خالد محمود خليفات

سنة 1924م في مدينة “إربد” ونشأ في عائلة شافعيّة المذهب، ولكنّه لم يقتصر على ما أملت عليه الأجواء من عقائد لم تستند على الدليل ، بل جاءته نتيجة اتّباعه للموروث العقائدي ، فتوجّه نحو البحث حتى توصّل إلى أفضليّة الإمام عليّ(عليه السلام) على باقي الخلفاء ، ولكنّه حاول أن يبرّر تأخّر الإمام عليّ(عليه السلام) في الخلافة بعقيدة جواز تقدّم المفضول على الفاضل.

بطلان نظريّة تقدّم المفضول على الفاضل:

يقول “خالد محمود”: كنت أعتقد فيما سبق بعقيدة المعتزلة وهي: جواز تقديم المفضول على الفاضل ، كما قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدّمة شرحه لنهج البلاغة “بتقديم المفضول (أبي بكر) على الفاضل (الإمام علي(عليه السلام)) لمصلحة اقتضاها التكليف”.
ولكنّه بعد البحث الموضوعي البعيد عن التعصّب اكتشف خطأ ما كان يذهب إليه ، ورأى العقل يحكم بقبح تقديم المفضول على الفاضل ، ولا سيّما إذا كان ذلك في مسألة الإمامة والخلافة ، وذلك لقوله تعالى : ( أفَمَنْ يَهْدِي إلَى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهِدِّي إلا أنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (يونس:35).
ومن هذا المنطلق غيّر “خالد محمود” رأيه في هذا المجال ، ثمّ واصل بحثه فتبيّن له أنّ قضيّة الإمامة أكثر عمقاً ممّا كان يتصوّره فيما سبق ; لأنها منصب إلهيّ، قد اصطفى اللّه تعالى لها ذريّة طاهرة; لتكون الامتداد الطبيعي لمسألة النبوّة، ولتلقى على عاتقها مهامّ تفوق بكثير ممّا يخصّ مسألة الخلافة وقيادة المجتمع.

شروط الإمامة:

عرف “خالد محمود” من خلال البحث أنّ الإمامة تتطلّب العصمة ، وهي مسألة لا يستطيع المجتمع معرفتها ، بل هي أمر يرتبط بمعرفة الحقائق والسرائر وما تنطوي عليه القلوب والضمائر ولا يُعرف ذلك إلاّ عن طريق اللّه سبحانه وتعالى .
ولهذا تكون مسألة الإمامة خارجة عن اختيار البشر; لعجزهم عن معرفة بواطن النفوس ، ومن هنا ترتبط هذه المسألة بالاختيار الربّاني ، وهو الذي يصطفي من عباده ذريّة بعضها من بعض لأمر الإمامة في الأرض ، وقد حتّم الباري عزّ وجلّ أن لا تكون الإمامة فيمن تلبّس بالظلم فقال تعالى:
( وَإذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأتَمَّهُنَّ قَالَ إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (البقرة:124).