من الفرقة، لكنّ الناس لم يختاروا من اختاره الله فظلموا أنفسهم، وضيّعوا حظّهم، وتفرقوا شذر مذر فسحقاً للقوم الظالمين.

____________

1-تفسير القرطبي 18: 278 ـ 279، وتفسير الكشف والبيان للثعلبي 10: 35.

2-السقيفة وفدك: 143، شرح نهج البلاغة 16: 251.

____________

1-المائدة (5) : 67.

2-مسند أحمد 1: 84 و118، 4: 281 و370، 5: 370، مستدرك الحاكم 3: 109 و116 و371، ولاحظ كتاب الغدير للشيخ الأميني.

3-المصدر السابق.