أحمد هوبر

أحمد هوبر (سني / سويسرا)

صحفي سويسري أسلم عام ١٣٨١ه (١٩٦٢م)، وبعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران اندفع نحو دراسة مذهب أهل البيت عليهم ‏السلام، وهذا ما أدّى به في نهاية مطاف البحث إلى إعلان استبصاره وتأثّره بمذهب أهل البيت عليهم‏ السلام.

مؤامرة الآيات الشيطانية:

تعرّض ﴿أحمد هوبر عدّة مرّات للانتقاد والإخراج نتيجة أفكاره الإسلاميّة ودفاعه عن فتاوي بعض المراجع الدين حول ارتداد سلمان رشدي وجواز سفك دمه.

وسلمان رشدي هو من ألّف كتاب تحت عنوان ﴿الآيات الشيطانية واستهدف في كتابه هذا تشويه صورة الإسلام النقية، والمبادرة إلى انتهاك حرمات اللّه‏، والاستهزاء بمقدّسات المسلمين، والاستخفاف برسول اللّه‏ صلى الله عليه و آله و سلم ، وتحريف القرآن، والتجرّأ على اللّه‏ والأنبياء والملائكة والمؤمنين. أهداف الجريمة:

يقول السيّد علي الحسيني الإشكوري في كتابه ﴿الفتوى الخالدة حول الأهداف الموجودة وراء مؤامرة ﴿الآيات الشيطانية: من السذاجة بمكان أن يتصوّر أحد أنّ مبادرة رشيدي مبادرة عفوية، صوّرها خيال كاتبها، وأن تحسب جريمته هذه مسألة عاديّة قام بها مجرم وقحٌ متجرّأ على معتقدات ومقدّسات الآخرين.

فنظرة فاحصته لمنظّمات هذا العمل تُمكّن أي متتّبع يبحث عن الحقيقة أن يسجّل الملاحظات التالية:

أولاً: وقوف القوى الاستكباريّة والأنظمة العميلة في العالم إلى جانب المجرم وذلك بالدفاع الشديد عنه تحت عنواين مختلفة كالدفاع عن حرّية التعبير وحقوق الإنسان وإدانة الإرهاب و . . .

ثانياً: أن مؤسسة النشر المذكورة التي قامت بنشر الكتاب دفعت مبلغاً قدره ٨٥٠ ألف جنيه استرليني لرشدي مقدّماً ليكتب هذا الكتاب.

ثالثاً: التحرّك الواسع نحو ترجمة الكتاب إلى سائر اللغات.

وعموماً فمسألة كتاب ﴿الآيات الشيطانية عمل منظّم ومخطّط له ليضرب أساس الدين والتديّن وعلى رأس ذلك الإسلام والعلماء، وباليقين أقطع لو تمكّن الاستكبار لحرق اسم وأساس العلماء، ولكن اللّه‏ لا يزال حامي وحافظ هذا المشعل المقدّس وسيبقى كذلك إن شاء اللّه‏(1).

خلاصة الآيات الشيطانية:

سعى المرتد سلمان رشدي لتشويه الإسلام والطعن بمقدساته من خلال روايته القذرة الشيطانية، وتعرّض فيها لكلّ المقدّسات، وانتهك فيها جميع الحرمات، ولم يستثن باستهانته وسخريته أحداً من رموز الإسلام وحرماته، بدءاً بالرسل العظام والملائكة الكرام ومروراً بالكتب السماوية الخالدة وانتهاءً بزوجات الرسول صلى الله عليه و آله و سلم .

لقد تعرّض هذا المرتد إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم بالسب الفاحش والكلام الجارح البذيء ؛ الذي يأنف منه صاحب أدنى خلق وركّز على أنّ القرآن الكريم ليس كتاباً سماوياً ووحّياً إلهياً، بل هو من مختلقات النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم وقد عمل أحد أصحابه الذي هو سلمان الفارسي على تحريفه وكلّ ذلك كان بمسمع ومرأى من النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم كما هو صريح في روايته التافهة.

ويبتدئ المرتد الفصل بذكر مكّة المكرمة التي يسميها ﴿المدينة الجاهلية ثُمّ يتطرّق إلى طبيعة الحياة فيها مدعياً أنّ أحد تجارها ويدعى ﴿ماهوند قد ادّعى النبوّة، وقام بتأسيس دين جديد له في تلك المدينة.

ثُمّ يتطرّق إلى العلاقة بين الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم وبين أحد أصحابه الأجلاء وهو سلمان الفارسي واصفاً تلك العلاقة بأنّها علاقة مزيّفة نابعة عن خبث طويّة عند سلمان، وعن لا مبالاة وعدم اكتراث عند الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ، واصفاً سلمان بأنّه كان سكّيراً معاقراً للخمرة، وكان يتعاطاها بكثرة في جميع أوقاته.

