حسين محمد الكاف

مولده ونشأته : ولد عام 1967 م في أندونيسيا ، وكان أبوه ممن حظى بدراسة العلوم الاسلامية ، فاهتم به والده ووفر له أفضل الأجواء الدينية لتزدهر فيه الاخلاق الحميدة وتنمو عنده السجايا الحسنة وليكون في المستقبل ممن له القدرة على حمل أعباء مسؤولية الدعوة والارشاد بين أبناء الأمة الاسلامية ، ولهذا أرسله والده على الفور بعد اتمامه الدروس الابتدائية إلى المعهد الاسلامي يابي الذي كان يديره السيد حسين الحبشي.

 

يقول الأخ حسين حول هذا المعهد : يعتبر هذا المعهد من أحسن المعاهد في أندونيسيا ، لأن مديره كان يهتم بتطبيق القيم الاسلامية فيه ، وكان يسعى أن تكون أجواء المعهد مناسبة لتنمية مهارات الطلبة وتقوية جوانبهم الروحية والمعنوية.

ويضيف الأخ حسين : درست خلال فترة بقائي في هذا المعهد – والتي دامت مدة سبع سنوات – شتى العلوم الاسلامية منها اللغة العربية بكل جوانبها ، النحو والصرف والاعراب ، وعلوم القرآن والتفسير وعلوم الحديث وسيرة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وغير ذلك.

 

ويذكر الأخ حسين : ان هذا المعهد كانت دروسه مبرمجة وفق مذهب الامام الشافعي باعتباره المذهب السائد في ربوع أندونيسيا ، ولكن المدير كان متسما بعقلية منفتحة بحيث أنه كان يدعو الطلبة بعد وصولهم إلى مرحلة يعتد بها من الدراسة للخروج من دوائرهم الضيقة في دراسة العلوم الاسلامية ، وكان يحثهم على التعرف على آراء باقي المذاهب الاسلامية ، ودراسة أدلتهم من أجل اكتساب الرؤية الشمولية وعدم الوقوع في أسر النظر إلى الأمور من زوايا محدودة.

 

وكان هذا المعهد يمتلك مكتبة واسعة تحتوي على كمية كبيرة من الكتب بالقياس إلى باقي المكتبات الأخرى في أندونيسيا ، وكانت تتضمن كتب متنوعة من الفرق الاسلامية ، الانفتاح على باقي المذاهب الاسلامية.

 

كان لكلام مدير المعهد أثرا كبيرا في نفسية الأخ حسين ، ومن هنا اقتنع بضرورة توسيع دائرة معارفة وعدم الاكتفاء بدراسة المذهب الذي يرثه الانسان من آبائه ، فلهذا بادر بعد اتقانه لمباني وأسس مذهب الامام الشافعي إلى مطالعة كتب باقي المذاهب الاسلامية.

 

ومن هذا المنطلق طالع الأخ حسين الكثير من الكتب الاسلامية ، ولكنه لم يجد فيها ما يدعوه إلى تغيير أو تصحيح مرتكزاته الفكرية حتى وقع بيده كتاب :  أبو طالب مؤمن قريش ، تأليف عبد الله الخنيزي ، فأثار هذا الكتاب في نفسه غريزة حب الاستطلاع حول المذهب الشيعي ونمت في نفسه رغبة التعرف على أصول ومباني هذا المذهب.

 

فسأل بعض الطلبة عن الكتاب الذي يستطيع من خلاله أن يتعرف على مذهب التشيع ، فأرشدوه إلى قراءة كتاب : التحفة الاثنى عشرية ، تأليف الشاه عبد العزيز الدهلوي.

 

يقول الأخ حسين : تناولت الكتاب فالفيت كاتبه معاديا للتشيع ، بحيث دفعه هذا الأمر إلى الخروج عن حد الاعتدال في تقييمه لهذا المذهب ووجدته ينسب للشيعة آراء شاذه بحيث يستنفر منها العقل من قبيل القول بألوهية علي بن أبي طالب أو نبوته أو خيانة الأمين جبرائيل في اعطاء الرسالة الالهية وغير ذلك.

 

ومن هنا اندفع الأخ حسين للبحث حول الشيعة ، ورأى أنه لا يصح معرفة مذهب معين من كتب مخالفيه ، بل ينبغي مراجعة كتب علماء ذلك المذهب ومن ثم الحكم عليه وفق تملي الأدلة والبراهين.

 

دراسته لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) : من هذا المنطلق بادر الأخ حسين إلى البحث عن كتاب شيعي يعرفه بأصول ومبادئ مذهب أهل البيت (ع) فوقع بيده كتاب المراجعات للسيد شرف الدين.

 

ويقول الأخ حسين حول كيفية حصوله على كتاب المراجعات : كان هذا الكتاب في مكتبة والدي الذي توفي بسنتين بعد ذهابي إلى المعهد الاسلامي ، وكان والدي قد حصل على هذا الكتاب عن طريق مراسلته مع دار التوحيد في الكويت ، فقرأت هذا الكتاب بشوق من أوله إلى آخره ، فتبلورت صورة حقيقية في ذهني عن مذهب التشيع ، ثم راجعت أحد أساتذتي في المعهد من أجل التباحث معه حول ما طرء في بالي من تساؤلات حول الاختلاف الواقع بين أهل السنة والشيعة.

 

الاقتناع بأحقية التشيع : يقول الأخ حسين : استمرت مباحثاتي مع هذا الأستاذ فترة طويلة ، حتى تبين لي أنه قد استبصر من قبل ، وهو ينتمي إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ولكنه يكتم تشيعه لئلا يعيق ذلك حركته في نشر مذهب التشيع في أوساط الشباب المثقفين ، فطرحت عليه الكثير من التساؤلات وكان أستاذي هذا يجيب عليها بدقة ، ومن هنا تبلورت قناعتي بأحقية مذهب أهل البيت (عليهم السلام).

 

ويضيف الأخ حسين حول أستاذه هذا : لابد أن أقول بأن لهذا الأستاذ فضلا كبيرا في ارواء غلتي واشباع نهمي إلى الحق والحقيقة ، وأنا – في الواقع – لا أقدر على مكافئته الا بالدعاء له ، وأسأل الله تعالى : إن يجزيه عني وعن الاسلام خير الجزاء وأن يحشره مع محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

 

السفر إلى ايران لطلب علوم أهل البيت (عليهم السلام) : يقول الأخ حسين : ثم أرسلني هذا الأستاذ إلى ايران لأنهل فيها من علوم ومعارف وتعاليم أهل البيت عليهم السلام ، فالتحقت بالحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة ، وبقيت فيها فترة حتى وصلت إلى مرحلة يعتد بها في دراسة علوم أهل البيت (عليهم السلام) ثم رجعت إلى أندونيسيا وأنشأت بمعية بعض المؤمنين مؤسسة الجواد الاسلامية في مدينة باندونك التابعة لمحافظة جاوة الغربية الأندونيسية.

 

وقمنا من خلال هذه المؤسسة بنشر مذهب أهل البيت (ع) وذلك عن طريق عقد الندوات والجلسات العلمية واصدار النشريات الشهرية وترجمة بعض الكتب الشيعية إلى اللغة الأندونيسية ، ونحن لا نزال نواصل نشاطنا في هذا المجال ، وأملي أن يوفقنا الباري عز وجل إلى المزيد في نشر علوم أهل البيت (ع).