ولا يكتفي المجرم بذلك، بل يدّعى أن سلمان كان يعمل على تحريف ما يلقيه إليه الرسول صلى الله عليه و آله و سلم من آيات توحى إليه، فكان سلمان يكتبها بالشكل الذي يريده، ويستمر ﴿سلمان بعمله هذا في التحريف، والأدهى من ذلك أن الكاتب يستغفل نفسه حينما يحاول استغفال الآخرين مدعياً أنّ الرسول صلى الله عليه و آله و سلم كان على علم بالتحريفات التي كان يجريها سلمان على قوانينه ولكنّه كان يتغافل عن ذلك، بل قد يضحك بعض المرّات . . . !

ويدعى المجرم أن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم لم يكن غير رجل غارق في الشهوة والجنس من خلال علاقته مع النساء التي تتعدّى الأمّهات إلى البنات، وأنّه صلى الله عليه و آله و سلم كان متسلّطاً جباراً في بيوته، وكان لا يرغب في أن تناقشه زوجاته، وأنّه صلى الله عليه و آله و سلم كان غالباً يلتقي بالمرأة التي يرغب، وقد عملت النساء على ابيضاض نصف لحيته خلال سنة، وينفي أن يكون الرسول صلى الله عليه و آله و سلم نبياً رسولاً، بل يدعي أنّه ملك متغطرس يفرض القوانين الظالمة والصارمة على أتباعه، ويكره نساءه على طاعته والإذعان له من خلال تلك القوانين التي يسنّها ويشرّعها. ويصف سلمان الفارسي، وبلال الحبشي، وخالد بن الوليد في إحدى تعابيره بأنهم يشكّلون مثلثاً من الوساخة والقيء.

بعدما يصل الأمر إلى زوجات النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم فيبتدى قصّة جديدة هي قصّة

﴿بعل والحجاب وبعل هذا هو الشاعر المختلف الذي جعل المرتد له علاقة مع سلمان، والحجاب إسم لأشهر بيوت الدعارة في المدينة الجاهلية، وأنّه كان يدار من قبل امرأة فاجرة تدعى ﴿سيدة الحجاب التي كان صوتها يمتزج بالكفر ويقابل صوت ﴿ماهوند المقدّس المحترم، كما هو تعبير المرتد الذليل. لقد كان هذا الحجاب يضمّ بين جدرانّه فتيات فاجرات حاول المجرم أن يجعل منهن نموذج لزوجات النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم وأن يجعل من ﴿بعل شخصيّة مقابلة لشخصيّة الرسول الطاهرة، مفترضاً أنّ عدد فتيات الحجاب هو نفس عدد زوجات النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم مقارناً بين كبراهن وبين أمّ المؤمنين خديجة الكبرى عليهاالسلام، وأوكل إليهنّ دور تمثيل زوجات النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم حتّى لقد غرقت هؤلاء الفتيات في أدوارهن بحيث نسين شخصيّاتهنّ السابقة، وأصبحن يمثّلن زوجات الرسول الذي يمثّله ﴿بعل الشاعر الفاجر. وعندما عرف ﴿ماهوند أن فاجرات الحجاب أطلقن على أنفسهن أسماء زوجاته، أمر بإغلاق كافة مراكز الرذيلة واعتقال تلك النساء، وتنتحر ﴿سيدة الحجاب ويلقى القبض على الفاجرات الاثنتي عشرة كافّة، ومعهن ﴿بعل وتوضع الفاجرات في كيس، ثُمّ يرجمن بالحجارة، ويأتون ببعل إلى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فيأمر بضرب عنقه، وعندما خرج الجنود به لضرب عنقه هتف ماهوند الفاجرات والكتّاب أناس لا تتمكّن من الصفح عنهم، فرد عليه ماهوند: أنا لا أرى فرقاً بين الكتّاب والفاجرات.

وهذه العبارة الأخيرة يشير من خلالها المرتد إلى أنّ الرسول صلى الله عليه و آله و سلم أصبح يعتقد بأنّ لا فرق بين سلمان وبين أولئك الفاجرات، فكما عملت الفاجرات على تشويه سمعة زوجاته فقد عمل سلمان على تحريف قوانينه ورسالته(2).

موقف ﴿هوبر من الآيات الشيطانية:

تحمّس ﴿هوبر بعد استبصاره في مسألة مواجهة مؤامرة الآيات الشيطانية، وكلّفه هذا الأمر كثيراً وأدّى إلى إخراجه من العمل عدّة مرّات، ولكنّه قاوم جميع التيّارات المضادّة بقوّة، وقدّم الكثير من التضحيات في سبيل عقيدته، ولم يبالي بالضغوط التي كانت ترد عليه، والمشاكل التي كان يواجهها، لأنّه أدرك بعد الاستبصار بوضوح بأنّ الدنيا دار بلاء وليست دار راحة، ولهذا ينبغي أن يكون الإنسان فيها كالمجاهد في ساحات الحرب في سبيل اللّه‏، ويبيع نفسه وماله للّه‏ والعاقبة للمتقين.

____________

1- الفتوى الخالدة، علي الحسيني الإشكوري: ١٣ – ٢١ بتصرف.

2- حول كتاب الآيات الشيطانية، للتسخيري : 13-8 (بتصرف يسير)